fbpx

السودان:  9 أشهر من الحرب التي قوّضت البلاد

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يعيش السودانيون منذ 15 أبريل/ نيسان 2023، في خوف من تحوّل الحرب المندلعة بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى نزاع دائم، في ظل عدم ممارسة المجتمع الدولي ضغوط كافيةًلإجبار طرفي الصراع على إنهائه بالطرق السلمية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

دفع العنف والاشتباكات بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني 7.6 مليون سوداني للفرار من منازلهم، منهم 6.1 مليون شخص نازح داخلياً، يعيشون في ظل أوضاع إنسانية بالغة السوء، بعد أن فقدان مصادر دخلهم وتآكل مدخراتهم، نتيجة النزوح الطويل وتراجع قيمة العملة المحلية. 

ومن بين هؤلاء الفارين 3.5 مليون طفل أُجبروا على مغادرة منازلهم، وفقًا لممثلة اليونيسف في السودان مانديب أوبراين.

تقول أوبراين إن أطفال السودان يعيشون كابوساً حقيقياً، إذ يحتاج 14 مليون من أصل 24 مليون طفل سوداني إلى المساعدة في مجالات الصحة والتغذية والحماية، علاوة على وجود 19 مليون طفل في سن الدراسة لا يذهبون إلى المدارس، وتشير إلى أن استمرار هذا الوضع يجعل السودان يواجه خسارة تقدّر بـ26 مليار دولار.

تشمل كارثة الحرب جميع مناحي الحياة، خصوصاً تصاعد العنف ضد النساء والفتيات اللواتي يواجهن تهديدات الاختطاف والاختفاء القسري والعنف الجنسي المرتبط بالنزاع، وسط توقعات من الأمم المتحدة بارتفاع أعداد اللواتي يتعرضن لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي إلى أكثر من 6.9 مليون امرأة وفتاة.

الاقتتال الأهلي المرتقب

أثارت سيطرة قوات الدعم السريع على ولاية الجزيرة وسط السودان بعد انسحاب الجيش منها في أواخر العام السابق، هلع بين السودانيين، ما دفعهم إلى تكثيف حملات التعبئة العامة لحمل السلاح تحت مسمى “المقاومة الشعبية“، وسط تشجيع القوات المسلحة التي تعهّد قائدها الفريق أول عبد الفتاح البرهان إمدادهم بالسلاح، ماضاعف مخاوف تحول الحرب إلى نزاع أهلي.

باتت مظاهر حمل المدنيين أسلحة في المدن والقرى الواقعة في وسط وشمال السودان مألوفة، في وقت يتزايد الاستقطاب الأهلي من قبل طرفي النزاع، ما ينذر بصراع اجتماعي قد يكون أكثر دموية من الذي حدث في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، والذي راح ضحيته 12 ألف شخص من عرقية المساليت على يد قوات الدعم السريع والمليشيات العربية المتحالفة معها. 

عاش سكان ولاية غرب دارفور أهوالًا تضمنت احتجاز قوات الدعم السريع بعضهم واستغلالهم للعمل بالسخرة في الأنشطة الزراعية، وتعرضت عشرات النساء للعنف الجنسي، وقبل كل ذلك قتل والي الولاية خميس عبد الله أبكر في 14 يونيو/ حزيران 2023 بطريقة بشعة بعد ساعات من اعتقاله من قبل عناصر من الدعم السريع.

لا يستبعد مراقبو الأوضاع في السودان طوال فترة الحرب الحالية، والتي زادت عن الـ 9 أشهر، حدوث موجات اقتتال عرقي على غرار ما حدث غرب دارفور، في ظل تعمد قوات الدعم السريع التمدد في مناطق جديدة ،وإذلال السكان بمزيد من الانتهاكات الفظيعة، والانتشار الواسع للسلاح في أيدٍ المدنيين، خاصة في ولايتي القضارف شرق السودان وولاية نهر النيل بشمال البلاد.

“طرفي النزاع خسروا أيضاً، دون أن يكسبوا شيئاً في المقابل، سواء كنا نتحدث خسائر بشرية في صفوف الجند والضباط، أو في المعدات”.

الوضع يزداد بؤساً

توسّع رقعة الحرب وتطاول أمدها أدى إلى زيادة الانتهاكات، بما في ذلك الاعتقال غير المشروع والاختفاء القسري، وفقًا للمحامي ابراهيم الطاهر، الذي يشير إلى أن الجيش والدعم السريع يعتقلان المدنيين بذريعة التعاون مع الطرف الآخر، مشدداً أن ذلك يضيق الخناق على الحياة المدنية لصالح عسكرة المجتمع.

يعلق الطاهر لـ “درج” على قرارات حكومات الولايات الخاصة بحل لجان التغيير والخدمات (هي تجمعات شبابية متطوعة تعمل على تقديم الخدمات للمواطنين مجانًا) بقوله: “لا ينفصل هذا عن محاولات الجيش والدعم السريع للقضاء على أي صوت يخالفهم أو يستنكر انتهاكاتهم، الطرفان يريدان مجتمعًا مدجنًا”.

