fbpx

“وثائق بنك الموارد”
تقديمات وتسهيلات ماليّة من رياض سلامة لصحافيين وفنانين 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

من بين المحادثات التي أخذت حيزاً من استجواب مروان خير الدين، رسالة بينه وبين سلامة تتحدث عن سحب وثائق يتضمنها ملف التحقيق في بيروت.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“درج” اطلع على مضمون التحقيقات الفرنسية مع مروان خير الدين

رياض سلامة قدّم تسهيلات مالية لصحافيين ومحامين بتسهيل من مروان خير الدين

للمرة الأولى، القضاء الفرنسي يكشف عن أموال دُفعت بطريقة مشبوهة وغير قانونية لمقرّبين من سلامة عبر بنك الموارد.

بنك الموارد فتح حسابات لمقرّبين من الحاكم وقدّم تسهيلات استثنائية خلال مرحلة الكابيتال كونترول

سلامة طلب من خير الدين التدخل في التحقيق   

خير الدين قال للقضاء الفرنسي إن كل ما قام به كان تنفيذاً لتعليمات الحاكم 

اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي في لبنان أخيراً، بمشاهد لعراك بالأيدي بين الوزير السابق وئام وهاب والصحافي سيمون أبو فاضل. الرجلان اختلفا على كل شيء، ليلتقيا بعد ذلك مع مضيفهما وشقيقه، على نغمة الدفاع عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. 

المشهد على فظاعته لم يكن استثنائياً، فمنذ بدء الأزمة المالية في العام  2019 حفلت شاشات التلفزيون اللبنانية، موالية كانت أم معارضة، بالمقابلات والبرامج والتحليلات التي التقت جميعها حول مهمة الدفاع عن حاكم مصرف لبنان والمصارف التجارية، فسلامة كان عابراً للانقسامات.

لائحة من خمسة أسماء: 

سؤال مباشر طرحته القاضية الفرنسية أود بوريزي على مروان خير الدين، عن دفعات مالية قام بها لصالح خمسة صحافيين بطلب من رياض سلامة. على القائمة أسماء لشخصيات عُرفت بولائها لسلامة، مثل المحامي جوزيف أبو فاضل (شقيق سيمون) الذي كان خلال السنوات الماضية رأس حربة في معركة الدفاع عن الحاكم، وكتاب معروفين في الصحف اللبنانية الكبرى كانوا بعيدين عن الأضواء، مثل الاقتصادي والرئيس السابق لمديرية التخطيط في جريدة “النهار” مروان إسكندر، ورئيس تحرير جريدة “الديار” شارل أيوب. 

من بين الأسماء أيضاً، الصحافي فيليب أبي عقل، وهو صحافي في موقع ICI Beyrouth المموّل من صاحب مصرف هو أنطون الصحناوي والمعروف بدفاعه عن المصارف. اسم نوفل ضو، الكاتب في “النهار”، ورئيس التحرير السابق لموقع النهار نت، وأحد وجوه 14 آذار، كان أيضاً على لائحة بوريزي.

رداً على سؤال بوريزي، قال خير الدين إن المبالغ المحوّلة كانت صغيرة، وهو كان يحوّلها بناء على طلب من سلامة، كما أنه لم يكن يعرف أنهم صحافيون، فجوزيف أبو فاضل مثلاً هو محامٍ وليس صحافياً. 

أياً كانت المهنة الأصلية لأي من المذكورة أسماؤهم، هم في كل الأحوال شخصيات لها حضورها في الإعلام. بحث بسيط على الإنترنت يظهر آراءهم المدافعة بشكل كامل عن الحاكم.

شارل أيوب قال في مقابلة في نيسان/ إبريل الماضي، إن التحقيقات الأوروبية لن تؤدي إلى أي نتائج لأنها تستند الى “حملة تشويه مفبركة”. أما فيليب أبي عقل، فقد أشار في الشهر نفسه من العام الماضي، إلى “مؤامرة” تدبّر ضد سلامة والقطاع المالي. وفي مقال طويل نشره في صحيفة إلكترونية في آذار/ مارس 2023، دافع مروان اسكندر بقوة عن فترة سلامة كحاكم للبنك المركزي منذ عام 1993، ورفض الادعاءات بالفساد بينما كتب نوفل ضو على حسابه في “تويتر”، “أن دعاوى الدعاية ضد الحاكم هي محاولات للنيل من التأثير الإيجابي لجهوده لإعادة هيكلة القطاع المصرفي”. وفي شباط/ فبراير من العام الحالي، سئل جوزيف أبو فاضل عن دعمه الثابت لسلامة، فقال إنه يدافع “عنه لأنه يدافع عما هو صحيح، وإذا كان الحاكم فاسداً فلن أتردد في قول ذلك. لن يجدوا شيئاً عليه، هو لا يغسل أموالاً لأن لديه أموالاً”. وفي مقابلة أخرى مع قناة MTV هذا الشهر، قال “ظلم الحاكم”.

