fbpx

هل تثبت مونيكا لوينسكي براءتها في آخر المطاف؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تعرضت مونيكا لوينسكي لإهانات لا تطاق على مدار العشرين عاماً الماضية. وبعد مرور 16 عاماً، تسرد مونيكا لوينسكي، البالغة من العمر 46 سنة الآن، قصتها على التلفزيون مرة أخرى. ومن المؤثر مشاهدتها وهي تتحدث عن نفسها بحرية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كانت مونيكا لوينسكي التي كانت تبلغ من العمر 27 سنة آنذاك، لمدة ثلاثة أيام متواصلة على مسرح قاعة كوبر يونيون بمدينة نيويورك في نيسان/ أبريل من عام 2001، لتجيب عن أسئلة جمهور غفير يتألف من طلبة كلية الحقوق وطلاب الدراسات العليا في تخصصات الدراسات النسائية والتاريخ الأميركي.

جمعت لوينسكي، هي وفريق يتألف من اثنين من المنتجين التلفزيونيين المتخصصين في الأفلام الوثائقية – فينتون بيلي وراندي بارباتو، وهما مؤسسا شركة الإنتاج World of Wonder التي قدمت أفلاماً روائية ووثائقية مثل Party Monster، Inside Deep Throat، The Eyes of Tammy Faye Baker، وأحدث برامجهم التلفزيونية الواقعية مسلسل  RuPaul’s Drag Race- أسئلة الرأي العام للعرض على جمهور رصين، ثم أخبروا الجمهور أنه يُمكنهم توجيه أي سؤال لها. كانت تلك المرة الأولى التي يسمح لها القانون بالتحدث علناً ليس فقط عن علاقتها بالرئيس السابق بيل كلينتون، بل أيضاً عن الموظفة ليندا تريب التي سجلت محادثات لوينسكي عن علاقتها بالرئيس السابق ثم أرسلت شرائط التسجيل للنائب العام آنذاك كينيث ستار.

أجابت لوينسكي عن أسئلة لمدة تجاوزت العشر ساعات خلال ثلاث جلسات مصورة، اختصرها كل من بيلي وبارباتو إلى فيلم وثائقي مدته 95 دقيقة من إنتاج شركة HBO بعنوان Monica in Black and White، الذي عُرض على شبكة HBO في بداية عام 2002.

يشير عنوان الفيلم الوثائقي- الذي تمكنك مشاهدته الآن على موقع يوتيوب– إلى كل من زي لوينسكي – فقد ارتدت بذلة سوداء وقميصاً أبيض- وحقيقة أن الفيلم لم يكن ملوناً لإضفاء طابع الجدية على المشروع بأكمله. لكن الفيلم كان أيضاً إشارة إلى أن صناع الفيلم على دراية تامة بما يفكر به الجمهور، فقد اتسمت قصة لوينسكي- ولا تزال حتى الآن- بالغموض، لدرجة أنه يصعب فيها تحديد الأمور على نحو واضح ولا سيما من الناحية الثقافية، وكذلك بأنها دائمة التغيير، ما جعل من الصعب معرفة الحقائق بشأنها. فمذ انتشرت الأخبار عن علاقة الرئيس السابق بيل كلينتون والمتدربة في البيت الأبيض البالغة من العمر 22 سنة في كانون الثاني/ يناير عام 1998، وصفت وسائل الإعلام  لوينسكي بالكثير من الأشياء، مثل: الضحية، والفاتنة، وكذلك بأنها الجزء الأخير من القصة الذي يكشف حقيقة ما كان يحدث من قبل، والبطلة، والبريئة، وغاوية الرجال، وبأنها رمز نسوي، ورمز لمجموعة كاملة من مثيلتها، وبأن قصتها هي قصة تحذيرية، وبأنها مصدر للإلهام.

