fbpx

التهديد بإغلاق “ستار”… لا حقوق للحيوانات في القانون السوري

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تزداد أهمية جمعيات الرفق بالحيوان في ظل القسوة السابقة، وإحدى الجمعيات التطوعية النادرة التي حاولت إحداث فرق في حياة الحيوانات الشاردة هي “ستار”، لكنها اليوم مهددة بالإغلاق.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يغيب شأن الحيوانات الشاردة عن المشرع السوريّ، إذ لا يحوي القانون السوريّ أي بنود أو تشريعات تهتم بحقوق الحيوان وتعترف بها، سوى تلك الخاصة بالثروة الحيوانيّة، كالأبقار والأغنام والماعز، أما الحيوانات الأليفة فتعود الى تقدير مقتنيها.

يزداد الأمر شدة مع عشوائية وقسوة التعامل مع الحيوانات الشاردة، إذ قتلت محافظة دمشق 800 كلب شارد عام 2017، كما سبق وصرّح مدير الصحة في ريف دمشق ياسين نعنوس عام 2018، بأن:”البلديات تقوم بمطاردة الكلاب الشاردة وقتلها وتسميمها برؤوس الدجاج، من خلال وضع سم “اللانيت” مكان وجود القمامة بين الساعة 12 ليلاً والساعة 5 صباحاً، وهو الوقت الذي توجد فيه الكلاب الشاردة ويتم إزالتها كي لا تتضرر الحيوانات الأخرى، وهناك مراقبون صحيون جاهزون ليكونوا في لجان البلديات ويقوموا بوضع هذه السموم”.

تزداد أهمية جمعيات الرفق بالحيوان في ظل القسوة السابقة، وإحدى الجمعيات التطوعية النادرة التي حاولت إحداث فرق في حياة الحيوانات الشاردة هي “ستار”، لكنها اليوم مهددة بالإغلاق، ما يعني تعريض حياة آلاف الحيوانات إما للقتل أو التشريد مجدداً.

ما هي جمعية “ستار”؟

لم تكن الحيوانات بمنأى عن المعاناة والخطر الذي شهدته سوريا في السنوات الماضية، فالحرب والعنف والفقر والنزوح أثرت سلباً على حياة الحيوانات وحقوقها. في هذا السياق، نشأت مبادرات وجمعيات مدنية تهدف إلى حماية الحيوانات ورعايتها، وتوعية المجتمع بأهمية احترام حقوق الحيوانات والتعامل معها، إحدى هذه الجمعيات هي جمعية “ستار”_ Star (Syrian Team for Animal Rescue) أي الفريق السوري لإنقاذ الحيوانات، نشطت الجمعية  في دمشق، ولا تزال تقدم خدمات طبية وإنسانية للحيوانات المريضة أو المصابة أو الضالة.

بدأ مشروع ستار عام 2015  في مزرعة في بلدة صحنايا التابعة لريف دمشق، بهدف تأمين الحيوانات المصابة بضرر أو طلق ناري والاعتناء بها، ثم تحول هذا المشروع الى جمعية مرخصة ذات إجراءات قانونية. 

قتلت محافظة دمشق 800 كلب شارد عام 2017.

تقع بلدة صحنايا بالقرب من منطقة ساخنة أثناء الحرب، جعلت المكان ومن فيه تحت تهديد وخطر دائمين،  إذ كانت الشظايا تسقط على المكان، ما أجبر الجمعية على الانتقال الى مكان آخر أكثر أماناً في منطقة الصبّورة، وتم تجهيز المكان الجديد ونقل الحيوانات إليه بحلول 2017. 

تأسيس الجمعية في تلك الفترة كان صعباً، خصوصاً أن الداخل السوري كان قلقاً وغير مستقر، لهذا أثرت الحرب على الجمعية من النواحي الأمنية والعلاجية، والأهم ، الماديّة، العامل الذي كان ولا  يزال من أبرز التحديات التي تواجهها الجمعية في ظل غياب أي تمويل أو جهات مانحة، فالاعتماد الكلي هو على التبرعات العينية والمادية من المجتمع المحلي فقط.

تخبرنا هنادي المحتسب، مؤسسة جمعية “ستار”، أن المركز يستقبل حالات الإنقاذ التي تحتاج الى عناية طبية أو عملية جراحية أو فترة استشفاء حسب الإصابة، وبعد التعافي يتم نقل الحيوان  إلى القسم المناسب من الملجأ سواء كانت إعاقته موقتة أو دائمة. تضيف هنادي لـ “درج”: “بدأت الجمعية بميزانية شهرية متوسطها مليون و200 ألف ليرة سورية، أما اليوم فارتفع المبلغ ليقارب الـ 36 مليون ليرة سورية تقريباً، أي نحو 4500 دولار شهرياً”.

الفعل ورد الفعل!

تخبرنا المحتسب عن إنجازات الجمعية قائلةً: “تمكنّا من حل مشكلة الكلاب الشاردة في الشوارع بنسبة 60 في المئة، بالتعاون مع وزارات عدة، لكن التغييرات الإدارية في النظام السياسي أثرت سلباً على مشروعنا وأهملته، فبعد رحيل وزير الزراعة السابق أحمد القادري ومحافظ دمشق ومدير الزراعة، تغيرت المنظومة الداخلية وصعب علينا إعادة طرح الأمر الإداري الذي صدر لمعالجة ظاهرة الكلاب الشاردة”.

