fbpx

السودان: حربٌ لا يعرف العالم عنها الكثير 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بعد أكثر من ثمانية أشهر من الحرب في السودان يبدو أن بداية حوار سياسي تلوح في الأفق، وعلى رغم التشاؤم حول انتهاء الاقتتال قريباً، إلا أن الوصول إلى لحظة يجتمع فيها حميدتي والبرهان وجهاً لوجه قد تكون تحولاً في مسار هذه الحرب.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أعلن محمد حمدان دقلو (حميدتي) الذي يرأس “قوات الدعم السريع”، عبر حسابه الرسمي في موقع إكس، عن موافقته على الدعوى المقدمة من رئيس وزراء السودان السابق، عبدالله حمدوك، لعقد اجتماع عاجل مع القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، لمناقشة استراتيجيات الحرب ومعالجة آثارها.

فهل نحن أمام خطوة ستوقف حرباً دموية لم يسمع أو يرى “العالم” عنها الكثير؟

كيف بدأت الحرب السودانية؟

الوجه الأبرز للحرب السودانية هو عدم معرفة “العالم” ما يكفي عنها وعجز الناس في الداخل عن نقل ما يحدث، أو تصوير الفظائع التي تقع بشكل يومي بسبب الخطر والتهديد الذي يتعرض له الصحفيون من جهة، وانقطاع الإنترنت من جهة أخرى.

الحرب التي بدأت في 15 نيسان / أبريل الماضي، كانت نتيجة خلافات بين “مجلس السيادة السوداني” الذي يحكم السودان حالياً، بقيادة قائد القوات المسلحة السودانية، عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي) الذي يرأس “قوات الدعم السريع”.

بعد الإطاحة بنظام عمر البشير، وافق الجيش على تقاسم السلطة مع المكون المدني حتى إجراء انتخابات، وجرى تشكيل مجلس عسكري بقيادة البرهان للإشراف على عملية الانتقال الديمقراطي في السودان، فيما كان حميدتي نائبه.

في تشرين الأول / أكتوبر عام 2021، قام البرهان بانقلاب، وأطاح بالحكومة المدنية بقيادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وشكل البرهان مجلس سيادة برئاسته، تزامناً مع احتجاجات رفضت العودة إلى الحكم العسكري، وطالبت بالعودة إلى التحول الديمقراطي في البلاد.

يذكر أنه بالأصل توجد خلافات وعدم اتفاق على كثير من النقاط بين عبد الفتاح البرهان، ومحمد حمدان دقلو، بشأن كيفية الانتقال إلى حكم مدني وعملية دمج “قوات الدعم السريع” مع الجيش السوداني، كل هذا أدى إلى انفجار الوضع.

ليست حرب أهلية وحسب

عبير طارق، محامية سودانية مقيمة في مدينة ميلانو الإيطالية، مختصة في الدراسات القانونية الدولية، قالت لـ “درج”: “من وجهة نظر العالم ما يحدث في السودان هي حرب أهلية بين قيادتين، لكن الموضوع أكبر من مجرد حرب أهلية فميليشيا الدعم السريع، والتي استعان بها النظام السابق للسيطرة على ما كان يحصل في غرب السودان، أغلبيتهم ليسوا سودانيين، بل قادمين من التشاد والنيجر ودول إفريقية أخرى”.

تُضيف عبير طارق “قلائل هم السودانيون في قوات الدعم السريع، والذين ينتمون إلى قبائل في الجنوب والغرب، لذلك ما يحصل من اغتصابات ونهب وسرقة سببه ربما أن هذه البلد، ليست بلدهم!”.

سافرت عبير السودان لقضاء شهر رمضان والعيد في بلدها، لكنها استيقظت وعائلتها في 15 نيسان / أبريل على صوت الرصاص، خرجت من الخرطوم إلى بورتسودان، وتعتبر نفسها محظوظة، فمن تمكن من الخروج، هم من يحملون جواز سفر أوروبي أو إقامات في الخليج أو أوروبا أتاحت لهم صعود البواخر من بورتسودان.

رحلة عبير من الخرطوم إلى بورتسودان لم تكن سهلة، تقول “كان الوضع في الشارع مأساوي، شاهدنا ونحن في الباص جثثاً مرمية في الشارع، كما مررنا بالكثير من الحواجز التابعة للدعم السريع، ولم يكن هناك أي نقاط تفتيش للجيش، لم نشاهد ضابطاً واحداً تابعاً للجيش، وأغلبية مقاتلي الدعم السريع كانوا صغاراً في العمر، أعمارهم تتراوح بين 16 سنة وما فوق، أغلبيتهم أطفال يمسكون أسلحة لا يعرفون استخدامها”.

تقول عبير أن المسلحين على حواجز ميليشيات الدعم السريع، يفتشون الرجال والأطفال حتى لو كانوا بعمر 7، ويأخذون ما يحملون من حُلي أو مال، أو كل ما يمكن نهبه، أمّا من يتبع للحكومة، فكانت الميليشيات تأخذه دون أن يعرفوا إلى أين أو ما مصيره.

من هم قوات الدعم السريع؟

قوات الدعم السريع هي مجموعات عسكرية تشكلت من مليشيا الجنجويد، مؤسسها “موسى هلال”، زعيم عشيرة المحاميد التي تنحدر من قبيلة “الزريقات” العربية، وقائدها محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي.

