fbpx

“أسرار أبو ظبي”
الشيخ مطر الإماراتيّ “مخترقاً” الأمم المتحدة وقطر وماكرون 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

مقابل 5.7 مليون يورو على الأقل، قامت خدمات Alp بتنفيذ المهام المتكررة للشيخ مطر، التي تهدف إلى النيل من دولة  قطر وجماعة الإخوان المسلمين: التجسّس غير القانوني على أكثر من 1000 أوروبي، وعمليات التأثير على القضاء، والتحقيقات السرية في الاتحاد الأوروبي، والتلاعب ببعض وسائل الإعلام من خلال شبكة من الصحافيين المأجورين.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

سلسلة تحقيقات “أسرار أبو ظبي ” تستند إلى وثائق سرية تم الحصول عليها من خلال اختراق لشركة ألب سيرفيسز، وتم تنفيذها من قبل أعضاء شبكة الإعلام الأوروبية للتحقيقات (EIC) بالتعاون مع هايدي.نيوز وRSI تلفزيون (سويسرا) ودوماني (إيطاليا) و”درج” (لبنان).

تكشف تحقيقات “أسرار أبو ظبي” عن العمليات الخاصة التي نفذتها ألب سيرفيسز نيابة عن دولة الإمارات العربية المتحدة: تجميع معلومات عن أشخاص أو منظمات، وعمليات تأثير عبر الإنترنت، والترويج لقضايا لدى المنتخبين في الجمعية الوطنية، واستخدام صحافيين مأجورين، ويستمر موقع Mediapart في عمله المتعلق بالتدخلات والقضايا التي تنطوي على تدخل دول أجنبية في فرنسا، كما فعلنا سابقاً مع تحقيقاتنا حول قطر أو  روسيا.

لم نتمكن من التحقّق من اسمه إلا بوصفه الشيخ مطر، هو جاسوس إماراتي، مهمته: تنسيق عمليات أبو ظبي السرية في أوروبا. هو أيضاً وكيل مكتب المعلومات السويسري الخاص بالاستخبارات، وهو محور التحقيق الصحافي الدولي “أسرار أبو ظبي” استناداً إلى وثائق حصلت عليها ميديا بارت وتم تحليلها مع شبكة EIC ومشاركتها مع موقع “درج”.

مقابل 5.7 مليون يورو على الأقل، قامت خدمات Alp بتنفيذ المهام المتكررة للشيخ مطر، التي تهدف إلى النيل من دولة  قطر وجماعة الإخوان المسلمين: التجسّس غير القانوني على أكثر من 1000 أوروبي، وعمليات التأثير على القضاء، والتحقيقات السرية في الاتحاد الأوروبي، والتلاعب ببعض وسائل الإعلام من خلال شبكة من الصحافيين المأجورين.

لضمان التواصل الآمن، أنشأ رئيس خدمات Alp، ماريو بريرو، على بريده الإلكتروني المشفر Protonmail عنواني بريد إلكتروني مجهولين (مثل 123456@protonmail.com): الأول لشركة Alp والثاني للشيخ مطر، ما يجعل أي اعتراض مستحيلاً.

لكن، ارتكب الجاسوس الإماراتي خطأ قاتلاً، ففي 2 تشرين الأول/ أكتوبر 2017، كتب عبر تطبيق WhatsApp إلى ماريو بريرو وطلب منه إعادة إرسال اسم عنوان البريد الإلكتروني وكلمة المرور الخاصة به، لأنه “خارج المكتب”. النتيجة: عندما نجح قراصنة في سحب بيانات الوكالة السويسرية في 19 آذار/ مارس 2021، في عيد ميلاد ماريو بريرو، تمكنوا من الوصول إلى البريد الإلكتروني السري للجاسوس الإماراتي.

كان الشيخ مطر يثق جداً في هذا البريد الذي لم يستخدمه فقط للتواصل مع Alp، وتوثيق المراسلات هذه بشكل غير مسبوق، بل وثّق بشكل مرئي الطرق والأساليب المستخدمة من أبوظبي في التحقيقات الخاصة ضد خبراء الأمم المتحدة في اليمن واستغلال أعداء قطر ومحاولة التأثير على الحكومة الفرنسية.

رومان جاكار، “السيد 10 في المئة” الذي يبيع وصوله المزعوم إلى ماكرون

بين المتحدثين المعتادين مع الشيخ مطر، هناك الفرنسي رولان جاكار، الصحافي السابق الذي أصبح خبيراً معلناً في الإسلام المسلح. هو رئيس “المرصد الدولي للإرهاب” والعضو الوحيد فيه، ويظهر بانتظام على شاشات التلفزيون، حيث قدم معلومات مزيفة مرات عدة. على سبيل المثال، قدم رقم هاتف قمر اصطناعي قال إنه يعود الى تنظيم القاعدة، لكنه كان رقم الصليب الأحمر، وفقاً لوكيل سابق لمديرية الاستخبارات العامة الفرنسية، الذي يصف رولان جاكار بأنه “المتخصص الوطني في الأخبار المزيفة”.

في الكواليس، يقوم بنشاطات عدة، منها استشاري في الشؤون الخاصة، إذ عرّف الكثير من العملاء والعقود إلى Alp Services السويسرية، بما فيها العقد الإماراتي، وهو من عرّف ماريو بريرو في عام 2017 إلى العميل مطر.

كانت الصفقة مربحة للرجلين، إذ كان يحق لرومان جاكارد الحصول على 10 في المئة من المدفوعات وأقل قليلاً، على رغم أن ماريو بريرو ينسى تقديم العمولة الموعودة له في بعض المهام.

تظهر الوثائق الداخلية أن رولان جاكار استلم على الأقل 300،000 يورو في ما يتعلق بالعقد الإماراتي. يشير ملف بعنوان “Jacquard-pmt-commission” إلى دفعة بقيمة 80،000 يورو للمهام الأولى في عام 2017، و 60،000 يورو في عام 2018، و 102،000 يورو في عام 2019. وفي عام 2020، تشير وثيقة إلى الحاجة إلى دفع 90،000 يورو على دفعتين: 70،000 يورو على الفاتورة، و 20،000 يورو سيتم دفعها لرومان جاكارد “نقدًا خلال زيارته المقبلة”.

من الصعب احتساب المبلغ الإجمالي بدقة، نظراً الى طبيعة العلاقة المالية غير التقليدية، هناك دفعات مقدّمة وقروض لا نعرف ما إذا تم سدادها، ودفعات نقدية، وتحويلات إلى حسابه البنكي في CIC في نورماندي.

