fbpx

اتفاقية “أمن المعلومات” بين إيران وروسيا: مصائد رقمية و”تجسس” على معارضين 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بعكس ما هو مقرر في لوائح البرلمان الإيراني الداخلية، اكتفت المنصة الرسمية للبرلمان في طهران بمقدمة الاتفاقية، أما مركز الدراسات التابع للبرلمان فقد نشر نقداً لبعض البنود واعترض عليها خاصة الفقرة الأولى من المادة الرابعة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بعثت اتفاقية “أمن المعلومات” الغامضة والتي أُقرّت مؤخراً بين إيران وروسيا بتأويلات عديدة بفعل شح التفاصيل عنها، رغم أنّ البرلمان الإيراني صادق عليها. 

وتحت وطأة غياب، أو بالأحرى تغييب، المعلومات التفصيلية عن الاتفاقية، التي لم ينشر من بنودها سوى المقدمة بينما تشمل على تسع مواد وملحق نهائي، فإن هناك تباينات شديدة حول نتائجها وأغراضها بين الأوساط السياسية والصحفية والبرلمانية بإيران، وبطبيعة الحال مخاوف حقوقية وسياسية وأمنية استراتيجية. 

بعكس ما هو مقرر في لوائح البرلمان الإيراني الداخلية، اكتفت المنصة الرسمية للبرلمان في طهران بمقدمة الاتفاقية، أما مركز الدراسات التابع للبرلمان فقد نشر نقداً لبعض البنود واعترض عليها خاصة الفقرة الأولى من المادة الرابعة.

حاولنا مراجعة المنصة التابعة للمركز للتحقق من جوانب الاعتراض لكن واجهتنا قيود في الوصول للموقع وحظر وصول أحياناً.

في المجمل فإن الشكوك حول هذه الاتفاقية، تعزى إلى تنامي الارتباطات بين طهران وموسكو في جانب تطوير البنى التحتية لأمن المعلومات، والمجالات التقنية والتكنولوجية، ثم الانخراط في تعاون موسع بشأن الدفاعات أو الهجوم السيبراني وتبادل معلومات استخبارية. غير أن المخاوف المحلية بإيران تنحصر في مجال إتاحة معلومات عن المواطنين الإيرانيين للروس، ومزيد من خرق خصوصية المواطنين، وانتهاك حرياتهم، والتطفل على مساحاتهم الشخصية، من خلال التجسس الالكتروني، واستهداف أنشطتهم الافتراضية، بما يعرض أمنهم لمخاطر جمة. 

ربما، يفسر مؤشر مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية للقوة السيبرانية التابع لجامعة هارفارد، إلحاح إيران على التعاون مع حليفها الروسي، لا سيما أن طهران في تقرير المؤشر الصادر عام 2020، تصنف في درجة أدنى، بينما تتقدم موسكو في قدراتها وإمكانياتها الفضائية والسيبرانية بشكل مطرد. وفي التقرير الأخير قبل نحو عام، تأتي روسيا بعد الصين وتتقدمهما الولايات المتحدة، بطبيعة الحال، ثم تأتي بريطانيا وأستراليا وهولندا وكوريا وفيتنام وفرنسا وإيران بنفس الترتيب في نهاية القائمة. هنا لابد من الأخذ في الاعتبار التفاوتات التي جرت في الفترة بين صدور تقريري المؤشر عامي 2020 و2022، إذ اختفت ألمانيا واليابان من قائمة العشرة الأوائل، وعدّلت كوريا من مكانتها لتكون في المركز السابع بعد وجودها في المربع السادس عشر. 

اللافت أن إيران جاءت من مسافة بعيدة في المرتبة الثانية والعشرين إلى نهاية القائمة الأولى بالمركز العاشر في الفترة ذاتها وفق ما ورد بمؤشر جامعة هارفارد. وقد تزامن التقدم الإيراني مع بداية التعاون الإيراني والروسي الذي بدأ باتفاقية “أمن المعلومات” في عهد حكومة الرئيس السابق حسن روحاني، تحديداً بين وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ونظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو.

