fbpx

“باسبورات الكاريبي” – الأردن:
سمير الرفاعي… معارضة في العلن وتهافت في الخفاء على الجنسيّة المزدوجة 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بعد عامين من قوله إنه لا يفضّل حصول الأردنيين على أيّ جنسيات أخرى، رئيس الوزراء الأردني السابق سمير الرفاعي يدفع مئات الآلاف من الدولارات ليصبح هو وأفراد عائلته مواطنين في دولة دومينيكا في البحر الكاريبي.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في عام 2016، اجتمع النواب الأردنيون لتقرير ما إذا كان ينبغي إلغاء القانون الذي يحظّر على الأردنيين الذين يحملون جنسية مزدوجة، شغل مناصب تنفيذية رفيعة. أثارت هذه المسألة جدلاً وطنياً، وقد أعرب نائب رئيس مجلس الأعيان الأردني سمير الرفاعي عن رأيه فيها بمنتهى الوضوح. إذ كتب على حسابه في موقع “فيسبوك”: “من وجهة نظر شخصية خاصة، لا أحبذ بشكل عام أن يحمل الأردني جنسية أخرى”. مضيفاً: “وهذا ينطبق على عائلتي والأقرباء مني. لكن هذا لا ينفي حق الأردني في حمل الجنسية الأجنبية”.

انتهت فترة ولاية الرفاعي في رئاسة الوزراء قبل سنوات عدة، في كانون الثاني/ يناير من عام 2011، وذلك عندما طالب المحتجون الذين خرجوا في انتفاضة الربيع العربي بإقالته. لكن نشاطه السياسي ظل مستمراً، مع تعيينه عضواً في مجلس الأعيان الأردني منذ عام 2013، وبقائه واحداً من أقرب المقربين من الملك عبد الله الثاني.

وبعد فترة قصيرة من منشوره على “فيسبوك”، سمح النواب الأردنيون لِحاملي الجنسية المزدوجة بتسلّم مناصب تنفيذية رفيعة. 

وبعد عامين، اشترى الرفاعي جنسيةً ثانية، لنفسه ولزوجته السابقة ولأبنائه الثلاثة، من دولة دومينيكا في البحر الكاريبي، بحسب ما أظهرته تحقيقات مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد العابر للحدود وشركائه.

في ذلك الوقت، كان برنامج دومينيكا لمنح الجنسية عن طريق الاستثمار، يسمح للعائلات بشراء الجنسية من خلال المساهمة بمبلغ قدره 200 ألف دولار في صندوق إنمائي أو الاستثمار في العقارات المحلية، إضافة إلى دفع رسوم أخرى.

تمكنت عائلة الرفاعي من الحصول على جوازات السفر -التي تسمح لحاملها بِالسفر من دون تأشيرة إلى وجهات رئيسية كثيرة في جميع أنحاء العالم- من خلال مجموعة “رينج ديفيلوبمنتس” -وهي شركة متخصصة في  مجال الاستثمار العقاري والضيافة وبرامج “منح الجنسية من خلال الاستثمار” في منطقة الكاريبي، وذلك وفقاً لقائمة عملاء حصل عليها المراسلون الصحافيون.

دومينيكا: جوازات السفر الكاريبية

دومينيكا: “جوازات السفر الكاريبية”، هو تحقيق تعاوني عابر للحدود حول برنامج دومينيكا لمنح الجنسية عن طريق الاستثمار، ينفَّذ بالتعاون بين “مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد العابر للحدود occrp” و”مشروع مساءلة الحكومة”، وهي منظومة غير ربحية مهمتها حماية المبلغين عن الجرائم ومناصرتهم في واشنطن، وأكثر من ا12 شريكاً إعلامياً دولياً.

بدأ الأمر بعدما حصل “مشروع مساءلة الحكومة” على أسماء ما يقرب من 7700 شخص اشتروا جوازات سفر دومينيكا في الفترة بين عامي 2007 و2022. وقد جُمعت هذه الأسماء من وثائق رسمية نشرتها حكومة دومينيكا، وأيضاً من خلال وثائق مسرّبة وملفات خاصة ببعض الشركات. 

وتُظهر تحقيقاتهم كيفية حصول أفراد بارزين سياسياً ومجرمين مزعومين وفارين من العدالة، وغيرهم من الأشخاص شديدي الخطورة، على جنسية دومينيكا، التي بمجرد شرائها بإمكان حاملها السفر إلى وجهات رئيسية كثيرة في جميع أنحاء العالم من دون تأشيرة. باعت دومينيكا أيضاً عدداً كبيراً من جوازات السفر لشخصيات سياسية معروفة.

