fbpx

عايدة صبرا ووجدي معوض… وليمة مقاطعة عند سكّان كهف التطبيع

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“تهمة التطبيع لشريك أثق به وعملت معه، طاولتني بالمباشر، وسبّبت لي صدمة وأذى نفسياً، جئت لأعرض هنا بنيّة الحب لهذا البلد، وغداً أعود إلى غربتي بتهمة العداء له”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

قدِمت الممثلة والمخرجة المسرحية اللبنانية عايدة صبرا في أوائل نيسان/ أبريل الحالي إلى بيروت، للمشاركة إلى جانب ممثلين لبنانيين وفرنسيين، في تقديم عرض مسرحي جديد بعنوان “وليمة عرس عند سكّان الكهف” للمخرج الفرنسي- الكندي من أصل لبناني وجدي معوّض، لكن “هيئة الأمر بالمقاطعة والنهي عن التطبيع” كانت بالمرصاد، فحرّضت ضد العمل، واتّهمت معوّض بمحاولة التطبيع الثقافي، من خلال مسرحيته “الكل عصافير”، وبعثت برسائل إلى الممثلين المشاركين في العمل، تحذّرهم فيها من السقوط في هذا الفخ، وإلى الجهات المنظمة: مسرح “لو مونو” و”مكتبة أنطوان” وجمعية “السبيل” لعدم استقباله.

 نجحت “الهيئة” في مهمّتها، ثم توّجت هذه المهمّة يوم الأربعاء الماضي، بتقديم إخبار قضائي ضد معوّض؛ مع جهات أخرى، تتّهمه فيه رسمياً بالتطبيع مع إسرائيل.

استمرّت الأزمة ما بين توتّر وتشهير وتهديد وتصعيد نحو أسبوعين، غادر معوّض بعد الإخبار بيومين، أما عايدة فستغادر قريباً، وبهذا تكون لجنة المقاطعة قد حقّقت نصراً جديداً تضيفه إلى سجلّ انتصاراتها التي تملأ حياتها.

عايدة صبرا.. غربة قسريّة

إنها المرّة الثالثة التي تتجرّع فيها عايدة مرارة النفي، المرّة الأولى كانت في أواخر الثمانينات، حين قذفها لهيب الحرب الأهلية بعيداً من شمس بيروت المتوسطية ودفء نسيجها الاجتماعي، نحو مدينة مونريال الكندية القطبية الباردة طقساً وعلاقات، فاستقرّت فيها وزوجها الزميل زكي محفوض خمس سنوات، ثم عادا بعدما انطفأت حرائق بيروت، لتساهم عايدة في إعادة إعمار ما دمّرته الحرب على طريقتها، فقدّمت مجموعة من المسرحيات تناولت كل أغراض المسرح، وعروض الباليه والدراما التلفزيونية، منها ما أنجزته بمفردها إخراجاً أو نصّاً أو أداءً، ومنها بالتعاون مع مجموعة من زملائها وطلابها وزوجها، حتى غدت موهبتها وأعمالها والشخصيات التي تقمّصتها (مرت عمي نجاح) حديث البلد، لكن نعمة العودة لم تدم طويلاً.

مزّق الانفجار الاقتصادي الاجتماع اللبناني، ثم أتى تفجير مرفأ بيروت كحدث أكثر قساوة ووحشية من الحرب الأهلية، فلجأت عايدة مجدداً إلى منفاها مع زوجها وولديها يعقوب وآدم، حاملة معها مآسي وطنها وعواطفها ومواهبها الفنية المتعدّدة وخبرة مسرحية تزيد على 35 سنة. وفي مستقرّها البعيد، نظّمت دروساً في المسرح، وشاركت في عمل مسرحي عُرض “أون لاين” بسبب أزمة “كوفيد”، وقدّمت عرضاً مسرحياً إيمائياً مع صديقها فايق حميصي، وأعمال مسرحية وسينمائية متنوّعة، إلى أن التقت بمعوّض.

