fbpx

في أننا حرمنا حق البوح

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“إذا لم يعجبك الوضع عودي إلى بيت أهلك”. هذه العبارة التي ورثها الرجال مع جيناتهم يجب أن تُدّرس كأحطّ عبارة توّجه لامرأة متزوجة خاضت تضحياتها الخاصة في المكان الذي اعتبرته سكنها وملاذها لسنوات ثم تُهدّد بالطرد منه كموظّفة في شركة تسرّح العمال دون تعويض نهاية خدمة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

عندما نتزوج لأننا في مجتمع يوصم الفتاة التي تجاوزت عامها الخامس والعشرين بأنها “عانس” فنحن نبدأ حياتنا الزوجية بعنف ما. عنف الاضطرار إلى دخول تجربة قد تكون فاشلة لكننا نختارها لأنه ليس هناك خيار آخر أمامنا. نختارها لأنها الطريق إلى بعض الخصوصية والحرية التي حرمتنا إياها أسرنا بداعي مراعاة الأصول والشرائع والأعراف السائدة.

ثم تأتي المراحل التالية تباعاً: التعرف إلى شخصية الزوج والاعتياد على طباعه، اعتبار أصدقائه أصدقائك وطريقة أمه في إعداد الطعام هي الطريقة المثلى، وضبط معايير ذوقه في النوم والأكل على معاييرك الخاصة. تغيير طريقتك في اللباس وتصفيف الشعر ربما لإرضاء ذوقه. الاستماع إلى تجاربه ومغامراته السابقة بشغف أخت وتبنّي آرائه الاقتصادية والسياسية بشغف مناصر حزبي، واعتماد أسلوب الحياة الذي يتّبعه أخوه الأكبر كتخطيط مثالي للمستقبل.  

 ثم يبدأ الأطفال بالقدوم إلى هذه الأسرة السعيدة، ويفضّل أن يأتي المولود الأول بعد تسعة أشهر فقط من ليلة العرس المجيدة. وإلاّ فسوف تزداد الضغوطات من كل من يهمّه أو لا يهمّه الأمر، وتنهمر الشروحات والنصائح وإلإحالات إلى عيادات الإخصاب. قد تحصل الزوجة مع وجود الأطفال على بعض الحقوق التي حُرمت منها في المرحلة السابقة ولكن إرهاق تنشئة الأطفال سيحرمها من التمتّع بها قطعاً. لن يكون لديها الوقت أو القوة لتتأمل ما وصلت إليه ولا كيف مرت بها الأيام.

تقول صديقتي : “أعترف أنني في علاقتي بزوجي توقفت عن المقاومة خوفاً فقط من ارتفاع نبرة صوته. أنا أخاف من الأصوات العالية وحبالي الصوتية ضعيفة لدرجة أنني أتوجع إذا صرخت. أعترف أنني تراجعت عن اتّخاذ قرارات مصيرية في اللحظة التي سمعت فيها شتيمة لم أسمعها من قبل في بيت أهلي. كان الخوف من ردود فعل زوجي يدفعني إلى الصمت لأكتسب وقتاً أطول أفكّر فيه بتعاستي. خزّنت حزناً على مدى سنوات طويلة كنت أنا المسؤولة عنه بالدرجة الأولى.”

وتقول أخرى: ” أتذّكر نقاشات تتعلق بعملي خارج المنزل انتهت بالسخرية وأعيد سردها من قبله مرّات عدة وكانت قصصي بهجة اللقاءات والضحكات الهستيرية من سيدات ورجال كنت أعتبرهم صديقاتي وأصدقائي. أتذّكر مواقف مخجلة جداً. مواقف كان يفترض أن أعترض فيها ولو بصوت منخفض على إهانات وجّهت لي علناً وأمام آخرين. لماذا ابتلعت صدمتي وسكتت؟ وهل اعتبر الحضور صمتي رقيّاً في الأخلاق أم ذلّاً ليس في موضعه؟ 