في ردّ سابق على أسئلة الصحافيين، قال محامٍ أردني موكل عن الرفاعي، إن السياسي البارز وعائلته “قد تصرفوا بطريقة صحيحة طوال الوقت ووفقاً للبروتوكولات والإجراءات الرسمية السليمة”، خلال عملية شرائهم جوازات السفر الدومينيكية. وأضاف أن “سبب حصول الرفاعي على جواز سفر دومينيكا هو السماح لأفراد عائلته بالاستفادة من مزايا هذا الجواز، الذي يسهل السفر أو التمتع بخيارات عمل في مختلف أنحاء العالم”. ووفقاً لهذا المحامي، فإن العائلة استثمرت في فندق على الجزيرة الكاريبية تديره مجموعة “فنادق كمبينسكي”، وهي شركة إدارة فنادق فاخرة، للحصول على الجنسيات الجديدة.

وقال المحامي إن الرفاعي “مرّ بإجراءات التدقيق المفصلة والعناية الواجبة” العادية للحصول على جواز السفر، وإنه لم يستخدمه مطلقاً ولم يؤدِّ قسم الولاء لِلجزيرة الكاريبية. وتابع، “يرجى العلم أن الحصول على جنسية دومينيكا من خلال برنامج الاستثمار لا يتطلب أيّ نوع من القسم بالولاء أو الإخلاص للدولة”.

وفي ردّ لاحق، قالت شركة محاماة في لندن إن الرفاعي لم يقل إنه يجب على المسؤولين التخلّي عن الجنسية المزدوجة في كل الحالات. وكتبت الشركة، “تظهر المشكلة فقط إذا توجب على الشخص القسم بالولاء المطلق لدولة أخرى، وهذا لا يتفق مع القسم المماثل الذي أدوه سابقاً”.

وأوضحت أن الرفاعي كتب منشوره على “فيسبوك” قبل التعديلات الدستورية الأخيرة، التي تسمح للمسؤولين البارزين بحمل جنسية مزدوجة، مضيفةً أنه “لا فرق بين الدول التي تُلزم الشخص بأداء قسم الولاء وتلك التي لا تتطلب ذلك. فقد أقسم موكلنا على احترام الدستور الأردني، لهذا فهو لا يرغب ولا يحتاج إلى التعليق أكثر على هذه المسألة حالياً”.

ويذكر كثر من الوسطاء -وكذلك حكومة دومينيكا نفسها- على مواقعهم الإلكترونية، أن أداء القسم مطلوب لاستخراج جواز السفر.

“لا يُمنح الشخص وثيقة الجنسية حتى يؤدي أولاً اليمين أو قسم الولاء”، وذلك وفقاً لقانون المواطنة في كومنولث دومينيكا.

وقال أحد الوسطاء لـ occrp، إن القسم يؤدَّى بعد الموافقة على طلب الجنسية، وقبل حصول الشخص على وثيقة الجنسية الدومينيكية الرسمية”. مضيفاً أنه “إذا لم يؤدِّ الشخص القسم، فلن يُمنح الجنسية، ولا توجد أيّ استثناءات. ولا يُمنح أيّ شخص إعفاء من أداء القسم، الذي يعد أمراً إلزامياً للجميع”.

لم تتلقّ occrp رداً من السلطات الدومينيكية عمّا إذا كان الرفاعي قد أدى القسم أم لا. 

أداء قسم الولاء مرتين

أصبحت مسألة الجنسية المزدوجة قضية حيوية بعدما طالب المحتجون في انتفاضة الربيع العربي بوضع حدٍّ للسياسات الاقتصادية النيوليبرالية، التي رأوا أنها من نسج وتدبير باسم عوض الله، الذي يحمل الجنسيتين الأردنية والأميركية، والذي شغل سابقاً منصب وزير التخطيط والمالية قبل أن يصبح رئيس الديوان الملكي الهاشمي الأردني. وهو محكوم بالسجن لمدة 15 عاماً بتهمة “التحريض ضد الدولة وإثارة الفتنة”.  

بعد إقالة الرفاعي عقب موجة التظاهرات ذاتها، أقرت الحكومة الأردنية الجديدة عدداً من التعديلات القانونية لتلبية دعوات الإصلاح الشامل. 

