fbpx

عملية تبادل الأسرى في اليمن :
هل تطوي صفحة ألم طويل؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

شكّلت مشاهد وصول الصحافيين الأربعة، الذين حُكم عليهم بالإعدام في سجون “أنصار الله” الحوثيين، التطور الأهم في ختام عملية التبادل فهل تكون هذه بادرة لإقفال واحد من أسوأ ملفات الحرب؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

اختُتمت أيام الاحتفالات ودموع الفرح بعد سنين من المعاناة في السجون، إثر عمليات تبادل الأسرى في اليمن، بين الحوثيين والحكومة اليمنيّة، إذ تحوّلت (أخيراً) النقاشات والاجتماعات المطولة، التي امتدّ بعضها لسنوات، إلى فرحة عاشتها المئات من الأسر، وخلقت حالة من الارتياح في أوساط اليمنيين عموماً. وإن كانت فرحة ناقصة بالنسبة الى أولئك الذين ما زالوا خلف القضبان، ولم تشملهم الصفقة الموقعة برعاية المبعوث الأممي إلى البلاد. 

شكّلت مشاهد وصول الصحافيين الأربعة، الذين حُكم عليهم بالإعدام في سجون “أنصار الله” الحوثيين، التطور الأهم في ختام عملية التبادل، إذ انتشرت صورة والدة الصحافي توفيق المنصوري وهي تحضن ابنها المختطف أخيراً، بعدما شاركت في وقفات احتجاجية، تطالب بإطلاق سراحه ورفاقه عبدالخالق عمران والحارث حامد وأكرم الوليدي. وصل الأربعة ضمن 89 أسيراً ومعتقلاً على متن طائرة الصليب الأحمر إلى مأرب، مقابل 105 أسرى ومعتقلين من أنصار الله، استقبلتهم أسرهم في مطار صنعاء، في أجواء من الفرحة ووسط انتظار آخرين. 

يلخّص عبدالله المنصوري شقيق الصحافي المفرج عنه توفيق المعاناة، قائلا: “لم تصل إلينا هذه الفرحة إلا بعد انتظار طويل ومعاناة لا تصفها الكلمات وصيغ التعبير، عشتها مع أسرتي وأسر زملائي الصحافيين طيلة اختطافهم”. يكتب المنصوري أيضاً في مقالة نشرها على صفحته الشخصية، أن “من هؤلاء من غادروا الحياة كمداً وقهراً وحزناً على فلذات أكبادهم، كما هي الحال مع والدي ووالد الزميل عبدالخالق وأيضاً والد الزميل حارث، رحمهم الله”، ويضيف: “لم يكونوا ضمن المستقبلين والمبتهجين بسلامة عودة الأبناء التي طال انتظارها”. 

في الوقت ذاته، صرّح توفيق المنصوري ما إن هبط من الطائرة، عن الويلات التي تعرض لها وزملاؤه الصحافيون في سجون الحوثي، مُتهماً رئيس هيئة شؤون الأسرى التابعة لأنصار الله (الحوثيين)، عبد القادر المرتضى، بأنه “مدمن على التعذيب كالمدمن على المخدرات”، ما يفتح سؤال المحاسبة لاحقاً، وهل سيتم الاكتفاء بإطلاق سراح الأسرى، من دون محاسبة المتهمين بجرائم وانتهاكات؟! 

أبرز الأسماء المفرج عنهم، نجل محسن علي محسن صالح، نجل نائب الرئيس الأسبق، وفي المقابل، احتفل أنصار الله  بالإفراج عن سميرة مارش، وهي إحدى الناشطات التي بقيت في سجون القوات الموالية للحكومة  في مأرب، وانتظرت صفقة الأسرى لتعود أخيراً إلى أطفالها، بعدما كانت محور جهود اتصالات لإطلاق سراحها منذ أشهر طويلة. 

الصحافيون هم أحد العناصر المهمة، في سلسلة الأسماء التي رأت النور أخيراً، وأبرزها اثنان من المشمولين بقرار مجلس الأمن الدولي 2216، والذي طالب “أنصار الله” بالإفراج عنهم، وهم وزير الدفاع الأسبق اللواء محمود الصبيحي، والذي وصل إلى عدن وسط احتفاء كبير يوم الجمعة الماضي، ومعه مدير الاستخبارات السابق في عدن اللواء ناصر منصور هادي (شقيق الرئيس عبدربه منصور هادي)، المتهم بالتعذيب والاستحواذ على العقارات في عدن، التي وصل إليها، قبل أن ينتقل إلى العاصمة السعودية الرياض، حيث شهدت لقاءً هو الأول من نوعه جمع هادي مع أعضاء المجلس الرئاسي (خلفه بالسلطة)، على هامش استقبال شقيقه الأخير. 

وفي اليوم الثاني من عمليات التبادل، استقبلت مئات من الأسر أبناءها أخيراً، وشملت عفاش طارق صالح، نجل عضو المجلس الرئاسي طارق صالح، وشقيقه الأصغر محمد محمد عبدالله صالح، والأخيران هما آخر ما بقي من أفراد عائلة الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، في سجون الحوثيين، إذ اعتُقلوا خلال أحداث كانون الأول/ ديسمبر 2017، التي انتهت بمقتله.

جاء الإفراج عن الأخوين صالح مقابل عدد غير قليل من المنتمين الى أنصار الله، في سجون القوات التي يقودها طارق صالح وتتمركز في “المخا” غرب البلاد. وأفادت مصادر قريبة من “أنصار الله”، بأن القوات الموالية لطارق صالح أفرجت عن 100 من الأسرى مقابل شقيقه ونجله. 

