fbpx

أنقاض من جديد يا سوريا!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أستيقظ صباحاً منهكةً من الخوف والقلق، أسمع صوت أبي يتلو الأخبار على مسامع أمي، “في كارثة ودمار في سوريا، حسيتي على شي؟”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لا أفضّل عادةً الكتابة عن الكوارث، ليس لانشغالي بالمساعدة في الميدان، بل لأن أصابعي تنقص واحدة في كل مرة. أنا الآن، أكتب بلا يدين ولا فكرة واضحة، أكتب لعلّ الكتابة تحرر سوريا وشعبها من اللعنات الكثيرة، فبعضنا ملعون بالموت وبعضنا الآخر بالعجز وآخرون بالنسيان…

غفوت بالأمس باكراً على غير عادة، تهرّباً من القلق والرعب اللذين يسيطران عليّ بسبب العواصف الرعدية. في الليل، استيقظت عشرات المرّات على صوت الرعد، الذي بدا وكأنه آخر ما نسمعه قبل الموت. في ساعات الخوف هذه، لا يستطيع المرء التفوّه سوى ببعض التمتمات والدعاء والرجاء والبكاء، كنت أتقلب يميناً ويساراً، شعرت وكأن قلبي بين يديّ، أفكّر في حروب العالم منذ فجر التاريخ، ألعن البارود والعلماء، والذكاء الذي أوجد الأسلحة الثقيلة، أعاتب الله على السماح بكل ذلك، ثم أغفو، وأستيقظ مجدداً فيما أفكر في حرب غزة وانفجار مرفأ بيروت ثم سوريا! آه سوريا! تمرّ في بالي صور الأطفال ومجازر الكيماوي الصامتة، وصور حمص المدمّرة كلياً، رحماك يا الله! ينفجر قلبي حزناً، فأحاول أن أغفو قبل أن تحل الكارثة بشعبي مجدداً. 

أستيقظ صباحاً منهكةً من الخوف والقلق، أسمع صوت أبي يتلو الأخبار على مسامع أمي، “في كارثة ودمار في سوريا، حسيتي على شي؟”. لا أستوعب بدايةً، هل هو قصف إسرائيلي تبعه “احتفاظ بحق الرد” كالمعتاد أيضاً؟ أجلس لأفهم، أفتح هاتفي، وإذ يبدو الموضوع في البدء بسيطاً، “هزة أرضية وهلع” لكن لا ضحايا، هكذا كانت أخبار لبنان على الأقل، أتصفح مزيداً من الأخبار وأقرأ عن سوريا، يا إلهي، لا يمكن أن يحدث هذا مجدداً! 

 أحاول تعقّب عدّاد الضحايا والخسائر… لكنه يتجاوزني على الدوام!

الصورة الأولى التي طالعتني هي صورة طفل تغطيه الدماء سُحب من تحت الأنقاض، أنقاض مجدداً! ثم تتوالى مقاطع الفيديو لأمهات يصرخن ويركضن. يبدو أن الأمهات السوريات اعتدنَ منذ عشرات السنوات، على تعليق أطفالهنّ بأعناقهن بدلاً من المجوهرات، ويبدو أن غبار الأبنية المدمّرة والدماء أصبحت جزءاً من ملامح الطفل السوري، وأضحى مكتوباً على الآباء أن يصرخوا فوق الأنقاض مستنجدين. في السنوات العشر الأخيرة، كانت كلمة “الله أكبر” الأكثر تردداً على مسامعي، إذ كانت تصدح بها الحناجر في تشييع الضحايا، الذين كانوا غالباً من الأطفال، وفي نواح الأمهات والآباء، وفي صرخات الاستغاثة على الشاشات العالمية، وأثناء الهرب من قذيفة لا تفرّق بين قتلاها… 

يتعاطف العالم أجمع، في العادة، مع ضحايا الكوارث، ويهبّ الجميع الى المساعدة من دون فلسفة سياسية، لأن أطراف النزاع في أي كارثة لا تجعلنا إطلاقاً نجتزئ إنسانيتنا وننحاز إلى جهة معينة على حساب الدم والموت. لكن في سوريا، يموت الناس من دون تعاطف وشفقة. وفيما كنتُ أتصفّح وسائل التواصل الاجتماعي، تملكني خوف من التعليقات الشامتة والساخرة والعنصرية، فيما حجم المصيبة غير محدود، فالزلزال أصاب الجميع، ولم يفرّق بين موالاة ومعارضة. 

أمضيتُ نهاري أتنقّل بين المحطات الإخبارية، أتابع أخبار المناطق الخاضعة لسيطرة النظام على قناة، وأخبار المناطق الواقعة خارج سيطرة النظام على قناة أخرى، مناطق يتشرّد أهلها في الصقيع من دون حماية من أحد، يموتون لأن لا مستشفيات مجهزة لاستقبال هذا العدد الهائل من الضحايا، مناطق أُقفلت في وجهها حدود تركيا، وحدود سوريا، وتُركت وحدها تصارع بين الموت والحياة. أحاول تعقّب عدّاد الضحايا والخسائر… لكنه يتجاوزني على الدوام!

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.