تقول صديقتي : “أعترف أنني في علاقتي بزوجي توقفت عن المقاومة خوفاً فقط من ارتفاع نبرة صوته. أنا أخاف من الأصوات العالية وحبالي الصوتية ضعيفة لدرجة أنني أتوجع إذا صرخت. أعترف أنني تراجعت عن اتّخاذ قرارات مصيرية في اللحظة التي سمعت فيها شتيمة لم أسمعها من قبل في بيت أهلي. كان الخوف من ردود فعل زوجي يدفعني إلى الصمت لأكتسب وقتاً أطول أفكّر فيه بتعاستي. خزّنت حزناً على مدى سنوات طويلة كنت أنا المسؤولة عنه بالدرجة الأولى.”

لو تُسأل كثير من النساء اليوم لكانت إجابتهن: كنت أصمت خوفاً. خوفاً من أن يتطور النقاش أكثر ويرتفع صوت زوجي أكثر وتصبح الإهانات مضاعفة. كما يحدث عندما نكون وحدنا. فكل الحوارات في مجتمعنا تنتهي بإهانة ما. وأقلّها عبارة الرجل الشهيرة: “إذا لم يعجبك الوضع عودي إلى بيت أهلك”. هذه العبارة التي ورثها الرجال مع جيناتهم يجب أن تُدّرس كأحطّ عبارة توّجه لامرأة متزوجة خاضت تضحياتها الخاصة في المكان الذي اعتبرته سكنها وملاذها لسنوات ثم تُهدّد بالطرد منه كموظّفة في شركة تسرّح العمال دون تعويض نهاية خدمة.

 إذا كانت الأسرة هي لبنة المجتمع الأولى وإذا كانت كل التضحيات التي يدّعي الأهل و المجتمع تقديمها بداعي صيانة المرأة ودعم كيان الأسرة فكيف يكون تسريح امرأة من بيتها بهذه السهولة؟ وكيف يكون تهديدها بإعادتها إلى بيت أهلها أبسط ترويع لها على لسان زوج غاضب؟

مع تصاعد الوعي بقضايا العنف ضد المرأة لا مفر من مراجعة أعراف وشرائع مجتمعنا قبل أن نعالج نتائجها الكارثية. وعندما نتكلّم عن الضرب والتعنيف الذي يصل إلى القتل يجب أن نعترف أن من أعطى السلطة العليا للرجال على النساء بواسطة قوانين متحيّزة هو المسؤول عن كل الجرائم التي تحدث. يجب أن نعترف أن العنف يبدأ بكلمة جارحة وبمشاعر مكبوتة. يجب أن نعترف أننا حرمنا النساء حقّ البوح بسبب الخوف قبل أن نحرمهم سائر حقوقهن الأخرى التي تتدرّج صعوداً منذ لحظة الولادة إلى لحظة مفارقة الحياة. إن علاقة العنف اللفظي بين رجل وامرأة هي صورة للتخلف المجتمعي بأبسط تفسير لها.

تبدأ محاربة العنف بالاستماع إلى مشاكل النساء وهمومهن، بسرد تجاربهن وقصصهن، بتمكينهن من التعبير عن مشاعرهن أي بإعطائهن بعض الحرية التي تستحقنّها. ولا تنتهي فقط بتكوين الوعي إنّما يجب أن تدعم بقوانين تحفظ للمرأة حقوقها وتلقينها هذه الحقوق أصولاً. 

لا يمكن للمرأة الاستمرار في مجتمع لا يعترف بحقّها في النهاية حتى لو التقت برجل صادق وواعِ يحفظ كرامتها. شكراً للرجال الذين يعرفون أنّهم مصدر أمان النساء ويتصرّفون على هذا الأساس، ولكن الاتّكال على ضمير الرجل وتحميله السوط بيده، تصرّف أحمق في النتيجة.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.