fbpx

عنصرية “القوات اللبنانيّة” وفشل المعارضة السوريّة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لا ينتظر اللاجئين السوريين في حال تردي أوضاعهم في لبنان وتركيا مجدداً، أو في أي بلد مجاور آخر، سوى مزيد من العجز والفشل، ولن يكون بإمكان أي هيئة سياسية سورية سوى إصدار بيان إدانة هنا (هذا إن تجرأت وأصدرته) أو المشاركة في إطلالة إعلامية متشنّجة هناك.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم تكن غريبة ولا مفاجئة تصريحات رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، والتي دعا فيها صراحة إلى طرد اللاجئين السوريين من بلاده. كذلك، لم يشكل التحريض الإعلامي الذي تلا اغتيال المسؤول في “القوات اللبنانية” باسكال سليمان جديداً، ولم يشكل جديداً أيضاً ما تلا الاغتيالَ من اعتداءات جسدية وانتهاكات وحملات استهداف عشوائية طاولت لاجئين وعمالاً سوريين أينما وكيفما وقعت عليهم أيدي المعتدين وأعينهم.

قد يتمثل الجديد في كمِّ الاعتداءات وتوسّع رقعتها وبلوغ التحريض مستويات ربما لم يسبق أن بلغها في السنوات السابقة، فيما تحمل كل المؤشرات أدلة مقلقة على أن المستقبل القريب قد يرفع هذه الاعتداءات والحملات التحريضية إلى ذرىً جديدة، وسط انكشاف سياسي وقانوني واقتصادي يعانيه السوريون في لبنان.

وللإيجاز في شأن اعتبار كل ما سبق مألوفاً ومتوقعاً، تكفي الإشارة إلى ما يمثله حزب القوات من حساسية مسيحية، في بلد ذي توازنات طائفية هشّة، تجاه توافد كثيف للاجئين غالبيتهم العظمى من المسلمين، والذكريات المرة التي خلفها حضور اللاجئين الفلسطينيين، وتالياً مقاتلي منظمة التحرير، مع تحوّل ذاك الحضور إلى حرب أهلية وإقليمية، لا تزال تداعياتها ملموسة على أصعدة مختلفة.

عدا عن الوجود المرّ والثقيل للجيش والمخابرات السوريين بالذات في لبنان، والذي تزامن مع بدايات الحرب الأهلية واستمر سنوات طويلة بعدها احتلالاً مباشراً وقمعاً وإهانات وخنقاً للحريات، وأخيراً التردي الاقتصادي والاجتماعي العام الذي تشهده البلاد وما يستتبعه من تردٍّ أمني وأخلاقي عامّين.

تحمل كل المؤشرات أدلة مقلقة على أن المستقبل القريب قد يرفع هذه الاعتداءات والحملات التحريضية إلى ذرىً جديدة، وسط انكشاف سياسي وقانوني واقتصادي يعانيه السوريون في لبنان.

غياب سوري واضح

الإيجاز السابق، وفيما هو يقدم خلفيات سياسية وثقافية عريضة، لا يُقصد به تقديم أي تبرير تجاه أي انتهاك مهما كان حجمه ونوعه، ولا إلى تحويل الأنظار عن مرتكبي الانتهاكات وإدانتهم الصريحة الواضحة غير المنقوصة. 

وعلى رغم ذلك، وبعد تلك الإدانة، لا بد من أن تُطرح أسئلة حول جهات عدة كان يفترض بها أن تلعب أدواراً متعددة المستويات قبل، وخلال، وبعد تلك الموجة الأخيرة من الاعتداءات بحق اللاجئين السوريين.

فإن كان من نافلة القول الحديث عن غياب أي رجاء من سفارة النظام في أن تقوم بواجبها بحماية المواطنين السوريين بدلاً من التضييق عليهم ومراقبتهم أمنياً والتعاون في إعادة بعضهم قسرياً ليلقوا مصائر تتراوح بين القتل والإخفاء والتعذيب والفقر والتشريد، فإن غياب أي دور مؤثر للمعارضة يجب أن يعيد النقاش حول رثاثة هيئات المعارضة السورية بمختلف تلاوينها، وبالتالي حول ضرورة تجاوزها.

ذاك أنه يبدو مدهشاً كيف فشلت هذه المعارضة، طيلة أكثر 13 عاماً منذ اندلاع الاحتجاجات، في بناء أي علاقات متينة (أو ربما أي شكل من العلاقات) مع جهات سياسية لبنانية متعددة، تختلف في حدة درجات معارضتها للنظام السوري، ويفترض أن تتلاقى مصالحها في بعض الجوانب مع مصالح المعارضة نفسها، هذا عدا عن لعبها أدواراً رئيسية في بلد يضم مئات آلاف اللاجئين السوريين، وهو أحد أكثر بلدان المنطقة تأثّراً وتأثيراً بالأوضاع السورية.

