fbpx

ساحة السير بالسويداء حيث عُلقت تنكة سمنة على يد حافظ الأسد

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

هل سيواجه النظام الاحتجاجات بالقوة كما فعل قبل عقد؟ كل الاحتمالات اليوم مطروحة في ثورة تخرج مشتعلة من تحت الرماد مرة تلو الأخرى، لكن الأمر المؤكد الوحيد بأن الديكتاتور لم يتمكن من قتل توق الشعب السوري الى الحرية والعدالة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تحمل ساحة السير/ الكرامة، حيث يحتج أهل مدينة السويداء اليوم، الكثير من الذكريات السياسية، التي تقول إن هذه المدينة لديها تاريخ قديم في معارضة نظام الأسد، إذ يتناقل أهل المدينة الكثير من القصص همساً حول هذه الساحة، أكثرها حماسة هي حادثة وقعت آواخر الثمانينات.

استفاق أهل مدينة السويداء على تنكة سمنة فارغة معلّقة في يد تمثال حافظ الأسد وسط ساحة السير. تناقل الناس هذه اللحظة من جيل الى جيل وحيّوا البطن الذي حمل من قام بهذا الفعل. تكاد كل الأجيال في المدينة تعرف هذه القصة، ورغم أنه لم تكن هناك وسائل تواصل اجتماعي منتشرة ولم تكن هناك فرصة لتصوير المشهد المهيب، إلا أن أهالي المدينة تمكنوا من حفظ هذه الحادثة بطريقة أو بأخرى.

 عاشت سوريا في تلك الفترة أزمة غذائية خانقة، إذ انقطعت المواد المستوردة والدخان، وكانت هناك أزمة في الصناعات التحويلية والغذائية، ولم يكن الناس معتادين على تناول السمنة النباتية التي أشيع أنها مضرّة، أزمة شبيهة إلى حد ما بما يحدث اليوم. استمر السوريون في سخريتهم السياسية من عائلة الأسد، فبعد فتح عدد من محلات الشاورما في الساحة جانب تمثال حافظ الأسد، صار الناس يسخرون بجملة “بدي خمسة شاورما”، والتي استوحوها من يد الأسد الأب التي تلوّح بأصابعها الخمسة. الساحة نفسها كانت شاهدة على الثورة السورية، ومحاولات تحطيم التمثال كانت موجودة منذ عهد الأب، فقد حاول البعض تحطيمه في الثمنانينات وتعرضوا للحبس سنوات طويلة على أثر ذلك. تكررت محاولات تحطيم التمثال وإنزاله من وسط ساحة السير بداية الثورة عام 2011، لكن المحتجين لم ينجحوا حتى فعلوها عام 2015 بعد اغتيال وحيد البلعوس، زعيم حركة “رجال الكرامة”، فتمكنوا من إنزال التمثال، لينقله النظام لاحقاً إلى مبنى المحافظة، حيث لُفَّ ووُضع في الخلف ولم يتم إرجاعه خوفاً من تشويهه.

ينتهج النظام سياسة التجاهل الكامل لما يحصل في السويداء، ولم تحضر أي من قواته بين المتظاهرين، على عكس ما حصل سابقاً.

