fbpx

“قد يمنحك دخلاً معتبراً”: التبرّع بالدم مقابل كيلوغرام من اللحم

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

التبرع بالدم في العادة، يكون دائماً بهدف إنساني لإنقاذ الأرواح، ولكن النظام المصري يسعى الى تحويله لمشروع تجاري يعمل فيه الشباب لتحقيق الربح، ربح لا يكفي لشراء وجبة ربما تنفد بعد يوم واحد فقط من طهيها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

التبرع بالدم قد يمنحك “دخلاً معتبراً”، ملخص خطاب ألقاه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال جلسة “العدالة الاجتماعية والصحة” في مؤتمر “حكاية وطن”، في 2 تشرين الأول/ أكتوبر، مشيراً في حديثه إلى أن شباب الجامعات يمكنهم التبرع بالدم مرة أسبوعياً، أو مرة كل أسبوعين، لتحقيق دخل مادي، ومتابعاً أن مشروع التبرع بالبلازما كان حلماً له منذ أن كان وزيراً للدفاع.

لا أرى حالياً، سوى صورة واحدة لعشرات المواطنين يقفون في طابور، ينتظرون الدور لبدء التبرع بدمائهم، للحصول على مبلغ يتراوح ما بين 200 الى 350 جنيهاً/ أي ما يتراوح ما بين 6 الى 11 دولاراً، ثم الخروج لشراء الطعام. بالكاد يكفي هذا الرقم لشراء كيلوغرام من اللحم، أو دجاجة و6 بيضات، ربما يكفي لإعداد وجبة غداء لأسرة مكونة من 4 أفراد، يتناول خلالها الأطفال البروتين، بينما يكتفي الأب والأم بتناول الأرز أو المكرونة لتوفير باقي البروتين من لحم أو دجاج لليوم التالي للأبناء، ليعود رب الأسرة أو أحد أفرادها الى التبرع مجدداً، فأين العدالة الاجتماعية والصحية من هذا كله؟

في 14 حزيران/ يونيو من كل عام، تحتفل الأمم المتحدة بـ”المتبرعين بالدم”، للتأكيد على أن التبرع بالدم هو أغلى ما يمكن أن يقدمه شخص لآخر لإنقاذ حياته. تتمحور الفكرة حول مدى إنسانية الفعل، لمساعدة الآخرين وإنقاذ حياتهم، لكنها تتحول من خلال حديث الرئيس الى مشروع تجاري. والغريب، أنه تحدث عنه مستخدماً مصطلح “دخل معتبر”، وكأنه يتحدث عن مشروع من المشروعات الصغيرة التي يسعى الشباب الى بدء الحياة بها.

حديث الرئيس لم يأتِ من فراغ، إذ صدر بالفعل في نيسان/ أبريل 2021، قانون نشرته الجريدة الرسمية حينها، تُنظَّم من خلاله عمليات الدم وتجميع البلازما، لتصنيع مشتقاتها وتصديرها. وذكرت المادة الرابعة من الفصل الثاني من هذا القانون، أن التبرع بالدم يجب أن يكون من دون مقابل تطوعياً. أما في مادته الـ11، فنصّ القانون على أن تلتزم مراكز تجميع البلازما بمنح المتبرع “تعويضاً”، يتناسب مع نفقات الانتقال ومقابل التغذية وساعات العمل. هذا التعويض قدرته اللائحة التنفيذية للقانون رقم 8 في المادة 25، بما لا يقل عن 200 جنيه ولا يزيد عن 350 جنيهاً عن جلسة التبرع الواحدة، على أن يُعاد النظر في هذه القيمة كل 5 سنوات.

في عام 2020، تم توقيع عقد شراكة استراتيجية للتعاون بين جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة وشركة “غريفولز” الإسبانية للمستحضرات الدوائية، وهو بمثابة شراكة استراتيجية بين المؤسستين لتعزيز سوق العلاج من مشتقات البلازما عن طريق إنشاء أكثر من 20 مركزاً مجهزاً بأحدث الوسائل والمعدات الطبية العالمية لإنتاج البلازما وتجزئتها. وفي حزيران الماضي، أعلنت القوات المسلحة عن وصول الدفعة الأولى من  “الألبومين البشري”، والذى تم تصنيعه من البلازما المصرية في مصنع “غريفولز” بإسبانيا، والتى جُمعت بمراكز التبرع بالبلازما التابعة لشركة “غريفولز إيجيبت”. واختتم البيان بأنه “من المنتظر أن تستقبل مصر دفعات متزايدة من تلك الأدوية ارتباطاً بمعدلات التبرع بالبلازما وإرسالها إلى إسبانيا للتصنيع وإعادتها الى مصر مرة أخرى كأدوية حيوية مشتقّة من البلازما”.

“هخلي الولد ابني يتبرع كل أسبوع بكيس دم، علشان لما يكبر يلاقي مصاريف الجامعة”.

