fbpx

أقباط مصر: هل يعيشون في مستوطنات ويأكلون الفضلات؟!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“ليهم ريحه مختلفة بسبب أكلهم” ..إنها الجملة التي يردّدها بعض العامة من المسلمين في مصر عن الأقباط، معللين أن تلك الرائحة تتهادى إليهم من بيوت المسيحيين بل ومن أجسادهم لأنهم يأكلون الطعام بالزيت أغلب أيام صيامهم والتي تصل لمئتي يوم في العام، أو لأنهم يأكلون لحماً غير حلال ولحم خنزير. ويضيف البعض لقائمة الأسباب الأسطورية أن المسيحيين لا يعتنون بالنظافة الشخصية،

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“ليهم ريحه مختلفة بسبب أكلهم” ..
إنها الجملة التي يردّدها بعض العامة من المسلمين في مصر عن الأقباط، معللين أن تلك الرائحة تتهادى إليهم من بيوت المسيحيين بل ومن أجسادهم لأنهم يأكلون الطعام بالزيت أغلب أيام صيامهم والتي تصل لمئتي يوم في العام، أو لأنهم يأكلون لحماً غير حلال ولحم خنزير. ويضيف البعض لقائمة الأسباب الأسطورية أن المسيحيين لا يعتنون بالنظافة الشخصية، وهذه “أسباب” تحول دون رغبة أصحابها في تناول ما يطبخه الأقباط.
صحيحٌ أن كل هذه الأساطير وليدة جهل وتطرف، لكنها أيضا جاءت بسبب عقودٍ من الإنعزال الاجتماعي المتزايد في مصر بين المسلمين والأقباط.
لا يختلف المنزل القبطي في مصر كثيراً عن المنزل المسلم، بل إنه إذا تجاهلنا بعض الشعارات المعلقة جدرانٍ من هنا وهناك أو بعض الكتب فقد يتشابهان تماما. لكنّ المطبخ القبطي، على الأقل بالنسبة إلى الملتزمين دينياً يختلف إلى حدٍّ ما وخاصة في مناسبات ٍدينية ترافقها عادة أكلات رُبطت بتفسيرات طقسية، أو حتى ذات روابط تعود لتاريخ مصر الفرعوني، أو بسبب أيام الصيام.
لهذا كله راج اهتمامٌ كبير بكتاب “غذاء للقبطي” للمؤلف (شارل عقل) والصادر عن دار نشر “الكتب خان” في القاهرة، وهو كتاب اعتبره البعض خطوة جادة  على طريق كشف النقاب عن تلك الأساطير التي تحيط بحياة الأقباط عموماً، وطعامهم خصوصا.
تحمّستُ كثيراً لقراءة الكتاب ﻷني أحب الأكل وطقوس الطهي وأكتب عنها دوماً، وأحفظ عن ظهر قلب كيفية إعداد المأكولات الصيامي وغيرها، ولفت نظري ما جاء على غلاف الكتاب “إنه درس في الانثربولوجيا والأدب”، مما حفزني أكثر على شرائه وقرائته معتقدةً أنه سيتناول عادات الأقباط في الطهي من مختلف محافظات مصر  إذا ما ألتزم الكاتب بقواعد دراسة الانثروبولوجيا، كما أنه أغراني بأنه يضم ١٢٠ وصفة لطهي الفول وأنه صار مثار حديث دوائر مختلفة في القاهرة.
لم أكن مستعدة تماما للمقدمة التي حذرنا فيها الكاتب مما سيفعل في الكتاب.
قال عقل في مقدمته “سوف أحاول جاهدا أن أغطي الكثير من مواضيع الطعام القبطي في أكثر من مناسبة”، وأوضح بداية أن المطبخ القبطي هو “مطبخ المبالغات، المبالغة في التقشف أو الزهد..المبالغة في الترف والإفراط”. ثم أضاف أن الأقباط يأكلون “خراء صيامي” خلال فترات الصوم التي تتجاوز أحياناً المئتي يوم في العام.
واشتريت الكتاب. وقرأته.
تتناول فصول “غذاء للقبطي” الفول والمخبوزات والأكلات البحرية وأطعمة أيام الصوم، حتى أن رمضان، شهر الصوم للمسلمين، كان حاضراً في فصل كامل بعنوان”مأكولات رمضانية للأقباط” الذين يشعرون بتأنيب الضمير بعد أكل القطايف والكنافة لتأثرهم بالنظام الغذائي “الإسلامي” على حدّ قول الكاتب.
مطبخ والدة الكاتب هو مصدر الكتاب الرئيسي، لكن يقع في التناقض حيث يقول “طبق فول أمي لا يختلف عن الفول الذي يقدم في مضيفة الأديرة”، ثم يبشرنا أن طعام مضيفة الأديرة أشبه بالعذاب، وخاصة الفول في دير مارمينا بالإسكندرية”. وبعد قليل يستثني الكاتب أمه حيث أنها تتقد “حماسة لإبراز مواهبها في صنع ساندويتشات خارقة. فيكون الفول حينها في أبهى حُلة ولا يخلو من إضافات لاذعة.”، فهل فول السيدة الوالدة مثل حصرم الأديرة أم أنه بديع الجمال؟