المبالغ الأكبر كانت تدفع إلى شركة African Sentinel and Solutions المسجلة في لندن. والأخيرة كانت تديرها شركة مقرها موريشيوس، ولكنها كانت تحمل عنواناً في ليختنشتاين، وصار ملك رولان جاكارد في عام 2018. الأمر الغريب هو أن “خبير الإرهاب” أعلن في هذه المناسبة، أن لديه جنسية الغابون ويقيم في هذا البلد، بينما هو ولد في تونس ويقيم في فرنسا.

السيد “10٪” Alp Services يتمتع بامتياز نادر: يتواصل مباشرة مع الشيخ مطر. تمكنا من الاطلاع على 44 بريداً إلكترونياً، كشفنا عن بعضها في آذار/ مارس الماضي خلال تحقيقنا السابق.

كرولان جاكار، الرجل ذو العلاقات الواسعة، قرر أن يعرض نفسه على وكيله بشكل مبهر. أرسل الى الجاسوس مطر، من دون أي تفسير، رسالة قال فيها إن جو بايدن أرسلها إليه في 8 تشريم الأول 2020، عندما كان نائباً للرئيس في الولايات المتحدة.

“عزيزي الصديق من فرنسا، العزيز رولان، شكراً مرة أخرى على مساهمتك الممتازة في برنامجي لمكافحة الإرهاب الدولي” ، تقول الرسالة، الذي يختتمها بـ: “هذا يذكرني بمحادثاتنا في Number One Observatory Circle [ مكان إقامة نائب الرئيس الأميركي] مع أصدقائنا المشتركين”. باستثناء أن الرسالة مكتوبة على ورق عادي ولا إشارة إلى أنها من رجل ذي منصب؟ لم يرد البيت الأبيض ولا رولان جاكار على استيضاحاتنا.

رسائل رولان جاكار كانت في بعض الأحيان تنبيهات ببضع جمل بسيطة وبلغة إنكليزية ركيكة. ولكن في الكثير منها، يزعم الخبير أنه يقدم للعميل الإماراتي معلومات سرية تم الحصول عليها من جهاز المخابرات والحكومة، وحتى من الرئيس الفرنسي نفسه. على سبيل المثال، يذكر محادثات مفترضة “غير عامة” يقال إن إيمانويل ماكرون أجراها مع البابا أو أنجيلا ميركل.

“ناقوس خطر في فرنسا”،  هذا ما كتبه في 27 تشرين الأول 2020 ، مدعياً أنه أمضى اليوم في “اجتماع أمني” بسبب قنبلة اكتشفت في باريس، و”خلية لداعش تحت السيطرة في أرجونتوي”.

بخصوص تأثير جماعة الإخوان المسلمين في فرنسا وتمويلهم من قبل قطر، وهو مصدر قلق رئيسي للإمارات، يؤكد رولان جاكار للشيخ مطر أنه محترف في بناء لوبي ويتمتع بفعالية كبيرة، الى درجة أنه نجح في التأثير على قانون الفصل بين الدين والدولة في عام 2020، من خلال لقاءات “خاصة” مع مستشاري الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء جان كاستيكس ووزير الداخلية جيرالد دارمانان ووزير العدل إريك دوبوند-موريتي. وعلى الرغم من أنه تم سؤال الوزارات في تحقيقنا السابق ونفت أي اتصال مع رولان جاكار، إلا أن الإليزيه لم يرد على ذلك.

توجد تناقضات في بعض الرسائل الإلكترونية، إذ تم تقديم معلومات على أنها سرية على الرغم من كونها عامة. في كانون الأول/ ديسمبر 2020، أرسل رولان جاكار إلى الشيخ مطر مذكرة مفترضة على أنها ملخص لدراسة استراتيجية للمديرية العامة للاستخبارات (DGR) والأمانة العامة للدفاع والأمن القومي (SGs,l,sDSN)، لكنها تحتوي فقط على تفاصيل تافهة حول البريكزيت.

في النهاية، هل باع رولان جاكار أسرار الدولة بأسعار مرتفعة لقوة أجنبية؟ أم أنه وقع في خطأ من خلال تزويد وكيله بمعلومات مزيفة؟ رفض الرد على تساؤلاتنا. يقول محاميه باتريك مايسونوف: “السيد جاكار ينفي أي تهمة بالاستعمال غير القانوني للمعلومات. وبالنسبة الى الرسوم التي تقاضاها، فقد تم إعلانها وتوجيهها إلى الضرائب في فرنسا”.

توجد تناقضات في بعض الرسائل الإلكترونية، إذ تم تقديم معلومات على أنها سرية على الرغم من كونها عامة.

عندما تستغلّ الإمارات المعارضين لقطر

تنطلق عملية أخرى، على الأقل هي عبارة عن سرد مدهش، من “مراسل كريم” لشركة Alp Services: الصحافي الفرنسي إيان هامل، الذي يعمل مع مجلة Le Point ومجلة Marianne.

تبدأ القصة مع جان بيير مارونجيو، رائد الأعمال الفرنسي المقيم في قطر. يدعي أنه وقع في فخ شريكه المحلي، واتُّهم زوراً على الرغم من أنه فقد كل شيء. وقد اعتُقل في عام 2013 عندما حاول الهرب من البلاد، وتم احتجازه من دون محاكمة لمدة خمس سنوات.

في عام 2017، تمكن من الاتصال بإيان هامل من داخل السجن. يقول إن كثراً من أفراد العائلة الحاكمة القطرية محتجزون معه، وهو ما قاله الصحافي في مقال نشرته مجلة Le Point، في حين تنفي السلطات القطرية ذلك.

بعد إطلاق سراحه في عام 2018، قام جان بيير مارونجيو برفقة إيان هامل، بتأكيد سبقه الصحافي الكبير. إذ قام بدعوته للقاء الشيخة أسماء آريان، زوجة أحد الأمراء القطريين: الشيخ طلال الثاني، ابن عم أمير قطر.

بعد خمسة أيام فقط، وعلى الرغم من أنه لم يكن قد نشر شيئاً بعد، أرسل إيان هامل تقريراً إلى شركة Alp Services. يكشف فيه تفاصيل كواليس تحقيقه وهوية مصدريه، وهذا ينتهك قواعد الصحافة وأخلاقياتها.

