fbpx

أجمل ما قيل في الجندر
تضامن نسوي افتراضي عابر للحدود

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لا يمكن إنكار دور التراجيديا في تسليط الضوء على قضايانا، ولكن توظيف السخرية وبساطة مضمونها القريب من الناس للتعبير عن الآراء والنقد بأسلوبها اللاذع تساهم في تعطيل ما نعتبره لحظات روتينية في حياتنا اليومية، وربما هذا ما فعله #أجمل_ما_قيل_في_الجندر، وكما يقول الكاتب الساخر مارك تواين: “الجنس البشري لديه سلاح واحد وهو الضحك”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“اصبغي له أشقر” هي التغريدة الأولى التي نشرتها الناشطة النسوية السورية براءة على صفحتها في “فيسبوك” مرفقة بـهاشتاغ  “#أجمل_ما_قيل_في_الجندر” ثم تلتها آلاف التغريدات التي شاركها العديد من الناشطين والناشطات على “فيسبوك” و”تويتر”  في سوريا ومصر والعراق ولبنان واليمن وليبيا والسودان والكويت. 

“لاحظت مؤخراً أن الأشخاص الذين يملكون الوعي الجندري أو الوعي بالمصطلحات ملتزمون بالخطابات الأكاديمية أو المقالات التي لا تصل إلى شريحة واسعة من الناس، خاصة الذين يجهلون معنى مصطلحات مثل جندر وغيرها، ولأن مصطلح جندر يثير الجدل قررت استخدامه بدلاً من مصطلحات مرادفة كالنوع الاجتماعي”، تقول براءة في حديث لـ “درج”. 

تفاجأت براءة من الصدى الذي أحدثه الهاشتاغ، خاصة وأنها أطلقته كخطوة عفوية ألحقتها بسلسلة هاشتاغات سابقة كانت تحمل الطابع الساخر نفسه مثل “أجمل ما قيل في الحب”، “أجمل ما قيل في اللغة العربية” و”أجمل ما قيل في الصداقة”. المختلف هذه المرة كان بتحول التغريد إلى عمل جماعي. “توقفت عن التغريد بسبب المضايقات التي تعرضت لها ولكن التغريدات لم تتوقف على امتداد العالم العربي، وذلك نتيجة عمل جماعي لا فردي. عدد كبير من النساء شاركن بالهاشتاغ، مما عزز مبدأ (الأختية)، وكانت تلك المرة الأولى التي أشعر بها بالتضامن النسوي”، تضيف براءة.

“إنت من كتر مانك ذكية حرام تكوني مرا

“الأختية”، بحسب تعريف موقع ويكي جندر،  هي ممارسة نسوية نضالية تشير إلى التضامن بين النساء اللواتي تجمعهن صلات وتجارب متشابهة، وهو النظير الأنثوي لمفهوم الأخُوَّة الذي يستثني النساء رغم اعتباره مفهومًا كونيًا. وتحفز “الأختية” الوعي الجماعي لدى النساء من خلال التضامن والرعاية المتبادلة، وتأخذ بعين الاعتبار أن القمع يرتكز ويتغذى من الانقسام والعزلة بين النساء.

بعبارات قصيرة  متداولة في مجتمعاتنا العربية متعلقة بحقوق “الجندر” أو النوع الاجتماعي، والفروق الجندرية التي أرساها المجتمع بين الذكر والأنثى، شارك العديد من النساء والناشطات النسويات، ولوحظ أيضاً مشاركة الرجال الذين غرد العديد منهم عن واقع وأثر القولبة النمطية الجندرية التي يفرضها المجتمع على خياراتهم. 

“خلقت مشاركة الرجال مساحةً أكبر للنقاش وعرّت من جديد المنظومة الأبوية القامعة للرجال أيضاً”،  تقول الناشطة النسوية  فرح  أبي مرشد في حديثها لـ”درج”، وتعتبر أن عدداً كبيراً من الرجال اكتفوا بالحديث عن ما يخص النساء وأخرجوا أنفسهم من الصراع في حين لا يمكن تجاهل تأثير المنظومة عليهم وعلى حياتهم وأفكارهم. 

كتبت  يارا على “فيسبوك”: ” إنت من كتر مانك ذكية حرام تكوني مرا” و في تغريدة أخرى كتبت مجد ساخرةً: “شو فائدة كل هالعلم والإنجازات إذا ما كللتيهم بزوج وأولاد”.  أحدهم سأل : “ايه الجندر ده؟”. 

وللإجابة على سؤال الأخير الذي طرحه كثيرون، قامت الناشطات بشرح وتعريف مصطلحات تخص الجندر وقضايا النساء بأسلوب مبسط، باستخدام الهاشتاغ نفسه.

