fbpx

أسرار قبرص: شركات أوكرانيّة مسجّلة باسم رجل أعمال مشبوه تستثمر في النفط التونسي

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يُفسّر شرف الدين اليعقوبي، الخبير في المحروقات وأحد المساهمين في كتابة الدراسة التحليلية  “خفايا عقود المحروقات في تونس”، تساهل سلطة الإشراف مع الشركات البترولية في ما يخص عدم إيفائها بالتزاماتها أو تأخرها في ذلك، بأن “تونس لم تعد تستقطب شركات بترولية كبيرة، وأن الشركات المستغلّة لرخص البحث هي في معظمها شركات صغيرة وقدراتها الفنية ضعيفة، لذلك فإن السلطة تغض الطرف عن الكثير من النقاط، نظراً الى قلة الطلب على التنقيب في البلاد التونسية”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في آذار/ مارس 2013، وقّع وزير الصناعة التونسي محمد لمين الشخاري، مع ممثل شركة “إينج إكسبلوريشن ليميتد” الأوكرانية  YNG Exploration Limited إيغور بوركينسكي، وممثل المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية ETAP محمد عكروت، اتفاقية لمنح الشركة الأوكرانية  رخصة البحث عن النفط “عريفة” بولاية تطاوين في الجنوب التونسي.

 مدّة الاتفاقية خمس سنوات، تجري الشركة الأوكرانية بموجبها البحث والتطوير والاستغلال للرواسب الهيدروكربونية وإنجاز المسح السيزمي وحفر بئرين استكشافيين بكلفة تقديرية تبلغ 21 مليون دولار . وبموجب هذا الاتفاق، دخلت في عقد شراكة مع المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية، وهي شركة عمومية تونسية، يقتضي أن تتقاسم الشركتان الأرباح بنسبة 50 في المئة لكل واحدة منهما في حالة حصول أي اكتشاف محتمل للمحروقات. 

YNG Exploration Limited المسجّلة في الجزر العذراء البريطانية، وهي جنة ضريبية، قبل أن يتم تسجيلها بعد ذلك في قبرص، تملكها بالكامل شركة YNG Petrolium limited المسجلة في قبرص والمملوكة من شركة أخرى مسجّلة أيضاً في قبرص، وهي Alamak Holdings Limited  المتخصصة في إنتاج الغاز والبترول وبيعهما. نجد من بين المساهمين فيها، إيغور بوركينسكي، وإيغور أوشيتيل الذي تحوم حوله شبهات فساد عدة في بلده الأم أوكرانيا.

هذا الأخير كان موجوداً وقت توقيع الاتفاقية مع الوفد الأوكراني في تونس حسبما تثبته الصورة الرسمية التي نُشرت لحفل التوقيع.

صورة حفل التوقيع الرسمي في تونس لاستغلال رخصة عريفة بوجود ايغور أوشيتيل (يسار الصورة)

شبهات فساد حول رجل الأعمال الأوكراني إيغور أوشيتيل

في الفترة نفسها تقريباً، أي مع بداية كانون الثاني/ يناير 2013، نددت وسائل إعلام في أوكرانيا بالأسعار الباهظة التي كان يباع بها الغاز الطبيعي للمؤسسات الحكومية وإدارات التعليم ومجالس القرى في منطقة أوديسا في أوكرانيا من الشركة الحكومية Odesagaz التي يرأسها إيغور أوشيتيل، إذ بيع الألف متر مكعب بمبلغ 842 دولارا، في حين أن السعر المعتاد لا يتجاوز الـ 421 دولاراً للألف متر مكعب. وكانت شركة Odesagaz تلقت غرامة كبيرة في خريف 2012 بلغت نحو 3.31 مليون دولار من لجنة مكافحة الاحتكار لبيعها قوارير الغاز للمواطنين بأسعار مبالغ فيها.   