تم نشر مقاله في مجلة Marianne بعد ثلاثة أسابيع فقط، في 14 كانون الأول 2018. وردت فيه الشيخة بشكل مجهول الهوية، قائلة إن طلال الثاني “يستطيع أن يشهد على أشياء مزعجة بالنسبة الى النظام، مثل توزيع التمويل على منظمات إرهابية في الصومال ومنطقة الساحل وسيناء”. وطبعاً، تشكل هذه الاتهامات مصدر سعادة للإمارات.

في 23 شباط/ فبراير 2019، أرسل إيان هامل إلى ماريو بريرو نسخاً سرية من كتاب “InQarcéré”، الذي لن يُنشر سوى بعد ثلاثة أسابيع، والذي يحكي فيه جان بيير مارونجيو عن احتجازه. يُشير الصحافي إلى أن الكتاب مثير للاهتمام ويتضمن في الصفحة 70 تقريراً عن تمويل قطر لعضوين مزيفين من تنظيم “الدولة الإسلامية” على أراضيها.

في 7 آذار/ مارس، أرسلت شركة Alp تقريراً إلى الجاسوس الإماراتي مطر تفصح فيه عن التفاصيل التي قدمها “وكيلها” إيان هامل، بما في ذلك هوية مصادره: جان بيير مارونجيو وأسماء آريان. وأوضحت Alp أنه “وفقاً لمصادرنا، تشعر قطر بالإحراج الشديد” بسبب مقال ماريان، وستكون في القدر نفسه من الإحراج عندما يصل الكتاب في المكتبات.

في الوقت نفسه، قررت الإمارات العربية المتحدة استغلال مصادر الصحافيين. طلب ماريو بريرو من إيان هامل أن يُعرفه على جان بيير مارونجيو، وهو ما قبله. أعدت Alp خطة عمل تمت الموافقة عليها من قِبل الشيخ مطر. الهدف: إعطاء أقصى قدر من الصدى لكتاب “InQarcéré”.

تم إنشاء مجموعة واتسآب لجمع جان بيير مارونجيو وماريو بريرو وفريقه. تُظهر المحادثات أن الكاتب تلقى أجراً. يكتب له موظف في Alp: “يمكننا دفع آخر 2000 يورو في نهاية الأسبوع”، ويطلب فاتورة، بالإضافة إلى أخرى للدفعة السابقة “من 3000 يورو”. في نهاية عام 2019، تبارك Alp نفسها في تقريرها النهائي لجعل جان بيير مارونجيو، على الرغم من شخصيته المتشددة، “ناشطاً موثوقاً في مجال حقوق الإنسان ضد قطر”.

لم نتمكن من توجيه أسئلة لجان بيير مارونجيو الذي توفي في 13 حزيران/ يونيو 2023 أثناء عملنا على التحقيق. ولم يرد علينا الناشر الخاص به. رفض ماريو بريرو الرد على جوهر أسئلتنا، وهو يعتقد أن وثائقنا “تم تزويرها جزئياً”. يؤكد إيان هامل أنه قدم مارونجيو لرئيس شركة Alp، ولكنه رفض التعليق على نقاط هذه القضية.

تمكنت أسماء آريان، ثاني مصدر للصحافي الفرنسي، من مغادرة قطر مع أطفالها. كألمانية من أصل مغربي، عادت إلى ألمانيا وبدأت حملة عامة للإعلان عن احتجاز زوجها الشيخ طلال بشكل تعسفي، إذ حكم بالسجن لمدة 25 عاماً بسبب الديون، على الرغم من أنه ثري. نظمت مؤتمراً صحافياً في جنيف، حيث التقطت صوراً مع أطفالها أمام مقر الأمم المتحدة. أجرت مقابلات عدة، مع إيان هامل لموقع Oumma.com أو لشبكة فوكس نيوز الأميركية.

في حربها المشروعة في سبيل الإفراج عن زوجها، تلقت أسماء آريان المساعدة من نجم المحاماة: المحامي الأميركي مارك سوموس، الذي كان أستاذاً سابقاً في جامعة هارفارد، وأنشأ في ألمانيا مكتباً متخصصاً في حقوق الإنسان. تقدم بشكوى ناجحة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الذي حكم في العام الماضي بأن احتجاز طلال الثاني هو تعسفي.

مارك سوموس كتب تقارير منتظمة عن عمله مع أسماء آريان إلى الجاسوس الإماراتي مطر، الذي يعمل معه أيضاً في قضايا أخرى. في بريد إلكتروني، يتحدث معه عن رحلته المقبلة إلى أبو ظبي في أيلول/ سبتمبر 2019 لعقد اجتماع عمل في وزارة الشؤون الخارجية.

في 25 حزيران 2019، أرسل مارك سوموس إلى مطر نسخة من مقابلة أجرتها أسماء آريان مع قناة “العربية”. يقول مستاء “لم أنصح بذلك”. ويندد بأنها اتهمت قطر بـ “التآمر”، ما يمكن أن يؤثر سلباً على قضيتها أمام الأمم المتحدة. “طلبت منها مرة أخرى أن تتوقف عن ارتكاب أخطاء في وسائل الإعلام. […] سنقوم بتدريب إعلامي جديد لها صباح اليوم”، يختم رسالته. “حسناً، من فضلك أطلب منها حقاً أن تتوقف عن ذلك”، يرد الشيخ مطر.

في حزيران 2019، سأل سوموس الجاسوس الإماراتي ما إذا كان موافقاً على تكلفة 650 يورو شهرياً التي اقترحتها شركة الأمن التي يجب أن تحمي أسماء آريان. “سأوقع العقد وأدفع من حسابي المصرفي الخاص. ليست له أي صلة بدولة الإمارات العربية المتحدة”، يوضح. “أرجو الاستمرار”، يجيب الشيخ مطر. بعد ثلاثة أسابيع، يرسل المحامي إلى الجاسوس عقد إيجار سكن عميلته، ويقترح دفع الإيجار (3630 يورو شهرياً) من “حسابه الخاص”.

عندما تم التواصل مع مارك سوموس من قبل EIC، رفض الرد على أسئلتنا بحجة “أنها مصممة لتجعل من المستحيل الإجابة عنها من دون انتهاك السرية المهنية، ومن دون التدخل في التحقيقات الجنائية والتحقيقات القانونية الأخرى الجارية، ومن دون الاستناد إلى البريد الإلكتروني المزعوم الذي لم تشترك به”. يؤكد مارك سوموس “أن قطر استهدفت السيدة آريان وعائلتها وزملائي وأنا بحملة ترويع وتشويه سمعة، وهجمات سيبرانية تشمل تزييف رسائل البريد الإلكتروني وغيرها من الوثائق”. تم الاتصال بأسماء آريان من خلال مارك سوموس ولم ترد.

