fbpx

 “استشارة تاريخية في وزارة العدل اللبنانيّة”:
هل يحرم الـOTT التلفزيوني الدولة من عائدات البثّ عبر الإنترنت؟ 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

التساؤلات حول الـOTT في ظل خزينة مفلسة، تطرح شكوكاً حول احتمال البحث عن أبواب جديدة للفساد، في ظل نضوب الموارد، وعن مجالات جديدة لاستنزاف موارد الدولة وامتيازاتها في قطاع حيوي كقطاع الاتصالات، الذي ما زال ملكاً للدولة، ما سيؤدي إلى حرمان الخزينة من إيرادات كبيرة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

فجأة، ومن خارج السياق الإخباري اليومي، أطلقت محطة “الجديد” التلفزيونية اللبنانية في مقدّمة نشرتها المسائية ليوم 13 آذار/ مارس، حملة لدعم ما أسمته محاولة من الدولة لاستعادة حقوقها و”تحصيل عائداتها” عبر خدمة الـOTT أو البث المباشر عبر الإنترنت. 

الحماسة لمشروع حوله شكوك تثير في المقابل تساؤلات، في ظل الغموض الذي أحاط مشروع الـOTT، وفي سياق البحث عن أبٍ فعليْ للشركة اليتيمة التي ظهرت فجأة من دون أن تملك سجلاً في العمل منذ إنشائها أواخر العام 2022، والتي رافقتها حملة دعاية ضخمة بصفتها الحل لاستعادة الحقوق. وتعززت الشكوك حول ما كانت تحيكه وزارة الاتصالات عبر التعاقد مع طرف ثالث، وفقاً لوثائق عدة اطلع عليها “درج”. 

لا بد من التنويه إلى أن طرح الموضوع لا يعني أننا ضد استرجاع الحقوق لأصحاب المحطات، والتي سلبتها منهم المافيات في الأحياء، وفرضت على الناس ما يُعرف بـ”دش الحي”، لكن في الوقت ذاته لا بد من طرح بعض التساؤلات على محطة انحازت الى هذا المشروع المثير للشكوك، لا سيما وأننا حيال منظومة حاكمة لها باع طويل في عمليات التلزيم المريبة. وهنا لا بد من التشديد على قناعتنا بتمويل عام للإعلام يحد من التمويل السياسي، وما يمليه هذا التمويل من انحرافات في آداء هذا الإعلام.

في المقابل، فإن التساؤلات حول الـOTT في ظل خزينة مفلسة، تطرح شكوكاً حول احتمال البحث عن أبواب جديدة للفساد، في ظل نضوب الموارد، وعن مجالات جديدة لاستنزاف موارد الدولة وامتيازاتها في قطاع حيوي كقطاع الاتصالات، الذي ما زال ملكاً للدولة، ما سيؤدي إلى حرمان الخزينة من إيرادات كبيرة.

عقد بالتراضي قد يحرم الدولة اللبنانية من ملايين الدولارات!

بدأت المفاوضات بين وزارة الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال، التي يترأسها الوزير جوني قرم، وشركة “ستريم ميديا” المملوكة من بنجامين حجّار، في بداية العام 2023 للبت في مشروع الـ”OTT”، الذي يقدّم محتوى تلفزيونياً عبر الإنترنت، أي من دون الحاجة الى الصحن اللاقط والى مستقبل الساتلايت المعروف بالـ receiver، وذلك بعدما جاءت استشارة هيئة  التشريع والاستشارات سلبيّة على طلب الرأي الذي كانت قدّمته الوزارة في أيار/ مايو 2023 لتقديم خدمة الـ IPTV عبر 6 شركات إنترنت كانت هيئة أوجيرو تجري تجارب معها لإطلاق هذه الخدمة. ردت هيئة التشريع والاستشارات بأن خدمة الـ IPTV لا يمكن تقديمها إلا من خلال وزارة الأتصالات نفسها، لأن شبكات الاتصالات تعد ملكاً عاماً. 

