fbpx

“زميلاتي” النساء لا بأس باستراحة!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

زميلاتي المقاتلات اللواتي حتى إذا حصلن على يوم إجازة، يمضينه في أعمال الرعاية غير المحسوبة وغير المأجورة… لا بأس باستراحة بين جولة وأخرى، ولا بأس ببعض الكسل والنوم والتخفف، ولا بأس بأن نبدو غير مثاليات ومتعبات وألا نحصل على أجسام مشدودة ووجوه نضرة!

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

نقاتل كثيراً زميلاتي النساء وأنا، يخيّل إليّ أحياناً أننا خُلقنا لنقاتل. آه لحظة! لماذا أسميهنّ زميلاتي؟ إنها مزحة نكررها في غرفنا المغلقة، للدلالة على أن تجربة أن يكون الإنسان امرأة هي بحد ذاتها “وظيفة” لا نهاية لها من المحاولة، لذلك نحن زميلات مهما اختلفت طباعنا وأشكالنا ومسؤولياتنا. كلنا في المحصّلة نساء في حقل الألغام الذي نحاول التنزّه فيه، والاستمتاع داخله ولو ساعة في الأسبوع.

عود على بدء، ماذا كنا نقول؟ نعم، كنا نتحدث عن القتال. أكتب عن القتال فيما أشعر بأن جسمي ينهار من التعب، لأنني أطالبه بالكثير، ومثله رأسي الذي لو كان يستطيع لحمل أمتعته وهجرني مرة واحدة وإلى الأبد.

 تؤكد صديقي أنني “كتيرة الغلبة”، كما يقول اللبنانيون، لكنني دائماً ما أرد عليها من دون تفكير “بس مش قدّك”. بصراحة، لا أعرف من التي تتفوق على الأخرى في هذا الركض المتواصل نحو كل شيء، العمل، الرعاية، ملاحقة التفاصيل، إدارة البيت، إقناع “الفاليه باركينغ” بأننا نستطيع ركن السيارة بلا تعليمات من كل رجال الشارع، التعامل مع النظرات والمواقف غير الآمنة، مكافحة الجرائم القانونية والاجتماعية بحقنا، الانتقاص من قيمتنا وقدراتا… إلخ.

أفكّر أحياناً بأن النساء يملكن قدرات خارقة بالفعل، لا أحب اختصارها بالتعبير الشهير multitasks، لأن الأمر ليس بهذه السذاجة وهو لا يتعلق بقدرات ممنوحة لنا بالفطرة وحسب، بل يتعلق أيضاً بما لا نتوقف عن مطالبة أنفسنا به… نريد أن نكون مثاليات وأن نؤدي كل الواجبات والمهمات الصعبة، وألا ينقص شيء، وكأننا نريد أن نثبت أننا قادرات وملتزمات بما رُمي على أثقالنا، لمجتمع يأكله العفن الذكوري، ولا أعرف إن كان يستحق أصلاً أن نمنحه فرص امتحاننا ومنحنا شهادات. وبعد ذلك كله، ندخل إلى غرفنا، نلتقط ثوباً للسهرة، نجمّل وجوهنا المتعبة ببعض البودرة، ونطلب من أعيننا أن تضحك من أجل بعض “الماسكارا”، ونفرد شعرنا أو نربطه حين لا نملك رفاهية تسريحه. يا إلهي، ما أجملنا وما أقوانا!

 يكرر أبي سؤالاً واحداً بصيغ مختلفة، “كيف دايرة هالزلم (الرجال) كلهم؟”. ما زال أبي يستغرب فكرة أن تقود امرأة فريقاً معظم أفراده من الرجال.

يطالبني صديقي في العمل بأن أمنح نفسي يومَي إجازة، أستيقظ على رسائل منه أحياناً تأتي على صيغة واحدة “بليز اختفي اليوم!”، لكنني غالباً ما لا أفعل، يرعبني أن أفقد السيطرة أو أن يرتكب أحد أفراد الفريق الذي أديره خطأ في غيابي. أشعر بالمسؤولية التامة حتى حين لا يكون خطئي وحين تحدث القصة في يوم يفترض أنه يوم إجازتي. تحولت في الأشهر الأخيرة إلى شخص عاجز عن التمتع بإجازة، حتى حين أحاول فعل ذلك، تقتلني عقد الذنب، وأتدخّل من جديد. يقول صديقي نفسه حينها، “مش عأساس تختفي؟”.

 يكرر أبي سؤالاً واحداً بصيغ مختلفة، “كيف دايرة هالزلم (الرجال) كلهم؟”. ما زال أبي يستغرب فكرة أن تقود امرأة فريقاً معظم أفراده من الرجال، لكنه دوماً يشيد بقدراتي، وأحياناً يسألني عنهم فرداً فرداً، ويعرف أسماءهم. 

بنات أبي الخمس لم يتوقفن يوماً عن إبهاره ومفاجأته، أعتقد أننا فقنا توقعاته بجدارة. إنها المرة الأولى التي أقول ذلك بصراحة، لذلك أودّ أن أبكي قليلاً قبل أن أستكمل الكتابة. لكن البكاء صعب في الأمكنة العامة، وربما أيضاً في الغرف المغلقة.

زميلاتي المقاتلات اللواتي حتى إذا حصلن على يوم إجازة، يمضينه في أعمال الرعاية غير المحسوبة وغير المأجورة… لا بأس باستراحة بين جولة وأخرى، ولا بأس ببعض الكسل والنوم والتخفف، ولا بأس بأن نبدو غير مثاليات ومتعبات وألا نحصل على أجسام مشدودة ووجوه نضرة!