مطلع العام الحالي، كشف مركز أبحاث “سيتيزن لاب” في جامعة تورنتو بكندا، عن وثائق تؤشر إلى ضلوع شركة “بروتل” الروسية في تقديم برمجيات لمراقبة واعتراض وتعطيل اتصالات هواتف المحمول للإيرانيين. 

يقول المحلل السياسي والمعارض الإيراني، علي رضا اسدزاده، إن التعاون بين إيران وروسيا في ما يخص الأمن السيبراني لا يبدو أمراً مباغتاً في ظل تنامي العلاقة بين الطرفين منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، والحرب في غزة، حيث إن الصراعات الإقليمية والدولية بترتيباتها الجيوسياسية في قمة العالم أو بمنطقة الشرق الأوسط، تفترض رفع مستوى التعاون بين الشريكين في مجالات عدة، منها الأمن والاستخبارات وتعزيز قوة الفضاء. هذه كلها مجالات ستمكن إيران من ملاحقة خصومها ومعارضيها في الداخل، من جهة، وإضعاف قدراتهم على شبكة الانترنت وفرض قبضتها لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي وعزلها عالمياً. 

يوضح رضا أسدزاده لـ”درج”، أن المخاوف بين أوساط رسمية في إيران “منطقية مع الشكوك الوطنية تجاه احتمالية وجود فرق إلكترونية روسية ستتعامل مع الشبكات الالكترونية المحلية، لعمل مصائد تقنية ضد المعارضين في الداخل أو الخارج”. 

في جلسة البرلمان الإيراني التي صوت فيها 180 نائبا بالموافقة على الاتفاقية بينما رفضها 27 وامتنع 10 آخرين من إجمالي 229 نائبا، تم إدراج تقرير لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية البرلمانية.

بعثت اتفاقية “أمن المعلومات” الغامضة والتي أُقرّت مؤخراً بين إيران وروسيا بتأويلات عديدة بفعل شح التفاصيل عنها، رغم أنّ البرلمان الإيراني صادق عليها. 

نقلت وكالة الأنباء الإيرانية “إيرنا”، عن الناطق بلسان لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني، أبو الفضل عمويي قوله إن “مشروع هذا القانون فرصة لإظهار قدرة إيران في مجال أمن المعلومات”، موضحاً أنه “في مجال أمن المعلومات هناك مجالات للتعاون بين البلدين؛ لأنه عندما تحدث هجمات سيبرانية وتشكل تهديدات ضد البلاد في الفضاء السيبراني، فإنه ينظر إليها على أنها تهديد مشترك في مشروع هذا القانون”.

صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية كشفت عن وجود تعاون بين روسيا وطهران في مجال الأمن السيبراني لافتة إلى أنّ “روسيا زودت النظام الإيراني ببرمجيات متقدمة في مجال التجسس والمراقبة الرقمية، وتسعى طهران إلى تعميق هذا التعاون”. وحددت أنه “منذ بدء الحرب في كييف، زودت روسيا إيران بقدرات اتصال وتشخيص، بالإضافة إلى أجهزة تنصت، وأجهزة تصوير متقدمة، وأجهزة كشف الكذب”.

ووفق نص الاتفاقية، فإن التهديدات في مجال أمن المعلومات تتلخص في الأنشطة التي تخرق السيادة، والتدخل في الشؤون الداخلية للحكومات، ونشر معلومات ضارة بالبيئة الروحية والأخلاقية والثقافية لها. كما شمل مشروع القانون مجموعة بنود في مجال التعاون الثنائي. وجاء في أحد البنود بالاتفاقية إمكانية “تبادل المعلومات” والتعاون في مجال الملاحقة الجنائية.

النائب غلام رضا نوري قزلجه قال إن “هذا الاتفاق به عيوب جوهرية ومهمة في النص، ومن أهم عيوبه الأساسية ضرورة تحديد المنطقة التي سيتم تبادل المعلومات فيها”. وأضاف: “يجب التحديد، في أي مجال سيتم تبادل المعلومات، وباعتبار أننا نسمح وفقاً للاتفاقية بالدخول، يجب تحديد المجالات التي سيتم الولوج إليها”.

