fbpx

اللاجئون السوريون في لبنان… بين تنافس الأحزاب المسيحيّة واستيقاظ “السنة”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

وجد “القواتيون” أنفسهم في أعقاب مقتل باسكال سليمان، في مواجهة مع طيف واسع ممن دفعتهم المشاهد العنيفة إلى “مقاضاة” حزبهم، طيف يتباين مشكّلوه في موقفهم من النازحين السوريين، بين النوايا الإنسانية والخبث السياسي.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“الأهالي” مفهوم شعبي يدفع عبره “حزب الله” عن نفسه تهمة الاعتداءات المتكررة على قوات “اليونيفيل” في جنوب لبنان.

بالمقياس نفسه، أصبح العنف ضد السوريين مشهداً متنقلاً في مختلف الأراضي اللبنانية، والجنوب منها. وينطوي الدفع بالمشهد العنفي “المسيحي” الأخير عليهم، والذي أعقب مقتل القيادي القواتي باسكال سليمان، على الكثير من الاستثمار السياسي في نكبتهم الراهنة.

 نجح “حزب الله” في تطويع غالبية المكونات الطائفية اللبنانية، وحدهم المسيحيون على الغالب ظلوا خارج هذه التطويع. وغالب الظن، أن عجز “حزب الله” عن تطويع مكامن القوة عند المسيحيين يستعاض عنها بعزلهم، كما في حالة حزب “القوات اللبنانية”.

 أفضى مقتل منسق جبيل في “القوات اللبنانية” باسكال سليمان، واتهام سوريين بعملية القتل بحسب بيان مخابرات الجيش اللبناني، إلى اعتداءات  طاولت نازحين سوريين في المناطق المسيحية. المشاهد العنفية المشينة استدرجت ردود فعل سياسية عليها، وتحديداً من شخصيات من الطائفة السنية، و”حزب الله” وحلفائه، إلى مشارب يسارية ممانعة.

 بدا وقوع الاعتداءات كما لو أنه تمرّد على المواقف التي أطلقها حزب “القوات اللبنانية”، من رئيسه إلى قيادييه، بعدم الانجرار إلى العنف، وعدم تحميل النازحين السوريين وزر ما اقترفته عصابة قادمة من خارج الحدود.

المشهد العنفي الذي سبق تلك المواقف، وما تلاها، بدا كرد فعل غير قابل للانصياع، فكنا أمام وقائع مشينة، تحوّل “القوات اللبنانية” معها إلى مشاع جرمي جاذب للاستثمار ضده.

 عموماً، لا يزال ملف النازحين السوريين في لبنان واحداً من أكثر الملفات التي تستدرج الاشتباك السياسي، وظلّ  “القوات اللبنانية” يقارب الملف من موقع متعارض مع رؤية السلطة اللبنانية له، مع ما يحتمل موقفه من أبعاد سياسية قد تطغى على البعد الإنساني فيه (إذا أسأنا الظن). 

شكّل موضوع النازحين السوريين أحد السياقات التي استحكمت بالتنافس على استقطاب المسيحيين بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، وهو ظلّ على الأرجح الملف الأكثر قابلية للاستثمار العوني فيه أمام ذاكرة مسيحية لا تحتمل وداً تجاه السوريين. لكن سمير جعجع ثابر على موقف أكثر انحيازاً الى النازحين مع كل احتمالات الملف السياسية.

  راهناً، وفي أعقاب مقتل باسكال سليمان، يجد القواتيون أنفسهم في مواجهة مع طيف واسع ممن دفعتهم المشاهد العنفية إلى “مقاضاة” حزبهم. طيف يتباين مشكّلوه بين النوايا الإنسانية، والخبث السياسي.

 من ملف النازحين السوريين، تحضر المتاهة السياسية عند السنة، كما لو أنها عثرت على ضالتها في الاعتداء “القواتي” عليهم.

الأمر يفتح على أسباب النزوح السوري الذي لم يكن جعجع أحد أطرافه، بل إن شظاياه السياسية والاجتماعية أصابت الرجل أكثر من غيره، وهو الذي انساق للدفاع عن ترحيل هؤلاء  النازحين حتى مع احتمال تسييس موقف كهذا.  في المقابل، يندرج “حزب الله” كأحد أطراف الحرب السورية الرئيسية، والتي أنتجت أزمة النازحين.

 الصوت السني العالي النبرة ضد القوات يكشف أمرين. الأول، هو حجم اختراق “حزب الله” البيئة السنية، ودفعه معمّمين يدورون في فلكه الى صدارة المشهد المُدين للقوات، واستلاب الوجدان السني الأكثر تماساً طائفياً مع النازحين.

 الأمر الآخر يتبدى في تكثيف العزلة السياسية بين الجمهور السني وحزب القوات، وهي عزلة كان قد باشرها الرئيس سعد الحريري منذ حادثة “الريتز كارلتون” في الرياض.

المتاهة السنية الراهنة  تتبدى إذاً في تقاطعها مع أسباب النزوح ومسبّبيه، والارتداد إلى محاكمة موقع سياسي منحاز الى النازحين، وعلى خلفية حادثة تتماثل مع سوابق كثيرة لم يكن مردّها إلى القتل.

فيما النازح السوري، سابقاً كما راهناً، هو احتمال عنفي يختصره وهن النازح غالباً، وغالباً أيضاً بواطن “القوة” اللبنانية المنفلتة ضده.

انطوت مشاهد العنف ضد النازحين السوريين على بشاعة تؤشر في كل مرة إلى ضعف البعد الإنساني في النظرة إلى النازح السوري. لكن الغلو في الإدانة من خارج هذا البعد، يستدرج المرء إلى مقاربة قد تبدو “سمجة”. كان ينقص العقل القواتي شيء من ذكاء “حزب الله” ونظرية “الأهالي”.