تتصدر ساحة السير وسط مدينة السويداء الأخبار اليوم، الساحة التي بات يطلق عليها أيضاً ساحة الكرامة، هي نقطة حيوية تقع بين شوارع المدينة الأساسية، بين شارع البلاط والمحوري، قريبة من مبنى المحافظة ودائرة الهجرة والجوازات ويطل عليها مبنى مالية السويداء. في وسطها كان يتربع تمثال حافظ الأسد، حيث يجلس شباب ورجال يعملون في العتالة أو البناء منتظرين من يريد منهم عملاً، وحيث كان يرفع تمثال حافظ الأسد يده كان البؤس ينتشر. اليوم، تحولت ساحة السير/ الكرامة إلى رمز للثورة ومكان يجمع أبناء المحافظة من جميع القرى والبلدات، الساحة التي كان يتربع عليها تمثال الأسد، يمتلكها اليوم السوريون الذين يسعون إلى التغيير السياسي، وهو جزء من الصورة التي اشتعلت قبل 13 عاماً. هذا الحراك هو إثباتٌ لتنوع الثورات وتغيير أشكالها وأوقاتها، فالثورات غير متوقعة ولا يخطَّط لها، كما يحاول النظام الادعاء. في سوريا، قد يوضع رئيس بشكل مسبق ومخطط من دون إرادة من الشعب، لكن الثورات لا يخطط لخلقها أو البدء بها، إذ إنها تبدأ حينما تشاء وكيفما تشاء. ساحة السير اليوم والتي يبدو أنها سُميت نسبة إلى انتظار الباصات والسيارات فيها، غدت ساحة الكرامة والثورة التي هي من حق كل سوري.

في الأيام الأولى، كانت الاحتجاجات خجولة وهو أمر متوقع بسبب مخاوف الناس بعد 13 عاماً من المجازر والقتل والبراميل التي لم يبخل بها نظام الأسد، لكن يوماً بعد آخر يبدو أن حاجز الخوف أخذ في الذوبان كاشفاً عن غضب شعبي ووعي سياسي، فذكرنا أهل السويداء أن ثورتهم ليست احتجاجاً على الجوع، رغم أن هذا مطلب محق، بل هي طلب للحرية والعدالة.

لجأ النظام إلى تخويف المدينة من خطر “داعش” طوال سنوات، محاولاً إنعاش مخاوف الأقلية وتغذية الخوف من التطرف. ولم تتردد لونا الشبل، المستشارة الخاصة في رئاسة الجمهورية والمنحدرة من مدينة السويداء، في تهديد السكان بـ”داعش” في حال لم يرسلوا أبناءهم إلى الخدمة العسكرية. رغم ذلك، رفض السكان في غالبيتهم إرسال أبنائهم إلى الخدمة. وهو ما تحقق في عام 2018، فهجم “داعش” على بعض قرى “جبل العرب”، لكن وعلى عكس المتوقع خسر التنظيم سريعاً أمام أبناء المدينة الذين أبدوا مقاومة لا مثيل لها. بكل الأحوال، السويداء اليوم أكثر وعياً لخطر “داعش” الذي يغذيه النظام، وتقوم الحركات المسلحة المحلية بتمشيط لمناطق البادية بين الحين والآخر للتأكد ألّا خطر قريب للتنظيم.

أما النظام فينتهج سياسة التجاهل الكامل لما يحصل في السويداء، ولم تحضر أي من قواته بين المتظاهرين، على عكس ما حصل سابقاً. ربما يعول النظام على الوقت وعلى ملل المحتجين مع الأيام قبل أن يفكر بخطوات جدية. لكن تزايد الاحتجاجات لليوم الرابع يشي بأن الناس لن تمل قريباً. علماً أنه لم يصرح أي مصدر رسمي بأي بيان حول الاعتصام، ما عدا صحيفة الوطن الرسمية التي تحدثت عن أن الاحتجاجات تعطل حياة الناس وأعمالهم من دون أن تأتي على ذكر مطالب الناس وتدهور الوضع المعيشي!

لا يمكن توقع خاتمة أو نهاية للاحتجاجات في السويداء، هل ستنتهي أم تتوسع، وهل ستنضم إليها المدن الأخرى، بخاصة مع انتشار دعوة عامة للمناطق الواقعة تحت سيطرة النظام للاحتجاج يوم 25 آب/ أغسطس؟! هل سيواجه النظام الاحتجاجات بالقوة كما فعل قبل عقد؟ كل الاحتمالات اليوم مطروحة في ثورة تخرج مشتعلة من تحت الرماد مرة تلو الأخرى، لكن الأمر المؤكد الوحيد بأن الديكتاتور لم يتمكن من قتل توق الشعب السوري الى الحرية والعدالة.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.