رد علينا المحامي مارك ساموس في 29 حزيران بالتالي:

 أؤكد أنني مثلت للسيدة آسما آريان في شكاوى عدة تتعلق بحقوق الإنسان، وأنني ظهرت في سجل الأمم المتحدة ووسائل الإعلام في هذا الصدد. في إحدى هذه الحالات، أصدرت مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة بشأن الاحتجاز التعسفي قراراً عادياً ضد قطر، لصالحها، وشجعت جهات أخرى في الأمم المتحدة على القيام بالمثل (انظر الرابط هنا)  بناءً على أسباب تتعلق بسرية المهنة، ليس بإمكاني تقديم مزيد من التفاصيل بخصوص ما يمكنكم العثور عليه في السجلات العامة.

أود أيضاً أن أشير إلى أنه بعدما نجحت في تمثيل السيدة آريان في شكواها المتعلقة بحقوق الإنسان، تعرضت أنا وزملائي لحملة ترهيب لا هوادة فيها، بما في ذلك هجمات إلكترونية وأعمال ترهيب جسدية. اتخذت الإجراءات القانونية المناسبة منذ كانون الثاني/ يناير 2020 (انظر هنا). بعد ذلك، أفضى التحقيق المشترك بين صحيفة Sunday Times ومكتب الصحافة التحقيقية إلى العثور على أدلة تشير إلى أن قطر قامت بتوجيه هجمات مستهدفة بصفة خاصة ضدي بسبب عملي مع السيدة آريان (انظر هنا).

 ووفقًا لتحقيق منفصل قامت به المحطة السويسرية SRF ومحطة SWI، فإن الجهد الترهيبي نفسه المدعوم من قبل قطر يشمل “حملات للتشويه” وتزوير الوثائق، بما في ذلك رسائل البريد الإلكتروني (انظر هنا). 

إذاً، قمنا ببدء إجراءات قضائية في دول أوروبية عدة وأمام هيئات الدفاع عن حقوق الإنسان في الأمم المتحدة. وبعد إجراء تحقيقاتهم الخاصة، أصدرت ثلاث هيئات تابعة للأمم المتحدة في 31 أيار/ مايو 2023 قراراً مشتركاً يشير إلى أن قطر قامت بحملات ترهيب وهجمات سيبرانية ضدي بسبب عملي مع السيدة آريان (انظرهنا).

 قامت السلطات الألمانية أيضاً، بتقييم التهديد بشكل مستقل، ونحن، بمن في ذلك السيدة آريان وعائلتي وأنا، نتمتع حالياً بحماية الشرطة نتيجة لهذا التقييم.

 بناءً على هذه الحقائق والاستنتاجات القانونية، أطلب منكم وأشجعكم بشدة على المساهمة في حماية الضحايا وإجراءات المحاكمة لمكافحة هذه الأعمال الترهيبية والتشويه والمعلومات الكاذبة، والتي تشمل تزييف الوثائق، التي تشيرون إليها ويُزعم أنها أرسلت إلي عبر البريد الالكتروني .

سنكون ممتنين لمساعدتكم في هذا الصدد. بالطبع، لا يمكنني التعليق على وثائق مفترضة لم أرَها على أية حال؛ ولكنني أيضاً واثق من أن صحافياً محترماً ومحترفاً مثلكم، لن يرغب في المساس بسلامة ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان أو بسلامة الإجراءات القضائية الجارية في ما يتعلق بقضية السيدة آريان والهجمات المنبثقة منها ضد زملائي وأنا، ولن يرغب أيضاً في نشر المعلومات الكاذبة أو المساهمة بأي شكل آخر في حملات الترهيب والتشويه المعروفة.

أخيراً، أنا مقتنع أيضاً بأنكم وزملاءكم ستأخذون في الاعتبار بشكل كامل سياق حملة قطر المستهدفة، وتزوير الوثائق في إطار تعامل وكلائها، وغيرها من الحقائق المرتبطة مباشرة بقضية السيدة آريان وقضيتي، كما تم الكشف عنها من قبل الكثير من هيئات الأمم المتحدة والسلطات الشرطية، وصحيفة Sunday Times ومكتب الصحافة التحقيقية ومحطة SRF ومحطة SWI، وحتى وكالة AP (انظر هنا)و (وانظر هنا)

قدمنا للمحامي سوموس معلومات عن 7 رسائل بريد إلكتروني لدينا، وطلبنا منه الإجابة عن أسئلتنا. في 30 حزيران 2023، أرسل لنا الرد التالي:

“أشكركم على ردكم وعلى التفاصيل المتعلقة بالرسائل البريدية المزعومة المتعلقة بحسابي. يرجى ملاحظة أنني لم أرفض الإجابة عن أسئلتكم. كما يظهر في الملف، أشرت إلى أنني غير قادر على الإجابة عن بعض التفاصيل (1) بسبب السرية المهنية؛ (2) لأنها تتعلق بإجراءات جنائية وغيرها من الإجراءات القضائية الجارية؛ و (3) لأنكم لم تشاركوا الرسائل البريدية والمستندات المفترضة التي طلبتم مني التعليق عليها، وهذا الأمر الذي لا يمكنني بالطبع القيام به من دون رؤيتها. في إطار إجابتي عن أسئلتكم، أرسلت لكم أيضاً (4) أدلة محددة من تحقيقات مستقلة متعددة، بالإضافة إلى استنتاجات قانونية عدة، تثبت أن قطر قامت بتوجيه حملة ترهيب وتشويه ضد السيدة آريان وعائلتها وزملائي وأنا، وهجمات سيبرانية تشمل تزوير رسائل البريد الإلكتروني وغيرها من الوثائق. لذا، سيكون من الخاطئ أن تقول أو تلمح إلى أنني رفضت التعليق، وسيكون غير مهني أن تغفل عن إجابتي في تقرير متوازن وعادل ومسؤول.

أطلب منكم مرة أخرى أن تتركوا لي فرصة رؤية الوثائق التي توحون بأنكم حصلتم عليها بشكل غير قانوني من حساب بروتون الخاص بي، حتى أتمكن من تقييمها وإذا لزم الأمر، إرسالها إلى السلطات المختصة لإجراء تحقيق جنائي بشأن كيفية الحصول عليها و/أو تزويرها.