ويكاد لا يختلف رأي النائب البرلماني حسين علي حاج دليجاني، عن سابقه حيث قال: “تنص هذه الاتفاقية، على أنه يمكن للبلدين إعطاء المعلومات التي تتعلق بهما إلى دولة ثالثة، إذا كانت المعلومات منا ستعطى لطرف ثالث، فلماذا لا نعطيها بأنفسنا؟”. وأردف: “في المقابل هناك عبارات في الاتفاقية تتعارض مع التعاريف الدولية”، ولم يشر إلى هذه العبارات. كما شنت صحيفة “توسعه إيراني” هجوما على الاتفاقية وعنونت موضوعها في الصفحة الأولى: “أمن افتراضي أم مستعمرة رقمية؟”.

يرجح الباحث الروسي في جامعة “الصداقة بين الشعوب”، ديمتري بريجع، بأن هذه الاتفاقية تستهدف “ضمان استقرار النظامين الحاكمين في روسيا وفي إيران، ومواجهة التحديات الأمنية والسياسية المشتركة في ظل الظرف الحالي، إقليميا ودوليا وحتى على المستوى المحلي وتنامي فرص المعارضة بوسائط متعددة منها الفضاء الإلكتروني”، موضحاً لـ”درج” أن “الطرفين في موسكو كما في طهران يدرك كل منهما جيدا حجم الأعباء والضغوط الخارجية والتي تفاقمها الأوضاع الداخلية نتيجة الأزمات الاقتصادية والضغوط الاجتماعية والسياسية وإلحاح المطالب الحقوقية المتزايدة. حتما التعاون بين روسيا وإيران في الكثير من المجالات وبالأخص العسكرية والاستخباراتية يبدو منطقياً لكنه يشكل خطراً لأنه سيثير ضدهم قوى ستتحالف لمواجهة هذا الاصطفاف السيبراني”. 

وبسؤال بريجع عن تأثيرات هذه الاتفاقية وأبعادها الإستراتيجية على العلاقات الدولية، خاصة في ظل التطورات السياسية والتحديات الأمنية الراهنة، فيجيب: “هذه الاتفاقية تتجاوب مع تطلعات البلدين نحو تعزيز استقرارهما الأمني الداخلي ومواجهة التحديات الخارجية المشتركة. لكن بقدر ما تظهر هذه الاتفاقية توجها نحو تحقيق استقرار داخلي للنظاميين في روسيا وإيران، من خلال مجال أمن المعلومات والدفاع السيبراني، ستفاقم الخلافات مع الغرب الأمر الذي ظهر في استدعاء السفير الروسي في بريطانيا وإشارة رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون بأن هناك نشاطات مشبوهة إلكترونية تطاول صحفيين ومسؤولين بالحكومة ومنظمات مجتمع مدني، منها القرصنة والتجسس”. 

فيما كشف “المركز الوطني للأمن الإلكتروني” وهي وكالة استخبارية تابعة لمكاتب الاتصالات البريطانية، بأن مجموعات إيرانية وروسية (سيبورغيوم مقرها روسيا، و”تي إيه 453″ مقرها إيران) نفذتا هجمات إلكترونية على مدار العام الماضي ضد أفراد ومنظمات ومؤسسات عديدة.

ووفق الباحث الروسي في جامعة الصداقة بين الشعوب، فإن التعاون السيبراني بين البلدين يكشف عن محددات رئيسية بخصوص “تعميق تكنولوجيا التجسس، حيث تقدم روسيا دعما تكنولوجيا لإيران، مما يعزز قدرتها في مجالات التجسس الرقمي والمراقبة السيبرانية. ويختتم حديثه قائلاً بأنه “يجب التمهل لمراقبة تطورات هذا التعاون وكيف قد تؤثر على الأمن السيبراني الدولي والديناميات الإقليمية. أعتقد الغرب سوف يرى هذه الخطوة كتهديد مباشر ومتصاعد، ولكن هذا لن يغير من توجه الغرب وسياساته التقليدية تجاه روسيا وإيران وهذا الشي مستمر منذ عقود”.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.