fbpx

لماذا تخاف السلطة نتائج الاستطلاعات: مركز أبحاث فلسطيني يتعرض للتهديد

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

على مدى الخمسة وعشرين عاماً الماضية، كان الخبير والباحث السياسي الفلسطيني خليل الشقاقي أفضل دليل على آفاق النجاح التي كان يمكن للمجتمع المدني في الدولة الفلسطينية أن يحرزها. في عام 1993، تأسس مركز البحوث والدراسات الفلسطينية غير الربحي، في نابلس – وهو الذي صار في عام ،2000 ، المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، ويموله بشكل رئيسي كل من مؤسسة فورد والاتحاد الأوروبي.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

على مدى الخمسة وعشرين عاماً الماضية، كان الخبير والباحث السياسي الفلسطيني خليل الشقاقي أفضل دليل على آفاق النجاح التي كان يمكن للمجتمع المدني في الدولة الفلسطينية أن يحرزها. في عام 1993، تأسس مركز البحوث والدراسات الفلسطينية غير الربحي، في نابلس – وهو الذي صار في عام ،2000 ، المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، ويموله بشكل رئيسي كل من مؤسسة فورد والاتحاد الأوروبي. وكما لو أن المعايير الديمقراطية الغربية يمكن أن تتحول إلى حقيقة واقعية، بدأ الشقاقي يستطلع الرأي العام بشأن السلطة الفلسطينية الجديدة، التي قامت بناءً على اتفاقات أوسلو، وتدعو إلى وضع سياسات تستند إلى النتائج التي توصل إليها.
كانت هناك استطلاعات للرأي حول شعبية الأحزاب والفصائل الفلسطينية، وأداء السلطة الفلسطينية، والوساطة الأميركية، والاتفاقات المؤقتة. جديرٌ بالذكر أن النتائج ضمت في كثير من الأحيان انتقاداً ضمنياً للسلطة الفلسطينية، ولا سيما في السنوات الأخيرة، حيث أحبطت الدبلوماسية الإسرائيلية الرئيس محمود عباس، البالغ من العمر الآن اثنين وثمانين عاماً، وأصبح ينظر إليها على أنها استبداد بصورة متزايد. وفي عام 2015، كشف استطلاع للرأي أن 80٪ من الفلسطينيين يعتبرون السلطة الفلسطينية، سلطة فاسدة؛ أما في العام الماضي، فقد وجد استطلاع  آخر للرأي أن سبعين في المئة يعتقدون أن على محمود عباس أن يستقيل. ومع ذلك، فإن حقيقة قدرة الشقاقي على نشر مثل تلك النتائج مع الحصانة الواضحة من العقاب، ربما تمثل تأكيداً على أن  السلطة الفلسطينية لم تكن سلطة مستبدة.
كما أن الجهد الذي بذلته السلطة الفلسطينية في مسار حل الدولتين، وفقاً لاستطلاعات شقاقي، لم يكن مجدياً، إلا أن عليك أن تتغلغل داخل الأرقام لمعرفة السبب. منذ عام 2000، أجرى شقاقي استطلاعات مشتركة مع باحثين إسرائيليين، تُبين أن كلا الجانبين فقد مع مرور الوقت الحماس لحل الدولتين، وليس لأن الأغلبية في كل منهما رفضتا تقديم التنازلات الضرورية، من حيث المبدأ، ولكن لأن كلا الطرفين فَقَدَ حسن الظن بالآخر.
وجد شقاقي في آخر استطلاع للرأي أجراه في ديسمبر / كانون الأول الماضي، مع داليا سشيندلين، وهي باحثة تابعة لجامعة تل أبيب، أن أقل من نصف الإسرائيليين والفلسطينيين يدعمون الآن حل الدولتين، في حين يزداد عدد الأشخاص من الفريق الأول (الإسرائيلي) رضاً بضم المزيد من الأراضي، بينما الفريق الفلسطيني ينخرط أكثر في الكفاح المسلح. غير أن البحث وجد أيضاً أن مجرد وجود بوادر ودلالات على حسن النية يمكن أن يكون حاسماً بشكلٍ غير متوقع.
