fbpx

في غزّة: “فتح” ضدّ “فتح” هذه المرّة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في الذكرى الـ54 للثورة الفلسطينية وحركة التحرير الوطني الفلسطينية “فتح”، يبدو قطاع غزة في انتظار ما لم يأت بعد. الحالة الفلسطينية تظهر وكأنها لوحة سوريالية، غارقة في الفرقة والخصام والانقسام.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في الذكرى الـ54 للثورة الفلسطينية وحركة التحرير الوطني الفلسطينية “فتح”، يبدو قطاع غزة في انتظار ما لم يأت بعد.

الحالة الفلسطينية تظهر وكأنها لوحة سوريالية، غارقة في الفرقة والخصام والانقسام. وهناك هواجس تتصاعد من مرحلة عنف تهدد الأمن والسلم المجتمعي، ونبرة غضب ووعيد بتصعيد جديد من الرئيس محمود عباس ضد حركة حماس.

يتقلب الفلسطينيون ما بين دوري الضحية والجلاد مع أنفسهم، فهاهي حركة حماس في غزة مثلاً، سمحت للتيار “الإصلاحي الديمقراطي” الذي يتزعمه النائب محمد دحلان، المفصول من حركة فتح، بإيقاد الشعلة للاحتفال بذكرى انطلاقة حركة فتح والثورة الفلسطينية في حديقة الجندي المجهول في مدينة غزة.

في الوقت ذاته، منعت الأجهزة الأمنية التابعة لحماس حركة فتح “الرسمية” من إيقاد الشعلة والاحتفال، لإحياء حركة فتح الانطلاقة. وتأزم العلاقات ليس بين حركتي فتح وحماس، إنما بين أبناء حركة فتح نفسها، بخاصة بعد الخطاب الناري الذي وصف فيه الرئيس محمود عباس حركة حماس بـ”الجواسيس” بعد ان منعت حماس فتح من إيقاد شعلة الانطلاقة، وسمحت لأنصار دحلان بالاحتفال، وأضاف أن من “ينحرف عن الخط الوطني وإرادة الشعب سيكون في مزابل التاريخ”.

وتوعدت حماس بمزيد من العقوبات إضافة إلى العقوبات المفروضة منذ شهر آذار/ مارس 2017، بتقليص رواتب موظفي السلطة الى 50 في المئة، ما تسبب في تدهور الأوضاع الاقتصادية للفلسطينيين في القطاع.

وردّت حركة “حماس”، ببيان عنيف نشرته وكالات الأنباء، وصفت فيه الرئيس عباس بأنه “شخصية مهزومة”. وذكر البيان أن العبارات التي أطلقها عباس “لا تليق برئيس، ولا يتشرف بها الشعب الفلسطيني المقدام، والتي عبرت عن حجم البؤس واليأس الذي يتملكه جراء السياسات الفاشلة التي اتبعها، والمواقف المدمرة التي اتخذها على مدار حكمه، وفرضها على الشعب وكل مكوناته، وأثرت في وحدته ورؤيته السياسية والنضالية المتعلقة بإدارة الصراع”.

لم تنته بعد قضية ذكرى الانطلاقة، وحركة حماس تشدد على منعها فتح من الاحتفال، فيما حماس تهدد بالنزول إلى الشوارع والاحتفال يوم الاثنين في السابع من الشهر الحالي، وكانت الأجهزة الأمنية التابعة لحركة حماس استدعت قبل أيام نحو 40 من المسؤولين في فتح في القطاع، وحذرتهم من الاحتفال بذريعة منع الاحتكاك بين عناصر حركة فتح “الرسمية” وانصار التيار الإصلاحي الديمقراطي التابع لدحلان، وحذرتهم من أي أعمال تخل بالأمن العام، علماً أن الاستدعاء مخالف للقانون، وجاء بالإكراه.

سماح حركة حماس لفتح دحلان بالاحتفال ومنع فتح الرسمية، أثار غضب الرئيس عباس وقيادة الحركة، وظهر غضب القيادة الفلسطينية عندما توجه الفتحاويون من موظفي السلطة إلى المصارف لتقاضي رواتبهم، ففوجئ مئات منهم بقطع رواتبهم، وطاول القطع فئات وشرائح أخرى من الموظفين المحسوبين على تيار دحلان، إضافة إلى قطع الرواتب خلال السنوات الماضية.

وازدادت الأمور تأزماً بعد الاعتداء يوم الجمعة الرابع من كانون ثاني/ ديسمبر الحالي من قبل ملثمين مجهولين على مقر تلفزيون فلسطين في مدينة غزة بالتكسير وتخريب الاستديوهات والأجهزة والكاميرات، واعتبرت الفصائل الفلسطينية ومثقفون وكتاب وشخصيات مستقلة أن الاعتداء خطير وهو عمل مدان، ويمس بحرية العمل الصحافي وحرية التعبير عن الرأي، ويهدد السلم المجتمعي، بخاصة أن البعض في غزة يربط توقيت الاعتداء بقطع رواتب مئات الموظفين.

هناك خشية مما قد يشهده قطاع غزة من عنف وصراع جديد إذا ما أصرت قيادة حركة فتح على الطلب من أعضائها النزول إلى الشارع ، إذ ذكرت مصادر فتحاوية أن خلافات حادة نشبت خلال اجتماع عقد مؤخراً لقيادة فتح في غزة في منزل عضو اللجنة المركزية لحركة فتح أبو ماهر حلس، وكشفت عن تعرضه لضغوط من أعضاء اللجنة المركزية لعقد مهرجان الانطلاقة في غزة والمواجهة مع حماس “بأي ثمن”. وأضافت المصادر أن مسؤولين في أقاليم فتح في غزة عبّروا عن غضبهم وإحباطهم من السياسة التي ينتهجها الرئيس عباس واللجنة المركزية لفتح مع الحركة في غزة وعنوانها التهميش والعقوبات، ورفضت قيادات أخرى في فتح زج أبناء الحركة في مواجهة غير محسوبة مع حماس، وأن يكون أبناء التنظيم كبش فداء لسياسات السلطة في تصفية حساباتها مع حماس، وأن قيادات فتحوية أخرى رفضت خلال الاجتماع المذكور الدعوة إلى المشاركة في الانطلاقة بينما تستمر سياسة قطع الرواتب.

مصادر في حركة فتح تقول إن قطع الرواتب لفئات جديدة من الموظفين وشرائح أخرى من ذوي الأسرى والجرحى والشهداء ومتلقي الضمان الاجتماعي، هو تضحية بتنظيم فتح في القطاع غزة  ويهدف إلى زعزعة السلم الأهلي والقضاء على البنية الاجتماعية وهي خطوة جديدة من خطوات ما ينتظره قطاع غزة،  تحت بند استعادة الشرعية التي لا يدفع ثمنها إلا المواطن عموماً، وأبناء فتح وكوادرها خصوصاً.

ما يحصل لم يعد يدهش الفلسطينيين لجهة تعميق الانقسام والتهديد بالقطيعة والعقوبات الجماعية التي تفرض من فريق ضد عناصر فريق مقابل في إطار الصراع على ما تبقى من سلطة تجمع بين غزة والضفة، والتهديد بقطع العلاقات والاتصالات، واعتداءات بالضرب والمنع من العمل السياسي وحرية التعبير عن الرأي والتجمع السلمي، واتهامات متبادلة بالجاسوسية والاعتقالات.