في 2015، ظهر أيضاً اسم أوشيتيل، رجل الأعمال الثري والنائب السابق للمجلس الإقليمي لمنطقة أوديسا بأوكرانيا، في فضيحة صفقة شراء أنابيب حلزونية لاستعمالها في معالجة الآبار البترولية بثلاثة أضعاف سعرها الأصلي. الصفقة التي بلغت قيمتها 5.8 مليون دولار، كانت لصالح الشركة الحكومية الأوكرانية  Ukrgazvydobuvannya PJSC، وحصلت عملية الشراء عن طريق طلب عروض محلي فازت به في ربيع عام 2015 شركة Moston Properties Limited المسجّلة في لندن. تبيّن في ما بعد أن الأنابيب كانت معدّة لاستغلالها لآبار موجودة في البحر، في حين أن الآبار التابعة للشركة الحكومية الأوكرانية موجودة في البر، كما أن القيمة الحقيقة للأنابيب لا تتجاوز الـ 1.7 مليون دولار. 

لكن اللافت، أن هذه التجهيزات كان من المفترض أن تشتريها  في 2013 شركة حكومية أوكرانية أخرى لإنتاج الغاز، تقع في شبه جزيرة القرم، وهي Chornomornaftogaz التي تعاملت مع شركة لندنية لشراء المعدات، وهذه الشركة ربحت طلب العروض مقابل شركة YNG Petrolium  التي لها علاقة بأوشيتيل، ولكن الصفقة لم تحصل. 

بعد ذلك بسنتين، بيعت التجهيزات نفسها بثلاثة أضعاف ثمنها لشركة Ukrgazvydobuvannya PJSC. إلا أنه ومع تغيّر إدارة هذه الشركة واكتشافها ما حدث، رفضت دفع نصف المبلغ لشركة Moston Properties Limited التي رفعت قضية لدى محكمة التحكيم التجاري الدولي في لندن، وكان ممثلها القانوني المحامي الأوكراني أرتيم سيديلنيكوف الذي يدير مجموعة من الشركات القريبة من أوشيتيل، بالإضافة إلى قربه منه خلال حملته الانتخابية أثناء الانتخابات التشريعية في 2014، كما جاء في الموقع الاستقصائي الأوكراني Bihus.info. الموقع لمّح أيضاً إلى أن أوشيتيل قد يكون المالك الحقيقي لشركة Moston Properties Limited.

هذه القضية وغيرها من قضايا الفساد ارتبطت باسم إيغور أوشيتيل، المالك والمساهم في رأسمال شركات عدة سواء في أوكرانيا أو خارجها.

Alamak Holdings Limited المالك الحقيقي للشركات البترولية العاملة في تونس

ظهرت أسماء إيغور أوشيتيل وشريكاه إيغور بوركينسكي وإيغور زغوروف في استعراض البيانات كجزء من تحقيق “أسرار قبرص، وهو تحقيق أُجري بقيادة الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين ICIJ، بالتعاون مع شركاء من أكثر من 60 وسيلة إعلاميّة، من ضمنها “درج ميديا”، استناداً إلى وثائق مسربة، بما في ذلك وثائق من ست شركات قبرصية لتقديم الخدمات، إذ يُسلّط المشروع الضوء على دور الجزيرة القبرصية في مساعدة الجهات الفاعلة الاستبدادية على التهرب من القوانين الغربية.

الشركاء الثلاثة استعانوا في 2020 بخدمات الشركة القبرصية Cypcodirect لمساعدتهم في إيجاد مديرين لشركة Alamak Holdings Limited التي يشتركون في امتلاك رأسمالها، كما جاء في البيانات التي حصلنا عليها من مشروع “أسرار قبرص”. جاء أيضاً في البيانات، أن هذه الشركة صنّفتها Cypcodirect التي قامت ببحث دقيق عنها وعن مالكيها في الشركة ذات “الخطورة العالية”. لم تفسّر شركة الخدمات القبرصية أسباب ذلك، لكنها وضمن قائمة أعدتها تشمل حلفاءها “ذوي الخطورة العالية” High Risk Client كما أسمتهم، نجد اسم Alamak Holdings Limited، واسم “إيغور أوشيتيل” أيضاً، مصنفاً باعتباره UBO (Ultimate Beneficial Owner) أي المالك الحقيقي للشركة وكـ “شخص مكشوف سياسياً”، أي أنه شخص مكلّف بوظيفة عامة بارزة في هيئات حكومية. وعادة ما تعتبر مجموعة العمل المالي FATF، وهي منظمة حكومية دولية تعمل على سن المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح، الأشخاص المكشوفين سياسياً، خطراً من ناحية تورّطهم المحتمل في قضايا الرشوة والفساد بحكم مناصبهم والتأثير الذي قد يمارسونه. 