إلى جانب ذلك، شملت الصفقة عدداً من جنود التحالف من القوات السعودية والسودانية، الذين أُسروا في مناطق متفرقة، ونُقلوا بصحبة نجل وشقيق طارق صالح، على متن طائرة تابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر إلى الرياض، بالتزامن مع نقل آخرين بين صنعاء والمخا. 

وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى التابعة لأنصار الله (الحوثيين)، عبدالقادر المرتضى، إن الجماعة استقبلت في صنعاء 705 من أسراها، منهم 250 أسيراً نقلوا في اليوم الأول من عدن، و350 وصلوا في اليوم الثاني، ونقلوا من المخا (الساحل الغربي) ومن السعودية، وأخيراً 105 أسرى في اليوم الثالث من محافظة مأرب، مقابل 181 أسيراً ومعتقلاً توزعوا على الأيام الثلاثة، وهم إجمالي الأسماء في قائمة المشمولين في الصفقة من جهة الحكومة المعترف بها دولياً ودول التحالف. هذا التفاوت في أعداد المفرج عنهم، يُرجع إلى الأسماء المهمة في جانب “الشرعية” والأسرى السعوديين والسودانيين. 

قيادات وأسماء فاعلة للمرة الأولى

هذه ليست الصفقة الأولى من نوعها، إذ سبقتها عمليات تبادل أسرى، أهمها في تشرين الأول/ أكتوبر 2020، نتج منها تحرير 1056 أسيراً ومعتقلاً من الجانبين، لكن أهمية الصفقة الأخيرة، أنها تضمنت للمرة الأولى الأسماء المهمة (وزير الدفاع الصبيحي وناصر هادي شقيق الرئيس السابق وكذلك نجل وشقيق طارق صالح ونجل علي محسن)، فيما لا يزال مصير اثنين مجهولاً، وهما قائد اللواء 105 فيصل رجب، والقيادي في حزب الإصلاح محمد قحطان، وسط أنباء غير مؤكدة تتحدث عن وفاة الأخير في السجن. 

رحّب المركز الأميركي للعدالة (ACJ) ، في بيان اطلع “درج” على نسخة منه، بعملية التبادل ودعا المجتمع الدولي  إلى “الاستمرار ببذل الجهود والضغط للإفصاح عن مصير المخفيين قسرياً، وعلى رأسهم السياسي محمد قحطان واللواء فيصل رجب. وشدد على أن إغلاق هذا الملف وإنهاءه بعدالة وإنصاف، يمثل إحدى أهم خطوات عملية بناء السلام والاستقرار في اليمن”. 

حصيلة سنوات من التفاوض

منذ العام الأول لتصاعد الحرب في 2015، ظل ملف الأسرى والمعتقلين حاضراً في جميع جولات المفاوضات التي رعتها الأمم المتحدة، لكن التقدم فيه ظل محصوراً بعمليات تبادل أسرى (بعضهم معتقلون مدنيون تمت مبادلتهم بأسرى)، وبقيت قضية القيادات البارزة (الصبيحي ورفاقه)، من دون تقدّم. 

يعد الاتفاق الأخير امتداداً لاتفاق وقّع أساساً في ستوكهولم في كانون الأول 2018، وكان من المقرر أن تبدأ عمليات تبادل الأسرى والمعتقلين في الأشهر اللاحقة، لكنها أُحيلت إلى اجتماعات انعقدت غالبيتها في العاصمة الأردنية عمان، وأسفرت عن عمليتي تبادل حتى اليوم. وينص البند الثاني من اتفاق 2018، على أن “يسلم كل طرف كل من لديه من أسرى ومعتقلين ومفقودين ومحتجزين تعسفياً ومخفيين قسراً والموضوعين تحت الإقامة الجبرية على ذمة الأحداث، لدى جميع الأطراف اليمنية ولدى التحالف العربي، سواء كانوا يمنيين أو من دول التحالف، بمن فيهم (فيصل رجب – محمد قحطان – محمود الصبيحي – ناصر منصور هادي)”، كما يشدد على أنه “لا يحق لأي طرف الامتناع عن تسليم أي شخص تم أسره أو اعتقاله أو احتجازه أو القبض عليه على ذمة الأحداث لأي سبب، وتلتزم جميع الأطراف بذلك”. 

معتقلون وأسرى بلا حصر

خلال مفاوضات ستوكهولم 2018، تحدثت مصادر متطابقة عما يقرب من 15 ألف أسير ومعتقل في القوائم التي تم تقديمها للتفاوض آنذاك من جميع الأطراف، غير أنها أرقام كانت في الأصل محل خلاف، وقد شهدت المراحل اللاحقة عمليات إفراج وتبادل للأسرى بوساطة الأمم المتحدة أو وساطات محلية، بالإضافة إلى وجود اعتقالات جديدة، لا توفر المصادر الرسمية إحصائية دقيقة بشأنها. 

يقول الناشط الحقوقي رياض الدبعي في حديثه لـ”درج”، إنه “ما من رصد دقيق وواضح حول أعداد المعتقلين، وإن الأرقام تتفاوت عند معظم المنظمات”، والسبب أولاً، أن “هناك عملية تبادل أسرى بين أطراف الصراع عبر وسطاء محليين”، بالإضافة إلى وجود عمليات اعتقال جديدة، لم يبلغ عن بعضها بسبب حرص الأهالي على عدم التصعيد. ويضيف أن “الأرقام التي وثقتها منظمات المجتمع المدني تقترب من سبعة آلاف معتقل نستطيع القول إن 80 في المائة منها مسؤولية الحوثيين”.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.