يعيش معظم السودانيين مشقة اقتصادية بالغة السوء، جراء فقدانهم أعمالهم وتدهور قيمة العملة المحلية التي بات الدولار الواحد يُعادل 1200 جنيهًا سودانياً، بينما كان يتداول قبل الحرب عند 550 جنيهًا، أي أن قيمة الجنيه انخفضت بنسبة تزيد عن الـ 100%، ما أدى إلى ارتفاع السلع والخدمات بطريقة مرتفعة.

يقول المواطن إسماعيل بكر لـ “درج”، إنه لا يستطيع من خلال عمله بائعاً متجوّلاً أن يوفر وجبتين لأسرته المكونة من أربعة أفراد، ولم يكن أمامه خيار غير التخلي عن شراء بعض احتياجات طفله مثل اللبن.

الفقر ونقص المواد الغذائيّة مشترك بين معظم السودانيين، في وقت تتحدث تقارير صحفية عن رفع الحكومة الخاضعة للجيش قيمة الدولار الجمركي، وهو معيار تتخذه السلطات لتحصيل قيمة الجمارك من المستوردين، وارتفاعه يعني زيادة أسعار السلع والوقود.

يقول الصحفي أحمد حمدان إن المدنيين السودانيين لم يتبق لهم شيئ لم يخسروه طوال 9 أشهر من القتال، فقدوا منازلهم وممتلكاتهم ومصادر عيشهم وهناك ملايين هائمين على وجوههم ما بين النزوح الداخلي واللجوء إلى دول الجوار في ظل أوضاع إنسانية بالغة التعقيد.

ويقول لـ “درج” إن طرفي النزاع خسروا أيضاً، دون أن يكسبوا شيئاً في المقابل، سواء كنا نتحدث خسائر بشرية في صفوف الجند والضباط، أو في المعدات.

تضاؤل آمال وضع حد للحرب

على الرغم من أن أوضاع السودان تمضي نحو فقدان السيطرة، إلا أن إنهاء القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع عبر التفاوض بات حلماً بعيد المنال نتيجة للاستقطاب الاجتماعي والسياسي ومحاولات كل طرف تحقيق انتصارات عسكرية تجبر الآخر على الانصياع لشروطه.

يشترط الجيش خروج عناصر قوات الدعم السريع من منازل المواطنين والمنشآت المدنية والانسحاب من الولايات التي يسيطر عليها وإبعاد قواته خارج المدن قبل استئناف التفاوض، بينما يبدي الدعم السريع استعدادًا للتفاوض، فإنه يستمر في ارتكاب مزيد من الانتهاكات ضد المدنيين.

تمسك الجيش يعتمد على استراتيجية الدفاع عن مقاره العسكرية وشن الغارات الجوية، فيما تمدد قوات الدعم السريع، وتسيطر على مناطق جديدة، وهي تسيطر حالياً على أجزاء واسعة من العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة وأربع من أصل خمس ولايات في إقليم دارفور ومناطق من كردفان الكبرى.

لا يبدي أحمد حمدان تفاؤلًا بإنهاء الحرب في المستقبل القريب، يقول “أتوقع أن تستمر الحرب لفترة ربما تزيد عن ثلاث سنوات إذا ما استمرت على هذا الوضع الذي يجعل الدعم السريع صاحب اليد الطولى في ميدان العمليات العسكرية”.

ويضيف “لن يستطيع الدعم السريع حسم المعركة عسكرياً، ولن يذهب الجيش للتفاوض وهو منهزم عسكريًا، لذلك أتوقع استمرار القتال لأطول فترة تسمح للطرفين بالمحافظة على وضعهما الميداني. لكن إذا تمكن الجيش من تغيير موازين القوى في الميدان سيذهب حينها للتفاوض يفرض شروطه التي ليس من بينها التحول المدني الديمقراطي”.

ويتابع “وإذا لم يحقق الجيش تفوقًا عسكريًا في الميدان أتوقع أن يماطل في الذهاب إلى المفاوضات مراهنًا على انهيار قوات الدعم السريع بعد نفاد قدرتها المالية وفشلها في الصرف على التسليح والتموين والإنفاق على جنودها، فهي لن تستطيع تمويل هذه الحرب إلى ما لانهاية، وليس في يدها مورد دخل دائم”.

يضيف: “في المقابل يملك الجيش موارد دخل من البترول والذهب والمجال الجوي والضرائب والجمارك، بل حتى الولايات التي سيطر عليها الدعم السريع ما زالت إيراداتها تذهب لخزينة الجيش”.

يؤكد حمدان على أن الجيش يتمسك بوجود جنوده داخل قواعده لتفادي فقدانه الذخيرة والسلاح، حيث يعتمد فقط على الغارات الجوية عبر البراميل المتفجرة وهي سلاح رخيص التكلفة.

مع إصرار الجيش والدعم السريع على إنهاء مظاهر الحياة المدنية بما في ذلك الأنشطة الإنسانية وتفاقم الأوضاع الاقتصادية والصحية والتجاهل الدولي، فإن أوضاع السودان تمضي إلى مزيد من التعقيد بطريقة تجعل أي حلول في فترة لاحقة كأنها ذباب ينبش في جرح متقيح، بما يعني سيزيده سوءاً. 

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.