fbpx

التحرش في أماكن العمل… البوح رفاهية لا نملكها!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في ظلّ اعتكاف الجسم القضائي، وتحت مظلّة قانون تحرّش غير كافٍ، تتخبّط الناجيات بين دعاوى عالقة في المحاكم، ونظرة مجتمع رجعي يهمشهنّ ويعتبرهنّ “عاراً” عليه.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أقرّ أكثر من 22 في المئة من حوالى 75 ألف موظف، في 121 دولة، شملهم مسح عالمي حول العنف والتحرش الجنسي في أماكن العمل، بأنهم تعرضوا لنوع واحد على الأقل من العنف أو المضايقة.

لمناسبة  الـ 16 يوم لمناهضة العنف المبني على النوع الاجتماعي، أطلقت منظمة “أبعاد” حملتها “لا_عرض_ولا_عار”، بهدف المطالبة بقانون يحمي الناجيات، ويعاقب المتحرّش بعقوبة “بحجم الجريمة”، لتعيد النقاش حول التحرش إلى واجهة مواقع التواصل الاجتماعي.

وعلى رغم أن هذا النقاش لم يخفت منذ انطلاق حملة “مي تو” العالمية، إلا أننا لا نزال لا نعرف الكثير عن التعقيدات التي تواجه الفئات الأضعف في أماكن العمل لجهة المضايقة والتحرش، فالبوح لا يزال  “تابو”،  والمحاسبة لاتزال متعثرة وغير ممأسسة، ما يعني تأجيل مواجهة حقيقية مع ظاهرة تتنامى بشكل مقلق.

لكن هل فعلاً بلغ التحرش في أماكن العمل حدوداً غير مسبوقة؟

في دراسة جديدة نجد بعضاً من الأجوبة، فقد أقرّ أكثر من 22 في المئة من حوالى 75 ألف موظف، في 121 دولة، شملهم مسح عالمي حول العنف والتحرش الجنسي في أماكن العمل، بأنهم تعرضوا لنوع واحد على الأقل من العنف أو المضايقة. 

التقرير أصدرته “منظمة العمل الدولية” التابعة للأمم المتحدة، ومؤسسة “لويدز ريجستر”، و”غالوب”، في ما اعتبر محاولة أولى لإجراء مسح عالمي حول انتشار الإساءة في العمل، والتي ظهرت بشكل خاص بين شباب ومهاجرين وأُجراء، والنساء بشكل خاص.

وبحسب تقرير المنظمات الثلاث، فإن “العنف والتحرش في أماكن العمل ظاهرة منتشرة وضارة، ولها أضرار عميقة ومكلفة. الظاهرة تتسبب في عواقب صحية جسدية وعقلية شديدة، بالإضافة لفقدان الدخل، وتدمير الحياة المهنية، والتسبب في خسائر اقتصادية في أماكن العمل”، وبحسب الدراسة أيضاً،  فالعنف النفسي والتحرش هما الأكثر شيوعاً، إذ تحدث عنه رجال ونساء على حد سواء، وعانى منه 17.9 في المئة من الموظفين في مرحلة ما أثناء عملهم.

وخلص المسح إلى أنّ الأشخاص الذين تعرضوا للتمييز في مرحلة ما من حياتهم على أساس الجنس أو الإعاقة أو الجنسية أو العرق أو لون البشرة أو الدين، كانوا أكثر عرضة للعنف أو المضايقة في العمل من أولئك الذين لم يواجهوا مثل هذا التمييز.

عن رانيا وأخريات…

“مطلوب سكرتيرة ومديرة مكتب لوكالة أخبار لبنان”، بدا هذا إعلاناً عادياً في البداية، لكن مع الاسترسال في متابعة شروط الوظيفة تظهر معطيات مريبة.

ضجت فضاءات التواصل الاجتماعي ومواقع إعلامية لبنانية بهذا الإعلان الذي نشره شخص يدعى حيدر الحسيني، ويقدم نفسه كصحافي ويدير مواقع صحافية. 

الصحافية رانيا حمزة، واحدة من اللّواتي تابعن الإعلان، تواصلت مع الحسيني ظناً منها أنها وجدت العمل المناسب، فطلب منها إرسال صور تُظهر طريقة لباسها ليتسنى له التقييم إن كانت مؤهلة للعمل في مكتبه أم لا، استجابت حمزة وأرسلت صوراً تشاركها عبر حسابها الخاص على “فايسبوك”، ليعود ويطلعها على باقي شروط التوظيف، فبحسب “الصحافي” على مديرة مكتبه أن تكون”منفتحة، تحب السهر، والأهم أن تقبل بممارسة الجنس مع المدير”. 

حمزة قررت الرد على اعتداء حيدر الحسيني الذي ينتحل صفة “الصحافي”، وقامت  بنشر محادثة الواتساب في محاولة منها لتحذير زميلاتها اللّواتي قد يقعن ضحيّة عرض الحسيني  وهو 900 دولار إضافةً إلى 500 دولار بدل ثياب، وهو عرض “مغري” في ظلّ الأوضاع المعيشية الصعبة، ورداءة الرواتب التي تقدّمها وسائل الإعلام في لبنان.

