fbpx

لماذا تخشى الدولة المصريّة تعداد الأقباط؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

على مدار عقود، أخفت الدولة المصرية تعداد الأقباط، وعلى رغم اشتمال بيانات التعداد على تفاصيل المجتمع المصري كافة، تبقى نسبة الأقباط هي الغائبة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

قبل أسبوع، التقى البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية،  بمحرري الملف القبطي في الصحافة المصرية، وصرّح بأن عدد الأقباط في مصر يبلغ حوالى 15 مليون نسمة في الداخل، ومليونين في المهجر، اعتماداً على شهادات المعمودية التي تصدرها الكنيسة للمواليد الجدد بعد طقس التعميد، وشهادات الزواج.

على مدار عقود، أخفت الدولة المصرية تعداد الأقباط، وعلى رغم اشتمال بيانات التعداد على تفاصيل المجتمع المصري كافة، تبقى نسبة الأقباط هي الغائبة، لأسباب كشف عنها إسحاق إبراهيم، مسؤول ملف حرية الدين والمعتقد في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، في تدوينة له على “فيسبوك”، قال فيها إنه سأل سابقاً اللواء أبو بكر الجندي، رئيس جهاز التعبئة والإحصاء الأسبق في حوار صحافي، عن سبب عدم الإعلان عن نسبة الأقباط أو بيانات تعدادهم، فأجابه بأن هذا الأمر حساس ولن يرضي أحد سواء الأقباط أو الإسلاميين، فإذا بلغت النسبة حوالى 6 في المئة كما هي في الإحصاء الأخير، فلن ترضي الأقباط، وإن زادت عن ذلك لن ترضي الإسلاميين الذين يتّهمون الدولة بمحاباة الأقباط.

“قبل ثورة يناير، لم أكن مهتماً بتعداد الأقباط بصورة كبيرة، فرغم المغالطات التي تخرج من وقت الى آخر حول تعداد الأقباط، إلا أن العدد لم يكن مهماً، فالجميع مضطهد، مسلماً كان أو مسيحياً، والطائفة الوحيدة التي قد تحمي صاحبها هي الحزب الوطني، لكن كان من المفترض بعد الثورة، أن يتمتع الجميع بالحقوق كافة من دون اشتراط دين أو طائفة، لكن هذا لم يحدث” يقول بيتر سامي.

لم ينسَ سامي المحادثات التي أُجريت عبر وسائل التواصل الاجتماعي في 2012، عقب إصدار الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء تعداده الذي ضمّ للمرة الأولى منذ عقود، تعداد الأقباط، وقال إن عددهم لا يزيد عن 5 ملايين و130 ألف نسمة، وهو ما يقارب نسبة الـ 5.7 في المئة من تعداد سكان مصر.

“لم يكن طبيعياً الخوض في نقاش حول حقوق الأقباط اعتماداً على نسبتهم من السكان، فهو ضرب من العبث، لكني وجدت نفسي مضطراً لذلك آنذاك، فحتى حوادث الفتنة الطائفية بسبب بناء الكنائس، والنقاش حول قانون موحّد لدور العبادة، كان محل نقاش بناء على هذا التعداد. وللأسف، تورّط المجتمع كله في هذه النقاشات الطائفية، سواء الإسلاميين أو المواطن العادي، وحتى هذه اللحظة حين أخوض أي نقاش حول بناء الكنائس وتقنينها، أجد هذا التعداد أمامي، ليثبت أن الأقباط ليس لهم الحق في بناء كنائس جديدة، فالطائفية في مصر ليست منحصرة في الإسلاميين فقط” يكمل بيتر.

بحسب بيتر، فإن إخفاء تعداد الأقباط هو أمر سياسي بحت، تبرر به الدولة التمثيل الهزيل للأقباط في مراكز الدولة كافة، فهم أقلية لا تزيد عن 5 في المئة.

يرد في  كتاب “الموالد القبطية… دراسة ميدانية في المعتقدات الشعبية-2018″، أن تعداد الأقباط كان يؤخذ بالاعتبار في كل تعداد عشري (تعداد السكان كل عشر سنوات) منذ انتظام التعداد السكاني لمصر عام 1907، وحتى أول تعداد في عهد الرئيس حسني مبارك عام 1986. على رغم ذلك، فأن تعداد الأقباط يثير الجدل بحسب الكتاب، فالأرقام الرسمية تقلّل من أعدادهم، بينما تبالغ الإحصاءات الكنسية فيها.