لم يكتف الوزير بالاستشارة الأولى التي وضعت له خارطة الطريق لتنفيذ مشروع الـ IPTV بل جاء بطلب استشارة جديدة في 24 تشرين أول/أكتوبر (أي بعد 5 أشهر من طلب الاستشارة الأولى). وموضوع الاستشارة هو تقديم خدمة OTT عبر تشارك القطاع الخاص مع أوجيرو. وخلاصة ما جاء بالطلب، أن هذه الخدمة يمكن تقديمها كخدمة مضافة (VAS Service)، علماً أن خدمة بث التلفزيون عن طريق الإنترنت تعد من الخدمات الأساسية لمقدمي خدمات الإنترنت في العالم، وأن هذه الخدمة هي من الخدمات المتاحة بحرية على الإنترنت، وهي لا تتعارض مع المرسوم 9458 (الذي على أساسه رُفضت خدمة الـ IPTV كخدمة مضافة). جاء رد هيئة التشريع والاستشارات في 26 تشرين الأول (أي بعد يومين فقط من طلب الاستشارة)، وأهم ما تضمّنه الردّ هو التالي:

1- أوجيرو هي الجهة المعنية بتقديم خدمة الـ OTT وبأسعار مبنية على جدوى ودراسات علمية تجريها هذه الأخيرة وتقترحها على المديرية العامة للاستثمار والصيانة، حيث تصدر بموجب قرار عن وزير الاتصالات.

2- قيام أوجيرو، بعد استيفاء الشروط المذكورة سابقاً، بالدخول في شراكات مع القطاع الخاص لتقديم هذه الخدمة، يستوجب أن يكون ذلك داخلاً ضمن المهام الموكلة لأوجيرو… وأن يستوفي الشروط المنصوص عليها في تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وأن يكون متوافقاً مع أحكام قانون المنافسة.

وافق مدير عام وزارة العدل على هذه الاستشارة في 27 تشرين الأول، وأحيلت الى وزارة الاتصالات في 30 من الشهر نفسه. وهكذا نكون أمام واحدة من أسرع الاستشارات في تاريخ وزارة العدل. 

لم تتوقف السرعة عند هذا الحد، بل أكمل الوزير المسار السريع للموافقة على هذا المشروع وطلب أن يوضع مشروع الـ  OTT على جدول أعمال مجلس الوزراء المنعقد في 1 تشرين الثاني/ نوفمبر، وجاء القرار على النحو التالي:

“تعرض وزارة الاتصالات الموضوع على مجلس الوزراء طالبة الموافقة على طلب هيئة أوجيرو تقديم خدمة… OTT الى مشتركيها، لا سيما نقل المحتوى التلفزيوني، وذلك بالشراكة مع مرخصي ومقدمي هذا المحتوى”.

“أخذ المجلس علماً…”

بما أن وزارة الاتصالات وهيئة أوجيرو تريدان تكليف شركة معينة بالمشروع، رُفع إلى هيئة الشراء العام برئاسة جان عليّة سؤال حول إجازة إبرام العقد بالتراضي، أي من دون الخوض في عملية استدراج العقود (في رسالتين متناقضتين في ما يتعلق بطريقة التعاقد مع الشركة الخاصة لناحية تقاسم الإرادات أو دفع تكاليف المحتوى)، نظراً الى أن هذه الشركة تمتلك حقوقياً حصرية للمحتوى الذي تنوي الوزارة بثّه عبر شبكتها العنكبوتية، في تشرين الثاني 2023.

