fbpx

الخيمة حلم السوريين… وسلطات الأمر الواقع تبرّر

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“كان الحلق يساوي نحو 110 دولارات، فظننت أنني سأشتري خيمة وبعض متطلبات المعيشة، لكني أدركت أنني أعيش في الخيال، فأرخص خيمة ثمنها 140 دولاراً”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم تعد تقوى أم رشدي وأبناؤها على النوم في منزل أقربائها في بلدة ملس غرب محافظة إدلب، نجت وأبناؤها الثلاثة، وخسرت زوجها ومنزلها نتيجة الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا في 6 شباط/ فبراير 2023.

تقول إن الله كتب لها ولأطفالها النجاة، ولم تجد سوى منزل عمها في بلدة ملس للجوء إليه، كونه يقع في البساتين ولا تعلو فوق سطحه طوابق. أمضت هناك 13 يوماً، لكنها  شعرت وأبناؤها بعدم الترحيب بهم بعدما طالت مدة إقامتهم. تستطرد قائلةً، “أصبح أبناء عمي يتعاملون مع أطفالي بقسوة، ويوجهون إليهم كلاماً يشعرهم بأنهم غرباء، ما ترك جرحاً كبيراً في نفسي. وعلى رغم تكراري  الحديث عن رغبتي في الخروج من المنزل والعيش في خيمة، إلا أنني لم أسمع اعتراضاً واحداً من أقربائي، ما دفعني الى التوجه مع أبنائي إلى مبنى التنمية والمهجرين التابع لحكومة الإنقاذ، للمطالبة بخيمة نمكث بها هذه الفترة”.

المفاجأة أن طلب أم رشدي لم يجد له آذاناً صاغية، إذ قال أحد الموظفين لها: “من وين جبلك خيمة، أشتري من جيبتي ؟!”. 

أُغلقت جميع أبواب الحياة في وجه أم رشدي بعد هذا الرد،  فجلست، حسب وصفها، تبكي في الشارع حاضنة أطفالها تستذكرُ زوجها الذي قضى في الزلزال، بقيت بعدها أربعة أيام تبيت عند أناس غرباء في مراكز الإيواء، إلى أن  خطرت لها فكرة بيع أقراطها الذهبية التي لا تملك سواها لشراء خيمة، “كان الحلق يساوي نحو 110 دولارات، فظننت أنني  سأشتري خيمة وبعض متطلبات المعيشة، لكني أدركت أنني أعيش في الخيال، فأرخص خيمة ثمنها 140 دولاراً”.

فضّل كثيرون في المناطق المتضررة ترك منازلهم والسكن في الخيام ضمن مراكز الإيواء أو بالقرب من منازلهم المتصدّعة والمتهدّمة خوفاً من الهزات الارتداديّة، لكن سعر الخيام ارتفع في اليوم الرابع. وحسب ما رصد “درج” في محافظة إدلب في 23 شباط 2023 ، فإن سعر الخيمة الواحدة يتراوح بين 170 و230 دولاراً.

التقى “درج” مع الحداد سالم المعري في منطقة حارم، فقال إن أسعار الحديد اللازم لصناعة الخيام ارتفعت أضعافاً بسبب زيادة الطلب الجنوني عليها، بخاصة بعد الزلزال الثاني الذي ضرب المنطقة في 20 شباط. ويضيف، “كان سعر كيلوغرام الحديد 0.80  سنت قبل وقوع الزلزال، ليرتفع إلى 1.20 دولار اليوم”، عازياً السبب الى تحكّم التجار بالأسواق. علماً أن الخيمة تحتاج في أصغر مقاساتها إلى كمية حديد تصل إلى  60 كيلوغراماً.

وأكد حمد السمير، تاجر شوادر وعوازل بلاستيكية، أن سعر الشادر اللازم لخيمة بحجم صغير يبلغ 40 دولاراً، إضافة الى عازلٍ أرضيّ بسعر 20 دولاراً، لكن هذه الأسعار تتغير كل ساعة بتغيُّر العرض والطلب.

اشترت أم رشدي خيمة رثة مستعملة بمبلغ 100 دولار، واشترت بما تبقى معها من ثمن الأقراط بطانيات وضعتها على سقف الخيمة لتغطي أنحاءها الممزقة، وذلك لإيواء أسرتها وتجنّب طلب المساعدة من أحد، حتى من أقربائها، لتتحول الخيمة إلى غرفة نوم وحمام ومطبخ وغرفة ضيوف تنعدم فيها الخصوصية، ولكنها “أفضل من الموت” حسب أم رشدي.

أحصت منظمة “منسقو الاستجابة” عدد المنازل غير الصالحة للسكن في شمال غربي سوريا، والذي بلغ 14128 منزلاً إلى جانب 10833  منزلاً متصدعاً، كما أن استمرار الهزات الارتدادية جعل أكثر من 80 في المئة من السكان يتوجهون الى العيش خارج منازلهم، وجميعهم بحاجة الى مأوى حالياً.

وصّعب اختلاف القوى المسيطرة في محافظة إدلب وريف حلب الشمالي آلية توزيع الخيم لمستحقيها، إذ أكد الناشط علي الإدلبي، أنه على رغم الجهد الكبير الذي تبذله حكومة الإنقاذ لإيواء السكان المتضررين ضمن خيم ومراكز إيواء جماعي، يبقى تفضيل هذه القوى عناصرها على باقي السكان شأناً لا يمكن تجاهله، إذ شاهد استلام عناصر هيئة تحرير الشام عدداً من الخيام لكل عنصر في مراكز إيواء حارم، فيما لا يسمح للسكان المراجعين لدائرة التنمية بالدخول بحجة وجود عمل مستمر وضغط على العمال. وأضاف الإدلبي أن دائرة التنمية تتدخل في عمل المنظمات الإنسانية، وتخزن الكثير من المساعدات في مستودعاتها، وتمنع توزيعها، لا سيما الخيام، بينما تسمح فقط للمنظمات الموثّق عملها صورياً على أسماء عدة بالقيام بمهامها، ما يعقد العمل أكثر وأكثر.

أسعار الحديد اللازم لصناعة الخيام ارتفعت أضعافاً بسبب زيادة الطلب الجنوني عليها.

وأكد أحد العاملين في وزارة التنمية التابعة لحكومة الإنقاذ، أن آلية توزيع الخيم والمساعدات يجب أن تكون منتظمة، وتحتاج الى جهة واحدة تعمل بعيداً عن العشوائية، مشيراً الى أن الوزارة لديها فرق تعمل باستمرار على إحصاء السكان المتضررين، لكن مع اتساع رقعة الكارثة وازدياد أعداد المتضررين بسرعة كبيرة، أصبحت كمية المساعدات قليلة ولا يمكن تغطية حاجات السكان المختلفة بما هو موجود، ما شكل ضغطاً على كاهل الحكومة الموجودة في محافظة إدلب. 

وبلغ عدد الشاحنات الأممية الداخلة إلى إدلب حتى 23 شباط بحسب معبر باب الهوى 226  شاحنة، وما تبقى لا يرتقي إلى ما هو متوقع  من المنظمات العالمية، فوفق الناشط علي السوادي، كل الشاحنات الداخلة لا تساوي نسبة 15 في المئة من الاستجابة اللازمة للكارثة التي أثرت في أكثر من ثلاثة  ملايين نسمة في محافظة إدلب.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.