أغلب العبارات التي كُتبت نسمعها يومياً، وهي تعتبر عادية ومقبولة بسبب تداولها المستمر دون التوقف عند خلفيتها الذكورية. جاء الهاشتاغ لرفض التطبيع مع المصطلحات النابعة من قمع وعنف وإساءة للنساء. 

تقول الناشطة النسوية مهاد حيدر: “أعجبتني فكرة الهاشتاغ لأنها لاذعة وتحمل رسائل كثيرة يمكنها أن تصل بأسلوب تهكّمي لشريحة أكبر من الناس، لأن السخرية هي أداة سياسيّة فعالة تستخدم للنقد، وهي من أشكال مقاومة النظام البطريركي.”

تشرح حيدر أنه وبفعل الهاشتاغ أصبحت المصطلحات التي تحتكرها النخب في أيدي عامة الناس، وتساءل عنها الجميع خارج ورشات العمل والتدريبات الخاصة، بلغة مبسطة وبمشاركة الفئات المهمشة من نساء وعابرين وعابرات وعاملات أجانب وغيرهن.

“شو فائدة كل هالعلم والإنجازات إذا ما كللتيهم بزوج وأولاد

تُعتبر النكتة السياسية أداةً لهتك النظام وضربه تمهيداً لهدمه، ويصفها عالم الاجتماع الأنثروبولوجي الأمريكي جيمس سكوت على أنها خطابًا تحتيًا مناهضًا للسلطة، أو أحد أدوات “المقاومة بالحيلة”، فقد  ينعكس الشعور السائد بالظلم والخضوع على انشاء خطاب تهكمي وهزلي  كنوع من الانقلاب على الواقع والقوى المسيطرة مهما كان مقامها. 

لا يمكن إنكار دور التراجيديا في تسليط الضوء على قضايانا، ولكن توظيف السخرية وبساطة مضمونها القريب من الناس للتعبير عن الآراء والنقد بأسلوبها اللاذع تساهم في تعطيل ما نعتبره لحظات روتينية في حياتنا اليومية، وربما هذا ما فعله #أجمل_ما_قيل_في_الجندر، وكما يقول الكاتب الساخر مارك تواين: “الجنس البشري لديه سلاح واحد وهو الضحك”.

ليست هذه المرة الأولى التي تستخدم فيها السخرية أو الكوميديا السوداء للنيل من الأنظمة الأبوية، عربياً أو عالمياً. أعمال عديدة سلطت الضوء على قضايا النساء بأسلوب ذكي ساخر، ولعل أبرزها كان “women laughing alone with salads”، وهي مجموعة من الصور التي نشرها الموقع النسوي الساخر”The Hairpin” عام 2011،  لنساء يضحكن وحدهن مع طبق من السلطة في إشارة إلى الصورة المنمقة التي تظهر فيها النساء في الإعلانات، وسرعان ما انتشرت  بأكثر من 206 ألف مشاركة على “فايسبوك” و 15 ألف تغريدة على “تويتر”. ومنذ ذلك الحين، أصبحت السلطة مضحكة على الأقل كرمز تهكمي للتسويق الاستغلالي . بعد أربع سنوات، كانت الصور نفسها مصدر إلهام لمسرحية الكاتبة شيلا كالاهان  حملت الاسم نفسه، وعرضت  كجزء من مهرجان مسرح أصوات المرأة في واشنطن. تقول كالاهان في إحدى مقابلاتها: “لا أحد يحب السلطة كثيرًا، وليس صحيحاً أنها تشعرك بالشبع أو بالاكتفاء إنما المعلنين الذين يستخدمون هذه الصورة يحاولون فرض الطريقة التي يجب أن نشعر بها كنساء حيال الأشياء مقابل واقع مناف لها”.

 بأسلوب ذكي وساخر فككت الصور ومن ثم المسرحية التنميط الذي تحمله تلك الصور تفكيكاً نسوياً.  فمن قال أن النساء لا يمكنهن الشعور بالسعادة إلا إذا حرمن أنفسهن من الطعام؟  

يصنع التنوع بالآليات والأدوات في المجال النسوي دينامية مشجعة على التعلم والتعبير والإبداع غير المستنسخ، فآليات المواجهة جميعها مهمة على اختلافها ما دام هدفها التوعية أو الردع. وعن استبدال التراجيديا بالسخرية في طرح القضايا، تقول أبي مرشد: “في بلاد تسودها الأزمات والتراجيديا قد لا يكون استخدام التراجيديا فعالاً. في الأوقات المأساوية يبحث الناس عن الضحك، لذلك ساعد الأسلوب الساخر بانجاح الهاشتاغ. بعيداً عن الخطاب الذي تفرضه النخب، كان الهاشتاغ شعبياً بمصطلحات بسيطة فتحت المجال التعبير والنقاشات الحرة التي تشبه الناس”.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.