جاء الردّ على الكتاب الذي أورد الشروط القانونية لإبرام عقد بالتراضي، المبنيّة على الفقرة الأولى من المادة 46 من قانون الشراء العام رقم 244 تاريخ 19 تموز/ يوليو 2021، “المتعلقة بالتعاقد بالتراضي عندما يتعذر اعتماد خيار أو بديل آخر”. شدّد الرد على أن “إثبات تعذّر اعتماد خيار أو بديل آخر يقع على عاتق الجهة المتعاقدة وكامل مسؤوليتها نتيجة لدراسة السوق التي تجريها”، كما برز في وثيقة الرّد التي حصل عليها “درج”. 

كذلك، أكد عليّة لـ”درج” أنه منذ إرسال الرد لم يحصل على نسخة من العقد، وحتى الآن لم تُعرض عليه الدراسة أو الخطة التي تعمل وزارة الاتصالات على تطبيقها.

يقف خلف هذا المشروع شخص كان يعمل في هذا المجال، أسَّس شركة منذ فترة قصيرة للقيام بمشروع كهذا في لبنان، وهو السيد بنجامين حجار. وبالبحث في السجلات التجارية، يتبين فعلاً أن حجار سجّل شركة في 22 أيلول/ سبتمبر 2022 تحت اسم “ستريم ميديا”.   

من هو بنجامين حجار؟ 

في منطقة المتحف في بيروت، وقرب نقابة الصيادلة، ثمة مبنى من زجاج يتألف من طوابق عدة، ويضم عدداً من الشركات، ومنها “ستريم ميديا” في الطابق الخامس، المملوكة لحجّار، علماً أنّ المكتب هو ملكه الخاص، بحسب ما علم “درج”.

بنجامين حجّار الذي أسّس شركته باستثمار قيمته 30 مليون ليرة لبنانية (نحو 337 دولاراً) بحسب السجل التجاري، كان موظّفاً في شركة Cablevision، وبعدها انتقل إلى أعمال عدة متعلقة بالإنترنت والبث التلفزيوني. ويشير معارف لحجّار الى أنه تنقل بين عدد من الأشغال. سرد حجّار لـ”درج” مسيرته المهنية، معتبراً نفسه الأكثر خبرة في مجال بث القنوات وحصرية ملكيتها، وهذا ما دفعه إلى عرض مشروع الـOTT على مدير عام “أوجيرو” عماد كريدية ووزير الاتصالات جوني القرم. 

لا يوجد أي موقع إلكتروني أو مواصفات لـ”ستريم ميديا”، حتى ألا فقرة توضّح مسؤوليات الشركة أو طريقة عملها وخبرتها في هذا المجال، لا على المستوى المحلي أو الإقليمي أو العالمي. لديها فقط حساب على “فايسبوك” لكنه فارغ، علماً أن الحساب افتُتح في شباط/ فبراير 2023. 

ينفي حجّار في حديثه مع “درج”، وجود عقد بينه وبين وزارة الاتصالات، ويشدّد على أن المحتوى ليس حصرياً، وباستطاعة أي شركة أن تقدم عرضاً للوزارة. تأكد “درج” أن هناك عقداً، وهو موقع من حجار. وهنا يُطرح السؤال، لماذا التردد في الإعلان عن هذا التعاقد بين وزارة الاتصالات وشركة حجار طالما أن هذا العقد “سينقذ الدولة اللبنانية من الإفلاس”؟

يقف خلف هذا المشروع شخص كان يعمل في هذا المجال، أسَّس شركة منذ فترة قصيرة للقيام بمشروع كهذا في لبنان، وهو السيد بنجامين حجار. وبالبحث في السجلات التجارية، يتبين فعلاً أن حجار سجّل شركة في 22 أيلول/ سبتمبر 2022 تحت اسم “ستريم ميديا”.   

الالتفاف على القانون 

في 24 أيار/ مايو 2023، قدّمت وزارة الاتصالات طلب رأي إلى هيئة التشريع والاستشارات حول تسليم شركة خاصة بالتعاقد مع وزارة الاتصالات ممثلة بـ”أوجيرو” لتقديم خدمة الـ”IPTV”، والتي توزّع عادةً بواسطة مزوّد الخدمة، برامج تلفزيونية مباشرة أو محتوى فيديو حسب الطلب عبر شبكات الإنترنت. 