المعطيات التي يظهرها التحقيق مع خيرالدين تثبت وبشكل قاطع ما كان واضحاً عن علاقة الإعلام بالسلطة في بلد  تسيطر على وسائل إعلامه أي جهة مالكة للمال، سواء كانت دولة، أو حزباً أو مصرفاً. المصارف لم تدفع ثمناً بخساً لقاء حفلة التلميع، فبحسب تقرير نشرته THE POLICY INITIATIVE تحت عنوان “شراء السردية… كيف استغلت المصارف اللبنانية الإعلام للتأثير على الرأي العام”، ورد أن هناك نحو مليار وربع المليار دولار دفعها القطاع المصرفي لوسائل إعلام لبنانية بين عامي 2012 و2021، في وقت كانت هذه المصارف نفسها تمتنع عن دفع مستحقات الناس بسبب ضعف السيولة. 

الجديد الذي تكشفه التحقيقات هو أن شراء السردية لم يقتصر على وسائل الإعلام، وأن الخدمات المالية طاولت صحافيين وبشكل مباشر.  

لم ينفِ الأشخاص المذكورة أسماؤهم، في غالبيتهم، علاقتهم بمصرف لبنان لدى اتصالنا بهم، وإن اختلفت ردودهم. جوزيف أبو فاضل قال إنه كان مستشاراً قانونياً لسلامة، وكان يتقاضى بدلاً مالياً مقابل خدماته. ولفت الى أنه فتح حساباً مصرفياً “فريش” في بنك الموارد لإيداع عشرة آلاف دولار فيه للاستفادة من البطاقة الائتمانية في الخارج.  أما الصحافي شارل أيوب، صاحب جريدة “الديار”، فاكتفى بالقول إنه خارج البلد منذ فترة لأسباب صحية، وإنه سيتواصل مع ابنه الذي سلمه الجريدة والإدارة المالية فيها. لم نحصل على إجابات إضافية لدى إعادة الاتصال به. مروان اسكندر بدوره، قال إن خير الدين صديقه منذ فترة طويلة ولكنه لا يريد التحدث معنا بشأن التحقيقات، وشدد على أنه “غير مهتم بالتواصل معنا” لينهي الاتصال على الفور. من جهته، نفى أبي عقل الأمر جملة وتفصيلاً، قائلاً: “ما إلي أي علاقة بالملف”. أما نوفل ضو، فلم يجب على اتصالاتنا.

رداً على سؤال بوريزي، قال خير الدين إن المبالغ المحوّلة كانت صغيرة، وهو كان يحوّلها بناء على طلب من سلامة، كما أنه لم يكن يعرف أنهم صحافيون. 

التحقيق مع خير الدين

سؤال بوريزي، جاء ضمن جلسة الاستجواب التي خضع لها خير الدين في باريس في أوائل نيسان الماضي. يشتبه القضاء الفرنسي بأن خير الدين قدم وثائق يشك المحققون في أنها مزيّفة ضمن قضية الفساد الخطير التي يواجهها رياض سلامة في دول أوروبية. وعلى خلفية هذا الاشتباه، أوقفت السلطات الفرنسية خير الدين في 22 آذار أثناء عبوره من مطار شارل ديغول في باريس، وصادرت هاتفه وجهاز الكمبيوتر الخاص به. تلا ذلك تحقيق مفصل اطلع “درج” على مضمونه، يدل على أن الشبهات المتعلقة بخير الدين خطيرة، وفي حال ثبوتها تكون عقوبتها عشر سنوات سجن. 

آلية لتقديم الخدمات المالية مع إخفاء مصدر المال 

أسئلة بوريزي تركزت إلى حد بعيد، على محادثات بين خير الدين وسلامة وآخرين عبر رسائل “واتسآب” وأخرى عبر البريد الإلكتروني. 

