fbpx

وقود مجاني للطهي والتدفئة… الحطب يهدّد الغطاء النباتي في السودان

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

وضعت حرب جنرالات السودان ملايين المدنيين أمام وضع قاسٍ، فهم يواجهون الموت والإصابة والإخفاء القسري والتهجير وفقدان الوظائف وحرية الحركة، إلى جانب الضغط الهائل على النظام الصحي.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

دفع الشحّ الشديد في غاز الطبخ وارتفاع سعره، هالة عبد الرحيم، إلى جمع الحطب من الأشجار لاستخدامها وقوداً لطهي الطعام،  على رغم معرفتها الجيدة بأثر هذا الفعل على الغطاء النباتي.

تقول هالة لـ “درج”، إن ما يحفظ حياة الإنسان مُقدّّم على كل شيء، فقد انعدم الفحم النباتي وغاز الطبخ في منطقة الجيلي، شمال الخرطوم بحري، ولا نملك سوى قطع الأشجار لإعداد الطعام، رغم احتمال التعرض للمخاطر في ظل استمرار الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع خلال جمع الحطب.

هذا السلوك أصبح شائعاً في معظم أنحاء العاصمة الخرطوم والولايات الأخرى، حيث يتطلب الحصول على أسطوانة الغاز المنزلي بحثاً مُضنياً، وفي حال تم العثور عليها، فسعرها على الأقل 32 ألف جنيه سوداني (نحو 57 دولاراً أميركياً).

نشرت وكالة السودان للأنباء ــ رسمية ــ في 19 تموز/ يوليو الماضي، تقريراً، يتحدث عن لجوء عدد من سكان حي هجيليجة، جنوب أم درمان، إلى قطع أشجار الهجليج واستخدامها وقوداً لطهي الطعام، بعد نفاد غاز الطبخ من المنازل.

نزاعات محتملة بسب قطع الأشجار

في قرية قنب الحلاوين، التابعة لمدينة الحصاحيصا بولاية الجزيرة وسط السودان، تجمع طاهرة بدوي حطب الأشجار بالقرب من القرية قبيل مغيب الشمس، تمهيداً لاستخدامه صباح اليوم التالي في إعداد “الكسرة”، وهي طبق شعبي يُؤكل في معظم أنحاء السودان، ويُعدّ من الذرة الرفيعة بعد طحنها.

تشير طاهرة، في حديثها  لـ”درج”، إلى أنها تستخدم ما تبقى من نار الحطب في إعداد الطعام بعد الانتهاء من عواسة الكسرة، نظراً الى انعدام غاز الطبخ وارتفاع أسعار الفحم المستخرج من حرق أشجار الغابات، إذ وصل سعر “الشوال” إلى 35 ألف جنيه، بينما كان لا يتعدى سعره قبل الحرب في 15 نيسان/ إبريل المنصرم الـ 10 آلاف جنيه.

لا تتوافر في الأسواق السودانية مواقد تعمل بالوقود، كما يصعب استخدام المساخن الكهربائية في ظل انقطاع التيار لساعات طوالٍ، ما يدفع السودانيين إلى استخدام حطب الأشجار، على رغم أنه يُزيل الغطاء النباتي، وقد يقود الى نزاعات محتملة بين الرعُاة والمزارعين في مناطق لم تشهد هذا النوع من الصراعات.

يُستخدم حطب الأشجار، أيضاً، في تشييد مآوٍ مؤقتة للنازحين، وقد تسببت الحرب الحالية في فرار 2.6 مليون شخص من منازلهم، بعضهم يقيم في مدارس متوقفة عن الدراسة ومقار حكومية أخرى، فيما كان يوجد في السودان قبل الحرب 3.7 مليون نازح نتيجة لنزاعات متّصلة، منها المتعلّقة بالصراع على الموارد، إضافة إلى أن السودان يأوي أكثر من مليون لاجئ.

“إن إزالة الغطاء النباتي لعدم وجود الغاز وانقطاع الكهرباء لتلبية احتياجات المواطن من الطاقة، أمر مؤسف، على رغم أن المواطن يضطر إلى إزالته للبقاء على قيد الحياة”.

“إبادة حياة متكاملة”

أدت الحرب الحالية إلى تغيير نمط حياة معظم السودانيين، بما في ذلك ثقافة الغذاء، بعد فقدان كثر وظائفهم وأعمالهم التجارية، ما يزيد من استخدام حطب الأشجار باعتباره وقوداً مجانياً، ولا شك في أن تزايد قطع الأشجار سيقود إلى تغيير بيئي خطير.

