fbpx

هل يشارك الرياضيون الروس في أولمبياد باريس 2024؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الضغط الأبرز الذي تتعرض له اللجنة الأولمبية الدولية، هو التلويح الروسي بتنظيم دورة ألعاب أولمبية موازية تضم مجموعة دول البريكس الخريف المقبل.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

عادت إشكالية حدود العلاقة بين السياسة والرياضة إلى السطح مع انطلاق العد التنازلي لافتتاح دورة الألعاب الأولمبية المقبلة، التي تستضيفها باريس العام المقبل، ويحتدم السجال حالياً حول مشاركة الرياضيين الروس والبيلاروسيين في أكبر حدث رياضي يعرفه العالم. 

وفقا للأعراف المتبعة، وجهت اللجنة الأولمبية الدولية في 26 تموز/يوليو، أي قبل عام من حفل الافتتاح، دعوات إلى 203 لجان أولمبية وطنية للمشاركة في أولمبياد باريس 2024، مستثنية روسيا وبيلاروسيا وغواتيمالا. إذا كان استبعاد الأخيرة تم على خلفية تدخل السلطات السياسية في عمل اللجنة الأولمبية الوطنية، ليس صعباً التكهن بسبب امتناع اللجنة عن دعوة موسكو ومينسك: الغزو الروسي لأوكرانيا والموقف البيلاروسي المؤيد له. 

لكن الباب لا يزال مفتوحاً أمام مشاركة الرياضيين الروس والبيلاروسيين، فـ”القرار النهائي سيُتخذ في وقته”، وفقا لرئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ. هناك مؤشرات عدة تدل على أن الأمور تسير نحو مشاركة الرياضيين على نحو فردي تحت راية محايدة وبصفة فردية.  

رايات محايدة ورياضيون مستقلون

المؤشر الأبرز هو قرار وزير الرياضة الأوكراني السماح لرياضيي بلاده بالمشاركة في المسابقات جنباً إلى جنب مع نظرائهم الروس والبيلاروسيين، إذا كانت مشاركة هؤلاء تحت راية محايدة، حسب قرار صدر في 26 تموز الماضي.

موقف كييف يسهل مهمة باخ الذي يميل شخصياً إلى “عدم توفير أي سبيل يسمح بعودة الروس والبلاروسيين إلى الحضن الرياضي العالمي”، ففي آذار/مارس الفائت، تراجعت اللجنة الأولمبية الدولية عن توصيتها السابقة بعدم دعوة الرياضيين والمسؤولين الروس والبيلاروسيين إلى المشاركة في المسابقات الدولية. 

اللجنة منحت الاتحادات الدولية الرياضية حرية القرار حيال دعوة الرياضيين الروس والبيلاروسيين من عدمها، مكتفية بجملة من التوصيات أبرزها: المشاركة بصفتهم الفردية، عدم ضلوعهم في أي من أنشطة الحرب في أوكرانيا، وعدم تعاقدهم مع الجيش أو الأجهزة الأمنية الروسية. 

صرّح باخ حينها: “نريد مراقبة تنفيذ هذه التوصيات لأطول فترة ممكنة حتى نتمكن من اتخاذ قرار واضح (أي بخصوص مشاركة الرياضيين الروس والبيلاروسيين في أولمبياد باريس)”. 

برأي باخ، ليس من العدل معاقبة الرياضيين على قرارات اتخذتها حكوماتهم، فمهمة اللجنة الأولمبية الدولية إشاعة أجواء التآخي بين الرياضيين من دون ضخ مزيد من الانقسامات. لدعم موقفه، يستند باخ إلى الميثاق الأولمبي الذي يحظر كل أشكال التمييز، ومن ضمنها التمييز على أساس الجنسية. 

لا يتردد باخ أيضا في التذكير بالنزاعات المسلحة السابقة والمستمرة (الحرب الأذربيجانية – الأرمينية، الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي وغزو العراق وأفغانستان …)، في إشارة غير مباشرة الى أن إقصاء الروس والبيلاروسيين أشبه ما يكون بفتح “صندوق باندورا” واعتماد سياسة الكيل بمكيالين.     

بحسب بعض المصادر الصحافية، القرار النهائي ليس حكراً على الهيئة التنفيذية للجنة الأولمبية الدولية الملزمة باتخاذه كمحصلة لسلسلة من المشاورات الداخلية، مشاورات لن تسهل التوصل إلى قرار يرضي جميع الأطراف. على سبيل المثال، الاتحادان الدوليان للريشة الطائرة ولألعاب القوى، رفضا عودة الرياضيين الروس والبيلاروسيين، بخلاف الاتحاد الدولي للمبارزة الذي انحاز إلى توصيات هيئة اللجنة الأولمبية الدولية، نظراً الى سطوع نجم المبارزين الروس، وغيابهم سيؤدي حكماً إلى تدنٍّ في مستوى المباريات ونتائجها. 

من جهة أخرى، رأت مصادر أن القرار الفعلي بيد الهيئة التنفيذية، و”اختباؤها” خلف المشاورات الداخلية أشبه ما يكون بتفويض سلطاتها، لعدم رغبتها في تحمل تبعات أي قرار يصدر عنها نظراً الى حساسية الموقف، في ظل تمسك موسكو بوجوب مشاركة رياضييها كممثلين عن بلدهم. 