تكفلت هذه القوات بمهام مختلفة تتعلق بالقضاء على حركات التمرد في دارفور غربي السودان، وحراسة الحدود، والقضاء على عمليات التهريب، كما شاركت في حرب اليمن، ووقفت إلى جانب الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس المخلوع عمر البشير. في عام 2017 أجاز البرلمان في أثناء حكم البشير قانون قوات الدعم السريع، وجعلها قوة أمن مستقلة تابعة للقوات المسلحة.

التعادل في القوة يعني حرباً طويلة

ساهم التقارب في القوة بين الجيش وقوات الدعم السريع في إطالة مدة الحرب وعجز أي من الطرفين عن تحقيق انتصار ساحق ينهي الحرب، لكن عموماً وبحسب محللين فقوات الدعم باتت تمتلك اليوم اليد العليا في المعارك خاصة.

يقدر أن الجيش السوداني يمتلك حوالي 200 ألف عنصر، أمّا قوات الدعم السريع، فتقدر بما بين 70 ألفاً إلى 100 ألف فرد، وتعمل ضمن أسلوب حرب عصابات، وعلى رغم امتلاك الجيش السوداني الكثير من المعدات العسكرية مثل الدبابات والمروحيات، إلا أنه أقل براعة في القتال مقارنة بقوات الدعم السريع.

تسيطر قوات الدعم السريع حالياً على نحو 90% من الخرطوم مع 4 من عواصم دارفور الخمس، وقد استولوا على مدينة ود مدني وسط البلاد مؤخراً، أما الجيش، يسيطر فقط على شرق البلاد وشمالها.

حربٌ لا يعرف العالم عنها شيئاً

الجانب الذي تختلف فيه حرب السودان عن أي حرب أخرى هو عجز الصحفيين والناس عن نقل ما يحدث أو تصويره، إذ تقع المجازر، وينزح الناس وتغتصب النساء، وينتهك الأطفال في الظلّ، وعلى رغم مرور 8 أشهر على الحرب الشرسة، إلا أن الاهتمام الدولي والعربي لم يكن كافياً، ويحاول المؤثرون والصحفيون السودانيون في الخارج تسليط الضوء على ما يحدث، لكن تبقى جهودهم أقل من حجم الكارثة على الأرض.

أسفرت الحرب في السودان بحسب الأمم المتحدة عن مقتل أكثر من 12 ألف شخص مع نزوح 7.1 مليون سوداني بينهم 1.5 مليون شخص لجأوا إلى دول الجوار السوداني، واعتبرت المنظمة الدولية أن “أزمة النزوح في السودان هي الأكبر في العالم”.

استقبلت دولة تشاد أكبر عدد من اللاجئين السودانيين، إذ وصل عددهم إلى قرابة نصف مليون شخص، بحسب آخر حصيلة صادرة عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

النساء الأكثر تعرضاً للعنف

تتعرض الفئات الأضعف في السودان لجميع أنواع الانتهاكات، وبحسب ما قالت رحاب مبارك سيد أحمد، عضو مجموعة محامي الطوارئ، لـ BBC، إن المجموعة ولجنة الأطباء المركزية ومنظمات مجتمع مدني، وثقت منذ بداية الحرب قرابة 360 حالة اغتصاب في جميع أنحاء السودان، متابعة: “تشكل هذه الحالات التي بلّغت عن تعرضها للاغتصاب منذ بداية الحرب، واحد بالمئة فقط من الحالات الفعلية، لأن هناك نساء وفتيات كثيرات يخشين التحدث عن تعرضهن للاغتصاب”.

تختلف المصادر حول ارتكاب الجيش السوداني لجرائم اغتصاب، لكن هناك اتفاقاً عاماً على أن قوات الدعم السريع هي من ترتكب معظم هذه الانتهاكات، حسب العديد من الشهود والتقارير. تقول لاجئة من المساليت في دارفور لوكالة فرانس برس أنها فقدتْ خمسة من أطفالها، وأن عناصر الدعم السريع “قتلوا العديد من الرجال واغتصبوا البنات. اغتصبوا النساء وقتلوا الرجال والشباب” وأضافت “يقتلون (أصحاب البشرة) السوداء الحادقة. كانوا يقولون إن التاما والبرقو (قبيلتان) معهم، لكن الذي رأيناه هو أن الدعم هو من قتل أكثر”.

تواجه القبائل غير العربية كالمساليت خطر التطهير العرقي من قبل قوات الدعم السريع التي ترتكب انتهاكات مروعة من بينها القتل الجماعي والاغتصاب والنهب والسرقة.

جلبير الأشقر - كاتب وأكاديمي لبناني | 06.05.2024

بحجة “اللاساميّة” تترافق إبادة شعب فلسطين مع محاولة إبادة قضيّته 

ظهور حركة جماهيرية متعاطفة مع القضية الفلسطينية في الغرب، لا سيما في عقر دار القوة العظمى التي لولاها لما كانت الدولة الصهيونية قادرة على خوض حرب الإبادة الراهنة، يشكّل تطوراً مقلقاً للغاية في نظر اللوبي المؤيد لإسرائيل.