 علاوة على ذلك، فإن وجود عقد إيجار مفترض للسيدة آريان يثير قلقاً كبيراً. كما هو مذكور، فهي ووالدتها المسنة وأربعة من أطفالها تحت حماية الشرطة. تعد سرية عنوانهم السكني جزءاً أساسياً من سلامتهم. بما أنكم لم تزودوني بالعقد المفترض، فلست قادراً على تحديد ما إذا كان حقيقياً.

لكن، سواء كان العقد حقيقياً أم مزيفاً، فإن وجود شخص ما قد أرسل لكم ولزملائكم عقداً مزعوماً قد يكشف عن العنوان السري لهذه العائلة، والذي في ما يبدو تم الحصول عليه بطريقة غير قانونية (ربما في إطار سلسلة الترهيب نفسها والهجمات السيبرانية ضدهما وضدي، والتي أدانتها الأمم المتحدة وألمانيا وسلطات قانونية أخرى مرات عدة)، يشكل تهديداً واضحاً وعاجلاً لأمن هذه العائلة. 

لذلك، أبلغت الشرطة الألمانية والسلطات الأمنية في الدولة بأنكم تمتلكون مثل هذا المستند، من أجل سلامة العائلة، أناشدكم بشدة أن تخبروني كيف حصلتم على هذا المستند وترسلوا لي نسخة منه حتى أتمكن من إحالته أيضاً إلى السلطات المطلعة التي تم تنبيهها بالفعل”.

 بعد تذكيرنا الأخير، أرسل لنا السيد سوموس الرد التالي في 4 تموز/ يوليو 2023:

“شكرًا لردكم..

1) يبدو أن الدقة اللفظية في ما يتعلق بما إذا كنت قد أجبت أو لم تجب على طلبكم، قد تكون مضللة. في 29 حزيران في تمام الساعة 13:52، كتبتم: “آمل أن ترغبوا في الإجابة عن الأسئلة المطروحة في بريدنا الإلكتروني السابق. إذا كنتم لا ترغبون في التعليق، يرجى إبلاغنا بذلك لكي نتمكن من إبلاغ قرائنا بقراركم”. هنا، يبدو أنكم تستخدمون “الإجابة” و”التعليق” كمرادفات. 

كرد مباشر على جملتكم الثانية، وباستخدام المصطلح نفسه “التعليق” الذي استخدمتموه، أكدت “ألا صحة لافتراضكم  بأنني رفضت التعليق على أسئلتكم”. ثم ذكرت أربعة عناصر من إجابتي الأساسية، وهي أن أسئلتكم تبدو مصممة لجعل الإجابة عنها مستحيلة من دون انتهاك السرية المهنية، أو التدخل في التحقيقات الجنائية والتحقيقات القانونية الأخرى الجارية، أو الاستنتاج على أساس رسائل البريد الإلكتروني المزعومة التي لم تشاركوني بها، ومن دون العنصر الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بهذا الأمر، والذي أكدته التحقيقات الصحافية المزعومة.

تعددت الآراء القانونية، بأن قطر قادت حملات ترهيب وهجمات سيبرانية ضد السيدة آريان وعائلتها، بالإضافة إلى زملائي وأنا، عبر وكلاء يعتمدون على تزوير الوثائق ورسائل البريد الإلكتروني.

في 30 حزيران في تمام الساعة 22:53، كتبتم أيضاً أنني أكدت أحد أسئلتكم وطلبتم مني تأكيد بعض الأسئلة الأخرى التي تنطبق عليها العناصر نفسها التي تنطبق على سلسلة أسئلتكم السابقة. نظراً الى استخدامكم المصطلحات نفسها “الإجابة” و”التعليق” و”التأكيد” بشكل مشابه، على الرغم من المحاولة التالية للتمييز بين “الإجابة” و”التعليق”، ونظراً الى أنني رددت على جملتكم المتعلقة بـ “التعليق” باستخدام المصطلح نفسه، ونظراً الى اعترافكم أيضاً بأنني أكدت تمثيلي السيدة آريان، فإنه سيكون من الواضح أن يكون أنكم تدعون بأنني رفضت الإجابة أو التعليق أو التأكيد أو الرد بأي طريقة أخرى على طلبكم، أو أنكم ستغفلون عن إجابتي في أي نشرة مستقبلية محتملة. 

2) بخصوص سلسلة الأسئلة الأخيرة:

2.1 السيدة آريان وأطفالها يتمتعون بحماية شرطية، وتوجد قضية قضائية جارية. سأنتهك السرية المهنية إذا قلت أي شيء آخر غير ما تم نشره على نطاق واسع، وهذا سيعرض سلامتهم وجدوى قضيتهم للخطر.

2.2 لست قادراً على التعليق على رسائل بريد إلكتروني مزعومة لم أشاهدها، ولكن يرجى ملاحظة أن وسائل الإعلام المستقلة المتعددة والتحقيقات القانونية أثبتت أن قطر قامت بالتسلل إلى البريد الإلكتروني وتحريف المستندات ورسائل البريد الإلكتروني.

2.3 لا أفهم الصلة بين أسئلتك السابقة وسؤالك الجديد بشأن Cornerstone. تعمل شركة Cornerstone مع عملاء حول العالم، سواء كانوا حكوميين أو خاصين. يتضمن موقع الويب للشركة قائمة بالعملاء التي تشمل عملاء من المملكة المتحدة وسنغافورة وجنوب أفريقيا والإمارات العربية المتحدة، وغيرها. آمل بأن يكون هذا إجابة واضحة أو تعليقاً على سؤالك الآخر.

3) إسمحوا لي بأن ألفت انتباهكم إلى النقاط التي لم تجيبوا عنها بعد بخصوص مسؤولياتكم الأخلاقية والقانونية والمهنية في مساعدة التحقيقات الجنائية والتحقيقات القانونية الأخرى الجارية، وحماية سلامة هذه العائلة المهددة بشدة، وعدم المشاركة بشكل متعمد في نشر المعلومات الكاذبة والتشهير.

السيدة آريان وعائلتها، التي تتألف من أربعة أطفال، هم مواطنون ألمان يختبئون في بلدهم الخاص بسبب تهديد دولة أجنبية. ما يواجهونه ليس مختلفاً عما تفعله روسيا، على سبيل المثال، ضد السيد سكريبال وابنته في المملكة المتحدة، وغيرها. آمل بألا تتعاونوا في هذا السعي وألا تعرضوا حياة المواطنين الألمان الأبرياء للخطر.