أوصت هيئة التشريع والاستشارات بعدم السير في هذا المشروع، معتبرة أنه مخالف للمادة السادسة الفقرة 4 من المرسوم رقم 9458 الصادر بتاريخ 30/6/2022، إذ نص البند: “تستعمل خدمة الإنترنت من قبل المشتركين للاستخدامات المتعلقة بتطبيقات الإنترنت العامة فقط، ويمنع منعاً باتاً تسويق خدمات صوتية (voip) أو خدمات IPTV أو أية خدمات تتعارض مع القوانين المرعيّة الإجراء”. كما جاء في خلاصة الاستشارة، “وبالتالي، فإن تمكين مقدمي خدمات الـ IPTV من إشغال مراكز هيئة أوجيرو والولوج إلى شبكة الاتصالات، وهما ملك عام يستوجب إشغاله صدور قرار عن مجلس الوزراء، ومخالفة ذلك تشكل مخالفة للقوانين وتعدياً على الملك العام يعرّض مرتكبه الى الملاحقة الجزائية والمسلكية”. 

“هنا يبدأ التلاعب على القانون”، وفقاً للنائب ياسين ياسين في مقابلة له لموقع “درج”، فمع صدور استشارة هيئة التشريع والاستشارات، التي تعتبر تسليم مشروع الـIPTV لشركة خاصة هو للقوانين المرعية الإجراء، لأن تقديم هذه الخدمة من مسؤولية وزارة الاتصالات. وبدلاً من أن تستفيد الوزارة من هذا الامتياز وهذه الاستشارة ومن خريطة الطريق التي وضعتها لتنفيذ مشروع الـ IPTV حسب القوانين، ذهبت إلى هيئة التشريع والاستشارات بطلب استشارة جديدة، واستُبدل الـ IPTV  بل الـOTT، وهي الخدمة المتاحة بحرية على الإنترنت. وذلك يرتبط بمبدأ التعاقد مع شركة خاصة تقدِّم الخدمة لمشتركي أوجيرو وتحصل الوزارة على نسبة من الإيرادات. الأمر الذي يعتبر غير قانوني وغير علمي، “لأنه باستطاعة أي شركة تقديم هذه الخدمة للمستخدمين، وهي ليست في حاجة الى وزارة الاتصالات كما أنها ليست حصرية لشركة واحدة”. 

انطلاقاً من هنا، قدم ياسين دراسة عن مشروع الـIPTV بالاستناد إلى تجارب الدول التي تقدّمه لمشتركيها على شبكات الاتصالات الأرضية، كـ”اتصالات” في الإمارات و”أورنج” في الأردن، بالإضافة إلى “مصر للاتصالات ” في مصر، جميعها مملوكة للقطاع العام (كلياً أو جزئياً) ولها شبكات اتصال أرضية، وعبرها تقدّم خدمة الـIPTV. وقد حصل “درج” على نسخة من هذه الدراسة. 

أما عماد كريدية، مدير عام هيئة أوجيرو، فقال لـ”درج”، إن أوجيرو لا تستطيع أن تكون منتجة للمحتوى، والشركات الخاصة هي المسؤولة عنه. وعن عدم المتابعة في مقترح الـ IPTV، أوضح أنها تقنية أقدم من الـ OTT، وليس صحيحاً أن كلفتها أقل. وفي ما يخص حصرية المحتوى، لفت الى أنه يمكن إجراء العقد بالتراضي مع عدّة شركات لأن لكل شركة خاصة محتواها الخاص، وبالتالي تخضع للمادة رقم 46 من قانون الشراء العام.