الأسماك التي تعد ملاذ الأقباط في فترات صوم مسموح فيها بتناولها، فسرها الكاتب في فصل “المأكولات البحرية” بناءاً على ما ورد في الكتاب المقدس من حكايات عن الأسماك، متسائلاً عن السمك الذي قدمه يسوع في معجزاته هل كان نيئا أم مطبوخاً؟ لكنه لم يستعرض طرق مختلفة خاصة بالمطبخ القبطي لإعداد المأكولات البحرية، بل تناول الفوسفور كمكون أساسي فيها وأسهب في عرض تأثيره في الحياة الجنسية للشاب القبطي، والتي تكبتها الديانة المسيحية وفق الكاتب مما يحفّز ممارسة العادة السرية في كل الأوقات والأماكن بعد تناول وجبة من السمك.
في الفصل الثامن المعنون “منتجات خلافية – الخمور” لم تنكشف أسرار صناعة النبيذ المحلي وعشرات الطرق التي يتفنن فيها الأقباط ولا يعرفها سواهم وأحيانا يحتكر البعض منهم أسرارها، إلا أن الفصل تناول بإسهاب موقف الكاتب الشخصي من الخمور وما يفضلها، موجها اللوم للأقباط قائلاً “يجب على القبطي أن يكوّن جبهة دفاع عن الخمور ويتخلى عن عناده قليلا ويتعامل مع إرثه بشئ من التفهم والتسامح”. ويبدو أن الكاتب يعيش بعيداً عن مصر منذ فترة طويلة ولا يدرك أن الأقباط باتوا بحاجة لتشكيل جبهة للدفاع عن حق الصلاة مجتمعين بدون الحصول على رخصة من الدولة.
كان التشويق والإثارة اللذان رافقا عناوين الكتاب والوصف الصادم في المقدمة للطعام الصيامي عامل جذب للقراءة أملا في اكتشافات جديدة ومعرفة أعمق ، إلا أنني عجزت عن ربط فصول بأكملها بموضوع الكتاب  وهو “المطبخ القبطي”.
استخدم الكاتب التهكم بصورة لاذعة وصلت لحد وصف الطعام الصيام بـ “الخراء” وبيوت  المسيحيين المحيطة بالكنائس بـ”المستوطنات”، و المسيحيين ممن يصومون صوم الرسل بأنهم “إرهابيون متطرفون”. وتناقض استخدام الكاتب  للفظي “المسيحي” أو “القبطي” بشكل عام، مع شروط إجراء بحث أو دراسة في علم الأنثربولوجيا الذي يُعرّف بأنه “علم دراسة خواص الإنسان أو جماعة من البشر من خلال دراسة ميدانية لنماذج مختلفة”، فكل معلوماته مبنية على معرفته الشخصية بكل الأقباط في مصر، ووفقاً لكلامه فهم جميعا يسلكون المسلك نفسه في شتى أمور الحيا.، كما حصر الكاتب “مطابخ” الأقباط في تجربته الشخصية و”مطبخ والدته”، وجعل من منزله وأسرته حالة عامة.
في ٣٠٠ صفحة  هي قوام كتاب “غذاء للقبطي” تعرفت على نشأة عقل في منزل قبطي لم يترك له ذكريات جميلة وخاصة فيما يخص المطبخ والطعام، ولمسني شخصياً  غضبه من تجربته كمسيحي في مصر بما تحمله من معاناة وتمييز وتهميش. أخيراً يرفض عقل، وفقا لكتابه، المسيحية كعقيدة من ناحية ويرفض ممارسة طقوسها في الكنيسة القبطية من ناحية أخرى، فيقول “هكذا خُلعت عن المجتمع الكنسي وأنا لا أحمل من تاريخ ارتباطي به سوى ذكريات جيدة، وقدر هائل من المدخلات غير المفيدة على الإطلاق”. بيد أننا لا نجد الكثير من هذه الذكريات الجيدة في الكتاب!
وعقل  يرسم في كتابه صورة ليسوع ثم يجعلها النموذج المثال للأقباط، “من المستغرب أن تتفق الكنيسة الشرقية وقياداتها وشعبها على شخصية يسوع المتقشفة الخاملة بالذات ربما لتكون موائمة أكثر لطبيعة حياة الأقباط وتكون أشبه بشخصياتهم الانهزامية المتحفظة الخانعة الباردة، المتجنبة للصدامات، غير السياسية غير الاجتماعية غير المكترثة عديمة التذوق متبلدة المشاعر مبتورة الأعضاء التي لا تهتم بأكل ولا شرب ولا صحبة ولا جنس”.
في الواقع لا يعنيني كثيرا كيف كان يسوع يعيش منذ ألفي عام، ولا أعرف الأقباط كلهم في مصر كما يعرفهم عقل ويزعم الكتابة عنهم جميعا، ولكني أعرف أبي وأمي وإخوتي وعائلتي وجيراني وأصدقائي من الأقباط، ومنزلي الذي نشأت فيه بجوار كنيسة. لا يقع منزلي في “مستوطنة” بل هو قائم على أرضنا. تتمسك أسرتي وملايين غيرها من أقباط مصر بالصيام، وهم ليسوا إرهابيين. وبالتأكيد لم آكل “خراء” في منزل أمي أو منازل أخرى خلال أيام الصيام رغم أني لا ألتزم بها كلها لأسباب لا يهمني أن أطلع السيد عقل عليها.[video_player link=””][/video_player]

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.