في حديث هاتفي مع إحدى صديقاتي، قالت ساخرة” “هخلي الولد ابني يتبرع كل أسبوع بكيس دم، علشان لما يكبر يلاقي مصاريف الجامعة”. صمتت صديقتي، وأنا أيضاً، فالحديث ليس مضحكاً بالفعل، بل يدل على أن الغذاء سيكون أمام تحديات كثيرة للمواطنين في الفترة المقبلة، في ظل ارتفاع مستمر في الأسعار، وفرص عمل قليلة، ومرتبات أقل، ليخرج النظام معترفاً بتلك الأزمات، من دون وضع سياسات لحلّها، بل إن الحلول مطلوبة دائماً من المواطن، ومنها التبرع بالدم.

 الحديث عن التبرع بالدم، والذي وُجّه الى شباب الجامعات، سبقه حديث عن الإنجازات والتنمية، إذ قال السيسي: “عندنا كتير أوي من العمل والجهد والمثابرة، ولو كان البناء والتنمية والتقدم ثمنه الجوع والحرمان فمناكلش ولا نشرب”، في إشارة واضحة الى تقديم البناء على الغذاء.

قبل عامين، تعرض والدي لأزمة صحية استمرت لـ7 أيام قبل وفاته، حينها طلب الطبيب أكياساً عاجلة من الدم. توجهت أنا وأشقائي الى مركز الدم في منطقة الشيخ حسانين بمدينة المنصورة، وهو أحد المراكز التابعة للدولة، وجاء رد الموظفين حينها أن فصيلة دمه غير متوافرة، فبدأنا بإجراء اتصالات مع مراكز في محافظات أخرى قريبة يمكننا الحصول منها على الدم، بخاصة أنني وأشقائي لم تنطبق فصيلة دمنا معها للتبرع. مع ذلك، لم نصل الى نتيجة، وكان أمامنا خيار واحد، وهو الذهاب الى أحد المستشفيات الخاصة والتبرع بأي فصيلة دم مقابل الحصول على الفصيلة المطلوبة، ودفع نحو 1000 جنيه مصري. وبالفعل، حددنا الموعد، ولكنّ والدي رحل قبل إتمام المهمة.

عند البحث عن دم لوالدي والبدء من منشور عبر “فيسبوك”، وجدت منشورات أخرى كثيرة مماثلة، فصائل مختلفة تبحث عن دم لمصاب جراء حادث أو مريض في حالة خطر، لتأتي الاستجابة دوماً من الأقارب أو الأصدقاء في حال توافر الفصيلة، أو النصح بالتوجه الى المراكز الخاصة، لأن المراكز التابعة للدولة لا يوجد فيها مخزون على رغم توافره في المستشفيات الخاصة، ولكن بمقابل مادي.

وفقاً للمعايير الطبية، هناك شروط يجب توافرها في المتبرع، في مقدمها أن يكون بصحة جيدة، والتي تقتضي في الأساس تناول طعام صحي وجيد للحفاظ عليها، وهو أمر صعب التحقّق بالنسبة الى أسر كثيرة، في ظل ارتفاع الأسعار، إذ بلغ معدل الفقر في مصر خلال العام 2019/ 2020 نحو 29.7 في المئة (ما يقرب من 30 مليون مصري). كما بلغ معدل الفقر المدقع (عدم القدرة على الإنفاق للحصول على الغذاء فقط “تكلفة البقاء على قيد الحياة”) 4.5 في المئة، ناهيك بأن 42.8 في المئة من سكان ريف الوجه القبلي (الصعيد) لا يستطيعون تأمين حتياجاتهم الأساسية من الغذاء.

بالعودة الى التبرع بالدم، يحذر الأطباء من التبرع ببلازما الدم أسبوعياً، بل يجب الانتظار فترة لا تقل عن 15 يوماً، وفقاً لتعليمات وزارة الصحة المصرية. أما إدارة الدواء والغذاء الأميركية، فتؤكد أنه لا يمكن التبرع بالدم كل شهر، ويجب الانتظار مدة لا تقل عن 8 أسابيع، فالجسم يستغرق 24 ساعة لتجديد البلازما وبين 4 الى6 أسابيع لتعويض الدم المفقود. كما تظهر على الجسم أضرار التبرع بالدم أكثر من مرة إذا تم ذلك في فترة أقل من أسبوعين، منها انخفاض ضغط الدم وتقلصات العضلات وصعوبة في التنفس، بالإضافة الى الإغماء والتقيؤ والتشنّجات.

التبرع بالدم في العادة، يكون دائماً بهدف إنساني لإنقاذ الأرواح، ولكن النظام المصري يسعى الى تحويله لمشروع تجاري يعمل فيه الشباب لتحقيق الربح، ربح لا يكفي لشراء وجبة ربما تنفد بعد يوم واحد فقط من طهيها.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.