تثبت البيانات كذلك، أن شركة Alamak Holdings Limited تم تسجيلها في قبرص بتاريخ 19/8/2016، وهي مملوكة من رجال الأعمال الأوكرانيين الثلاثة: إيغور أوشيتيل وإيغور بوركينسكي وإيغور زغوروف، إذ يمتلك كل منهم 33.3 في المئة من رأسمال الشركة، أي ما يعادل 1400 سهم لكل واحد. جاء أيضاً في بيانات Cypcodirect بتاريخ حزيران/ يونيو 2020، أن Alamak Holdings Limited تمتلك بالكامل شركة  Yug-Neftegaz Private Limited المسجلة في سنغافورة، والتي تستثمر في مجال التنقيب عن النفط والغاز في أذربيجان وتركمانستان وتونس، والتي يديرها إيغور بوركينسكي. 

تركيبة مجموعة الشركات التي تنضوي تحت شركة Alamak Holdings Limited

تمتلك Alamak Holdings Limited كذلك بالكامل شركة  YNG PETROLIUM LIMITED، التي تمتلك بدورها بالكامل شركتي YNG ENERGY LIMITED و YNG EXPLORATION LIMITED اللتين تعملان في تونس في التنقيب عن النفط  والغاز بالشراكة مع المؤسسة التونسية للأنشطة البيترولية ETAP. وقد تم في 2021 تعيين السيد ألكسندر بلجوك، الأوكراني الجنسية، كمدير لتطوير الأعمال للشركتين الأوكرانيتين في تونس. وجاء في سيرته الذاتية أنه شغل المنصب نفسه سابقاً في شركة Yug-Neftegaz Private Limited.

في رسالة بتاريخ 30 نيسان/ أبريل 2020، تتعهد شركة Alamak Holdings Limited بمواصلة تقديم الدعم المالي لشركة YNG PETROLIUM LIMITED  بغرض مساعدتها على تغطية “أي نقص في حقوق الملكية، وأي متطلبات سيولة قد تنشأ لتغطية التزامات الشركة،  وذلك لمدة سنة كاملة”.

الالتزام نفسه تعهدت به شركة Alamak Holdings Limited لفائدة شركتي YNG ENERGY LIMITED و YNG EXPLORATION LIMITED في رسالة غير موقعة بتاريخ 29 آذار/ مارس 2021.

تملك شركة Alamak Holdings Limited حسابين مصرفيين: أحدهما في سويسرا في بنك CIM Bank والثاني في بنك GPB International S.A  الذي يعد شركة تابعة بنسبة 100 في المئة لشركة Gazprombank، وهي ثالث أكبر مؤسسة مالية في روسيا (كما جاء في موقع البنك).

يوم 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، تمت الموافقة على إسناد رجال الأعمال الثلاثة المساهمين في رأسمال Alamak Holdings Limited مبلغ 500 ألف دولار لكل واحد كأرباح مؤقتة. 

استغلال رخص بحث وتأخّر في الإيفاء بالالتزامات

في تعريفها لمشاريعها في تونس، نجد على موقع شركة Yug-Neftegaz Private Limited التي تشرف على نشاط مجموعة من الشركات، ومنها YNG Exploration Limited وYNG ENERGY LIMITED، أن “تونس دولة مستقرة تتمتع بمناخ استثماري ملائم لصناعة النفط والغاز وقريبة من الأسواق الأوروبية. كما تمتلك البلاد بنية تحتية متطورة وتتمتع بإمكانات كبيرة، ولكن غير مستكشفة بشكل كافٍ في مجال النفط والغاز”. ربما هذا ما جعل الشركة تقرر الاستثمار في قطاع المحروقات في تونس. فوقعت، عن طريق فرعها في تونس شركة YNG Exploration Limited، اتفاقية شراكة مع المؤسسة التونسية للأنشطة البيترولية ETAP في آذار/ مارس 2013 للحصول على رخصة البحث عن المحروقات “عريفة” على مساحة 988 كلم 2  شمال حقل البرمة في  الجنوب التونسي.