تضم جمعية ستار نحو 1800 كلب وقطة، بالإضافة إلى حيوانات تم تبنيها أو تسفيرها خارج البلاد، إلى عائلات تقوم بالاعتناء بها. وهي تُعتبر مشروعاً مستداماً، اجتماعياً وبيئياً، فهي لا تفيد فقط الحيوانات بل أيضاً تحمي الأشخاص من خطر الكلاب الشاردة، إذ تخرجها من المناطق السكنية، وتسمح باستقبال رحلات للأطفال والكشاف والزيارات المدرسية والأعمال التطوعية لإعادة بناء علاقة الإنسان بالحيوانات وتعليمه كيفية التعامل معها. كما تتعاون هذه الجمعية مع أطباء نفسيين لاستخدام الحيوانات في علاج بعض المرضى النفسيين وشفائهم.

تقول المحتسب عن الصعوبات التي تواجه الجمعية: “لا نجد أكل أو أدوية… الأدوية باهظة الثمن ونادرة، فنضطر لاستخدام أدوية بشرية أو دواجن غير مناسبة للحيوانات، ففي سوريا لا توجد أدوية خاصة بالقطط أو الكلاب إلا المستورد منها بأسعار مرتفعة وكميات قليلة”.

لا تقتصر التحديات على هذا الجانب فقط، إذ تمتد لتشمل فريق العمل، إذ من حقه أن تكون لديه وقاية من داء السعار على الأقل، بسبب التجوال الدائم لالتقاط الكلاب والحيوانات. وبعد المطالبة، تم تقديم كتاب مفاده أن فريق العمل المكوّن من 24 فرداً ، بحاجة إلى حقن سُعار كي لا يتعرض أحدهم لمشكلة صحة، فأتى الرد كالتالي: “نحن نعطي اللقاح على صيغة علاج وليس وقاية، عندما يُعض أي فرد عامل يمكن تحويله لإعطائه اللقاح”.

الطعام الذي تؤمنه الجمعية يتألف من نفايات وسلع منتهية صلاحيتها وغير مسعّرة، مصدرها دائرة حماية المستهلك، تلك التي لا يمكن بيعها لأنها غير صالحة للاستخدام البشريّ، إلى جانب زوائد غير صحية من الدجاج (أمعاء، رؤوس، بلاعيم…،) رغم ذلك فهي تباع للجمعية بسعر يقارب الـ 10-13 مليوناً بالشهر الواحد. تقول هنادي: “نعم… نحن نشتري غذاء تالفاً للرمي وندفع مقابله نقوداً لنقوم بعمل إنساني، من دون شكر أو تقدير”، لكن إن كانت هذه المواد غير مسعرة حكومياً ولا يسمح بالاستفادة منها، فهل هذه الصفقة خارج سلطة الرقابة؟”.

30 يوماً تختصر 8 سنوات 

“ما حدا بحب الحيوانات”، بهذه العبارة تحاول المحتسب أن تختصر ألمها وحزنها أمام رغبتها الجادة في إحداث فارق إنساني على أرض الواقع. سألناها عن السبب الذي يجعل مشروع ستار مهدداً بالإغلاق اليوم، فأجابت: “ليس غريباً هذا الفعل في مجتمع لا يؤمن بهذه الكائنات ولا يقيم وزناً لها، لا يفهمون أن هذه المخلوقات لها روح ومن حقها أن تعيش، ففي برأيهم، أمام الظروف التي تعيشها البلد، يمكن تقصية  مشروع كهكذا أمام حالات أخرى أكثر أهمية، لكن من الذي يقيّم هذه المشاريع؟! وهل توجيهها لآخرين سيحدث فرقاً إيجابياً حقاً؟”. مشكلة هنادي مع قرار إجهاض مشروعها، أنه يتم بقرارات غير واضحة أو مبررة. 

لا يمكن معرفة السبب الرئيسي الذي يجعل جمعية ستار اليوم على المحك، فالقرار صدر من بلدية الصبورة بتوجيه من مديرية الزراعة، وبررت المديرية ذلك بسبب وجود النفايات، ولا يوجد بلدية تخدم المنطقة وتزيل القمامة، لذلك تقوم بلدية منطقة أخرى بهذا العمل.

الجدير بالذكر أنه لم يتم إرسال أي انذار مسبق للجمعية أو أي طلب للمراجعة أو لطرح المشكلة والبحث عن حلها، وهذا بدوره يكشف أن الموضوع ناتج من إقصاء غير محق، وتجاهل المطالبات هو نوع من العرقلة لا أكثر. 

معظم الحيوانات في الجمعية ذات إعاقات دائمة، ومنها من كبر صغيراً في الميتم بعيداً من الشارع تحت رعاية دائمة، بالتالي هذه الكائنات غير مهيأة للخروج نحو الشارع، وغير قادرة على التعايش معه مرة أخرى، وستكون نتائج إطلاقها أكثر سلبية على المنطقة. تختم المحتسب حديثها بقولها إنها لا تعرف ما الذي سيحصل ولا توجد أي خطة مقبلة، بسبب عدم توافر سيولة مادية أو أي عقار بديل.

جمعية ستار مثال على وضع الجمعيات التي تحاول أن تعنى بالحيوانات الشاردة في سوريا، وتصطدم بالقرارات البيروقراطية وغياب القوانين التي تدعم هذه المبادرات أو تضع خططاً لتنظيم انتشار الحيوانات الشاردة، التي تكتفي غالبية البلديات بعمليات تسميم جماعي لها أو قتلها عبر العيارات النارية.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.