كانت شخصية لوينسكي الحقيقية ضائعة بالطبع بين هذا الكم من الصفات، حتى مع محاولات مشاريع مثل فيلم HBO الوثائقي الذي حاول تقديم حقيقتها غير المنقحة. أطلق أحد المراجعين في صحيفة “نيويورك تايمز” (ويمكن القول إنها كانت امرأة) على فيلم Monica in Black and White عند عرضه لأول مرة، اسم Monica The Infomercial أو “الإعلان الترويجي لمونيكا“، وناقشت أن الفيلم يلبي احتياجات مشروع لوينسكي لإعادة بناء صورتها، وقالت الصحيفة في اقتباس من مقالها عن الفيلم، “تبدو- أي لوينسكي- كشخصٍ يحاول جاهداً خلق صورة جديدة لنفسه، لكنه ليس جيداً في ذلك”. خاض مقال صحيفة New York Times في قائمة طويلة لظهور لوينسكي ومقابلاته العلنية، مثل مقابلتها مع مجلة Vanity Fair التي تصدرها صورة قديمة لها من قبل مصور المشاهير هيرب ريتس، وإعلانات شركة جيني كريغ، وحوارها مع المذيعة المخضرمة باربرا والترز، وقالت الصحيفة ساخرةً، “مع كل حيلة تقوم بها في العلاقات العامة، تبدو لوينسكي أقل تعاطفاً”.

هذا الازدراء الدائم يثير سؤالاً دائماً، ماذا كان يتعين على لوينسكي فعله بدلاً من ذلك؟ ذكرت لوينسكي مرات عدة أنها لم تكن ترغب في أن تصبح شخصية عامة، أو أن يظهر اسمها في برامج مثل “60 دقيقة” أو تتحول لمصدر للسخرية والضحك في برنامج هوارد ستيرن. لكن ما إن نُشرت شرائط  تريث على قنوات شبكة سي-سبان، وقرار الكونغرس بنشر تقرير النائب العام كينيث ستار حول الحادثة بأكمله، لم يعد أمام لوينسكي خيار آخر. كان يمكنها أن تتوارى عن الأنظار- وهو ما قامت به بالفعل لسنوات عدة بعد صدور وثائقي HBO- أو كان يمكنها محاولة توضيح جانبها من القصة.

عندما قدمت لوينسكي قصتها على التلفزيون عام 2002، بدت قصتها ساذجة، ومن الواضح أنه لم يكن قد مر وقتٌ طويل على الحدث. عندما جلست على خشبة المسرح لأول مرة، أخبرت الحاضرين أنها كانت “متوترة للغاية” وظلت تتأرجح في مقعدها. وفي لحظة ما، جلست القرفصاء على أرضية المسرح، طاوية جسمها إلى أصغر حجم ممكن، أمام وابل من الكلام والألفاظ. كانت قادرة على الدفاع عن نفسها (حين وقف أحد الرجال ليقول إنه وجد أن الأمسية بأكملها مقيتة، ردت عليه بطريقة فاترة قائلة “لماذا أتيت إلى هنا الليلة يا سيدي؟”)، لكنها أيضاً كانت تتوقف في كثير من الأحيان لتضع رأسها بين يديها من الخجل عندما تغمرها الطلبات بإعادة سرد قصتها المخزية مراراً وتكراراً. وفي وقت لاحق، صرخ شخص ما في مؤخرة الحشد قائلاً “نحن في صفك يا مونيكا!”، حينها ظهرت نبرة الارتياح في صوتها وتنفسها الصعداء. لم يكن شيء في ذلك الوقت واضحاً وبسيطاً بالنسبة إلى لوينسكي؛ من الواضح أنها كانت تدور في مناخ ضبابي، في محاولة لفهم ما حدث لها وكيف تشعبت شخصيتها العامة والخاصة إلى هذا الحد.

بعد مرور 16 عاماً، تسرد مونيكا لوينسكي، البالغة من العمر 46 سنة الآن، قصتها على التلفزيون مرة أخرى، هذه المرة باعتبارها واحدة من الكثير من الأشخاص الذين أُجريت معهم مقابلات والذين شاركوا في فيلم وثائقي جديد مكون من ستة أجزاء من إخراج بلير فوستر، ويُسمى “فضيحة كلينتون” The Clinton Affair.

في هذا الفيلم ترتدي مونيكا بلوزة وردية اللون، لون نبات البوغَنْفيليّة الموجود بكاليفورنيا، وتتحدث بثقة كاملة. يبدو أنها تعرف أنها ستروي قصتها في عالم مختلف تماماً هذه المرة.