وينصّ الاتفاق على قيام الشركة الأوكرانية بدراسات جيولوجية وجيوفيزيائية وإجراء مسح زلزالي ثلاثي الأبعاد وحفر بئرين استكشافيين. وفي حال اكتُشف النفط، يتم اقتسام الأرباح مع المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية بنسبة 50 في المئة.

شملت مدة الاتفاق الأولية خمس سنوات 2013 -2018، تم تمديدها بعد ذلك سنتين إلى حدود كانون الأول/ ديسمبر 2020. في الأثناء، تم ترفيع مساحة رخصة التنقيب إلى 1012 كلم2 في 2017، من دون أن يتم تبرير ذلك من سلطة الإشراف، أي وزارة الصناعة والطاقة والمناجم، وفق ما جاء في الدراسة التحليلية  “خفايا عقود المحروقات في تونس” التي أصدرتها الجمعية التونسية للمراقبين العموميين في 2018. 

وفق قانون المحروقات الصادر في 1999، فإن المدة الأولية لاستغلال رخص البحث عن المحروقات لا تتجاوز الخمس سنوات، ويمكن تجديدها لفترتين متتاليتين أقصاها أربع سنوات لكل فترة، وهناك إمكانية للتمديد داخل كل فترة تجديد لثلاث سنوات على أقصى حد. ولكن التجديد أو التمديد يقترنان دائماً بضرورة الإيفاء بالالتزامات التي تعهدت بها الشركة المستغلّة للرخصة. 

بحلول نهاية التمديد الأول في الفترة الأصلية، أصدر وزير الصناعة قراراً بتاريخ 26 آذار 2021 يتعلق بالتمديد في رخصة البحث عن المحروقات “عريفة” بعنوان حالة “القوة القاهرة” من دون تبيان ماهيتها، وذلك  بناء على طلب في الغرض كانت أودعته شركة YNG Exploration Limited لدى الإدارة العامة للمحروقات التابعة للوزارة بتاريخ 3 نيسان/ أبريل 2020، وفق ما جاء في قرار الوزارة المنشور في الجريدة الرسمية. وبالتالي، تم تمديد الرخصة مدة ستة من 27 كانون 2020 إلى 26 من الشهر نفسه 2021.

حسب المادة 26 من اتفاقية الشراكة بين YNG Exploration Limited والمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية، فإن “حالة القوة القاهرة أي حقيقة أو حدث خارجي، تمثّل موقفاً لا يمكن التنبؤ به ولا يمكن مقاومته بالنسبة الى الطرف المتضرر، ما يمنعه من أداء كل أو جزء من التزاماته بموجب عقد الشراكة. وفي حال حدوث حالة قوة قاهرة، يتم تمديد الالتزامات تلقائياً لفترة تساوي التأخير الناجم عن وقوع حدث القوة القاهرة، والتي ستضاف إليها، حسب الحالة، المدة اللازمة للاستئناف الطبيعي للأنشطة”.

يعتبر غازي بن جميع، خبير في مجال المحروقات وأحد المساهمين في الدراسة التحليلية “خفايا عقود المحروقات في تونس”، أن الدولة لم تفسر “معنى القوة القاهرة” لتبرير التمديد، كما أنه في رأيه لا يمكن اعتبار أزمة فيروس كورونا التي حلّت بالعالم في تلك الفترة “قوة قاهرة” تمنع الشركات البترولية من ممارسة نشاطها، بدليل أن الكثير من الشركات البترولية العاملة في تونس واصلت عملها في البحث واستخراج المحروقات. و”هذا ما من شأنه أن يشكل تمييزاً بين المستثمرين”. 

من جهة أخرى، وبالعودة إلى موقع شركة Yug-Neftegaz Private Limited المُشرفة على نشاط الشركتين الأوكرانيتين اللتين تشتغلان في تونس، نجد أن هذه الأخيرة واصلت أعمالها في التنقيب في تركمانستان، حيث هي موجودة أيضاً، خلال الفترة ما بين 2020 و2021. لا بل إنها أعلنت في 1 كانون الثاني/ يناير 2021 أنها حفرت 6 آبار استكشافية.