يقول الخبير البيئي إسماعيل الجزولي، إن للغطاء النباتي فوائد اقتصادية، منها الثمار و تثبيت التُربة، إضافة إلى أنه يُلطف الجو ويمتص ثاني أكسيد الكربون؛ لكن هذا الغطاء مهدد بالإزالة دائماً في حالة النزاعات، بخاصة إن بدأ النازحون الذين لا يملكون عملًا لتوفير احتياجات أسرهم، بممارسة الاحتطاب تجارياً.

يشير الجزولي إلى أن مخاطر إزالة الغطاء النباتي تتمثل في تصحّر التربة وجرفها وجعلها غير صالحة للزراعة، علاوة على المساهمة في زيادة انبعاث غازات الاحتباس الحراري ورفع حرارة الأرض، وبمرور الوقت تقل الأمطار وقد يُصاب الناس بالأمراض.

يوضح الجزولي لـ “درج”، بأن في الغابة حيوانات برية وطيوراً وحشرات وزواحف، وهي تحفظ التوازن البيئي في المنطقة، وبمجرد إزالة الغطاء النباتي يعني أنك أبدت حياة متكاملة.

يؤكد الجزولي أن الأسرة الواحدة تحتاج الى أسطوانة غاز بوزن 12.5 كيلوغرام شهرياً، فيما يمكن أن تستهلك “شوالين” من الفحم النباتي، نظراً الى هدر الطاقة في الموقد، كما أن عملية حرق حطب الأشجار وتحويله إلى فحم يُفقدانه 75 في المئة من الحرارة، ولذلك فهو غير مجدٍ اقتصادياً.

تشكّل مساحة الغابات نحو 12 في المئة من مجمل أراضي السودان، وهي تُساهم في 3.3 في المئة من إجمالي الناتج القومي، فيما يتحدث متخصصون عن أنها تُساهم في أكثر من 12 في المئة، إذ إنها توفر 69 في المئة من ميزان الطاقة و70 في المئة من الأعلاف للماشية في فصل الصيف.

إزالة الأشجار للحفاظ على الحياة

يقول أمين عام المجلس الأعلى للبيئة، بشرى حامد، إن الغطاء النباتي هو الرئة التي تتنفس منها المناطق، فهو يطلق الأوكسجين ويمتص الغازات السامة وغازات الاحتباس الحراري؛ إضافة إلى أنه من العوامل المهمة في مقاومة التغيرات المناخية. 

يضيف لـ “درج”: “إن إزالة الغطاء النباتي لعدم وجود الغاز وانقطاع الكهرباء لتلبية احتياجات المواطن من الطاقة، أمر مؤسف، على رغم أن المواطن يضطر إلى إزالته للبقاء على قيد الحياة”.

يشير حامد إلى أن المناطق التي تُقام فيها معسكرات النزوح واللجوء، من دون توفير احتياجات النازحين واللاجئين من الوقود والطاقة، يدفعهم إلى قطع الأشجار لبناء منازل مؤقتة واستخدامها وقوداً للطهي، وقد يقود هذا الى إزالة غابة كاملة في غضون ثلاثة إلى أربعة أشهر، بينما يتطلب استزراعها قرابة الـ 15 عاماً.

يتابع: “ما يُفقد من الغابات لا يتم استرداده، لضعف الإمكانات وغياب السياسات والخطط الرشيدة وضعف الرقابة وعدم تطبيق القانون. وفي المجمل، ستزيد إزالة الغطاء النباتي من التأثر بالتغيرات المناخية وإضعاف الحياة وتصحر التربة وقلة الموارد والتنافس عليها، ما يؤدي الى اندلاع حروب بين السكان”.

يشدد حامد على أن هناك علاقة قوية بين التدهور البيئي والمنافسة على الموارد واشتداد النزاعات، متوقعاً إزالة 4 في المئة من غابات السودان حال استمرار استخدام الأشجار وقوداً للطهي بوتيرته الحالية لمدة عام. يضيف، أنه لا توجد حلول في الوقت الراهن إزاء إزالة الغطاء النباتي، نظراً الى عدم فعالية مؤسسات الدولة وانعدام الأمن وصعوبة الحركة.

وضعت حرب جنرالات السودان ملايين المدنيين أمام وضع قاسٍ، فهم يواجهون الموت والإصابة والإخفاء القسري والتهجير وفقدان الوظائف وحرية الحركة، إلى جانب الضغط الهائل على النظام الصحي، ما تركه قابلًا للانهيار في أيّ لحظة، وها هي الحرب الآن تدفع السودانيين نحو إزالة الغطاء النباتي في سبيل الحفاظ على حياتهم. 

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.