منذ عودتها إلى دائرة الضوء عبر كتابتها مقالاً نُشر في مجلة فانيتي فير Vanity Fair حول تجاوزها الفضيحة عام 2014، وخطاب مع TED Talk في عام 2015، تمكنت لوينسكي من استعادة قدر من السيطرة على جانبها من القصة. وهي تساهم الآن بشكل منتظم في مجلة Vanity Fair، حيث توظف تجربتها في سياق حركة #Metoo، وقامت هذا العام بالترويج لحملة مناهضة للتنمر شملت المشاهير الذين قاموا بتغيير أسمائهم على “تويتر” لفترة وجيزة نظراً للتشهير العام الذي أضر بهم كثيراً (غيرت مونيكا اسمها على تويتر إلى “Monica Chunky Slut Stalker That Woman Lewinsky”). بدأت مونيكا التحالف مع النشطاء النسويين التاريخيين، مثل الناشطة والشاعرة موريل روكيسر – في مقال لها حول تفسير سبب اختيارها المشاركة في الفيلم الوثائقي الذي سيُذاع على قناة A & E.

كتبت روكيسر قائلة: “ماذا سيحدث لو أخبرت امرأة الحقيقة عن حياتها؟ سوف ينشق العالم نصفين”.

تختبر بلير فوستر، مخرجة السلسلة الحائزة على جائزة إيمي، هذه الفكرة بطرق لا تعد ولا تحصى. وأوضحت لي خلال أحد التسجيلات أن معظم الكتب التي كُتبت عن قضية كلينتون كتبها رجال. حرفياً يُكتب التاريخ من قِبل الرجال. وعلى النقيض من ذلك، لا تشمل الأفلام الوثائقية المزيد من أصوات النساء فحسب، بل تجسد نظرات المرأة.

يبدو أن لوينسكي لم تستعد القدرة على التحدث وحسب، ولكنها عثرت أيضاً على مؤيديها: لم يكن عليها أن تختار بعناية غرفاً مملوءة بمختصين في دراسات المرأة للعثور على جمهور متعاطف. على رغم أن مخرجة فيلم “فضيحة كلينتون” أجرت مقابلات مع عشرات الأشخاص من جميع جوانب الفضيحة أمثال (كين ستار، وجيمس كارفيل وبوب بينيت وديفيد كيندال ولوسيان غولدبرغ  ووالدي لوينسكي وأصدقائها المقربين – لوحظ أن الغائبين الوحيدين هما ليندا تريب وكلينتون نفسه)، يتعاطف العرض مع لوينسكي بتسليط الضوء على الأساليب الشنيعة التي انتهجتها وسائل الإعلام والحملة التي شنتها وإطلاق الأحكام عليها. يأتي الجزء الفعال بشكل خاص في الحلقة الخامسة، حيث تقدم فوستر تجميعاً مُثيراً للكثير من اللقطات، تظهر مُقدمي البرامج التلفزيونية الليلية وهم يطلقون النكات المعادية للنساء، أو يعلقون واصفين لوينكسي بالفاسقة، ذهب أحد المعلقين في شبكة “سي أن أن” CNN إلى أبعد من ذلك ووصفها بـ “المومس الصغيرة” بلهجة غير ساخرة.

هناك نسخة مماثلة في الحلقة السابعة من البث الصوتي الجديد (البودكاست) Slow Burn، الذي يقدمه ليون نيفاخ، الصحافي في مجلة Slate الأميركية، الذي يهدف أيضاً إلى تحليل العلاقة الغرامية للرئيس كلينتون، وتوضيح عناصر هذه القضية التي أشعلت حماس الصحف الصفراء (التابلويد) في أواخر فترة التسعينات، للمستمعين المعاصرين.