في ما يتعلق بموضوع الدفعات التي تم تقديمها الى الصحافيين، أقرّ خير الدين بأن هناك آلية تم اعتمادها بينه وبين سلامة أدت الى إخفاء مصدر الأموال، إذ أوضح خير الدين أن سلامة كان يرسل الأموال من حسابه الشخصي في المصرف المركزي، إلى حساب بنك الموارد في المصرف المركزي، ثم يرسل التعليمات الى خير الدين عبر تطبيق “واتسآب” أو في مكالمة هاتفية لإيداع تلك الأموال في حساب مصرفي لطرف ثالث. خير الدين بدوره، كان يقوم بتنفيذ التحويل عن طريق نقل الأموال من حساب مصرف الموارد في المصرف المركزي الى حساب معين أو ترتيب إيصالها نقداً الى المستفيدين. 

تتراوح المبالغ في هذه العمليات، بين 100 الى 300 مليون ليرة لبنانية، أي بين 11600 دولار و35000 دولار بحسب سعر الصرف في ذلك الوقت. هذه العمليات استمرت حتى العام 2022. 

لدى سؤاله عن الأسباب الداعية لاعتماد هذه الالية، قال خير الدين إنه كان ينفذ تعليمات الحاكم. هذه لم تكن الخدمة الوحيدة التي قدمها خير الدين لسلامة.

خدمات غير نقديّة 

تظهر الرسائل المتبادلة بين سلامة وخير الدين، أن الدفعات المالية لم تكن الطريقة الوحيدة التي استطاع خير الدين من خلالها تقديم خدمات لمقربين من الحاكم. الصحافي نوفل ضو مثلاً، استطاع أن يصرف شيكاً خلال المرحلة التي فُرض فيها كابيتال كونترول غير رسمي وضع قيوداً غير قانونية على المودعين. ولدى سؤاله عما إذا كان الأمر خدمة لرياض سلامة، رد خير الدين بالإيجاب وأضاف أن معاملة من هذا النوع لم تكن تحصل مع أي زبون آخر.

من بين من استفادوا من هذه الخدمات أيضاً، الممثلة ستيفاني صليباً، التي فتح خير الدين حساباً لها في مصرفه بناء على طلب من سلامة. وقال خير الدين إنه بعد تفجير مرفأ بيروت، تحطمت شقة صليبا بالكامل، وهي كانت تطلب دفعات “فريش” من الحساب الذي كانت تتم تغذيته من سلامة. كما أنها قامت بإيداع شيك بقيمة 132 مليون ليرة تم إيداعه في بنك الموارد وسحبه مقابل الدولار. صليبا قامت أيضاً بتحويل مبلغ 200 ألف دولار الى حساب لها في لندن.  

مصرف للعائلة و الأصدقاء وأصدقاء الأصدقاء 

لدى سؤاله عن سبب تقديم خدمات لحاكم المصرف الذي يفترض أن يكون مراقباً لمصرفه، رد خير الدين تكراراً بأن علاقة متينة تربطه بالحاكم، وأن مثل هذه الأمور تحصل في لبنان. كما قال إنه مع بداية الأزمة، فتح حسابات لأفراد من عائلة سلامة وحسابات أخرى بأسماء شركات يملكها، وبأسماء مقربين منه، من بينهم ماريان حويك. ولفت خير الدين الى أنه كان يتابع إدارة بعض هذه الحسابات شخصياً، إضافة الى نحو 15 حساباً يملكها مقربون منه. من بين حسابات الزبائن التي قال خير الدين إنه تابعها شخصياً، حسابات تعود هي الأخرى الى صحافيين من بينهم راغدة درغام وإلهام فريحة وبسام فريحة. 

تقرير “درج”

بوريزي سألت عن محادثة عبر واتساب بين سلامة وخير الدين في نفس اليوم الذي نشر فيه موقع “درج” تقريراً شرحت من خلاله الاعلامية ديما صادق تفاصيل تقرير كريستال غروب انترناشيونال والذي يتعلق برياض سلامة وشقيقه رجا ومساعدته ماريان حويك ويتهمهم بتهريب حوالي الملياري دولار. وبحسب التحقيق فإن سلامة  قال لخير الدين في رسالة واتساب ان تفاصيل التقرير ليست صحيحة وطلب منه استخدام نفوذه لإزالته و لمعرفة مصدره. رد خير الدين كان أن الرسالة لم تكن تتعلق بتقرير موقع “درج” انما موقع اخر اسمه ليبانون نيوز اون لاين يديره شخص درزي ومن هنا كان طلب سلامة. لم يجب خير الدين على سؤال القاضية عن سبب قبوله بتقديم خدمات لسلامة من أجل إسكات الصحافة. 

