fbpx

“أسرار قبرص”: داخل المحادثات السرية السورية لشراء معدات أميركية محظورة وحيوية لبقاء نظام الأسد

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
ICIJ

تكشف “أسرار قبرص” عن استخدام النظام السوري المعزول دولياً لوسيط قبرصي في محاولة للتهرب من العقوبات المفروضة على صناعة النفط في سوريا، ومحاولة شراء معدات أمريكيّة ضرورية لاستمرار نظام الأسد إثر اندلاع الثورة في سوريا عام 2011.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ديفيد كينر (الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين) 

ساهم في إعداد التحقيق محمد بَسّيكي (الوحدة السورية للصحافة الاستقصائية – سراج).

في يونيو/حزيران 2014، كانت الحرب الأهلية في سوريا تدخل أكثر مراحلها دموية. إذ استولت الميليشيات المتمردة على مساحات شاسعة من البلاد. وأقام تنظيم الدولة الإسلامية عاصمة بحكم الأمر الواقع في مدينة الرقة، وقريباً سيجتاح سوريا والعراق.

أما في العاصمة السورية دمشق، فقد أوشك الرئيس بشار الأسد على استنفاد موارده المالية ويحاول التشبث بالسلطة من خلال وسائل عنيفة على نحو متزايد. فقد شن نظامه هجمات بغاز السارين على ضواحي المدينة وأخضع المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات المعارضة للقصف والقنابل العشوائية.

وفي الشهر نفسه، أرسل مسؤول في الشركة السورية للنفط المملوكة للدولة، طلباً مقتضباً عبر الفاكس إلى شركة “إتش إيه كيبل للتصدير المحدودة”، وهي شركة استيراد وتصدير مسجلة في قبرص.

فقد أراد النظام السوري المساعدة في شراء معدات حفر – وهو أمر بالغ الأهمية للحفاظ على تدفق عائدات النفط للنظام – من شركة معدات النفط الأميركية العملاقة، “ناشيونال اويل ويل فاركو انك”.

قال المسؤول في الشركة السورية للنفط إنه تلقى رسالة من شركة “ناشيونال اويل ويل فاركو” التي أحالت جميع استفسارات المبيعات إلى شركة “إتش إيه كيبل للتصدير”. وكتب المسؤول السوري أن الشركة القبرصية “حصلت على إذن من شركة “ناشيونال اويل ويل فاركو” لتوريد قطع غيار أميركية أصلية من الشركة”.

على مدى السنوات الخمس المقبلة – وهي من أكثر سنوات الحرب الأهلية وحشية – ستناقش الشركة السورية للنفط والوسيط القبرصي شراء معدات من شركة “ناشيونال اويل ويل فاركو”.

ظهرت المراسلات المتعلقة بمعدات شركة “ناشيونال اويل ويل فاركو” في استعراض البيانات كجزء من تحقيق “أسرار قبرص”، وهو تحقيق أُجري بقيادة الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين ICIJ، بالتعاون مع الشركاء من أكثر من 60 وسيلة إعلاميّة، من ضمنها سراج ( الوحدة السورية للصحافة الاستقصائيّة) و”درج ميديا”،استناداً إلى وثائق مسربة، بما في ذلك وثائق من ست شركات قبرصية لتقديم الخدمات، يسلط المشروع الضوء على دور الجزيرة القبرصية في مساعدة الجهات الفاعلة الاستبدادية على التهرب من القوانين الغربية.

تم الحصول على المراسلات بين الشركة السورية للنفط وشركة “إتش إيه كيبل للتصدير” من شركة المحاماة القبرصية “ديميتريوس إيه. ديميتريادس ذ م م”، المعروفة اختصاراً باسم “دادلو” (DADLAW)، وهي واحدة من 14 شركة خارجية أخرى لتقديم الخدمات والتي شكلت وثائقها المسربة أساس تحقيق “وثائق باندورا” الذي أجراه الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين عام 2021. فقد كانت شركة “إتش إيه كيبل للتصدير” إحدى عملاء شركة “دادلو”.

واصلت الشركة السورية للنفط مجدداً مع شركة “إتش إيه كيبل للتصدير المحدودة” في رسالة فاكس في يونيو/حزيران 2016، أعربت فيها أنها تريد إجراء عملية الشراء من خلال الشركة القبرصية “بسبب العقوبات الأميركية”.