4) أخيراً، يرجى ملاحظة أنني أتوقع أن تتضمن إجاباتي بالكامل، في سياقها ومن دون تعديلات، إذ أنكم ناشر رسمي، حتى يتمكن القراء من تقييم نزاهة المقالة التي تنوون نشرها.

هجوم على خبراء الأمم المتحدة في الحرب في اليمن

كشفت الوثائق عن مهمة سرية أخرى للعميل مطر أكثر حساسية، والموضوع هو الحرب في اليمن وآلاف الضحايا.  إذ تسبب الصراع والحصار البحري المفروض على البلد من قبل السعودية والإمارات (اللتين تواجهان الحوثيين المدعومين من إيران) بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقاً للأمم المتحدة.

في عام 2018، استنتج تقرير فريق الخبراء المؤقت التابع للأمم المتحدة، أن جميع الأطراف المتحاربة – بما في ذلك الإمارات – مسؤولة عن جرائم الحرب. تستغل شركة ألب سيرفيس هذه الفرصة وتقترح على العميل مطر إطلاق عملية “كينو” مقابل 150،000 يورو، بهدف التحقيق لاكتشاف أي أدلة محرجة على الخبيرين المغربيين في لجنة الأمم المتحدة: أحمد حميش وكمال الجندوبي.

الأول هو ضابط سابق في القوات الجوية المغربية. بحثت ألب سيرفيس عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن حضور لأفراد عائلته. يشير تقرير التحقيق إلى وجود “إشارات”، بما في ذلك روابط مزعومة مع “متطرفين وقوى أجنبية وجماعة الإخوان المسلمين”. بالنسبة الى أحمد حميش، انتهت العملية هنا.

أما الخبير الثاني في الأمم المتحدة، فهو المحامي وناشط حقوق الإنسان التونسي، كمال جندوبي الذي رصد سيرته السياسية، وأشار التحقيق إلى  تفاصيل وإشاعات عن حياته الشخصية، التي تم الحصول عليها من “صحافيين” وغيرهم من “المصادر”.

منذ بداية عام 2019، بدأت المقالات الموجّهة ضد كمال جندوبي تظهر. يكتب مدون أنه شخص استغلالي يتنكر بصفة “بطل حقوق الإنسان”. عنوان آخر: “هل كمال جندوبي عضو في جماعة الإخوان المسلمين؟” في صفحته على ويكيبيديا، يظهر أنه  كان مرتبطاً بتنظيم القاعدة الإرهابي.

تحدث كامل جندوبي لـ EIC ولم يخفِ غضبه: “الناس الذين يعرفونني كانوا يعلمون أن هذا ليس له أي معنى. كانوا يتهمونني بالتعاطف مع الإسلاميين، في حين أنني اعترضت عليهم دائماً. ولكن ما هو مخيف هو أن تكرار الاتهامات نفسها جعلها تقريباً الحقيقة”.

 الجندوبي لـ”درج”: الأمم المتحدة لم تحمني من الحملة الإماراتيّة 

أربع سنوات هي الفترة التي أمضاها كمال الجندوبي كرئيس للجنة الخبراء حول جرائم الحرب في اليمن. وستة أشهر، هي الفترة التي اقترحتها شركة العلاقات العامة السويسرية ALP لتشويه سمعته، بطلب من دولة الإمارات العربية المتحدة. 

مهمة رئيس لجنة الخبراء حول جرائم الحرب في اليمن، كما هي الحال بالنسبة الى بقية أعضاء الفريق، كانت تطوعية. فباستثناء مصاريف المهمة من سفر وإقامة وأمور لوجستية، لم يتقاضَ الجندوبي أي بدل مالي على أتعابه، علماً أنه خلال هذه الفترة كان يخصص أكثر من نصف وقته لعمل اللجنة. 25 ألف يورو، هي الكلفة التي اقترحتها ALP لحملة التشويه عبر خلق ونشر معلومات عن شبهات فساد مع قطر ومع الإخوان المسلمين. 

الخطة التي تم تفنيدها عبر وثيقة، اطلع عليها موقع “درج” و شركاؤه في مشروع “أسرار أبو ظبي” الذي أطلقته صحيفة Media Part الفرنسية.

في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، وتحت عنوان “سري للغاية”، أرسلت ALP اقتراحها للـ”زبون” الإماراتي عبر شخص أسمه مطر، يُعرف عنه أنه من المقربين من الشيخ طحنون، شقيق ولي العهد محمد بن زايد.

على الرغم من شراسة الحملة التي تعرض لها، يقول الجندوبي إنه لا يزال عازماً على عدم تغيير كلمة واحدة في أي من التقارير الأربعة التي أصدرها فريقه، والتي وفي كل مرة، توصلت الى نتيجة أن كل الأطراف المشاركة في القتال في اليمن قد شاركت بجرائم حرب. 

يقول الجندوبي، “لو استطاعوا تثبيت أي خطأ قمنا به، لاعتذرت و تراجعت وقمت بالتغيير اللازم، ولكن أنا اليوم لا أزال عند موقفي، وأنا فخور بما قمنا به من أجل اليمنيين.

 في هذه اللجنة، كنا صوت اليمنيين الذين يشعرون عن حق بأنهم منسيون من قبل العالم. عملنا كان الصوت الذي يقول بعض الشيء عنهم وعن الجرائم التي ارتُكبت بحقهم، والوثائق التي عملنا عليها هي الوحيدة الموجودة حتى الآن التي توثق هذا الأمر”.

 تمويل إماراتي، خبرة سويسرية، وتخاذل أممي

لم يعلم كمال الجندوبي أن وراء حملات تشويه السمعة المركزة التي انطلقت بعد نشر التقرير الأول للجنة شركة سويسرية مدفوعة الأجر، إلا بعد كشف Media Part عن أعمال شركة ALP، الذي ارتكزت عليه صحيفة الـNewYorker في سياق تحقيقها عن حازم ندا، والذي ذكرت خلاله الجندوبي بالإسم، ولكن ذلك لا يعني أنه لم يكن يشك، ويتوقع. 

في مقابلة هاتفية مع الصحافيين المشاركين في التحقيق، قال الجندوبي إنه ومنذ بداية المهمة، كان يشعر أنه وأعضاء الفريق لم يكونوا بأمان: “الحقيقة أني لم أكن أشعر أننا بأمان منذ بداية المهمة. أثناء فترة الإقامة في بيروت، لم أكن حتماً أشعر أننا بأمان، و كنت أعبر عن هذا الأمر”. 