تقول عايدة: “وجدي فنّان حسّاس ومثابر وواحد من أهمّ المسرحيين الموهوبين في العالم في هذه الأيام”، وتصف تعاونها الأول معه في مسرحية “الأم” بأنه امتياز لها، وتتويج لمسيرتها الاحترافية، والحدث الأهم في حياتها المسرحية، والجائزة التي استحقّتها عن مجمل أعمالها.

نقل معوض موهبة عايدة من المحلية إلى العالمية، بعدما منحها الدور المحوري في مسرحية “الأم”؛ التي جسّدت فيها شخصية أمّه (جاكلين) الحقيقية، فقدّمت 40 عرضاً متواصلاً على مسارح فرنسية وبلجيكية وفي لبنان أيضاً، فسطع نجمها كممثلة مسرح عالمية مكتملة التجربة، وصفّق لها إعجاباً الممثل الفرنسي جيروم كيرشير وزوجته إيرين جاكوب الحاصلة على جائزة في مهرجان “كان” السينمائي، والممثلة الراحلة جاين بيركين. وأثنت على أدائها الممثلة جولييت بينوش، وكُتب اسمها بأحرف من ذهب في مقال في صحيفة “لوموند” الفرنسية، وتحدّثت عنها الصحافة المحلية والعربية.

استمرّت الأزمة ما بين توتّر وتشهير وتهديد وتصعيد نحو أسبوعين، غادر معوّض بعد الإخبار بيومين، أما عايدة فستغادر قريباً، وبهذا تكون لجنة المقاطعة قد حقّقت نصراً جديداً تضيفه إلى سجلّ انتصاراتها التي تملأ حياتها.

تهمة التطبيع.. أذى نفسي عميق

تتحاشى عايدة الكلام عن إنجازاتها، التواضع يبني الموهبة، وهي تُكثر منه، فتتعاظم موهبتها تجربة إثر أخرى. هي تعرف أنها ربّة المسرح وأمّه وحاضنته، لديها ثقة بما تقدمّه ولا تنتظر الثناء من أحد، لكنها أيضاً لا تتوقع الإهانة، خصوصاً حين يرتّبها الزملاء والزميلات، “إنها طعنة في القلب والوجدان”.

هكذا عايدة تصف تهمة التطبيع التي طاولت عملها المسرحي الجديد، وسكوت الوسط الفني عنها، وتضيف: “تهمة التطبيع لشريك أثق به وعملت معه، طاولتني بالمباشر، وسبّبت لي صدمة وأذى نفسياً، جئت لأعرض هنا بنيّة الحب لهذا البلد، وغداً أعود إلى غربتي بتهمة العداء له”.

وبانفعال شديد تُكمل: “أنا من برج البراجنة، فتحت عينيّ على مأساة الشتات الفلسطيني في المخيم، الذي يحمل اسم بلدتي. أبي معروف بدفاعه عن القضية الفلسطينية، وما عاش لي بيغبّر على حاضرنا وتاريخنا”. وتؤكّد: “لن أعود إلى بيروت في المستقبل القريب”، وفي الخارج “سأعاود التعاون مع وجدي، لأني مؤمنة بموهبته ومهنيته، وبالقضايا الإنسانية التي يعالجها في نصوصه المسرحية”.

عن مسرحية “الكل عصافير” التي تسبّبت بهذه الأزمة، تقول عايدة إن “المسرحية من إنتاج “لا كوللين” المسرح الفرنسي التابع لوزارة الثقافة الفرنسية، وهي مسرحية فرنسية بالكامل، ولا علاقة للسفارة الإسرائيلية ولا أي مسرح في تل أبيب بها، كما ادّعى المحرّضون. أبطالها شخصيات تعيش صراع الهويات، وفكرتها تخدم القضية الفلسطينية وليس العكس، والدليل على ذلك منع عرضها في ألمانيا بتهمة معاداة السامية، وهذا شرف لها، وجدي اشتغلها كموظف في الدولة، كونه المدير الفني في “لا كوللين”، وهي ليست مسرحيته الخاصة، وليست ملكاً له، بحيث يقرر أين تُعرض وأين لا تُعرض، بل ملك الدولة الفرنسية ووزارة الثقافة والمسرح الفرنسي”. 