أضاف شقاقي “إذا اعترف الإسرائيليون بالنكبة”، المأساة التي نتج عنها تشريد سُبعمائة وخمسين ألف فلسطيني بعد حرب عام 1948، و”أقر الفلسطينيون بوضوح أنه مع إحلال السلام سيُسمح للإسرائيليين بزيارة جبل الهيكل -الحرم الشريف-، فإن قرابة نصف اليهود الإسرائيليين المعارضين لمبدأ حل الدولتين، وحوالي 40٪ من الفلسطينيين، سيغيرون رأيهم”.
صنع السلام مع مثل هذه الأرقام يمكن أن يكون محفوفاً بالمخاطر. في عام 2003، خلال انتفاضة الأقصى، هُوجم الشقاقي وتعرضت مكاتب المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في رام الله للنهب من قبل بعض الغوغاء بعد أن نشر المركز نتائجه، استناداً إلى أكثر من أربعة آلاف مقابلة، تبين من خلالها أن عشرة بالمائة فقط من اللاجئين الفلسطينيين سيختارون العيش في إسرائيل، على الأشكال الأخرى من التعويضات، إذا ما مُنحوا حق العودة”.
اعتقد المهاجمون أن الشقاقي كان جريئاً فيما يتعلق بحق العودة. وهو في الواقع كان يحاول طمأنة الجانبين بأنه إلى جانب قيمة وأهمية حق العودة بالنسبة للفلسطينيين، فإن تحقيقه لن يعني نهاية إسرائيل؛ وأنه على الجانبين، لا تزال هناك أغلبية تؤيد مقترح حل الدولتين يجب الاستفادة منها. ويضيف شقاقي “تثبت الأرقام أهمية الحوافز”.
ومع ذلك، بعد عقدين من التسامح مع أعمال وأبحاث شقاقي، بل والتشاور معه، في بعض الأحيان  – يبدو أن عباس ودائرته الداخلية لا يستطيعون استقبال المزيد. في عام 2015، سنت السلطة الفلسطينية بعض اللوائح التنظيمية التي تقضي بأن تقوم جميع المنظمات غير الحكومية الفلسطينية، بما في ذلك المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، بالتسجيل كشركات غير ربحية، و بالإبلاغ عن أنشطتها وتمويلها إلى مجلس الوزراء، وطبقاً لتلك اللوائح الجديدة أُلزمت تلك الشركات والمؤسسات على وجه التحديد بالحصول على موافقة مسبقة لتلقي الأموال المحولة إلى المصارف الفلسطينية سواء من مصادر محلية أو أجنبية. تجدر الإشارة إلى أن المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية لم يمتثل في البداية للوائح، ولم تُنفذ اللوائح كذلك على نطاقٍ واسعٍ حتى أواخر عام 2016، بعد اشتباك خلية سرية مسلحة قوات الشرطة التابعة للسلطة الفلسطينية في مخيم بلاطة للاجئين في نابلس.
يقول شقاقي “تركتني هذه الحادثة في موقف لا أُحسد عليه، من الاضطرار إلى تقديم التماسات إلى بعض القادة أو حتى الأعضاء المقربين من عباس -أولئك الأشخاص الذين أحاول البحث مدى شعبيتهم، أولئك الذين أنتقد أفعالهم في كثير من الأحيان- للحصول على أموال للحفاظ على المركز واستمرار أبحاثي”. وفي الوقت نفسه، وفي خطوة أكثر صرامة وتعدٍ على القضاء، استبدل عباس رئيس مجلس القضاء الأعلى، دون استشارة القضاة المستقلين في مجلس القضاء الأعلى، وأنشأ ما يسمى بـالمحكمة الدستورية، وهي الجهة التي يكاد يكون من المؤكد أن ترفض أي طعون على تلك اللوائح.
ومنذ ذلك الحين، تقدم شقاقي بهدوء بالتماس إلى الوزراء، على أمل أن تستطيع الضغوط المضادة من داخل السلطة الفلسطينية إقناع الحكومة بعكس سياستها، ولكن دون جدوى. ويبدو الآن أنه لا يملك إلا القليل من سبل الدعم المتمثلة في الصحفيين والدبلوماسيين وخبراء السياسة الدوليين الذين اعتمدوا على عمله.