يبدو السؤال ملحّاً: أي علاقات نسجها الائتلاف السوري المعارض، وغيره من أطياف المعارضة السورية، مع “القوات اللبنانية” الذي كان له موقف متقدم من الثورة السورية في بداياتها؟ أي تأثير امتلكه الائتلاف خلال مراحل تغير موقف هذا الحزب من الاستقبال البارد للاجئين إلى الصمت والتحفظ وصولاً إلى العداء الصريح والاعتداءات العلنية؟ 

وأي علاقات نسجها الائتلاف، وغيره من هيئات المعارضة (بما فيها تلك المعارضة للائتلاف)، مع حزب “الكتائب اللبنانية” والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل وجهات أهلية وفاعلين مستقلين وغيرهم؟ وطالما أن الإجابة المرجحة هي ألا علاقات ثابتة ورسمية أو ربما علاقات من أي نوع بين الائتلاف وغيره وأي من هذه الجهات، فإن القول بأنه كان على المعارضة السورية أن تمد جسوراً وتفتح قنوات تواصل مع جهات لبنانية أخرى داعمة للنظام السوري كالتيار الوطني الحر وحركة أمل، سيبدو أشبه بالخيال العلمي!

هذا عدا عن التواصل مع الممثلين الدبلوماسيين العاملين في لبنان، الغربيين والعرب منهم بخاصة. كيف للسوريين أن يؤثروا في ما يحصل لأبناء جلدتهم في لبنان، إن افتقدوا أبسط أشكال العلاقات وقنوات الاتصال؟ لماذا يوجد ممثل للائتلاف في رومانيا بينما لا يوجد نظير له في لبنان؟

وإذا كانت الأجسام السياسية تتحمل القدر الأكبر من المسؤولية، وتواجه بالنتيجة القدر الأكبر من اللوم والتقريع المفهومين، فإن أسئلة أخرى لا بد أن تطرح كذلك على منظمات المجتمع المدني السورية الفاعلة في لبنان. أي تغيير صنعته لدى المجتمع المضيف طيلة السنوات السابقة؟ وأي تأثير رعته وكرّسته وأية علاقات خلقتها؟ ما هو دور المؤسسات الحقوقية السورية وأين فاعليتها في مواقف كهذه؟

واستطراداً، ما هي سياسات وسائل الإعلام السورية المستقلة والمعارضة تجاه أحداث مماثلة؟ هل جربت هي الأخرى أن تفرد مساحات من تغطيتها للاستماع الى هواجس مغايرة؟ هل حاولت استضافة مسؤولين أو فاعلين في الشأن العام اللبناني؟ هل فُتحت فيها الأبواب لسياسيين لبنانيين من مشارب متنوعة؟ وأُجريت عبرها نقاشات هادئة موضوعية وجريئة بعيداً من الإدانة المتكررة للعنصرية ومقاربات الأكتيفيزم؟ وهل نجحت بالوصول الى شرائح اجتماعية لبنانية عدا عن التأثير فيها؟

تقليل الخسائر ممكن؟!

مجدداً، لا تحاول الأسئلة السابقة إعفاء المسؤولين عن الانتهاكات بحق اللاجئين أو التقليل من فظاعتها أو إلقاء المسؤولية على جهات أخرى غير مرتكبي هذه الانتهاكات الواضحين الصريحين، وكذا فإنها لا ترمي الى جلد الذات، أو تحميل المؤسسات السورية ما لا طاقة لها به، بخاصة أن نجاحات متفرقة واختراقات جديرة هنا أو هناك سجلتها بالفعل منظمات سورية متفرقة في ظروف غاية الحساسية والتعقيد. 

لكن الأسئلة هنا محاولة للإشارة إلى مساحات ومستويات متعددة كان يمكن عبرها التقليل من الخسائر حيناً وحتى الوقاية منها حيناً آخر، والتخفيف من التداعيات المستمرة وتجنّب تكرار المآسي المتوقع تكرارها بكل أسف.

كان الائتلاف تحديداً فشل في الانفتاح على أي من القوى السياسية التركية باستثناء حزب العدالة والتنمية الحاكم، والأخير كان في معظم الأحيان مؤثراً متحكِّماً بالائتلاف لا متأثراً به. وكما أن إدانة العنصرية تجاه السوريين في لبنان كاملةٌ غير منقوصة، فإن إدانة مماثلة للعنصرية تجاه السوريين في تركيا لا بد منها قبل القول إن الكثير من المؤسسات والأطياف السورية فشلت في التأثير ولو بشكل هامشي في سياسات الأحزاب التركية تجاه السوريين وخياراتها، وكذلك في الخطاب الإعلامي وحملات التشويه والتحريض.

والحال هذه، لا ينتظر اللاجئين السوريين في حال تردي أوضاعهم في لبنان وتركيا مجدداً، أو في أي بلد مجاور آخر، سوى مزيد من العجز والفشل، ولن يكون بإمكان أي هيئة سياسية سورية سوى إصدار بيان إدانة هنا (هذا إن تجرأت وأصدرته) أو المشاركة في إطلالة إعلامية متشنّجة هناك.

أحمد الفخراني - كاتب وروائي مصري | 30.04.2024

التضحية بعيد القيامة في مصر.. مغازلة رسميّة لتفسيرات المسلمين الرافضة قيامة المسيح

عيد العمال في الأول من أيار/ مايو، ذلك أمر عالمي، حدث نتيجة تضحيات وثورات ودماء. لكن رئيس الوزراء المصري قرر ضمّ تلك التضحيات إلى التضحيات المسيحية، ثم الإعلاء عليها بحس ماركسي، أو لا أدري، إذ قرر أن عيد العمال في الخامس من أيار، عوضاً عن إعلانه شيئاً شديد الإحراج، وهو أنه يصادف عيداً مسيحياً، عيد…