إعلان شركة Yug-Neftegaz عن حفر 6 آبار استكشافية في تركمانستان في 1/1/2021

كذلك، جاء في الفصل الثاني من قرار وزير الصناعة التمديد في صلوحية رخصة “عريفة”، أنه “يتعين خلال مدة صلوحية الرخصة الإيفاء بكافة الالتزامات المتعهد بها والمقدرة تكلفتها الإجمالية بـ 16.2 مليون دولار”. إلا أننا إذا نظرنا إلى ما أنجزته شركة  YNG Exploration Limited  خلال تلك الفترة، نجد أنها لم تفِ بكل التزاماتها، لا سيما حفر بئرين استكشافيين، بما أنه لم يتم مثلاً حفر أي بئر استكشافي  خلال فترة التمديد الأولى 2018 – 2020 وخلال فترة التمديد الثانية (بحجة القوة القاهرة) 2020 – 2021، وذلك استناداً الى البيانات المنشورة في موقع المؤسسة التونسية للأنشطة البيترولية. وقد جاء في هذه البيانات أيضاً، أن البئر الاستكشافية الأولى Araifa-1 تم إنجازها في شباط/ فبراير 2022، أما البئر الثانية Araifa-2 فقد بدأ إنجازها في  18 كانون الثاني 2023، لتنتهي الأشغال في 23 آذار 2023، أي تقريباً مع بداية فترة التجديد الأولى (كانون الأول 2022 – كانون الأول 2025). 

في إجابة عن رسالتنا الإلكترونية الموجّهة الى وزارة الصناعة والمناجم والطاقة بتاريخ 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، والتي استفسرنا فيها حول هذه النقطة، جاءنا الرد كتابياً من المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية، أنه في ما يخص حفر البئر الاستكشافية  “عريفة 2″ تمت الموافقة على حفر هذا البئر وتخصيص الميزانية الأولية له منذ كانون الأول 2021، ولكن التحضيرات لحفره بدأت في الثلاثية الثانية لسنة 2022، في حين أن الحفر الفعلي انطلق في 24 تشرين الأول 2022”. وبالتالي، “تعتبر شركة YNG Exploration Limited قد بدأت في تنفيذ التزاماتها. والجاري به العمل أن المُشغّل عندما يُبدي جدية في تنفيذ التزاماته، فإن السلطة المانحة عادة ما تقدر ذلك وتعتبره بصدد الإيفاء بتعهداته حتى وإن تجاوزت مدة الإنجاز الفترة الموالية سواء كانت تمديداً أو تجديداً”. 

من جهتها، لم ترد شركة Yug-Neftegaz Private Limited المشرفة على نشاط مجموعة من الشركات، ومنها شركة  YNG Exploration Limited و YNG Energy Limited، على رسالتنا الإلكترونية في ما يخص استفسارنا حول تأخّر هذه الأخيرة في الإيفاء بالتزاماتها خلال المدة المحددة.

 في 2017، وسّعت شركة Yug-Neftegaz Private Limited من نشاطها في تونس عبر توقيع شركة أخرى تديرها في تونس، وهي شركة YNG Energy Limited، اتفاقاً جديداً مع الحكومة التونسية لاستغلال رخصة بحث في الجنوب التونسي، وهي رخصة بحث “نفزاوة”. دخل الاتفاق الذي ينص على الشراكة بنسبة 50 في المئة مع المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية حيّز التنفيذ في كانون الأول من السنة نفسها، وشمل مساحة تقدر بـ 3032 كلم2. والتزمت الشركة الأوكرانية بالقيام بالمسح الزلزالي وحفر بئرين استكشافيين بقيمة 8.6 مليون دولار لكل بئر. 

انتهت الفترة الأولية للرخصة التي مُنحت لخمس سنوات في 21 كانون الأول 2022. وفي الأثناء، تمت زيادة مساحة البحث 100 كلم2 لتصبح المساحة الإجمالية 3132 كلم2 بمقتضى قرار من وزير الصناعة والطاقة والمناجم صدر في 18 آذار 2021. لم تلتزم الشركة بتعهداتها بحفر البئرين الاستكشافيين، حسب ما جاء في موقع شركة Yug-Neftegaz Private Limited. ورغم ذلك، تم التمديد لها سنة إضافية إلى حدود 26 كانون الأول 2023 بعنوان “القوة القاهرة”. 