نال شقاقي مكانته في ذلك المجتمع بصعوبة. فهو ولد في عام 1953، في مخيم رفح للاجئين في غزة، وهو ابن لمزارعين من قرية بالقرب من رحوفوت، التي كانت قد دُمرت وقتها. انتقل إلى القدس عام 1968، والتحق بجامعة بيرزيت Bir Zeit University في الضفة الغربية في عام 1971. وواصل دراسته في الجامعة الأميركية في بيروت، وبقي في تلك المدينة خلال الحرب الأهلية التي وقعت هناك، وحصل على درجة الماجستير في عام 1977. وقد تعلم أولاً قيمة وأهمية طرق المسح في الكويت، حيث حصل على وظيفة في قسم التسويق في جنرال موتورز.
وفي عام 1985، حصل شقاقي على درجة الدكتوراه. في العلوم السياسية من جامعة كولومبيا، في نيويورك، كما حصل أيضاً على شهادة معهد الشرق الأوسط وأصبح باحثاً زائراً. أما شقيقه الأكبر فتحي، فقد اتخذ مساراً مختلفاً تماماً، غطى على مسار شقاقي. حصل فتحي على شهادته في الطب من مصر، وهناك انخرط في تنظيم الإخوان المسلمين. وفي عام 1981، حيث كان لا يزال في مصر، أسس منظمة الجهاد الإسلامي الفلسطيني، لمحاربة الاحتلال وفرض سلطة دينية.
وفي عام 1991، عندما كان شقاقي (الأخ الأصغر) يُدرس في جامعة جنوب فلوريدا، قدم التماساً للعودة إلى الضفة الغربية، ولكن الليكود كان لا يزال في السلطة، ومجرد الرابطة الأسرية التي تربطه بأخيه منعه من ذلك. وبالرغم من ذلك، وبعد مؤتمر مدريد للسلام عام 1992، بدأ شقاقي في مفاوضات المسار الثاني مع إسرائيل، والصحفيين – من بينهم الراحل أنطوني لويس من صحيفة التايمز، وبعض أعضاء الكونغرس من فلوريدا الذين عرفوه وبدأو حملة من كتابة الرسائل نيابة عنه. وقد رضخت الحكومة الإسرائيلية أخيراً، وانتقل إلى الضفة الغربية للتعليم وإنشاء مركزه.
ولكن ضربة أخرى كانت في انتظاره. ففي شهر يناير / كانون الثاني 1995، قُتل أكثر من 21 جندياً ومدنياً في إسرائيل خلال أكبر العمليات الانتحارية التي نفذها تنظيم الجهاد الإسلامي. ويُقال إن رئيس الوزراء إسحق رابين قد أمر الموساد باغتيال فتحي، ونفذ الموساد ذلك بالفعل العملية في مالطة، في شهر أكتوبر/تشرين الأول.  أخبرني شقاقي “لن أفوز في مسابقة للشعبية، عندما كان الأمر يخدم أهدافهم، ربطني أعضاء الليكود بفتحي، بينما يكرهني  بعض النشطاء الفلسطينيين للعمل مع الإسرائيليين”.
ويعلم شقاقي أن الظهور المضاد لاستبداد السلطة الفلسطينية، يصب في مصلحة حكومة نتنياهو، التي أهانت عباس ووصفته بأنه شريك يصعب التفاوض معه. وفي الوقت نفسه، فإن برنامج الاستيطان الذي وضعه نتنياهو، وفرض حظر التجول العسكري، والمماطلة بشأن القدس منذ فترة طويلة، وضع الرئيس الفلسطيني في مأزق. ويعلم شقاقي أيضاً أن النظام الأساسي للسلطة الفلسطينية الجديدة “يعتبر مقياساً لتطور الاستبداد في عهد عباس”. إلا أن هذا التحول مفهوم، على حد قول شقاقي، على الرغم من أن “كونه مفهوماً  لا يعني أن له ما يبرره”.