تتضمن سجلات شركة “دادلو” المراسلات السرية التي تناقش خمس صفقات منفصلة لتزويد الشركة السورية بمعدات حفر أميركية بين عامي 2014 و2019 في انتهاك للعقوبات الأميركية. كانت حكومة الأسد معزولة على الصعيد الدولي خلال هذه الفترة: فقد حظرت الولايات المتحدة تصدير أي سلع أو خدمات إلى صناعة النفط السورية منذ عام 2011. وقد أعلنت شركة “ناشيونال اويل ويل فاركو”، التي اعترفت في عام 2016 بانتهاك العقوبات المتعلقة بصفقات مع إيران والسودان وكوبا، للسلطات الأميركية أنها أوقفت جميع أعمالها مع سوريا قبل عام 2014.

بيد أنه في الوقت الذي زعمت فيه شركة “ناشيونال اويل ويل فاركو” علناً أنها تلتزم بالقانون الأميركي، تظهر الوثائق أن المسؤولين السوريين يسعون إلى شراء معدات من شركة “ناشيونال اويل ويل فاركو” من خلال شركة الاستيراد والتصدير القبرصية بهدف التهرب من العقوبات.

فعلى سبيل المثال، كتب المسؤولون في فاكس أرسلوه عام 2016 إلى شركة “إتش إيه كيبل للتصدير” أن صفقة شراء معدات الحفر قد “حُولت إلى شركتكم بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا”.

وتتألف الوثائق المسربة، التي لا تذكر ما إذا كانت الصفقات التي تمت مناقشتها قد تمت بالفعل أم لا، من نسخ رقمية من المراسلات المرسلة بالفاكس بين الشركة السورية للنفط وشركة “إتش إيه كيبل للتصدير”، التي كانت مملوكة لرجل أعمال مقيم في دمشق.

تثير هذه الوثائق أسئلة حول سبب ادعاء الشركة السورية للنفط، وهي شركة سورية خاضعة للعقوبات، بأن شركة “ناشيونال اويل ويل فاركو” وجهتها إلى وسيط لشراء معدات الشركة الأميركية. وهل باعت الشركة الأميركية بالفعل المعدات إلى الوسيط؛ وإذا كان الأمر كذلك، هل كانت على علم بأن الوسيط يشتريها نيابة عن الشركة السورية الخاضعة للعقوبات.

إذا كانت الشركة السورية للنفط اشترت المعدات من خلال وسيط بالفعل،  فإن أي عمليات شراء من هذا القبيل تنتهك العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. فضلاً عن أنها جاءت على حساب حياة السوريين، نظراً إلى أنها ستزود النظام السوري بالوسائل اللازمة لشن حملته القمعية الوحشية.

قال برينت بينوا، كبير مسؤولي الامتثال في شركة “ناشيونال اويل ويل فاركو”، في رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، إن الشركة راجعت معاملاتها ولم تجد أي دليل على أن شركة “ناشيونال اويل ويل فاركو” شاركت في أي عمليات بيع إلى شركة “إتش إيه كيبل للتصدير” خلال الفترة التي جرت فيها المناقشات بين شركة “إتش إيه كيبل للتصدير” والشركة السورية للنفط. ولم يتطرق إلى سؤال حول الرسالة التي قالت فيها الشركة السورية للنفط في يونيو/حزيران 2014 إنها تلقتها من شركة “ناشيونال اويل ويل فاركو” والتي أحالتها إلى شركة “إتش إيه كيبل للتصدير”.

وأضاف بينوا أنه في حين تحدد شركة “ناشيونال اويل ويل فاركو” المستخدم النهائي لبضائعها في كل عملية بيع، يمكن إعادة بيع مثل تلك المعدات مع مرور الوقت. وأعرب أن المعدات الموصوفة في المراسلات المسربة قد تشير إلى سلع مستعملة أو حتى مُقَلَّدة. وكتب قائلاً؛ “ما يمكننا قوله لكم هو أنه ليس لدينا أي سجل يشير إلى أن [المعدات] بيعت مباشرة من جهتنا إلى أي شخص في سوريا أو إلى شركة “إتش إيه كيبل للتصدير””.