التدخل بالقضاء 

من بين المحادثات التي أخذت حيزاً من الاستجواب، رسالة بين سلامة وخير الدين تتحدث عن سحب وثائق يتضمنها ملف التحقيق في بيروت، وقالت بوريزي لخير الدين إنها تأكدت منه عبر مقارنة الملف الذي أُرسل من بيروت الى فرنسا مع ذلك الذي أُرسل الى ألمانيا، ويظهر أنه بالفعل تم سحب بعض الصفحات من الملف الذي وصل الى باريس. 

 رد خير الدين أن المحادثة كانت ضمن سياق سؤال طرحه سلامة عليه يتعلق بخدمات عرضها الوزير السابق وئام وهاب على سلامة، لمساعدته على مواجهة التحقيقات القضائية في أوروبا. خير الدين قال إن الحاكم سأل عن رأيه لأنه يعرف أن هناك معرفة وثيقة بين الرجلين، وهما ينتميان إلى الطائفة الدرزية والمنطقة ذاتها. وقال خير الدين إنه نصح الحاكم بالاستماع الى وهاب من دون التعويل على أي خدمات يمكن أن يقدمها. “درج” سأل وهاب عما إذا كان قدم عرضاً لـ”لفلفة الموضوع”، فرد ضاحكاً “يا ريت بقدر اعمل شي، نحنا هون ما عم فينا”، مضيفاً “أن هذا مستحيل في فرنسا لأنو بلد في قضاء”. وقال وهاب إن المحادثة كانت بينه وبين خير الدين، وهو صديقه من 30 سنة، واقترح عليه أن يعرّفه على محامين فرنسيين أقوياء لأن محامي سلامة في فرنسا ليس قوياً كفاية. 

إعلام في خدمة المال 

في المحصّلة، تظهر تفاصيل التحقيقات أن القضاء الفرنسي مستمر بالتحقيقات في قضية رياض سلامة، التي يتوقع أن تشمل أسماء أخرى، نظراً الى أن الدعوى المقدّمة هي بحق كل من يثبت التحقيق أن له علاقة بعملية الاحتيال التي تعرض لها المودعون اللبنانيون. في المقابل، يُتوقع أن يستمر الإعلام اللبناني بالدفاع عن سلامة والمصارف، فالثمن للمهمة قد دُفع سلفاً.  

تحديث

بعد نشرنا التحقيق وردنا الردّ التالي من السيد فيليب أبي عقل وهذا نصه:

 لجانب موقع “درج”

نشرتم بتاريخ 2 آب 2023 خبراً يتعلق بتعاملات مالية بيني وبين حاكم مصرف لبنان.

إن هذا الخبر منشور عن سوء نية لتناول سمعتي ومهنيتي لأنه لا وجود لأي تعامل مالي بيني شخصياً وبين حاكم مصرف لبنان لا حالياً ولا في أي وقت مضى ولا من أي نوع كان.

الحقيقة أن مصرف لبنان كسائر المؤسسات الرسمية والتجارية مشترك في وكالة الأنباء المركزية التي أنا مديرها المسؤول وهذا حصراً يؤلف التعامل المالي بين المركزية كوكالة أنباء ومصرف لبنان كمؤسسة رسمية.

وكل معلومة إضافية واردة في الخبر وخصوصًا تناول صفتي كأحد كتاب موقع ici Beirut يدخل في التشويه القصدي لعلاقة مصرف لبنان بوكالة الأنباء المركزية بغرض النيل من مهنيتي وموضوعيتي وموقع Ici Beirut.

إني أرجو منكم، عملاً بحق الرد، نشر بياني مع احتفاظي بحقي بمراجعة القضاء بسبب الخبر الكاذب الذي أوردتموه.

فيليب أبي عقل


تعليق المحرر:

“درج” اتصل بالسيد فيليب أبي عقل قبل نشر التحقيق عملاً بمبدأ حق الرد قبل النشر، وهو لم يشأ حينها أن يشير في رده إلى أن علاقته المالية مع مصرف لبنان هي لـ”تسديد اشتراكات المصرف في الوكالة المركزية للإعلام”.  أما تناولنا له بصفته أحد كتاب ici beirut  فهذا مرده سلسلة المقالات الموقعة باسمه في هذا الموقع. 

جلبير الأشقر - كاتب وأكاديمي لبناني | 06.05.2024

بحجة “اللاساميّة” تترافق إبادة شعب فلسطين مع محاولة إبادة قضيّته 

ظهور حركة جماهيرية متعاطفة مع القضية الفلسطينية في الغرب، لا سيما في عقر دار القوة العظمى التي لولاها لما كانت الدولة الصهيونية قادرة على خوض حرب الإبادة الراهنة، يشكّل تطوراً مقلقاً للغاية في نظر اللوبي المؤيد لإسرائيل.