fbpx

ممثّلون سوريّون في “قصر الأسد”… فروض الطاعة واستعراض الولاء

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يأتي استقبال الأسد لمجموعة من الممثلين في لحظة حسّاسة، ولا نتحدث عن شهر رمضان، بل اشتعال التظاهرات في السويداء، والذكرى الـ13 للثورة السوريّة، التأكيد على الولاء هذا يأتي أيضاً في لحظة تعيش فيها اقتصادية سوريا فقراً غير مسبوق، والممثلون يتحركون بين دبي وبيروت ودمشق.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لا ينفك بشار الأسد عن توظيف الممثلين والدراما التلفزيونيّة كأداة سياسية ودعائيّة تعمل لصالحه، ولا نتحدث هنا، عن مضمون الحكايات المتخيّلة في المسلسلات التي تَفرض عليها الرقابة سطوتها، بل الممثلين أنفسهم كـ”مواطنين” وشخصيات علنيّة ذات أثر في الرأي العام.  إذ سبق أن ظهرت مجموعة منهم عام 2011 على التلفزيون الرسمي لمناقشة “الأزمة” و”المؤامرة”. والتقى آخرون ببشار الأسد، في الوقت ذاته، كان من زُملاؤهم يتظاهرون في الشوارع داعين إلى إسقاط النظام.

استخدام الممثل بوصفه شخصية علنيّة ذات أثر سياسي يتّضح في الفيديوات الأخيرة التي بثّتها وكالة الأنباء السورية “سانا” عشية بداية رمضان، والتي يظهر فيها الأسد يستقبل مجموعة من “صناع الدراما”  لمناقشة مستقبل هذه الصناعة، بوصفها وطنيّة بحتة، في شكل من أشكال استعراض السطوة على القطاع الفنيّ، الذي لم يوفر الكثيرون من العاملين فيه إبداء تأييدهم للأسد، حد تقبيل الحذاء العسكري كما في الصورة الشهيرة للممثل زهير عبد الكريم.

اللافت في هذا اللقاء، هو الشخصيات التي استقبلها الأسد في قصر المهاجرين، ولا نتحدث عن باسم ياخور صاحب تصريح: “ماحدا بقرب على شخص الرئيس… ما حدا بقرب بالنسبة إلي على مسائل إلها علاقة بالجيش السوري (جيش النظام السوري)”، ولا عباس النوري، الذي حذف لقاء معه على إذاعة المدينة كونه تحدث عن الفساد وانتقد حزب البعث، بل أولئك الذين وصفوا بالرماديين، أي بصورة ما، أولئك الذين لم يأخذوا موقفاً واضحاً من الثورة في سوريا للحفاظ على أعمالهم، كبسام كوسا، وتيم حسن، و سامر اسماعيل، وقصي خولي، ليبدو اللقاء معهم الآن أشبه بالتأكيد على الولاء، وأن هؤلاء ليسوا فقط ممثلين مستقلين، بل على تماس مباشر مع رئاسة الجمهوريّة ورؤية الأسد لسوريا، أي لا حياد في هذه اللحظة.

الممثّل والمثقّف !

يشير الناقد والمسرحي زياد عدوان، الى أن صورة المثقف في سوريا في عهد الأسد الابن صودرت من الكاتب والصحافي وتنويعاتهما من العاملين في العلوم الإنسانيّة، لتُمنح  للممثل، لا بوصفه “مواطناً” صاحب رأي، بل ذو دور في العملية السياسيّة، والمؤهلات هي الشهرة وفقط الشهرة، لا شيء آخر سوى الكاريزما والقدرة على اللعب أمام الكاميرا.

هذه المصادرة تراهن على شعبية هذه الفئة وحماية “صناعة الدراما” بعد سنوات من معاناتها والمقاطعة العربية لها، تلك التي بدأت تتلاشى في السنوات الأخيرة، الشأن الذي أشارت إليه المخرجة رشا شربتجي التي كانت حاضرة في اللقاء، إذ قالت إن “الاجتماع ناقش كيفية تسهيل الاستثمارات المحلية والأجنبية لدخول قطاع الإنتاج الدرامي، من خلال سن قوانين تحمي رأس المال، إضافة إلى طرح مجموعة من المقترحات، منها دراسة موضوع الرقابة…”.

