fbpx

التهاب الكبد الوبائي يفتك بأطفال غزة ولا علاج مناسب

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يعاني النازحون جنوب قطاع غزة من انتشار التهاب الكبد الوبائي من نوع “إيه”، خصوصاً بين الأطفال، نتيجة الاكتظاظ ونقص المياه وتدني مستويات النظافة، ما يتركهم عرضة لـ”موت جديد” يضاف إلى القصف الإسرائيليّ والتجويع.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

فوجئ علاء العطار بإصابة طفله أحمد 8 سنوات بالتهاب الكبد الوبائي “A” بعدما شخصه أحد الأطباء في أحد مستشفيات مدينة رفح المكتظة بمئات الآلاف من النازحين الهاربين إليها بسبب ضراوة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

سارع العطار إلى أخذ طفله إلى المستشفى بعد ظهور اصفرار في جسده، وعدم توقفه عن الغثيان والتقيؤ والإسهال، ليُصدم بتأكيدات الطبيب المعالج له بأن أحمد مصاب بالتهاب الكبد الوبائي.

بدأت علامات الخوف تظهر على العطار عند حديثه عن ابنه كونه يعيش حياة نزوح وبعيداً من منزله في شمال قطاع غزة، وعن حاجة طفله إلى رعاية صحية وضرورة توفير أنواع خاصة من الطعام لكي يتجاوز المرض.

قلل الطبيب المعالج للطفل أحمد، وفق والده، من خطورة الإصابة بالكبد الوبائي “A” بخلاف “C” الذي يعد أكثر فتكاً وخطورة على صحة الإنسان.

يقول العطار: “في بداية كانون الأول/ ديسمبر الماضي، نزحنا من بيت لاهيا شمال قطاع غزة إلى مدينة رفح أقصى الجنوب، وشيدنا خيمة عند الحدود المصرية، حيث هناك حمام واحد مشترك مع عشرات العائلات الموجودة خيامهم بجانبنا”.

تستخدم عائلة العطار وأكثر من 70 عائلة الحمام نفسه، في ظل عدم توافر المياه الكافية للنظافة الشخصية لكل فرد، وهو ما يعد مصدراً لانتشار الأوبئة والأمراض، ومنها التهاب الكبد الوبائي بين صفوف النازحين.

لم يحصل العطار على علاج مناسب لطفله، إذ أخبره الطبيب أنه يحتاج فقط الى تناول بعض السكريات ومنها العسل، وتجنب الحمام المشترك مع العائلات، وهي متطلبات غير قادر على تنفيذها.

وفي مخيم للنازحين بمنطقة مواصي خان يونس جنوب قطاع غزة، يصطف عدد من الأطفال في طابور أمام حمام صغير مكون من قطع القماش وألواح الصفيح، من بينهم الطفلة لانا أبولولي (10 سنوات) وهي مصابة بالتهاب الكبد الوبائي “A” نتيجة عدم توافر المياه بشكل كافي من أجل النظافة واستخدام الحمام من عشرات الأطفال.

أصيبت لانا بالتهاب الكبد الوبائي خلال نزوحها مع عائلتها من شرق مدينة خان يونس إلى منطقة المواصي غرب المدينة، وبدأت علامات المرض تظهر عليها، بخاصة الإسهال والاصفرار في أنحاء جسدها.

يقول خالد والد الطفلة لانا: “منذ نزوحنا من شرق خان يونس في كانون الثاني/ يناير الماضي، ونحن نعيش في بيئة تنتشر فيها القمامة ولا تتوافر المياه ولا الطعام المناسب، وهو ما جعل كل العائلة تصاب بالأمراض والأوبئة، ومنهم ابنتي لانا”.

لا تتوافر لدى عائلة الطفلة لانا أي تطعيمات ضد الأمراض والأوبئة، أو حتى المنظفات، أو حتى المياه الكافية لتنظيف الحمامات، والنظافة الشخصية لكل شخص.

الطبيب المتخصص في أمراض الأطفال إبراهيم حامد، أكد أنه بات يشخص عشرات حالات الإصابات بالتهاب الكبد الوبائي “A” في رفح، بخاصة بين الأطفال والفتيان من أبناء النازحين.

يقول حامد: “أعراض المرض، وهي الغثيان والاصفرار والإسهال والحمى، واضحة على الأطفال، ولا يحتاج تأكيد المرض الى فحوصات مخبرية”.

يرجع حامد انتشار مرض الكبد الوبائي “A” بين النازحين، إلى أسباب عدة أبرزها، غياب النظافة الشخصية، واستخدام الحمام من عشرات العائلات في اليوم الواحد، أو طفح الصرف الصحي بين خيام النازحين، وغياب الطعام الصحي.