يرأس معوّض دائرة العمل الفني في “لا كوللين” منذ 2016، وهي دائرة منفصلة في عملها عن دائرة الإنتاج، وتقضي آلية العمل الداخلية بأن تتلقّف دائرة الإنتاج كل الأعمال الفنية التي تُنجزها دائرة العمل الفني، وتتبنّاها فنياً ومالياً، وتصبح هي المسؤولة عن تسويقها وعرضها على المسارح المحلية والعالمية.  

انتقدت عايدة أسلوب حملة المقاطعة في تركيب التهمة، فقالت: “على الأقل، فليحضّروا ملفاً متناسقاً، مش يجيبوا من كل وادي عصا، لقد استخدموا أشخاصاً حافظين مش فاهمين، وقدّموا معلومات مضحكة تهين ذكاءنا، وأنا سمعت رسالة مسجّلة بالصوت لإحداهن، تحرّض على وجدي، لكنها تقول “يمكن”، أثناء كلامها، مما جعلني أتيقن أن كل الحملة بُنيت على فرضيات وبدافع الكيدية”.  

أما عن مسرحية “وليمة عرس عند سكان الكهف” التي أُوقفت، فتستغرب عايدة كيف أن معوّض جاء في تشرين الأول/أكتوبر للتحضير للمسرحية، ولم يصطدم بأي جو معارض، وتقول: “جاء وجدي في تشرين الأول/ أكتوبر من أجل الكاستينغ، وضجّت بأخباره وسائل الإعلام، حتى تلك التي فتحت عليه النار الآن، وفجأة تحوّل النهار إلى ليل، وصار مطبّعاً بين ليلة وضحاها، لا أدري من نكش المسرحية اليوم، على رغم أنها عُرضت للمرة الأولى من ست سنوات”.

ربما لا تدري عايدة أيضاً، أن عمل الحملة صار عمل الذين لا عمل لهم، بعدما بدأ موقفاً أخلاقياً وإنسانياً، يكاد يوازي بحجمه النضال من أجل تحرير فلسطين، وأن استعجال إطلاق الأحكام قبل التحقّق الدقيق بطبيعة التّهم هو قمّة الظلم، علاوة على أنه يجعل التّهم أشبه بالقنابل الصوتية التي سرعان ما يختفي أثرها، ويجعل الجمهور الواسع ينفر ويبتعد.

فحين تسحق آلة الحملة أسماء مناضلين حقيقيين ومدنيين لا علاقة لهم بالسياسة، تتحوّل الفكرة الكبرى ذاتها؛ أي فلسطين، إلى أداة قمع، فينفضّ الناس من حولها.

ولو أن الحملة على قدر من الذكاء أو حتى الدهاء، لحصرت وظيفتها في عرض القضايا وليس الحكم فيها، ولاختارت أن تلجأ حين تلتقط إشارة ما، إلى خيار التشكيك بالشخص في دائرة الشبهة، ثم تدعو الجمهور إلى التحقيق والتوثيق وجمع الأدلة، بعيداً من الافتراء والمزاجية، وتترك له حرية الحكم، وبذلك تخدم القضية بشكل أفضل، عوض أن تحوّل أصدقاءها إلى أعداء، في القرآن، ينبّه الله رسوله من مغبّة الهيمنة على الناس خلال نشر الدعوة، بقوله: “فذكّر إنما أنت مذكّر لست عليهم بمسيطر”.