يضيف الكتاب أن هناك محاولات لحصر عدد الأقباط قبل انتظام التعداد، الأولى كانت في عهد الحملة الفرنسية، وقام بها علماء الحملة، وقُدّر عدد الأقباط حينها بنحو 200 ألف من أصل مليونين ونصف المليون مصري. وفي عهد محمد علي، قدّر “كلود بك” عدد الأقباط بـ155 ألف نسمة من أصل 4.5 مليون مصري.

عام 1907، وهو تاريخ انتظام التعدادات العشرية، قُدّر عدد الأقباط بنحو 7 في المئة من سكان مصر، وبلغ عددهم نحو 889 ألف نسمة. وفي عام 1937، في عهد وزارة النحاس باشا، قُدر عدد الأقباط بما يزيد عن مليون و300 ألف نسمة من أصل 15.9 مليون نسمة، وبلغت نسبتهم نحو 8.1 في المئة، أما في آخر تعداد قبل ثورة يوليو، فإن عدد الأقباط قُدر بمليون ونصف المليون من أصل 18 مليوناً و966 ألف نسمة، بنسبة 7.9 في المئة.

في عام 1956، لم تقم الدولة بالتعداد العشري لظروف العدوان الثلاثي. وفي تعداد 1966، وهو التعداد الوحيد في عهد جمال عبد الناصر، الذي ارتبط بعلاقات جيدة مع الكنيسة القبطية، قُدر عدد الأقباط بما يزيد عن مليوني نسمة من أصل 28 مليوناً و846 ألف نسمة.

في عهد السادات، توترت العلاقات بين الكنيسة القبطية والدولة، لا سيما مع إطلاق السادات يد الجماعات الإسلامية، ووصلت التوترات بينهما إلى حد تحديد إقامة البابا شنودة بطريرك الأقباط، فيما يُعرف بقرارات أيلول/ سبتمبر 1981، بعد تظاهر أقباط المهجر ضد السادات خلال زيارته الولايات المتحدة بسبب أحداث الزاوية الحمراء.

انعكست علاقة السادات المتوترة بالكنيسة، على التعداد الوحيد الذي تم في عهده، وهو التعداد الذي يشكك الأقباط في صحته، إذ قُدر الأقباط في تعداد 1976 بمليوني و285 ألف نسمة من أصل 36 مليوناً و626 ألف نسمة، بنسبة 6.2 في المئة من إجمالي سكان مصر.

وفي عهد مبارك، جاء آخر تعداد ليضمّ عدد الأقباط ضمن بياناته، التي قدّرت أعداد الأقباط بمليوني و868 ألف نسمة من أصل 48 مليوناً و254 ألف نسمة، بنسبة 5.9 في المئة من السكان.

تعدادات كنسيّة

في المقابل، تقدم الكنيسة نسختها من التعداد كل عام اعتماداً على استمارات المعمودية وسجلات الافتقاد (سجلات تضم المسيحيين من شعب كل كنيسة المنقطعين عن الحضور). وفي لقاء للبابا شنودة مع الكاتب الصحافي خالد صلاح عام 2010، قال: “إن الكنيسة ليس لديها رقم دقيق، رغم قيام الأبرشيات بتقديراتها، ولكن بعض رجال الدولة يظنون أن الكنيسة، حين تقدم رقماً معيناً لتعداد الأقباط، فإنها تطالب بحقوق سياسية بحجم هذا الرقم، وأن تعداد الأقباط لا يقل عن 12 مليون نسمة”.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2013، تقدمت الهيئة القبطية الهولندية، إحدى منظمات أقباط المهجر، بمذكرة رسمية للرئيس الموقت عدلي منصور، يطالبون فيها بإعلان التعداد الرسمي لأقباط مصر، مؤكدين أن عددهم لا يقل عن الـ 20 في المئة.

وقالت الهيئة في مذكرتها، إنها قامت بدراسة شاملة لعدد الأقباط عن طريق استمارات وُزعت في الكنائس المصرية، ولفتت الى أن عدد الأقباط بلغ الـ 16 مليوناً و975 ألف نسمة.

الرقم الذي قدّمته الهيئة ورد أيضاً على لسان الأنبا باخوميوس القائم مقام البطريرك في الفترة الانتقالية بين نياحة البابا شنودة، واختيار البابا تواضروس بالقرعة الهيكلية، الذي قدر عدد الأقباط بحوالى 15 – 18 مليون نسمة، وذلك عقب تعداد عام 2012 المثير للجدل.

