fbpx

مأساة غرق قارب اللاجئين لم تنتهِ… تمييز وفصل عنصري حتى الموت! 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

مأساة غرق مركب اللاجئين على السواحل اليونانية تحمل الكثير من التفاصيل والآلام، إنها اختصار لمعاناة الشعوب المنهكة والفئات المهمشة، إذ يقف العالم مكتوف اليدين الى حدود التواطؤ، في حين كان هناك فرصة حقيقية لإنقاذ أكثر من 750 شخصاً لم يريدوا سوى العيش بكرامة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بعد 9 أيام على غرق قارب المهاجرين قبالة السواحل اليونانية، فُقد الأمل بإيجاد ناجين، وحتى الجثث استقر معظمها في قاع البحر المتوسط، في حين تتواصل الاتهامات المتبادلة بين حرس السواحل اليوناني والنشطاء حول المسؤول عن غرق القارب.

مأساة القارب تمتد بعد الغرق، إذ كشفت شهادات الناجين عن الظروف اللاإنسانيّة التي شهدها من كان في القارب، ولوعة الأهل الذين فقدوا من أحبوا خصوصاً في سوريا، التي تجاهل فيها النظام المأساة، كأنها لم تحصل.

عنصرية حتى في الغرق

واجهت سفينة الصيد القديمة، التي تديرها مجموعة من المهربين المصريين مشكلة في المحرك بعد مغادرتها ليبيا في 9 حزيران/ يونيو، وتحدث الناجون عن لجوئهم إلى شرب مياه البحر وبولهم عندما نفدت المياه منهم، كما تعرض آخرون للإغماء بعدما فشل المحرك في الإقلاع، وتوقف قبل انقلابه على بعد 47 ميلاً بحرياً جنوب بيلوس اليونانية.

القارب الذي غرق يوم الأربعاء الماضي بعد ستة أيام من انطلاقه، قد يكون ثاني أكبر حادثة غرق مركب مهاجرين بعد غرق مركب آخر عام 2015 على الطريق الليبي – الإيطالي. لكن حتى داخل المأساة هناك مآسٍ إضافية، فالقصة لا تقتصر على الغرق.

في الطابق الأرضي من السفينة أو ما يسمى “البراد” وضِع الباكستانيون الذين قدرت الحكومة الباكستانية عددهم بحوالى 400 شخص كما وضع معهم الأطفال والنساء، تشير شهادات الناجين التي قُدمت إلى خفر السواحل اليوناني إلى أن الباكستانيين تعرضوا للتمييز العنصري وتم  “حبسهم” مع النساء والأطفال في الطابق الأرضي، ولهذا السبب يعتقد المحققون أن معدلات وفياتهم أعلى من ذلك بكثير، إذ لم ينجُ سوى 12 باكستانياً.  بالمقابل وضِع الأفغان والسوريون والمصريون في مجموعات على السطح العلوي، إنما قدر تحقيقٌ أولي أجرته الشرطة في باكستان عدد الأشخاص على القارب بحوالى 800 شخص، وتقول السلطات اليونانية إن 104 ناجين و78 جثة نقلوا إلى الشاطئ، ما قد يعني أن عدد المهاجرين على السفينة قد يكون أكبر بكثير مما صرح به.

بعد سفر المهاجرين الباكستان من بلادهم التي تعاني من الفقر والبطالة، عوملوا بطريقة همجية في ليبيا على يد المهربين، إذ وثقت شهادات نشرتها صحيفة “الغارديان” قيام المهربين بحرمان مهاجر باكستاني من الطعام، وضربه للحصول على المزيد من المال كما سجنوا شخصاً آخر لأنه تشاجر مع المهرب بعدما طلب الأخير منه المزيد من المال.

قبل اتخاذ الطريق البحري الخطير، كان الكثير من الباكستانيين يخوضون رحلة اللجوء براً عبر إيران وتركيا لدخول أوروبا، لكن السياسات اللانسانية التي انتهجتها تركيا أجبرت كثيرين لاختيار السفر عبر البحر.

درعا تغرق والنظام يتابع أحوال الطقس

في الجنوب السوري تنتظر عشرات العائلات خبراً عن ابنائها، وبحسب موقع “درعا 24” وثقت أسماء 109 من أبناء محافظة درعا نجا منهم 37 شاباً كحصيلة أولية، وأعلنت جوامع المدينة الحداد لمدة ثلاثة أيام، في المقابل لم يصدر إعلام النظام السوري أي خبر عن غرق القارب أو يُجري أي تحقيق، على غرار ما فعلت السلطات الباكستانية.