أما في موضوع تحصيل شركة “ستريم ميديا” النسبة الأكبر من الأرباح، شدّد كريدية على أن لوزارة الاتصالات دوراً محدوداً جداً، لذلك، تصبّ النسبة الأكبر من الأرباح في مصلحة “ستريم ميديا”.

اللجوء إلى الـ OTT!

وضع قرم اقتراح الـIPTV جانباً، ليقدّم مشروعاً آخر، وهو Over the Top أو OTT، مع البقاء على مبدأ التعاقد مع شركة خاصة، علماً أن المشروع الأوّل يحتاج فقط إلى packager يشتري المحتوى ويوزّعه على المشتركين، وفقاً لياسين، وهذه الخدمة متوافرة من الأساس، وبإمكان المشترك اختيار الشركة التي يريدها شرط توافر إنترنت سريع، ويمكنه الوصول إلى القنوات أو البرامج التي يختارها. 

القاسم المشترك بين التقنيّتين هو الإنترنت، أما طريقة تلقّي البث  فتختلف، إذ تُعتبر الـOTT من الخدمات المتاحة بحرية على الإنترنت، بينما تعتمد  الـIPTV على تقنيات مخصصة لمشغلي شبكات الإنترنت، والتي تسمح لمشتركي هذه الشبكة المغلقة بتلقّي المحطات بشكل سلس وجودة عالية. أما الـOTT فبوسع أي شخص أن يحصل عليها على شاشة التلفزيون إذا كان يمتلك تلفزيوناً ذكياً (Smart TV) أو هاتفاً خليوياً، وهو فقط يحتاج الى أن يكون مشتركاً  بشبكة إنترنت. 

لو نفّذت وزارة الاتصالات مشروع الـ IPTV وطلبت من هيئة أوجيرو إدارته، بحسب القوانين المعمول بها، لكان بإمكان مشتركي “أوجيرو” للإنترنت في لبنان الحصول على باقات  من القنوات الأرضية (وهنا نكون قد حمينا الملكية الفكرية للقنوات اللبنانية) والفضائية والرياضية، فقط لأنهم موصولون بشبكة الإنترنت المملوكة من الدولة اللبنانية، تماماً كما يحصل في الدول الأخرى، مقابل بدل مادي لا يتعدّى الـ10 دولارات أميركية شهرياً إذا افترضنا أن قيمة الاشتراك مشابهة للاشتراك  في “نيتفليكس” وHBO و”ديزني بلاس”…، ويختار المشتركون الباقة التي تناسبهم. 

خطة الـOTT لم تكن مطروحة من البداية، إنما كانت محاولة للالتفاف على القانون لقبول تلزيم شركة خاصة استلام المشروع، الذي يعتبر من الخدمات الأساسية لمشغلي شبكة الإنترنت، وفقاً لما قاله ياسين لـ”درج”.

للقرم وجهة نظر أخرى، فإلى جانب تخطّي استشارات الهيئة، ألحّ على تكليف شركة خاصة، وهي “ستريم ميديا ش.م.ل” المملوكة لبنجامين حجّار، بذريعة أنها الشركة الحصرية الوحيدة المتخصصة بتقديم خدمة الـOTT، وفقاً للطلب المقدّم من هيئة أوجيرو إلى هيئة الشراء العام، والذي اطلع عليه “درج”.  

لا أرباح للدولة 

“نلاحظ أن الوزير يتّبع نمطاً محدّداً هدفه تفريغ القطاع من مضمونه وأصوله”، هكذا برّر النائب ياسين ياسين حثّ قرم على إبرام العقد بالتراضي عبر تلزيم طرف ثالث لإيصال خدمة الـOTT لمشتركي “أوجيرو” في لبنان، والذين يقارب عددهم المليون مشترك (مشتركي الخطوط الثابتة ومشتركي الإنترنت). 