وقال شقاقي إن “عباس كان يواجه بالتأكيد أزمة في عام 2007″، عندما طردت حماس قادة فتح من غزة،”وقد تحرك بدعم من قوات الشرطة لتدمير قدرات حماس على التصرف في الضفة الغربية”. وأضاف “وقد ثبت أن ذلك سهلاً نسبياً: فقد يرى الجميع أن حماس لجأت بالخطأ إلى استخدام العنف وقتلت حوالي 400 فلسطيني”. وتابع قائلاً إن المشكلة تكمن في وقف عباس للمُساءلة من قِبل النظام السياسي، ومنعه انعقاد البرلمان الفلسطيني”. وعلى الرغم من أن حماس حصلت على الأغلبية هناك، ولكن لم يكن من الممكن أن تسن قانوناً في غياب التوقيع الرئاسي. وأصبحت الرقابة مستحيلة بدون البرلمان.
وازداد الوضع سوءاً بعد عام 2009، بعد حرب غزة الأولى وانتخاب بنيامين نتنياهو. وفي عام 2011، قام محمد دحلان، رجل فتح القوي وسيء السمعة في غزة، غير أنه  لا يزال عضواً في اللجنة المركزية لحركة فتح، بانتقاد عباس علناً، وبدا أنه مستعداً لتحديه. ورداً على ذلك، طرد عباس دحلان من فتح، بل في الواقع، من الضفة الغربية كلها.
وبحلول نهاية عام 2012، بعد وقوع حرب أخرى في غزة، عندما اتضح أخيراً أن إدارة باراك أوباما لن تمارس ضغوطاً على إسرائيل للتوصل إلى اتفاق، بدأ عباس استباق المنافسين المحتملين الآخرين. وفي العام التالي، أجبر رئيس الوزراء سلام فياض على الاستقالة، وهو خبير اقتصادي سابق في البنك الدولي وصديق لدحلان، ويحظي بالاحترام الدولي بسبب تأسيسه لشرطة السلطة الفلسطينية وقطاع المحاكم والقطاع الخاص. وكما قال شقاقي، فياض “كان بمثابة جدار ديمقراطي واقي”.
وبعد أن غادر فياض منصبه، أنشأ منظمة غير حكومية، تعرف باسم “جمعية فلسطين الغد للتنمية المجتمعية”، بتمويل من عدة مصادر من بينها دولة الإمارات العربية المتحدة، وتهدف إلى تأسيس البنية التحتية في المنطقة جيم، التي تمثل الجزء الأكبر من الضفة الغربية الواقعة تحت الحكم العسكري الإسرائيلي المُباشر. وفي شهر يونيو / حزيران عام 2015، استولت السلطة الفلسطينية على بعض هذه الأموال. وصرحت أن الحكومة أصدرت لوائح جديدة من شأنها تهديد المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية الآن في محاولة منها لتبرير هذا الفعل.
ويعتقد شقاقي أن بإمكانه إبقاء المركز مفتوحاً ربما لمدة ستة أشهر أخرى. وقال “بالنسبة لشخص مثلي، عمل على بناء المؤسسات، وحاول توجيهها في اتجاه يتقبله النظام بشكلٍ قانوني، حيث تُعطل بعض الأشياء ويمنع القيام بها، فأنا شخصياً لا يمكن تحت أي ظرف من الظروف الامتثال لما أعرف أنه سيدمر كل ما عملت من أجله”.
واحدة من أقوى “الحوافز” التي قد تحث الفلسطينيين والإسرائيليين على تغيير رأيهم والوصول إلى حل يضمن وجود  الدولتين هو احتمال أن يصبح النظام في فلسطين ديمقراطياً. قال شقاقي في استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية “سألنا: هل يُقدم الوضع الأمني أولاً أم الديمقراطية أولاً؟ اختار أكثر من ثمانين في المائة من المستطلعين “الديموقراطية” على الرغم من جميع المشاكل الكامنة ورائها. وأيدوا بأغلبية ساحقة حرية الصحافة، والانتخابات الحرة، وحقوق الأقليات، والقضاء المستقل، والمساواة بين الجنسين. وأنا على استعداد للذهاب إلى السجن في سبيل الديمقراطية، والديمقراطية الليبرالية”.
بواسطة بيرنارد أفيشاي
هذا المقال مترجم عن موقع newyorker ولمراجعة المقال الاصلي زوروا  الرابط التالي
 [video_player link=””][/video_player]

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.