من موقع شركة Yug-Neftegaz حول ما أنجز من أعمال في ما يخص رخصة البحث “نفزاوة”

ومع اقتراب فترة انتهاء صلوحية الرخصة، لم يصدر أي قرار إلى حد الآن من الوزارة حول إمكان تجديد رخصة “نفزاوة”، إذ ينص قانون المحروقات على أنه قبل انتهاء صلوحية الرخصة بشهرين على الأقل، ينبغي على المستثمر الإعلان عن نيته التجديد القانوني أو ترك الرخصة وسداد كل المبالغ المتخلدة من التزاماته التعاقدية وهجر الآبار نهائياً وإعادة المنطقة إلى حالتها الأولى. كما أن عدم التمديد أو التجديد للرخصة يقتضي من سلطة الإشراف إعادة وضعها في المناطق الحرة لتمكين المستثمرين الجدد من الحصول عليها. وهو ما لم يحصل إلى الآن. وبالاطلاع على موقع شركة Yug-Neftegaz Private Limited، نجد أنها أعلنت عن خططها لإنجاز بئر استكشافية في فترة التجديد الأولى (3 سنوات) وبئر أخرى في فترة التجديد الثانية (3 سنوات) من دون أن تحدد ما إذا تم تقديم طلب لذلك لوزارة الصناعة والمناجم والطاقة.   

في إجابتها حول تساؤلنا في هذا الخصوص، ردت المؤسسة الوطنية للأنشطة البترولية أنها قامت، مع شريكها الشركة الأوكرانية، بإيداع مطلب تمديد في صلوحية رخصة البحث “نفزاوة” بتاريخ 4 تشرين الأول 2023، وذلك لمدة سنتين ابتداءً من 22 كانون الأول 2023 وحتى  21 من الشهر نفسه 2025.

في الأثناء، لم تصدر إلى حد كتابة هذه الاسطر موافقة سلطة الإشراف على طلب التمديد. 

على رغم تأخّر الشركتين الأوكرانيتين المتواصل في الإيفاء بالتزاماتهما، حصلت شركة YNG Exploration Limited على رخصة بحث ثالثة في السنة الماضية 2022، وهي رخصة “بئر عبد الله” على مساحة 2116 كلم2 في منطقة تطاوين من الجنوب التونسي، مع الالتزام بالقيام بالدراسات الجيولوجية والمسح الزلزالي وحفر بئر استكشافية. وتمتد الرخصة لمدة 5 سنوات إلى حدود 21 تموز 2026.

للحصول على مزيد من التوضيحات في هذا الصدد، حاولنا التواصل مباشرة مع الفرع التونسي لـYNG Exploration Limited  الموجود في منطقة البحيرة في تونس العاصمة، عبر زيارته وطلب مقابلة أحد المسؤولين، لكن طُلب منا إرسال رسالة إلكترونية تتضمن أسئلتنا، إلا أنه في النهاية، لم تتم الإجابة عنها.  

يُفسّر شرف الدين اليعقوبي، الخبير في المحروقات وأحد المساهمين في كتابة الدراسة التحليلية  “خفايا عقود المحروقات في تونس”، تساهل سلطة الإشراف مع الشركات البترولية في ما يخص عدم إيفائها بالتزاماتها أو تأخرها في ذلك، بأن “تونس لم تعد تستقطب شركات بترولية كبيرة، وأن الشركات المستغلّة لرخص البحث هي في معظمها شركات صغيرة وقدراتها الفنية ضعيفة، لذلك فإن السلطة تغض الطرف عن الكثير من النقاط، نظراً الى قلة الطلب على التنقيب في البلاد التونسية”.

جلبير الأشقر - كاتب وأكاديمي لبناني | 06.05.2024

بحجة “اللاساميّة” تترافق إبادة شعب فلسطين مع محاولة إبادة قضيّته 

ظهور حركة جماهيرية متعاطفة مع القضية الفلسطينية في الغرب، لا سيما في عقر دار القوة العظمى التي لولاها لما كانت الدولة الصهيونية قادرة على خوض حرب الإبادة الراهنة، يشكّل تطوراً مقلقاً للغاية في نظر اللوبي المؤيد لإسرائيل.