وزارة الاتصالات مجبرة على تقديم الخدمات، وبالتالي تعتبر أوْلى بالإيرادات التي تتقاضاها من المشتركين، وإذا أجرينا عملية حسابية بسيطة، قد يصل مدخول الوزارة إلى ما يزيد عن 50 مليون دولار سنوياً، في حال كان الاشتراك الشهري نحو 10 دولارات وعدد المشتركين حوالى نصف مليون، كحد أدنى.

عوضاً عن ذلك، تتّجه الوزارة إلى تقاسم الإيرادات مع شركة خاصة، لا وبل الخضوع لشروطها، إذ ذكر النص المقدّم إلى هيئة التشريع والاستشارات أن وزارة الاتصالات ستحصل على 25 بالمئة من الإيرادات فقط، وقد يكون أقل من ذلك، بينما تحصل الشركة الخاصة على 75 بالمئة، وهذا ما أكده ياسين لـ”درج” أيضاً. وبينما قال حجّار لـ”درج” إن الحكومة ستحظى بالنسبة الأكبر من الإيرادات، من دون أن يقدّم أي إثبات أو دراسة! أفادت معلومات “درج” بأن “ستريم ميديا” تقدم عدداً محدوداً من المحتوى من محطات مجانية، وهي تتوافق مع وزارة الاتصالات على تحديد الرسوم حسب كل باقة، على أن تقدم هيئة “أوجيرو” المنصة وشبكة الإنترنت والإعلان لمشتركيها وأعمال الصيانة كما إصدار الفواتير وتحصيل الرسوم من المشتركين، وتحويل النسبة الأكبر من هذه الإيرادات إلى “ستريم ميديا” وبالدولار الأميركي.

يرى ياسين أن الإصرار على اتباع هذا النهج قد يحوّل الوزارة إلى وكالة عن شركات خاصّة، يحصل على نسبة من الإيرادات بينما يمكن أن تكون هذه الإرادات ملكاً للدولة اللبنانية التي تعاني من عجز في صندوقها، بحسب ياسين. 

وجاء في رد حجّار على هذه النقطة: “بالنظر إلى أن المشروع مملوك بالكامل ويتم تشغيله من هيئة “أوجيرو”، وهي جهة حكومية، فإن الحاجة إلى المناقصة قد لا تكون ضرورية. عادة، تقوم شركات توزيع المحتوى بتأمين حقوق المحتوى الحصرية من مختلف مالكي المحتوى، وهي ممارسة شائعة في صناعة الإعلام. وتكمن مسؤوليتهم الأساسية في التفاوض على اتفاقيات مع وزارة الاتصالات لعرض محتواهم الحصري على منصة أوجيرو. ويضمن هذا النهج التعاوني توفير محتوى متنوع وجذاب للمستخدمين من خلال منصة أوجيرو، ما يعزز عرض المحتوى الشامل وتجربة المستخدم”. 

لكن يبقى السؤال الأساسي بحسب خبير في هذا المجال: هل الوزارة تبحث عن وكيل لها ليتعاقد باسمها مع أصحاب ومقدمي المحتوى، أو هي تبحث عن التعاقد بشكل مباشر مع أصحاب ومقدمي محتوى حول العالم؟ 

في ما يتعلق بمبدأ الحصرية، هل هناك حصرية من دون حدّ زمني؟

في انتظار الردّ!

النائب ياسين ياسين طرح جملة من الأسئلة على الحكومة وعلى وزير الاتصالات، منها تقنية وأخرى قانونية، وذلك في 16 كانون الثاني/ يناير 2024، على أن يتم الردّ ضمن مهلة أقصاها 15 يوماً من تاريخ استلام الأسئلة وفقاً للمادة 124 من النظام الداخلي لمجلس النواب، لكن حتى الآن وبعد مرور أكثر من شهرين، لم يحصل ياسين على إجابة.  

لم يجب وزير الاتصالات جوني قرم عن أسئلة “درج” المرسلة إليه عبر البريد الإلكتروني.