ويعد التهاب الكبد الوبائي، وفق حامد، مرضاً معدياً ينتشر بشكل أساسي من خلال الحمامات والاتصال الوثيق بين الشخص المصاب. 

آلاف الإصابات نتيجة تدنّي مستويات النظافة

وزارة الصحة في قطاع غزة، أكدت انتشار التهاب الكبد الوبائي من نوع “إيه” نتيجة الاكتظاظ في أماكن النزوح، محذّرة من توقّف الفحص المخبري للدم “سي بي سي” جراء نقص المواد الخاصة به.

وأشارت الوزارة في بيان عبر صفحتها الرسمية على “فيسبوك”، الى “انتشار التهاب الكبد الوبائي من نوع (إيه) نتيجة الاكتظاظ، وتدني مستويات النظافة في أماكن النزوح بقطاع غزة”.

وحذرت الوزارة من توقف الفحص المخبري للدم (الفحص الكامل للدم)، في أي لحظة، نتيجة نقص المواد الخاصة به.

وإلى جانب وزارة الصحة الفلسطينية، أكد مدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، تسجيل 24 حالة إصابة بالتهاب الكبد الوبائي “إيه” في قطاع غزة. وقال إن الظروف غير الإنسانية جراء الهجمات الإسرائيلية على القطاع ستؤدي الى انتشار أكبر للمرض.

وكتب غيبريسوس على حسابه على منصة “إكس”، “من المحتمل إصابة آلاف عدة أيضاً باليرقان؛ بسبب الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي من النوع (إيه)”. وأوضح أن الظروف المعيشية غير الإنسانية من عدم توافر المياه النظيفة والمراحيض النظيفة، وصعوبة الحفاظ على النظافة العامة، ستؤدي إلى تفشّي المرض على نطاق أكبر.

كما حذرت منظمة الصحة العالمية من خطورة الانتشار السريع للأمراض المعدية في قطاع غزة، في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع واستمرار ارتفاع عدد الوفيات والإصابات والزحام الشديد في الملاجئ وتعطل النظام الصحي وشبكات المياه والصرف الصحي، ما يضاعف معدلات انتشار الأوبئة.

وأوضحت المنظمة “أن هذا الوضع مقلق لما يقارب 1.5 مليون نازح في شتى أنحاء غزة، لا سيما من يعيشون في ملاجئ شديدة الزحام لا تتوافر فيها فرص استخدام مرافق النظافة الشخصية والمياه المأمونة، ما يزيد خطر انتقال الأمراض المعدية”.

كذلك، حذرت المنظمة من أن تفشي الأمراض من دون علاج في غزة ينذر بموت عدد أكبر من سكان القطاع أكثر من القصف إذا لم يستأنف النظام الصحي عمله.

وتقدّر منظمة الصحة العالمية أنه في العام 2016، توفي 7134 شخصاً بسبب التهاب الكبد “إيه” في جميع أنحاء العالم، أي 0.5 في المئة من الوفيات الناجمة عن التهاب الكبد الفيروسي.

ما هو التهاب الكبد الوبائيّ

التهاب الكبد “إيه”، هو إصابة شديدة العدوى تنجم عن فيروس (HAV) الذي ينتشر عند تناول طعام أو شراب ملوث بالبراز الموبوء. وقد تنتقل العدوى أيضاً من خلال المخالطة الجسدية الحميمة لشخص مصاب بالعدوى.

ويرتبط المرض بالمياه أو الأغذية غير الآمنة، وبعدم كفاءة الصرف الصحي، وسوء النظافة الشخصية، وفقاً لموقع “منظمة الصحة العالمية”.

وعلى عكس التهاب الكبد “بي” و”سي”، لا يسبب التهاب الكبد “إيه” مرضاً مزمناً في الكبد، لكن يمكن أن تنجم عنه أعراض منهكة، تتراوح من خفيفة إلى حادة، ويمكن أن تشمل الحمى وفقدان الشهية والإسهال والغثيان وآلام البطن واليرقان (اصفرار العينين والجلد). ولا تظهر جميع هذه الأعراض على المصابين بالعدوى.

وتواصل فيروسات التهاب الكبد “إيه” الانتشار في بيئة معينة، ويمكنها مقاومة عمليات إنتاج الغذاء المستخدمة بشكل روتيني لتثبيط مسببات الأمراض البكتيرية أو السيطرة عليها.

وتصل فترة حضانة المرض ما بين 15 إلى 50 يوماً، وتستمر الأعراض من أسبوع إلى أسبوعين، فيما تكون احتمالية الوفاة نتيجة الإصابة بالمرض أقل من 0.5 في المئة (4 لكل 1000 مصاب)، في الوضع الطبيعي.