وأضاف: “لكن بالنسبة الى حملة تشويه السمعة، فهي بدأت بعد نشرنا التقرير الأول الذي شكل صدمة، لأنه طرح إشكالية جرائم الحرب في اليمن من قبل جميع الأطراف. كنت أعي جيداً أن التقرير الذي عملنا عليه كان حساساً، و لكن ما بدا واضحاً ان هناك دولاً كانت تتصرف كدول منحرفة”.

وتابع، “كنت اتوقع ردوداً ديبلوماسية وسياسية قوية، ولكن الردود كانت عنيفة وغير مبنية على وقائع. 

اتُّهمنا بالانحياز الى الحوثيين. كان ذلك غير صحيح لأننا قلنا إن الحوثيين أيضاً يرتكبون جرائم حرب. ثم اتُّهمنا بالانحياز الى إيران، ولكن الأخيرة لم تكن مشاركة بشكل مباشر، والأهم أنها لم تكن ضمن إطار المهمة التي أوكلت لنا. هناك أطر محددة لمهمتنا كان علينا الالتزام بها، ونحن قمنا بعملنا بشكل مهني”! 

وكشف : ما أثر بي بشكل كبير هو عدم أخذ هذه الردود وهذه الحملات والتهديدات على محمل الجد من قبل الأمم المتحدة… في المحصلة النهائية، الأمم المتحدة لم تدافع عن فريق هي عيّنته وهو يمثلها، والأهم أنه انتُخب بالإجماع.  

كون الجهة المنفذة شركة سويسرية، لم يفاجأ الجندوبي، فبحسب رأيه، في سويسرا كما في كل مكان آخر في العالم، هناك مرتزقة “يفعلون أي أمر من أجل المال”. وهو يستغرب القوانين السويسرية التي تسمح لشركات أن تقوم بمثل أنشطة كهذه، هي ليست فقط لا أخلاقية ولكنها تنطوي على أبعاد مثل تدمير السمعة عن سبق تصميم وترصد. لكن المسؤولية الأكبر بالنسبة إليه تقع على عاتق الأمم المتحدة. وأشار الى أن هذا الفريق تعرض لحملة ممنهجة ومترابطة، وكانت أكثر من واضحة، والأمم المتحدة لم تفعل أي شيء. وهذه الواقعة تكشف كثيراً عن كيفية تعاطي الأمم المتحدة مع الدول التي تملك المال. كان هناك حرص كبير على مجاملة أطراف قوية ديبلوماسياً أو مالياً.

ولفت: “كانت هذه أول مهمة لي مع الأمم المتحدة، ورأيت عن قرب هشاشة الآليات الدولية وتعاملها مع وقائع من الخطورة والعمق كما يحصل في الحروب، هناك هشاشة وهناك علاقات معقدة ومرتبطة بموقع الأمم المتحدة خلال النزاعات والدور الذي تلعبه حينها. هشاشة لا تعزز مصداقية الأمم المتحدة، فهناك شيء من حملات ابتزاز خاصة على صعيد عملية التمويل”.

بالفعل، فإن فشل مهمة الحملة ضد فريق المحققين لم يكن كافياً لحماية المهمة التي كانوا يقومون بها، وبالنتيجة تم توقيف عملها عبر التأثير على نتيجة التصويت في مجلس الأمن من قبل ال47 دولة التي يحق لها التصويت لتمديد عملها. وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2021، لم تجدد مهمة اللجنة، ليس لأخطاء ارتكبتها ولا لانتهاء مهمتها، إنما عبر التأثير على تصويت الأعضاء، إذ صوتت 21 دولة ضد التمديد مقابل 18 صوتاً معه، علماً أن اللجنة ذاتها قد انتُخبت بالإجماع من قبل 47 دولة قبل ذلك بأربع سنوات.

استهداف فتنصّت ثم تشويه سمعة

 لم يكن الجندوبي مخطئاً ولا مبالغاً في حذره، فقبل حملة تشويه السمعة، كانت مرحلة التنصت، إذ ورد اسمه على لائحة من تم التنصت عليهم من خلال برنامج بيغاسوس. عندها، كما عند نشر المعلومات عن حملة تشويه السمعة، لم تحرك الأمم المتحدة ساكناً. 

يذكر الجندوبي أن كثراً اعتبروا أنه كان مبالغاً في مخاوفه، فيما شدد هو على أن الأمر لم يتعلق يوماً به، بل بسمعة اللجنة ومصداقية عملها. فسمعته الشخصية، وعلى الرغم من أن الحملة كانت مؤذية، بخاصة بالنسبة الى عائلته وأصدائقه والمقربين منه، إلا أنها لم تؤثر عليه.

“من يعرفونني يعرفون جيداً أن أي اتهامات تتعلق بعلاقة مع قطر أو الإخوان أو الفساد، ليست فقط غير دقيقة، بل مستحيلة، “فالجندوبي أمضى عمره محارباً الإسلام السياسي، ومواقفه النقدية من قطر لم تتوقف يوماً.

“قدمي لم ولن تطأ أرض قطر يوماً. أما بالنسبة الى شبهات الفساد وثروتي الهائلة في فرنسا والقصر الذي اشتريته هناك، لم يكن قصراً واحداً، اشتريت قصرين…

تقييم الجندوبي الى حد بعيد كان مطابقاً لتقييم الخبراء السويسريين، وإن كانت التسميات مختلفة، فالسمعة الطيبة أسماها تقرير ALP “دعماً إعلامياً قوياً”. أما حرص الجندوبي على سلامته وسلامة فريقه، فتم توصيفه بحسب التقرير Paranoia . هذه الأمور جعلت من مهمة تشويه السمعة أمراً أكثر تعقيداً، ولكن مقابل الثمن المناسب كل شيء كان ممكناً.   

الخطة لتشويه سمعة لا غبار عليها: ستة أشهر و25 ألف يورو

تقييم فريق ALP المتعلق بالجندوبي يأخذ أبعاداً استثنائية على الأقل بسبب نقطتين، أولاً الجندوبي كان يقوم بمهمة لصالح الأمم المتحدة (غالبية الشخصيات الأخرى التي استهدفتها ALP لصالح الإمارات، تنتمي إلى منظمة الإخوان المسلمين، أو في حالات أقل الى قطر، كما حصل تحديداً مع المدعي العام القطري الذي كان هو أيضاً على لائحة بنك الأهداف. وثانياً والأهم، أن سمعة الرجل لا غبار عليها، فضلاً عن كونها خالية من أية معطيات يمكن استخدامها لخلق مادة جدلية تحقق ولو بالحد الأدنى هدف تشويه السمعة.  