النفط ونظام الأسد

تحكم عائلة الأسد سوريا منذ أن استولى حافظ الأسد، والد بشار الأسد، على السلطة في انقلاب عام 1970. وفي عام 1979، أصبحت سوريا واحدة من أوائل الدول التي صنفتها وزارة الخارجية الأميركية على أنها دولة راعية للإرهاب، وفرضت عليها عقوبات أميركية، والتي تصاعدت على مر السنين. بدأت الحرب الأهلية في آذار/مارس 2011 باحتجاجات سلمية ضد حكم الأسد الشاب وتحولت تدريجياً إلى انتفاضة مسلحة شهدت سقوط أجزاء من البلاد من سيطرة الحكومة.

في أغسطس/آب 2011، وكجزء من حزمة عقوبات شاملة، وقَّع الرئيس باراك أوباما أمراً تنفيذياً يفرض عقوبات على الشركة السورية للنفط ويمنع المواطنين الأميركيين من أي تورط في صناعة النفط السورية. وفي حين قامت شركات الطاقة الأميركية ببعض الأعمال التجارية في سوريا قبل ذلك التاريخ، فإن العقوبات الجديدة جعلت أي علاقة تجارية مع صناعة النفط السورية غير قانونية. وفي العام نفسه، فرض الاتحاد الأوروبي أيضاً عقوبات صارمة على صناعة النفط السورية.

في الوقت الذي واجهت فيه الشركة السورية للنفط صعوبات للحفاظ على إنتاجها في الحقول التي لا تزال تحت سيطرة النظام، انخفضت عائدات النفط والغاز السورية بشكل حاد – التي شكلت 25% من ميزانية الدولة قبل الحرب. وتراجعت العملة السورية من حوالي 50 ليرة سورية مقابل الدولار إلى أكثر من 13,000 ليرة اليوم، في حين هبط مستوى معيشة 90٪ من السكان إلى ما دون خط الفقر. ونظراً إلى انهيار الاقتصاد السوري وانخفاض قيمة عملته، كانت أي عائدات من النفط والغاز – والتي توفر الدولارات الأميركية – ضرورية لتمويل النظام.

لذلك، تمثل أي معدات حفر شريان الحياة للنظام. يقول ناشطون في المعارضة إن هذه المعدات أبقت على تدفق النفط والغاز وحافظت على خزائن الحكومة ممتلئة في أكثر لحظات ضعف الأسد.

قال أيمن أصفري، وهو مدير تنفيذي سابق في قطاع النفط من أصل سوري ومؤسس منظمة موالية للمعارضة تدعم المجتمع المدني السوري، للاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، إن عائدات النفط تتدفق مباشرة إلى عائلة الأسد، وكذلك إلى وحدة النخبة في الجيش بقيادة شقيق الرئيس والميليشيات الموالية للأسد.

مضيفاً، “لقد كان ذلك أمراً بالغ الأهمية، فقد تمكن النظام من الالتفاف حول العقوبات للحفاظ على تدفق النفط من خلال أطراف ثالثة”.

قوة عالمية

انبثقت شركة “ناشيونال اويل ويل فاركو” من شركة تصنيع معدات حفر تأسست عام 1862، وتوسعت الشركة من خلال عمليات الاستحواذ منذ ذلك الحين. وأصبحت شركة مدرجة في البورصة عام 1996، وخلال العقدين الماضيين قادت عمليات شراء مكثفة، واستكملت العشرات من عمليات الاستحواذ لتصبح قوة عالمية إلى جانب منافسيها الأكبر شركتي “هاليبرتون” و”بيكر هيوز”. حالياً، وفقاً لتقريرها السنوي، لديها أنشطة في أكثر من 550 موقعاً في جميع أنحاء العالم، وأكثر من 250 شركة تابعة.

وقد أدى انتشارها أيضاً لوصولها إلى مناطق النزاع في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك سوريا قبل الحرب الأهلية وفرض أشد العقوبات الأميركية صرامة.

تتضمن الوثائق المسربة فاتورة عام 2008 من شركة “إتش إيه كيبل للتصدير”، على الشركة السورية للنفط بمبلغ قدره 450,000 دولار أميركي تقريباً مقابل معدات مصنوعة من قبل شركة “ناشيونال اويل ويل فاركو”- وهي قطع غيار لمنصات الحفر.

