fbpx

زلزال 6 شباط… هنا لبنان – 4 آب!  

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في هذه البقعة المنسية تماماً، حيث تتساقط المصائب على رؤوسنا تزامناً مع العاصفة والثلوج، لا أكف عن التفكير بسؤال واحد ينجح في إرباكي وإضحاكي في آن: “أيا ساعة الزلزال اليوم؟”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كانت الكهرباء مقطوعة، كانت هذه وحدها مأساة لا يمكن تجاوزها، تحديداً الساعة 3:17 فجراً. في عتمة شاملة استقبلنا الزلزال في لبنان. لم نفهم ما الذي حصل، ما الذي وقع على الأرض، وإن كانت أسرّتنا قد انتقلت من مكانها بالفعل أم أنه الرعب. لم نستطع التأكد من أيدينا، من وجوهنا، من وجوه الذين نحبهم، من أغراضنا… كان علينا أن نستوعب وبسرعة قياسية شيئاً واحداً اعتدنا تكراره في يومياتنا، وهو أن سبباً جديداً للموت قد نزل علينا الآن، وينبغي لنا التصرّف على هذا الأساس، في عراء تام وعتمة حالكة، ومن دون أن يخطر لنا أن هناك دولة وأجهزة ستتحرك للحفاظ على سلامتنا وإنقاذنا في حال علقنا تحت الأنقاض. إنه احتمال بعيد، الى درجة أنه لا يخطر في بالنا… فصراخ العالقين تحت أنقاض مرفأ بيروت، والذي لم يسمعه أحد، ما زال يؤرقنا، ويشعرنا بأننا لا شيء، وبأن حيواتنا غير مهمّة.

حين تحدثنا في اليوم التالي أختي وأنا، أخبرتها عن العتمة وكدت أبكي… قالت محاولةً تهدئتي: “يمكن أحسن إنو ما كان في كهربا… ما بتعرفي شو كان صار”. إنها إهانة أن يبتسم جزء منا للعتمة! غيّرت الحديث الجدّي بأن سألتها من باب الفكاهة: “أيا ساعة الزلزال اليوم؟”. ضحكنا قليلاً، فيما كان مروّجو الأخبار الكاذبة ينهالون علينا بالتحذيرات والتنبيهات من زلزال سيضرب لبنان بعد ساعة، وآخر سيدمّر الشرق الأوسط في منتصف الليل. وهؤلاء مأساة أخرى، لا نعرف ما هدفهم ولماذا يفعلون هذا بنا في أقسى لحظات حياتنا، هؤلاء لماذا لا يمسك بهم أحد، بدل الإمساك بالناشطين والصحافيين والمتظاهرين وبأهالي ضحايا جريمة 4 آب/ أغسطس؟

كانت الكهرباء مقطوعة، كانت هذه وحدها مأساة لا يمكن تجاوزها، تحديداً الساعة 3:17 فجراً.

حين وقع الزلزال لم أفهم أنه زلزال. إنه الزلزال الأول الذي يمر علي، يضحكني الأمر، أيعقل أنه الزلزال الأول؟ يراودني شعور بأنني أعرف هذا الرعب جيداً، أعرف كيف تهتز الأرض تحت أقدامنا ويداهمنا تطبيع غريب مع النهاية… قمت من الفراش وأنا أمسك قلبي بين يديّ، وأخبره بأن لا شيء جديداً، مجرد موت وشيك آخر وصل لتوّه إلى شقتي… ليس الأمر بالغ الأهمية يا قلبي الصغير، لا بأس، حصل ذلك مرات كثيرة.

استعاد سكان بيروت لحظة انفجار آب 2020، اللحظة التي لم تنتهِ أصلاً ما دام التحقيق معلّقاً والمحاسبة غير متاحة… وشعر أولاد الجنوب والبقاع بأن الحرب قد بدأت، حتى إن بعض سكان بيروت وضواحيها “سافروا” إلى قراهم في وسط الليل هرباً من الشاطئ وخطر التسونامي. أولاد طرابلس أطلقوا النيران ومشوا في الشوارع بحثاً عن الله، صرخوا معاً “الله أكبر”… بدوا كأنهم في تظاهرة عامّة ضد كل أسباب الموت! أو تظاهرة ضدّ جميع أنواع الزلازل… وضد الله ربما!

إلى هذه الدرجة ضربتنا الهشاشة… لم نعد نستطيع التحمّل، لقد استنزفنا طاقاتنا كلها، حتى فرغنا تماماً! ربما هذه المرة لا يمكن أن نقارن وجعنا بوجع أهل سوريا وتركيا، الذين قتل الزلزال آلافاً منهم وشرّد آخرين، لكننا نستطيع أن نشعر بهم وأن نشاركهم الرعب، لأننا نعرف هذا الرعب، نعرفه كما نعرف جلودنا ووجوه أحبائنا التي نخاف أن نفقدها.

في هذه البقعة المنسية تماماً، حيث تتساقط المصائب على رؤوسنا تزامناً مع العاصفة والثلوج، لا أكف عن التفكير بسؤال واحد ينجح في إرباكي وإضحاكي في آن: “أيا ساعة الزلزال اليوم؟”.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.