ربما استطاعت رانيا حمزة فضح الحسيني، لكن القدرة على البوح تعتبر رفاهية بالنسبة إلى كثيرات تمنعهن التقاليد والمجتمعات الضيقة من كسر حاجز الصمت في قضايا التحرش التي يقعن ضحيتها، وفي حال امتلكت احداهن الشجاعة وتحدثت قد لا تحظى بأذان صاغية أو يدٍ تربت على كتفها وتحتضن ألمها، وهو ما حدث مع علياء عامر ابنة الـ24 ربيعاً التي انتحرت بعدما شاركت ألمها عبر “فيسبوك” وقالت: ابن عمي الكبير تحرش بيا أنا وصغيرة، ولما قلت لبويا ما صدقنيش، باي”.

تشير الأرقام إلى أن 6 من أصل 10 نساء تعرّضن للاعتداء الجنسي في لبنان، ولم يبلّغن عن الجريمة بسبب ذرائع مثل “العرض” و”الشرف“.

تشير الأرقام إلى أن 6 من أصل 10 نساء تعرّضن للاعتداء الجنسي في لبنان، ولم يبلّغن عن الجريمة بسبب ذرائع مثل “العرض” و”الشرف”، وهو ما أظهرته نتائج الدراسة التّي نشرتها منظمة أبعاد بالتعاون مع Statistics Lebanon LTD حول العنف الجنسي في لبنان والتبليغ عنه، جاءت هذه الدراسة في مجتمعٍ يلقي اللوم على الفتيات، ويعتبر التحرّش عاراً على شرف العائلة، فتجد الناجيات أنفسهنّ غير قادرات على التبليغ لأسباب منها رفض المجتمع، وعدم تصديق رواياتهنّ أو لأن الجاني يتمتّع بنفوذ كما حيدر الحسيني، وهو الذي سبق أن تمّ توقيفه في مطار بيروت بعد شكاوى من رجل الأعمال سيرج الحويك القضائية بتهم النصب والاحتيال والدعارة، إلاّ أن السلطات القضائية أخلت سبيله.

قانون التحرش… ماذا عن الثغرات؟

يعرّف القانون اللبناني التحرّش على أنه “سلوك سيئ”، وهي واحدة من إشكاليّات هذا القانون، تقول المحامية منار زعيتر لـ”درج”؛ فمَن يحدّد ما هو السلوك السيئ؟ إذ إن السلطات تقوم بوضع القانون تحت مظلّة حماية الأخلاق العامة لا حماية الأفراد.

 لا شكّ في أنّ إقرار لبنان قانون “تجريم التحرش الجنسي وتأهيل ضحاياه” خطوة جيّدة من جانب البرلمان للاعتراف بإشكالية التحرّش ومحاولة إيجاد حلول، إلاّ أنّ هذا القانون تشوبه عيوب وثغرات قانونية، أبرزها تركيزه على المقاربة الجنائية “لم يعمل على البعد الوقائي، أو بعد الانتصاف المدني” تقول زعيتر، فمن الصعب بالنسبة للنساء الوصول إلى القضاء، خصوصاً أنّ في لبنان تستغرق القضايا سنوات في المحاكم، إضافةً إلى أن الغرامة المالية هي فجوة واضحة في هذا القانون، إذ إنّها تساوي 10 أضعاف الحد الأدنى للأجور، وبحسب زعيتر “لا تشكّل عقوبة رادعة”.

لم يصادق لبنان على قانون العمل الدولي المتعلّق بالتحرش الجنسي مما يشكّل خللاً في الهرمية القانونية، لأنه تناول موضوع التّحرش ضمن مقاربة مجزّءة كما هو الحال في كلّ القوانين، ففي حين يتمّ إقرار قانون جديد لا تزال الحكومة تتبع نهجاً قانونياً غير معدّل.

 مَن يضمن لرانيا حمزة حمايتها في حال الإدعاء على حيدر الحسيني أمام القضاء؟ وهنا تضيف زعيتر أنه يجب “تأمين أرضية للعمّال من خلال القيام بورشة تشريعية كاملة لقانون العقوبات وقانون العمل”.

قضية التحرش تنسحب لتطال أيضاً عاملات المنازل المهاجرات في لبنان، فبحسب دراسة حديثة أجرتها جمعية Egna Legna بين عامي 2021-2022 تبين أن 

“68 في المئة من عاملات المنازل المهاجرات في لبنان تعرّضن على الأقل مرة واحدة للتحرّش أو العنف الجنسي خلال عملهنّ أو إقامتهنّ في لبنان”، 

وواحدة من ثغرات قانون التحرش اللبناني أنه يفتقر لمادة تتحدث بشكل خاص عن التحرش بالعاملات الأحنبيات، ما لا يؤمن حماية صريحة لهذه الفئة المهمشة التي تخشى أصلاً للجوء للقضاء والقانون لتحصيل حقها.

تحاول الجهات الحقوقية والنسوية الدفع باتجاه تعديل الفصل الأوّل من قانون العقوبات اللبناني الخاص بجرائم الاعتداء الجنسي، بعدما نجحت عام 2017 بإلغاء المادة 522 التي كانت تعفي المغتصب من العقوبة في حال تزوّج من الضحية.

وفي ظلّ اعتكاف الجسم القضائي، وتحت مظلّة قانون تحرّش غير كافٍ، تتخبّط الناجيات بين دعاوى عالقة في المحاكم، ونظرة مجتمع رجعي يهمشهنّ ويعتبرهنّ “عاراً” عليه.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.