استراتيجية ALP وشركات علاقات عامة أخرى، ترتكز بالخطوة الأولى على تجميع معلومات استخباراتية عن الهدف. هذه المعلومات يفضَّل أن تكون حقيقية ومبنية على وقائع، ويصار لاحقاً على التلاعب فيها وفقاً لخطة يتم وضعها من قبل فريق من الاختصاصيين. في حالة أكثر من 1500 شخصية محسوبة على الإخوان المسلمين موجودة في أوروبا تم أيضاً استهدافها، الأمر لم يكن صعباً وارتكز في غالبية الحالات على تصريحات هم فعلاً قالوها تتضمن معاني معادية للسامية، أو لحقوق الإنسان، ومن ضمنها حقوق المثليين، أو من جهة أخرى داعمة لحركة “حماس” التي تعتبر منظمة إرهابية في أوروبا. 

المشكلة في حالة الجندوبي، أنه على مدى مسيرته المهنية وحتى في حياته الخاصة، أمضى عمره وهو يدافع عن حقوق الإنسان ويقاتل الإسلام السياسي بكل أشكاله، وهذا الأمر لحظته ALP في تقريرها الأول.

“حاليا”، سمعة كمال الجندوبي ممتازة، على محرك البحث “غوغل”، في اللغتين الفرنسية والإنكليزية، لا يوجد أي انتقاد، كل الروابط المتعلقة به تتحدث عنه بإيجابية، وهناك بعض المقالات المحايدة… صفحة ويكيبيديا الخاصة به، مليئة بمعلومات تتعلق بإنجازاته الأكاديمية والمهنية وحتى السياسية. تقول ALP في تقريرها، إن أي قارئ “بسيط” ينظر الى هذه المعلومات سيجد الجندوبي “ناشط حقوق إنسان شجاعاً، واختصاصياً في الأمم المتحدة وضحية للسعودية ودول خليجية أخرى”. 

لا سمعة الجندوبي، ولا نوع المهمة الموكلة إليه وأهميتها بالنسبة الى اليمنيين، كانا كافيين بالنسبة الى ALP لرفض المهمة، والحل بالنسبة إليها كان واضحاً وسهلاً: حملة إعلامية دقيقة، ولكن واسعة subtle and viral تمتد على مدى ستة أشهر، تنشر خلالها مقالات بوتيرة مقالة كل أسبوعين، تتحدث عن علاقات الجندوبي مع قطر والإخوان، وتطلق أخباراً عن إشاعات فساد. صفحة ويكيبيديا الفرنسية يتم تعديلها بما يتناسب مع الصورة الجديدة التي تود ALP نشرها، فضلاً عن خلق صفحة جديدة باللغة الإنكليزية والتواصل مع وسائل الإعلام وتزويدهم بالمعلومات عن “حقيقة خلفياته”. 

“النتيجة، سمعة كمال الجندوبي بعد ستة أشهر، سيكون قد أُعيد تشكيلها، بطريقة سلبية ولكن صادقة، تماماً كما فعلنا مع المدعي العام. 

لا يقتصر الهلع الإماراتي في اليمن على خبراء الأمم المتحدة. ففي 3 أيار/ مايو 2018، أمر رئيس مشروع الإمارات في شركة ألب سيرفيسز أحد زملائه بوقف عمله على الفور للتعامل مع “طلب عاجل جديد”. المهمة: التحقيق في صحافي أميركي يعمل على حرب اليمن.

تم تفويض التحقيق على عجل إلى شركة أيرلندية للاستخبارات الخاصة. تم استعراض حياة الصحافي بالتفصيل. تقرير أولي، تم تقديمه في 7 أيار 2022، يتناول عائلته وثروته وحتى مخالفاته المرورية. تم إرسال تقرير ثانٍ يستهدف زوجته فقط إلى شركة ألب بعد بضع ساعات.

في اليوم نفسه، أي بعد أربعة أيام من “الطلب العاجل”، لاحظت فرق العمل في ألب نشر المقالة التي كتبها الصحافي. يعلق أحد الموظفين: “توجه المقالة بشأن مشاركة الإمارات في اليمن سلبي جداً”.

حقّ الرد:

تلقينا الرد التالي من محاميي شركة ألب سيرفيسز وماريو بريرو في سويسرا:

“نحن مسؤولون عن مصالح شركة ALP SERVICES SA والسيد ماريو بريرو. نستجيب للبريد الإلكتروني الذي أرسلته إليهم ولنا بتاريخ 29 حزيران 2023 الذي يتضمن قائمة طويلة من الأسئلة.

على الرغم من أن موقع Mediapart حُذر مراراً وتكراراً بشأن هذه المسألة، فإنكم تشيرون مرة أخرى إلى معلومات ووثائق تم الحصول عليها بشكل غير قانوني، وهي نتيجة لجريمة أو جرائم جنائية واحدة أو أكثر وفقاً لقانون الجنح السويسري وقانون الجنح الفرنسي.

قدم عملاؤنا شكاوى جنائية بشأن الجرائم الجنائية الخطيرة التي تعرضوا لها وما زالوا يتعرضون لها. القضية قيد التحقيق، وتم التحقيق مع أحد الأشخاص وتنفيذ عمليات تفتيش.

نلاحظ أن موقع Mediapart لم يدرك خطورة الأمر، إذ يتجاهل تماماً إنذاراتنا بضرورة تدمير جميع البيانات المتعلقة بعملائنا و/أو زبائنهم والامتناع عن نشر أي معلومات.

بالإضافة إلى ذلك، بعدم رضاها عن نشر معلومات مستندة إلى بيانات مسروقة، يتضح من القائمة الطويلة من الأسئلة التي توجهها إلى عملائنا، أن المستندات في يديكم مزيفة جزئياً. بالإضافة إلى ذلك، فإن معظم الحقائق التي تشكل أساس أسئلتكم تعتمد على افتراضات خاطئة و/أو تخمينات غير مقبولة.

من خلال التمسّك بالاستخدام والاستغلال والنشر للبيانات المسروقة والكاذبة، يعزز موقع Mediapart الأضرار التي تسببها ولا تزال تسببها لعملائنا، وهو مسؤول بالكامل عن ذلك.

نظرًا الى ما سبق، نود أن نبلغكم بأننا سنقدم دعوى قضائية خلال فصل الصيف أمام المحاكم السويسرية المختصة، وسيتم إشعاركم بها عبر الوسائل الرسمية”.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.