الباب لا يزال مفتوحاً أمام مشاركة الرياضيين الروس والبيلاروسيين، فـ”القرار النهائي سيُتخذ في وقته”، وفقا لرئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ.

إجابات جاهزة وألعاب أولمبية موازية

“درج” راسل المكتب الصحافي للجنة الأولمبية الدولية للاستفسار منها عن آلية اتخاذ القرار وطبيعة العلاقة بين الهيئة التنفيذية والاتحادات الدولية الرياضية، ليحيلنا المكتب إلى منصة إلكترونية تحتوي على الإجابات المطلوبة.

في معرض ردها على الأسئلة المطروحة، أشارت اللجنة في مناسبات عدة، الى أنها صاحبة القرار النهائي في ما يخص مشاركة الرياضيين الروس والبيلاروسيين وبمعزل عن نتائج التصفيات المؤهلة ومعاييرها المقررة من جانب الاتحادات الدولية الرياضية.  

على خط مواز، تتعرض اللجنة الأولمبية الدولية إلى ضغوط خارجية، لا سيما من دول منغمسة بدورها في نزاعات مسلحة. غاية تلك الدول تجنب تحويل إقصاء روسيا وبيلاروسيا إلى قاعدة، ما قد يعرضها مستقبلاً للمصير ذاته.  

لكن الضغط الأبرز الذي تتعرض له اللجنة الأولمبية الدولية، هو التلويح الروسي بتنظيم دورة ألعاب أولمبية موازية تضم مجموعة دول البريكس الخريف المقبل.  بالنظر إلى تنامي النفوذ الاقتصادي والجيوسياسي للدول الأعضاء في هذا النادي كما إمكان توسيعه ليشمل أعضاء جدداً، يُخشى أن تجذب هذه المسابقة مجموعة من الدول الناشئة لتتحول مع مرور الوقت إلى منافس للألعاب الأولمبية، ما يؤدي ربما إلى تآكل الأولمبياد بصيغته الحالية. 

اللافت أن الجهات المؤيدة إقصاء الرياضيين الروس والبيلاروسيين، ترفع، كما معارضي الإقصاء، لواء السلمية. 

الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا دعت في 22 حزيران/يونيو، إلى منعهم من المشاركة طالما “الحرب العدوانية الروسية ضد أوكرانيا لا تزال مستمرة”، في رفض مسبق لفرضية السماح بالمشاركة بصفة فردية ومحايدة. الجمعية شككت في حياد الرياضيين الروس والبيلاروسيين: “معظمهم أعضاء في فرق رياضية عسكرية، ما يعني حكماً لجوء الكرملين إلى تجيير إنجازات رياضييه دعائياً”.

تستند الجمعية في ذلك إلى جملة من الشواهد التاريخية: يدرك فلاديمير بوتين أهمية الدعاية، بخاصة في المجال الرياضي، وهو ما تجلى في سعيه إلى استضافة مسابقات عدة مثل دورة الألعاب الأولمبية الشتوية عام 2014 وبطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2018. يتوقف الباحث في الشأن الروسي لوكاس أوبان، بشكل خاص، عند تنظيم روسيا دورة الألعاب الجامعية عام 2013 التي سخرت لها إمكانات تتجاوز حجمها وأهميتها الفعلية. 

على خط موازٍ، تصر دول عدة على إقصاء الرياضيين الروس والبيلاروسيين من المسابقات الرياضية. موقف عبرت عنه بولندا ودول البلطيق التي اعتبرت، بما معناه، أن عدم إبراز جنسية الرياضي لا قيمة له طالما استمرت الجهة الداعمة بأداء عملها كالمعتاد. بولندا ذهبت أبعد من ذلك في رفضها منح تأشيرات للمبارزين الروس المشاركين في بطولة المبارزة الأوروبية، في حزيران الماضي، على رغم التوصيات الجديدة للجنة الأولمبية الدولية، ما دفع بالاتحاد الدولي للمبارزة إلى نقل البطولة إلى بلغاريا. 

أما وزيرة الرياضة البريطانية، لوسي فرايزر، فتوجهت بدورها إلى الشركات العالمية الراعية للمسابقة (كوكا كولا، سامسونغ، إيرباص…) داعية إياها إلى “اتخاذ موقف يؤيد فرض حظر مستمر على الرياضيين الروس والبيلاروسيين” لمنع روسيا وبيلاروسيا من استخدام الرياضة لأغراض دعائية، على حد تعبيرها. 

عمدة باريس، آن هيدالغو، عبرت في محطات عدة عن عدم رغبتها في حضور رياضيين روس وبيلاروسيين إلى العاصمة الفرنسية حتى ولو تحت راية محايدة. هيدالغو وصفت باريس “بمدينة حقوق الإنسان” التي “تبرق بقيمها وليس فقط بمعالمها”، والراية المحايدة “تحرف الأنظار عن جوهر المشكلة” أي “القنابل المتساقطة على أوكرانيا”. هيدالغو دعت الرياضيين الروس والبيلاروسيين الراغبين في المشاركة، إلى الانضمام للفريق الأولمبي للاجئين. 

حتى الساعة، لم يصدر أي موقف واضح عن الدولة الفرنسية، لكن بالنظر إلى اصطفافها الدبلوماسي، لا تستبعد مصادر صحافية اتخاذ باريس قراراً سيادياً مراعاة لصورتها، أي امتناعها عن منح الرياضيين الروس والبيلاروسيين تأشيرات لدخول أراضيها.