 لا نعلم أي رقابة بالضبط تتحدث عنها شربتجي، لكن اللافت هو التأكيد على رأس المال وضرورة حفظه، الشأن الذي يتضح في كميات الشُكر في نهاية كل مسلسل، التي توجه الى البلديات  والإدارات المحليّة وصولاً إلى الأمانة العامة للتنمية برئاسة أسماء الأسد، وتحول بعض الممثلين إلى محط الانتقاد بسبب كثرة أدوارهم في الموسم الرمضاني الواحد والمبرر “الحاجة إلى المال”، هذه الحاجة التي تكشف فقر الإنتاج السوري المحلي والاعتماد على رأس المال الخارجي، بكلمات أخرى، من يعمل داخل سوريا في هذه المهنة، يعمل لسدّ رمقه.

يأتي هذا الاستقبال في لحظة حسّاسة، ولا نتحدث عن شهر رمضان، بل اشتعال التظاهرات في السويداء، واقتراب الذكرى الـ13 للثورة السوريّة، التأكيد على الولاء هذا يأتي أيضاً في لحظة اقتصادية سوريا فيها تعيش فقراً غير مسبوق، والممثلون يتحركون بين دبي وبيروت ودمشق، بينما تبتلع “المسلسلات المشتركة” المقتبسة عن التركية النجوم وتغويهم بالمال والإقامة في تركيا، ليبدو ظهور الأسد هنا مع هذه الفئة بالتحديد من الممثلين أشبه بمن يحاول الحفاظ على هيمنته، وسطوته على هذه الصناعة، وما تحيط بها من إشاعات حول دور الأسد (الأب والابن) في منع مسلسلات وإباحة بعضها.

نكتب هنا من وجهة نظر “الرغبة في الترفيه ” بصورة ما، الحاجة الى حكايات لا يتحرك ضمنها بشار الأسد وسطوته، وصوره المنتشرة في كوادر كل المسلسلات المصورة في سوريا، وعلى رغم الوعود التي قدمها الكثير من شركات الإنتاج خارج سوريا بتقديم أشكال ونماذج وحكايات جديدة، لم يكن أمامنا العام الماضي سوى “ابتسم أيها الجنرال” وما تلاه من فضائح.

في كل عام هناك أمل ما بحكايات تلفزيونيّة، لا تهيمن عليها قواعد الرقابة ومحاذيرها، لكن في كل عام نكتشف أنها استبدلت بأخرى أشد فصاماً وبعداً لا عن الواقع (فنحن بالنهاية أمام أعمال متخيّلة)  بل عن الحسابات السياسيّة، وكأن هناك عجزاً هائلاً عن الاستقلال عن هذه الصناعة وسوقها وقواعده، وهذا ما لا يمكن إنكاره، لتبقى هذه الصناعة أسيرة معايير المال من جهة والرقابة من جهة أخرى.

المواطنة الاستعراضيّة

لا بد من الإشارة إلى أن المسلسلات، خصوصاً التي تحوي سوريين، سواء كانوا إلى جانب النظام أو “ضده”، بدأت تصل إلى منصات عالميّة، كنتفليكس وأمازون، لتتلاشى الحدود بين السياسي والفنيّ، ويروّج للانفصال بين المواقف السياسية شديدة التعارض واللعب أمام الكاميرا ضمن شخصيات متخيلة، من دون التصريح بهذا الانفصال علناً من الممثلين المعارضين للنظام السوري، خصوصاً حين يتم التصوير خارج سوريا.

 تمييع الحدود هذا ما زال بعض الممثلين السوريين يقفون بحزم تجاهه، كفارس الحلو الذي يقولها بوضوح: “أرفض المشاركة في أيّ عمل يوجد فيه فنانون سوريون قبّلوا الحذاء العسكري بطريقة أو بأخرى”.  هذه القاعدة الثورية، لا تنطبق على الكثير من العاملين في “الإنتاج الدرامي”، ليتحول اللعب هنا إلى شكل من أشكال المواطنة الاستعراضية، أي باختصار، نلعب أمام الشاشة سويةً، ونختلف خارجها سياسياً، تضاف الآن إلى ذلك سطوة رأس المال والحاجة الى العمل.

مازلنا على أعتاب الموسم الرمضاني، ولا نعلم بعد طبيعة الحكايات التي سنشاهدها على الشاشة الصغيرة، لكن نتساءل: هل سيقف باسم ياخور الظاهر في الصورة مع بشار الأسد  في الكادر ذاته الذي يحوي ممثلاً معارضاً في مسلسل “ما اختلفنا”؟ لا نمتلك إجابة حالياً، لكن ما نعرفه أن كوادر الشاشات جمعت الكثيرين ممن وصل بهم الأمر حد تخوين بعضهم البعض علناً. والواضح أيضاً، أن مساحة اللعب يمكن تعديل قواعدها لأجل لقمة العيش.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.