بعد أن أصدرت شركة “ناشيونال اويل ويل فاركو” تقريرها السنوي لعام 2011، كشفت لهيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية أنها قامت بأعمال قانونية في سوريا قبل هذا العام، ولفترة قصيرة بعد فرض العقوبات الأميركية الأكثر صرامة. وصرحت الشركة أنها كانت تقوم بـ “إنهاء الأعمال” في سوريا، وتقدمت إلى مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة للحصول على ترخيص لتحصيل ما يقرب من 141 ألف دولار مستحقة لها من عميل سوري.

وقال بينوا، كبير مسؤولي الامتثال في شركة “ناشيونال اويل ويل فاركو”، للاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، إن المراجعة التي أجراها قسمه لم تتمكن من تحديد الشركة الفرعية التابعة لشركة “ناشيونال اويل ويل فاركو” الضالعة في هذه الصفقات.

صرحت شركة “ناشيونال اويل ويل فاركو” لاحقاً لهيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية،  أنه منذ عام 2014، لم تقم هي ولا الشركات التابعة لها بأي مبيعات إلى سوريا. وكتب المستشار العام للشركة عام 2017 أن “الشركة أكملت عملية إنهاء أعمالها، ومبيعاتها الموجهة إلى سوريا هي صفر”.

بيد أن الوثائق المسربة تثير تساؤلات حول تصريحات الشركة. فقد أعربت الشركة السورية للنفط لشركة “إتش إيه كيبل للتصدير” في فاكس في يونيو/حزيران 2014 أنها تلقت الرسالة من شركة “ناشيونال اويل ويل فاركو” تطلب منها التعامل مع الشركة القبرصية. وبعد ثلاثة أشهر، وفي فاكس في سبتمبر/أيلول 2014،  تابع أكبر مسؤول في الشركة السورية للنفط، المدير العام عمر الحمد، عملية البيع المحتملة، وطلب من محامي شركة “إتش إيه كيبل للتصدير” تقديم فاتورة نهائية لشحنتين.

تواصلت الشركة السورية للنفط مجدداً مع شركة “إتش إيه كيبل للتصدير المحدودة” في رسالة فاكس في يونيو/حزيران 2016، أعربت فيها أنها تريد إجراء عملية الشراء من خلال الشركة القبرصية “بسبب العقوبات الأميركية”. وتشير المذكرة إلى صفقة لشراء معدات الحفر سبق أن “أبرمتها مع “اويل ويل – الولايات المتحدة الأميركية”، في إشارة واضحة إلى شركة “ناشيونال اويل ويل فاركو”.

في هذا الفاكس عام 2016، قال طراد السالم، الذي خلف عمر الحمد كمدير عام للشركة السورية للنفط، لشركة “إتش إيه كيبل للتصدير”، بأن خطاب اعتماد قد فُتح في البنك المركزي السوري لدفع تكاليف شراء قطع الغيار لآلات الحفر المعروفة باسم “آلات الرفع” والتي تستخدم لرفع وخفض المعدات إلى داخل وخارج آبار النفط. وقال إن خطاب الاعتماد تم تمديده حتى أواخر يوليو/تموز – ما يعني أن الصفقة يجب أن تتم خلال سبعة أسابيع من تاريخ الفاكس الذي أرسله السالم.

في العام نفسه، دفعت شركة “ناشيونال اويل ويل فاركو” 25 مليون دولار أميركي لتسوية اتهامات بأنها انتهكت العقوبات الأميركية المفروضة على إيران والسودان وكوبا في قضية تتعلق بمبيعات لتلك الدول بين عامي 2002 و2009. في تلك القضية، وجدت وزارة الخزانة أن شركة فرعية تابعة لشركة “ناشيونال اويل ويل فاركو” قد صدرت معدات إلى إيران من خلال وسيط وكتبت في إجراءاتها التنفيذية أن كبار المسؤولين التنفيذيين قد “تغافلوا عمداً” عن “عدم تحديد إيران بوصفها المستخدم النهائي للمعدات”.

وقال بايرون ماكيني، مدير التمويل التجاري وحلول الامتثال في شركة “إس أند بي غلوبال ماركت إنتليجنس”، للاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، إن الكيانات الخاضعة للعقوبات غالباً ما تستخدم شركات وهمية مرتبطة بها للتهرب من العقوبات. وأضاف، “في بعض الحالات، تُستخدم أكثر من شركة وهمية لإخفاء المستخدم النهائي الحقيقي للبضائع”. وتابع، “من خلال إخفاء الأفراد “الحقيقيين” [المشاركين في الصفقة]، يمكن استخدام الخدمات والمؤسسات المالية الأميركية لتسهيل حركة البضائع والأموال”.