وقد تعلّق أحد هذه التعديلات بالجنسية المزدوجة. فوفقاً لتعديلات أُدخلت في العام 2011، ليس بإمكان المواطنين الذين يحملون جنسية مزدوجة تولّي مناصب حكومية تنفيذية. ونتيجة لذلك، استقال كثر من السياسيين، من بينهم نائبان، هما رجل الأعمال والمليونير الأردني – الكندي طلال أبو غزالة، و جراح العيون الرائد البريطاني الأردني الدكتور خالد الشريف. 

وقال أبو غزالة، رئيس “مجموعة طلال أبو غزالة الدولية” لـ occrp: “كنت أول مسؤول يقدم استقالته بعد إقرار التعديلات الجديدة، لأنني أحترم القانون بغض النظر عن موافقتي أو رفضي له”. بينما تخلّى آخرون على مضضٍ عن جنسيتهم الثانية، وذلك امتثالاً للقانون. فقد أعلن عماد بني يونس، الذي كان نائباً برلمانياً حينها، تخلّيه عن جنسيته الأميركية، لكنه أعرب عن أسفه للقانون الجديد، ووصفه بأنه “ظلم كبير” للأردنيين. 

لم يردّ بني يونس على سؤال الصحافيين عن تخلّيه عن جنسيته الأميركية. كما رفضت السفارة الأميركية في الأردن التعليق حول ما إذا كان بني يونس قد تخلى فعلياً عن جنسيته الأميركية، متعذّرة بمواد قانونية تحمي الخصوصية. لكنها عرضت على الصحافيين تقديم شرح حول مسار طالب التنازل عن الجنسية.

لكن بعد خمس سنوات، وبعدما أصبحت انتفاضات الربيع العربي من ذكريات الماضي، أعرب بعض صناع القرار عن قلقهم من أن القانون الجديد يحرم الأردن من الاستفادة من عدد كبير من “الكفاءات التكنوقراطية والسياسية”، وفق ما قال بسام حدادين لـoccrp، وهو نائب حالي في مجلس الأعيان، وكان آنذاك نائباً في مجلس النواب. وساد شعور بأن الأردن يخسر ذوي الخبرة والبراعة بسبب استبعاد أصحاب الجنسية المزدوجة من المناصب الرفيعة. 

أدت هذه المناقشات الإشكالية إلى تقسيم البلد إلى معسكرين: الأول، يضم مَن يعتقدون أن تخفيف القانون قد يؤدي إلى مزيدٍ من التقدم  والمشاركة من خلال الخبرة التي تقدمها طاقات تحمل جنسيتين. أما المعسكر الثاني، فيشمل مَن شعروا بأن ذلك يُشكل تهديداً “لقدسية القسم” لملك الأردن.

عبّر الرفاعي في المنشور الذي كتبه في شهر نيسان/ أبريل عام 2016، عن آرائه حول هذه المسألة، بما في ذلك الفرق بين ما يُعتبر أنه يمثل نوعين مختلفين من الجنسية المزدوجة. إذ كتب أنه لا ينبغي استبعاد الأردنيين الذين يحملون جنسية مزدوجة لأنهم ولدوا في الخارج أو لأن أحد والديهم يحمل جنسية أجنبية، من المناصب الرفيعة. لكن “الإشكالية”، على حد قوله، تحدث عندما يطلب مواطن أردني التجنّس بجنسية دولة أجنبية ويُشترط عليه أداء “يمين مطلق” بالولاء لتلك الدولة والانتماء إليها، مضيفاً أن هذا القسم قد يتعارض مع القسم الذي أداه سابقاً ليصبح نائباً أو وزيراً أو عضواً في مجلس الأعيان الأردني.

لاقى منشور الرفاعي تفاعلاً واستحساناً كبيراً من متابعيه، مع تضمّن التعليقات كلمات مثل “الولاء” و”الوطن”. لكن قانون الجنسية المزدوجة في الأردن أُلغي في الشهر التالي مباشرةً. 

وخلال إعلانه عن القانون الجديد، قال عبدالله النسور، رئيس الوزراء آنذاك، إنه “ليس هناك ما يدعو الى القلق ما دام الشخص قد أقسم بالولاء للملك واحترام الدستور”.

وبعد سنتين من إعادة التعديل، تحديداً في عام 2018، أصبح الرفاعي رسمياً مواطناً دومينيكياً يحمل جواز سفر  هذه الجزيرة الكاريبية. 

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.