في تجاهل كامل لكارثة إنسانية وسوريّة، نشرت وكالة سانا السورية اليوم خبر حمل عنوان: ” أجواء ربيعية معتدلة وأمطار متوقعة في المنطقة الساحلية والشمالية الغربية”. التعامل مع أزمات السوريين هو خارج اهتمام سلطة الأسد، فكيف لو كان الأمر يتعلق بسكان مدينة درعا، مهد الثورة السورية، لا شك أن التجاهل سيغدو مضاعفاً.

النظام السوري هو السبب الرئيسي والمباشر لهجرة هؤلاء الشباب، الهاربين من خدمة العلم الإلزامية والفقر المدقع والبطالة، في حين تتنامى ثروة عائلة الأسد في تجارة الكابتاغون، في مفارقة لا إنسانية ومجحفة بحق السوريين.

الكارثة الجديدة التي حلت على مدينة درعا، تذكرنا بأن هذه المدينة الصغيرة لم تتوقف عن دفع أثمان باهظة للثورة منذ عام 2011، مذ قرر سكانها الخروج ضد نظام الأسد والمطالبة بالحرية.

محمد وسيف مفقودان

محمد حسان الحلبي (21 عاماً) وسيف الدين محمود نديم أحمد (22 عاماً)، شابين من دمشق، مازالا في عداد المفقودين، في لقاء لـ “درج” مع صديقهما محمد. ك، الذي ينتظر هو وعائلتيهما أي خبر عنهما، قال إن التخطيط لهذه الرحلة بدأ منذ أشهر، إذ سافر الشابان منذ ستة أشهر إلى ليبيا، وقبل سفرهما هناك خطوة تسمى بـ “التشييك”، إذ وضع الشابان مبلغ من المال عند مهرب من درعا يدعى “أ.ج”، وهو مندوب وسيط للمهرب الأساسي في ليبيا وبحسب محمد.ك دفع كل شاب ما يقارب 7000 دولار أميركي.

يعتبر أ.ج ضامناً للمال حتى وصول الشباب، وعندما تواصل محمد.ك معه ليسأله عن صديقيه أخبره أنه لا علاقة له بالأمر، والجميع يعلم أن نسبة الوصول إلى إيطاليا هي 50 بالمئة. يقول محمد.ك: “أخبرني سيف ومحمد أنه خلال 6 أشهر تم تجميع الناس في مخازن وسط مزارع في ليبيا إعداداً لتهريبهم، في هذه الفترة دهمت السلطات الليبية هذه المزارع، وكان سيف ومحمد من القلّة التي لم يلقَ القبض عليها”.

ربما اعتقد سيف ومحمد أنهما محظوظان لأن السلطات الليبية لم تلقِ القبض عليهما وتمكنا من الصعود إلى المركب، لكنهما راهنا على حياتهما مقابل حياة كريمة وفرصة أفضل للعيش.

هل تعمدت اليونان إغراق السفينة؟

أثيرت أسئلة وشكوك حول تورط خفر السواحل اليوناني بطريقة أو أخرى والتسبب في غرق القارب، إذ تشير بيانات التعقب إلى أن قارب صيد مكتظٍ لم يتحرك لساعات قبل أن ينقلب، وهو ما يتعارض مع روايات خفر السواحل اليونانية. وادعى خفر السواحل إنه كان على اتصال بالقارب من نحو الساعة 3 مساءً إلى 7 مساءً يوم الثلاثاء وأن السفينة لم تكن تواجه أي مشكلات أو صعوبات وكانت تتحرك “بمسار ثابت وسرعة” نحو إيطاليا، حين بدأت في التأرجح، ثم انقلبت وغرقت في المياه الدولية قبالة الساحل الغربي لليونان بعد الساعة الثانية صباحاً بقليل يوم الأربعاء.

ودعت الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق في طريقة تعامل اليونان مع الكارثة وسط مزاعم بأن خفر السواحل كان ينبغي أن يتدخل في وقت سابق لمنعها. دافع  خفر السواحل والمسؤولون الحكوميون عن قرار عدم التدخل بسرعة لإنقاذ سفينة الصيد الفولاذية الصدئة، بينما يجادل خبراء قانونيون بأن الحالة المزرية للسفينة وركابها كان يجب أن تدفع إلى عملية إنقاذ فورية، بغض النظر عما قاله الأشخاص على متنها. 

مأساة غرق المركب تحمل الكثير من التفاصيل والآلام، إنها اختصار لمعاناة الشعوب المنهكة والفئات المهمشة، إذ يقف العالم مكتوف اليدين، في حين كان هناك فرصة حقيقية لإنقاذ أكثر من 750 شخصاً لم يريدوا سوى العيش بكرامة.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.