وعلى رغم أن لوينسكي لم تتحدث لنيفاخ في هذا البث الصوتي، فإن حلقة “Bedfellows” تقوم بمثل ما قام به  The Clinton Affair. فمع تشريحه وتحليله التفصيلي لرد الفعل النسوي على الفضيحة، وبالتحديد أحد مقالات New York Observer، التي ضمت دفاع الكثير من الكاتبات عن الرئيس، يشير البث أيضاً إلى سوء المعاملة التي تلقتها لوينسكي الشابة على أيدي كثيرين، من ضمنهم النساء، في ذورة الفضيحة والسمعة السيئة التي نالتها لوينسكي.

وما بين The Clinton Affair وSlow Burn، فإننا نمر بفترة من إعادة تقييم الحروب الثقافية التي اشتعلت في التسعينات. وبوضعنا هذه الأحداث في سياق تاريخي، فإننا نفحصها ونُبعد أنفسنا من أحداث هي أقرب مما نحب أن نعتقد.

هذا هو الاتجاه السائد، فخلال السنوات القليلة الماضية، أعادت وسائل الترفيه الجماهيرية النظر والتفكير في أشهر قضايا فترة التسعينات بداية من محاكمة لاعب كرة القدم الأميركي البارز أورنثال جيمز سيمبسون، مروراً بحادثة لاعبة التزلج الأميركية الراحلة تونيا هاردينغ، ومقتل مُصمم الأزياء الإيطالي جياني فيرساتشي، وصولاً إلى وفاة الأميرة الراحلة ديانا.

وفي كل قضية من تلك القضايا، لم تكن الشخصيات المحورية، مثل مونيكا لوينسكي، وحدها من رغبت في إعادة صياغة الأحداث وسردها من جديد. تتيح كل هذه البرامج الفرصة للجمهور لأداء الشيء ذاته؛ استعادة الأحداث من جديد والشعور بمشاعر أكثر استنارة واستيعاباً من التعاطف والتفهم. نادراً ما تبرز الأفلام الوثائقية والسير الذاتية الجديدة -حول هذه الفترة- حقائق جديدة، إلا أنها تطرح طريقة جديدة للتعاطف والشعور بهذه الأحداث وبالأشخاص الذين تأثروا بها.

إن فيلم The Clinton Affair ذاته ليس فيلماً مثالياً، إذ تتباطأ وتيرته أحياناً، بينما تبدو مشاهد أخرى أسرع مما ينبغي (مثلما حصل في مقابلة فوستر مع خوانيت برودريك في نهاية الفيلم الوثائقي، بينما لم يبق في الفيلم سوى دقائق معدودة)، لكن الفيلم قدم حقيقة لوينسكي كاملة وسلط عليها الضوء وربما الأهم من ذلك، هو أنه أشار إلى نساء أخريات.

أعطت فوستر وقتاً مساوياً تقريباً على الشاشة لكل من لوينسكي وبولا جونز، المرأة التي أثارت قضيتها حول التحرش الجنسي ضد كلينتون تحقيقاً واسع النطاق حول علاقات كلينتون (يواصل كلينتون إنكار مزاعمها).

تعرضت لوينسكي لإهانات لا تطاق على مدار العشرين عاماً الماضية، ومن المؤثر مشاهدتها وهي تتحدث عن نفسها بحرية وبمثل هذه البلاغة والحكمة.

أما جونز، التي تحولت قصتها إلى سلاح سياسي (كما حدث أخيراً خلال حملة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عندما شاركت في أحد مؤتمراته الصحافية)، فلم تحظَ بالقدر ذاته من الفرص للتواصل مع الجمهور من جديد. تثير دموع جونز طوال المقابلات التي أجرتها القدر ذاته من المرارة والألم والتجريح الذي كان يبدو على لوينسكي منذ 16 عاماً، أثناء معاناتها الأولى مع هذا القدر من الألم.

في الوقت الذي يستمع لقصصهما الآن مستمعون أكثر حساسية واهتماماً، وتقتربان من الوصول لنوع من التبرئة التليفزيونية، يبدو واضحاً عبر مشاهدة هاتين السيدتين وهما تستعيدان الأحداث، التي خيمت وشكلت ما يقرب من نصف عمريهما، بأن الأذى الذي تعرضتا له لا يمكن نسيانه.  

 

هذا الموضوع مترجم عن newrepublic.com ولقراءة الموضوع الأصلي زوروا الرابط التالي.

 

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.