fbpx

“لو اتجوزت غيري هدبحها”… لا رادع للعنف الإلكتروني في مصر

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

مازال رعب الابتزاز الالكترونيّ يلاحق الكثير من المصريات، وعلى الرغم من الفضائح والجرائم المتعددة والعقوبات التي تقع على مرتكبي هذه الجريمة، لم تتوقف هذه الظاهرة، بل طالت مؤخراً شروق أشرف، شقيقة نيرة أشرف التي قتلت امام جامعة المنصورة على يد شاب رفضت الارتباط به.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يتفقّد هاتفه في الصباح، ليجد رسالة وصلته عبر “فايسبوك”، يذهب لقراءتها فيجد نصاً من شخص لا يعرفه ولا توجد بينهما أي صلة: “بنتك شروق لو اتجوزت غيري هدبحها”، يهرعُ الأب ليسأل ابنته لمعرفة ماذا يجري.

شروق أشرف، هي شقيقة نيرة أشرف، الطالبة الجامعية التي لقيت مصرعها قبل نحو عام ذبحاً أمام جامعة المنصورة، على يد شخص رفضت الارتباط به، لتعيش شقيقتها الآن مصيراً مماثلاً من الخوف، بعد تهديدها بالقتل من شخص لا تعرفه.

تقول شروق إنها تلقت رسائل عدة من شخص لا تربطها به أي صلة، فقامت بحظره لعدم رغبتها في التحدث معه، ليبحث هذا الشخص عن والدها ويرسل له تلك الرسالة، وهو ما دفعها الى الذهاب لقسم الشرطة لتحرير محضر ضده، وبالفعل تم إلقاء القبض عليه. 

 لكن الخوف لم ينتهِ وفقاً لحديثها، بخاصة أن الأسرة ذاقت سابقاً فقد ابنتها بعد رسائل تهديد لها هي الأخرى، ليأتي المحضر الذي حررته بحسب قولها حتى لا تواجه مصيراً مماثلاً لشقيقتها.

تتابع شروق، أن مصير شقيقتها لم يغب عن بالها منذ تلقي تلك الرسائل، فصورتها وهي غارقة في دمائها وملقاة على الأرض تراودها ليل نهار، ومعها مخاوف من أن تكون هي الضحية المقبلة، ليس لأنها ارتكبت جرماً، ولكن لأن شخصاً عرض عليها الارتباط ورفضته، ليأتي رده بتهديد ثم قتل.

ما تعرضت له شروق جريمة ابتزاز وعنف إلكتروني وتهديد بالقتل، ووفقاً لتحقيقات النيابة مع المتهم، والتي تداولتها مواقع إخبارية عدة، فإن المتهم أرسل تلك الرسالة الى فتيات عدة، وليس شروق وحدها.

وفقاً لمنظمة العفو الدولية، فإن العنف الإلكتروني “يتّخذ أشكالاً متعددة، منها التهديدات المباشرة أو غير المباشرة باستخدام العنف الجسدي أو الجنسي؛ والإساءة التي تستهدف جانباً أو أكثر من جوانب هوية المرأة. كما أوضحت المنظمة، أن العدد الأكبر من ضحايا تلك الجريمة نساء.

ابتزاز مالي وجنسي

شروق ليست الوحيدة، فقبلها ومن المؤكد بعدها، حدثت وستحدث حوادث مماثلة، مثلما حصل مع مروة حمدي (32 عاماً)، “اتعرفت على شاب والعلاقة اتطورت واتحولت لارتباط، والمفروض إن بعدها يكون في جواز، كنت واثقة فيه طبعاً فكنت بتكلم معاه بحرية على الشات وساعات أبعت صور ليا، وبعد 8 شهور كان المفروض يتقدم لنا ونتجوز بس حصلت خلافات وسبنا بعض”.

انتهت علاقة مروة بالشاب، ولكن الملاحقة والأذى لم ينتهيا بحسب وصفها، “بعت لي يهددني بصور والشات اللي بينا، وإنه محتاج أبعت له فلوس، ولو مبعتش هيبعت الصور والشات لأهلي”، لتدخل في دائرة الابتزاز التي لا تنتهي، مضيفةً: “عملت له بلوك، لقيته عمل أكاونتات تانية وفضل يبعت لي، خفت، خفت أوي، لأنه الصور والكلام الخاص اللي كان بينا لو وصل لأهلي ممكن يقتلوني”.

تعلم مروة أن هناك وحدة لمكافحة الجرائم الإلكترونية في أقسام الشرطة، لكن خيار التوجّه إليها وتحرير محضر لم يكن متاحاً، “حتى لو لقيت حد يسمعني أو يقف معايا، مش هسلم من الفضيحة والأذي، وبرضه أهلي هيعرفوا، والصور هتطلع والناس ساعتها هتنسى أي حاجة قبلها وبس هتفكر في اللحظة دي وهتفضل تقول في أحكام”.

اختارت مروة الخيار الثاني، وهو الاستجابة وتحويل المبلغ المالي المطلوب، وهو الأمر الذي تتّجه إليه فتيات وسيدات كثيرات يتعرضن لأشكال مختلفة من العنف الإلكتروني. ووفقاً لتقرير صادر عن المكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة بعنوان “العنف ضد المرأة في الفضاء الرقمي: رؤى من دراسة متعددة الأقطار في الدول العربية”، أوضح أن 49 في المئة من مستخدمات الإنترنت في المنطقة العربية أعربن عن عدم شعورهن بالأمان من التحرّش الإلكتروني، ونُصحت 36 في المئة من النساء من الدول العربية اللاتي تعرّضن للعنف الإلكتروني العام الماضي بأن يتجاهلن الواقعة، و23 في المئة تم إلقاء اللوم عليهن، و21 في المئة قيل لهن أن يحذفن حسابات التواصل الاجتماعي الخاصة بهن.