لكن في مجتمع لا توجد فيه قوانين كالمجتمع اللبناني، أن تنشط حملة المقاطعة في هذا التوقيت بالذات، وتتحوّل ثُلة من الناس، تضمّ فنانين وصحافيين وكتاباً ومثقفين وغير ذلك، لا يملكون سوى سلطة معنوية، إلى محكمة مفتوحة، تتّهم وتقاضي وتُصدر الأحكام وتُنفذها، اتكالاً على المباركة السياسية الممنوحة لهم، لا يعني سوى فرض رؤية أحادية على دعم القضية الفلسطينية، ضمن منظور سياسي حزبي مذهبي، وتحطيم كل الصور الثقافية التي لا تدخل ضمن شروطه الأيديولوجية، وكلّه إرضاء للأخ الأكبر الذي تجعله الحروب الكبرى يفتقر الىى المعارك الصغيرة اليومية، والأعداء الداخليين الذين يغذّون سطوته. 

سابقاً، حتى الشاعر الفلسطيني محمود درويش، لم ينجُ هو الآخر من تهمة التطبيع، بسبب القصص الخيالية التي حكيت حول قصيدة “ريتا والبندقية”، إضافة إلى علاقاته باليسار الإسرائيلي. أما الكاتب الفلسطيني ابراهيم نصرالله الذي دوّن أسماء القرى وأهلها وحجارتها وأشجارها وأنهارها وخيولها وقناديلها، فتجرّع من الكأس ذاتها، كذلك الكاتب اللبناني إلياس خوري، الذي أتاه صكّ البراءة بإطلاق عنوان روايته “باب الشمس” على قرية شرق القدس. 

حالياً، ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزّة، وجّهت الحملة تهمة التطبيع إلى عدد من الإعلاميين، منهم طاهر بركة وليال الاختيار وجاد غصن، ولو أن الأخير شفع له ماضيه “الممانع”، فكانت محاكمته بسبب استضافة المؤرّخ الإسرائيلي المعادي للصهيونية إيلان بابيه، أقل وطأة من زميليه، إذ بدأت وانتهت على وسائل التواصل الاجتماعي.

ولا بد هنا أن نسأل الحملة، لماذا لم تجد في إطلاق اسم الجنرال قاسم سليماني، الذي تلطّخت يداه بدماء شعبي سوريا والعراق، على جائزة ثقافية، تطبيعاً مع الجريمة؟ ولماذا لم ترَ في إحياء عاشوراء على خشبة مسرح في الحمرا، بقالب أيديولوجي موجّه، تطبيعاً مع الإسلام السياسي؟ 

على العموم، نتمنّى عليها أن توسّع وليمة المقاطعة نحو كهوف تطبيعية أخرى، أي ألا تكتفي بتجريم معوّض، وقصّ جناحيْ عايدة كي لا تعود إلى مسرح الوطن، وإيقاف عمل فني قيّم، بل أن تُحاكم الجهة التي تنظّم -بكل وقاحة- زيارات الجندي اليهودي الإسرائيلي والعراب الصهيوأميركي آموس هوكشتين، إلى لبنان، لوضع لمساته الأخيرة على خارطة التطبيع البري، بعدما فرض علينا التطبيع البحري.

هلا نهاد نصرالدين - صحافية لبنانية | 16.05.2024

“مفاتيح دبي”: عن علاقة إلياس بو صعب ببرج نورة الإماراتي!

برز الياس بو صعب كشخصية محورية في لبنان في السنوات الأخيرة الماضية وضجّت مؤخرًا وسائل الاعلام بخبر فصله من التيار الوطني الحر. تكشف وثائق مشروع "مفاتيح دبي" بالتعاون مع مشروع "الإبلاغ عن الجريمة المنظّمة والفساد" OCCRP، عن امتلاك بو صعب ستة عقارات في برج نورة الاماراتي. تبلغ القيمة التقريبية للعقارات نحو 6.5 مليون دولار أميركي.