تتضمن الوثائق المسربة فاتورة عام 2008 من شركة “إتش إيه كيبل للتصدير”، على الشركة السورية للنفط بمبلغ قدره 450,000 دولار أميركي تقريباً مقابل معدات مصنوعة من قبل شركة “ناشيونال اويل ويل فاركو”- وهي قطع غيار لمنصات الحفر.

يبدو أن هذا هو الدور الذي اضطلعت به شركة “إتش إيه كيبل للتصدير”،  التي كان يملكها أحمد هدايا، وهو رجل أعمال سوري من دمشق ولد في عائلة بارزة اشتهرت ببيع سيارات سوزوكي وأيسوزو المستوردة في سوريا. وقد أسس هدايا شركة “إتش إيه كيبل للتصدير المحدودة” في قبرص عام 1989، وقامت الشركة في البداية بشحن مجموعة من البضائع إلى سوريا قبل أن تتحول في منتصف الألفينات إلى استيراد المعدات والمواد الكيميائية المستخدمة في الحفر.

ورداً على أسئلة للاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، كتب محامي هدايا أن شركة “إتش إيه كيبل” لم تشترِ أبداً معدات من شركة “ناشيونال اويل ويل فاركو”، ولم تنقل قطع الغيار التي تم ذكرها إلى الشركة السورية للنفط.

ووفقاً لاثنين من رجال الأعمال السوريين الذين تحدثوا إلى الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين وشريكهم الإعلامي سراج ( الوحدة السورية للصحافة الاستقصائيّة) وشركائهم من وسائل الإعلام، بشرط عدم الكشف عن هويتهم، فقد دخل هدايا صناعة النفط من خلال تعامله مع مازن كنامة، وهو رجل أعمال سوري يدير شركة كبيرة للخدمات النفطية في محافظة دير الزور الشرقية، التي تضم معظم موارد النفط في سوريا. وقال مدير سابق لإحدى شركات النفط في سوريا، تحدث أيضاً بشرط عدم الكشف عن هويته، إن رجال الأعمال المرتبطين بالنظام يديرون قطاع النفط نيابة عن الأسد، بما في ذلك إدارة الشركات في الدول المجاورة لاستيراد المعدات.

تظهر السجلات المسربة أن مناقشات شركة “إتش إيه كيبل للتصدير” مع الشركة السورية للنفط بشأن المشتريات من شركة “ناشيونال اويل ويل فاركو” استمرت حتى عام 2019 على الأقل. وفي يناير/كانون الثاني من ذلك العام، حاولت الشركة السورية للنفط والوسيط القبرصي شراء قطع غيار لمضخات وآلات الرفع والخفض المصنوعة من شركة “ناشيونال اويل ويل فاركو”. وفي رسالة فاكس، طلبت الشركة السورية للنفط من شركة “إتش إيه كيبل للتصدير” تزويدها بالمواد “في أقرب وقت ممكن”، ومنحتها مهلة 10 أشهر لتسليمها.

وفي تلك الفترة، تحسنت أوضاع الأسد بشكل كبير. وبفضل مساعدة روسيا وإيران، حقق النظام السوري انتصارات عسكرية كبيرة عبر البلاد وتلقى دعماً دبلوماسياً في الشهر السابق، عندما أعادت الإمارات العربية المتحدة فتح سفارتها في دمشق. وقد ساعدت عائدات النفط التي تحققت من خلال شراء معدات الحفر من إعادة إنقاذ النظام. 

بحلول عام 2019، بدا أن محامي هدايا قد فقدوا التواصل معه: ففي ذلك العام، قدمت رئيسة قسم الشركات في “دادلو” إفادة خطية تحت القسم للمحكمة القبرصية تفيد بأن شركة “إتش إيه كيبل” تجاهلت طلباتها بالاستقالة من منصب مدير الشركة. ووفقاً لسجلات الشركات في قبرص، تم حل شركة “إتش إيه كيبل للتصدير المحدودة” في عام 2020.

نشرت النسخة الإنجليزية من هذا التحقيق على موقع الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين على الرابط هنا.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.