أما البابا تواضروس، فقدر أعداد الأقباط في حوار صحافي عام 2018 مع جريدة سعودية، بحوالى 15 مليون نسمة في الداخل ومليونين في الخارج، وعاد وكرر الرقم ذاته في لقائه مع صحافيي الملف القبطي، وبرر الرقم بأنه استناداً إلى استمارات المعمودية وشهادات الزواج.

“السؤال عن تعداد الأقباط نفسه يدل على وجود أزمة”، بهذه الكلمات فسّر المفكر القبطي كمال زاخر، في تصريحاته لـ”درج”، سبب إخفاء تعداد الأقباط، قائلاً: “في المجتمعات الطبيعية، تُقرَّر الحقوق بناء على المواطنة وليس على الدين. وبالتالي، فإن بيانات الديانة أمر ثانوي، لكن في المجتمعات المأزومة مثل مصر، فإن الكشف عن البيانات يشكل أزمة، وإخفاءها أيضاً  هو أزمة أيضاً، لأن لا أحد من الطرفين سيقبل بالنتيجة، فالأقباط يتشككون في الأرقام التي تعلنها الدولة باعتبار أنها تتعمد تقليل الأعداد حتى تبرر عدم تمثيل الأقباط وتهميشهم باعتبارهم أقلية، بينما رجال الدولة يعتبرون أن الأقباط يرغبون في تعظيم عددهم حتى يحصلوا على حقوق سياسية بناء على هذا الرقم طبقاً لنظام المحاصصة.

يتّفق اسحق إبراهيم، مسؤول ملف حرية الدين والمعتقد في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، مع سابقه في تصريحاته لـ”درج”، إذ يقول: “الدولة تبرر أن خانة الديانة تعتبر خانة اختيارية بناء على توجيهات الأمم المتحدة، لذلك فإن تعداد الأقباط إذا تم إعلانه فهو تعداد غير دقيق، كما أن هامش الخطأ في هذه التعدادات كبير. لكن في النهاية، فإن تعداد أتباع أي ديانة هو أمر ثانوي، لأن الحقوق لا علاقة لها بعدد الأقباط وإنما تتعلق أساساً بحق المواطنة المتحقق لأي مصري أياً كانت ديانته”.

يفسر الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركية، أزمة تعداد الأقباط في مصر وإخفاءه، قائلاً: “قاعدة عامة في الشرق الأوسط، أي تعداد يتعلّق بالأقليات يشكل حساسية”.

يضيف صادق لـ درج، “أن أي إحصاء للأقليات تترتب عليه بالضرورة حقوق سياسية، منها التمثيل السياسي سواء في المجالس النيابية أو السلطات التنفيذية، أو حتى الحقوق الديمقراطية العادية المتمثلة في إمكانية تولي مسيحي رئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء أو حتى الحقائب السيادية في الوزارة، فمصر لم تعيّن منذ الخمسينات وزير دفاع أو داخلية مسيحياً. وأذكر أنه عند تعيين حبيب العادلي،  قيل إنه مسيحي، ما تسبّب في غضب الشارع على اختياره. كما أن الغالبية المسلمة يزعجها وجود أقلية أخرى، لأنها تعيق تنفيذ المشروع الإسلامي، فبرأيها كلما زاد حجم هذه الأقلية كلما تعثّر هذا المشروع أكثر. ولا يجب أن نغفل التوقيت السياسي للتعدادات، فتصريح البابا تواضروس الأخير يأتي قبل عام واحد من الانتخابات الرئاسية، في رسالة مباشرة عن حجم الأصوات التي يتحكم بها، فيما جاء آخر تصريح حكومي بعد أشهر فقط من انسحاب الكنيسة من اللجنة التأسيسية للدستور.

هلا نهاد نصرالدين - صحافية لبنانية | 16.05.2024

“مفاتيح دبي”: عن علاقة إلياس بو صعب ببرج نورة الإماراتي!

برز الياس بو صعب كشخصية محورية في لبنان في السنوات الأخيرة الماضية وضجّت مؤخرًا وسائل الاعلام بخبر فصله من التيار الوطني الحر. تكشف وثائق مشروع "مفاتيح دبي" بالتعاون مع مشروع "الإبلاغ عن الجريمة المنظّمة والفساد" OCCRP، عن امتلاك بو صعب ستة عقارات في برج نورة الاماراتي. تبلغ القيمة التقريبية للعقارات نحو 6.5 مليون دولار أميركي.