القانون لا يكفي!

على رغم أن مؤسسات نسوية ومبادرات عدة بدأت تتحدث بكثرة عن هذا الشكل من العنف ضد النساء، وتشجِّع السيدات والفتيات على الإبلاغ عنه، إلا أن وجود قانون لا يحمي وحده السيدات، فالأهم منه هو حمايتهن أثناء الإبلاغ وحماية بياناتهن الخاصة، وهو ما يساعد في تشجيعهن على الإبلاغ عن تلك الجريمة، ليأتي المسار القانوني مكملاً لتلك الخطوة، وهو ما يتّفق معه محمود اليماني، مؤسس مبادرة “قاوم”، واحدة من المبادرات الإلكترونية المعنية بالتعامل مع قضايا الابتزاز الإلكتروني في مصر. وتسعى المبادرة، وفقاً لمؤسسها، الى مقاومة جرائم العنف الإلكتروني ضد النساء، وتشجيعهن على سلك المسار القانوني وتوعيتهن به أيضاً.

التهديد بالقتل لا يقتصر على شخص خارج إطار الأسرة، والعنف الإلكتروني أيضاً، مثلما حدث مع رحاب طه (38 عاماً)،  إذ أتى التهديد لها هذه المرة من زوجها، “حصل خلاف بيني وبين جوزي انتهى بالطلاق بعد جواز 4 سنين وطفلة مكملتش سنتين، وبعد الطلاق فضل يلاحقني ويبعت لي في رسائل إنه عاوز يردني، وأنا كنت مقررة إني مش هرجع لأن الحياة مكنتش نافعة، وكان نفسي تفضل علاقتنا كويسة علشان البنت اللي بينا، وحاولت أوصل له ده لكنه رفض”.

بعد أسئلة عدة حول عودة الحياة الزوجية، جاءت مرحلة التهديد، “لما لقيت إنه مفيش أمل عملت له بلوك، بعتلي من حساب تاني إني لو مرجعتعلوش هيحدف على وشي مياه نار ويشوهني والتهديد والملاحقة بقوا ملاحقة على الانترنت وفي الشارع وقدام الشغل”.

قرار رحاب جاء معاكساً لقرار مروة، إذ اتجهت الى قسم الشرطة لتحرير محضر ضد الزوج وطلب الحماية، ليأتي رد المسؤول عن تحرير المحضر مخيّباً لآمالها، “لقيت الضابط بيقولي يا شيخة حرام عليكي هتعملي محضر في أبو بنتك، أنا عندي حل تاني ممكن اكلمه ونجيبه تتكلموا وتتصافوا، قلت له ده بيهددني إنه يشوهني لقيته بيقولي ده من كتر حبه فيكي بس”.

تقول رحاب إن النظرة المجتمعية التي تمنح الحق دائماً للرجال، هي التي تشجّعهم على ممارسة مزيد من العنف ضد النساء، وهو ما يفسّره تعامل الشرطي معها في القسم، وانحيازه الى الزوج من دون معرفته. 

هذا الانحياز قد يدفع الى القتل، فقد يستمر المتهم في ابتزاز الضحية وقتلها بالفعل، أو تنهي الضحية حياتها بنفسها للخلاص من تلك الدائرة، وهو ما حدث سابقاً مع بسنت خالد، الفتاة التي انتحرت بسبب تعرّضها لابتزاز إلكتروني وتهديد بنشر صور مفبركة لها على مواقع التواصل الاجتماعي.

لمياء لطفي، مديرة مؤسسة المرأة الجديدة المعنية بقضايا النساء، ترى أن القوانين وحدها لا تحل المشكلة، إذ لا بد من توافر الوعي والدعم المجتمعي، مؤكدة في الوقت ذاته أن قوانين مكافحة الجريمة الإلكترونية شهدت تقدماً، كما أن هناك اتجاهاً للحفاظ على بيانات المبلغات. لكن الأزمة الحقيقة تكمن في ثقافة الإبلاغ بحسب قولها، فتعامل النساء مع أقسام الشرطة والتوجه إليها وسرد تفاصيل الواقعة هي عبء نفسي عليهن، وأيضاً خوفهن من النبذ المجتمعي أو ما يسمى بالفضيحة المجتمعية، وهي أمور يعلمها الجناة، ويمارسون تلك الجرائم من خلالها.

والى أن تتكامل المنظومة المجتمعيّة مع المنظومة القانونية، وتوفر الحماية للنساء للتشجيع على الإبلاغ عن تلك الجرائم، ستظل مروة تتلقى رسائل التهديد وطلب الأموال من حبيبها السابق، بينما اضطرت رحاب الى تغيير مكان إقامتها وعملها أيضاً للهروب من ملاحقة زوجها السابق، خوفاً من تنفيذ تهديده. وبالطبع، أصبح الخوف ملازماً لشروق مع صورة شقيقتها، متمنية ألا تكون بطلة المشهد القادمة.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.