fbpx

لماذا يخشى النظام المصري من احتجاجات الأردن؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تخشى الأجهزة الأمنية في مصر من أي تحركات شعبية في الشوارع والميادين، بل من أي تجمعات بشرية تحت أي مظلة، حتى وإن كانت نشاطات ثقافية وفنية أو مجرد جماهير ومشجعين لكرة القدم. فهي تخاف من فكرة أن تخرج الأمور عن السيطرة ويستعيد الشعب ذاكرة الثورة ويتشجّع ويحتشد في الميادين. 

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ليس غريباً الهجوم الذي يقوم به إعلاميون وصحافيون مصريون مقربون من النظام المصري على الاحتجاجات في الأردن رفضاً للعدوان الإسرائيلي على غزة، ورفع الفزاعة مجدداً في وجه المشاهدين والجمهور العام بأن الإخوان المسلمين هم من يقف وراء هذه الاحتجاجات لزعزعة استقرار المملكة الأردنية. 

تشهد المملكة الأردنية تظاهرات ضخمة دخلت أسبوعها الثاني على التوالي، احتجاجاً على العدوان الإسرائيلي على غزة وعلى الصمت والتواطؤ العربيّين. وتركزت الاحتجاجات حول مقر السفارة الإسرائيلية في عمّان، وسط مطالبات وشعارات من آلاف المتظاهرين بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل “اتفاقية وادي عربة“. وبطبيعة الحال، وقعت اشتباكات ومناوشات بين الأمن الأردني والمتظاهرين، انتهت بالقبض على عدد منهم.

في خضمّ هذه الاحتجاجات، رفع المتظاهرون شعارات وهتافات يطالبون فيها الشعب المصري بالمساندة ويرفعون عنه اتهامات الخوف والجبن، وكُتب على إحدى اللافتات “الشعب المصري مش جبان”.

اعتاد بعض الصحافيين والناشطين المصريين، في الأسابيع الأخيرة، تنظيم وقفة أسبوعية احتجاجية وتضامنية أمام مقر نقابة الصحافيين المصريين في وسط القاهرة. في البداية، كان الحضور ضعيفاً ثم اكتسب زخماً، فازدادت أعداد المشاركين وارتفع سقف الشعارات والهتافات، وهو بالطبع ما لم ترضَ عنه الجهات الأمنية.

تزامنت الوقفة الاحتجاجية هذا الأسبوع، مع أداء الرئيس السيسي القسم في العاصمة الإدارية الجديدة كي يبدأ فترته الرئاسية الثالثة، فيما لم ترغب أجهزة الأمن في حصول أي منغصات على الرئيس في ذلك اليوم الاحتفالي، وتخشى أن تنفلت الأمور وتتصاعد الهتافات بشكل أكبر، بخاصة بعدما رفع المتظاهرون شعارات تطالب بإلغاء معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل (كامب ديفيد)، وطالبوا بفك الحصار عن قطاع غزة وفتح معبر رفح، ووجهوا الاتهامات الى الدولة المصرية هاتفين بعبارات مثل “مصر مشاركة في الحصار” و”طول ما الدم العربي رخيص.. يسقط يسقط أي رئيس”. كما هاجموا الحكومات العربية بشكل عام بهتافات مثل “يا حكام عربية جبانة… غزة جعانة” و”يا دي الذل ويا دي العار… باعوا الأرض بالدولار… باعوا الدم بالدولار”.

تلقّى الصحافيون تهديدات من أجهزة أمنية عدة، حسب ما جاء في البيان الذي نُشر على صفحاتهم، تطالبهم بإلغاء الوقفة الأسبوعية، خصوصاً مع تضاعف أعداد المشاركين وتنوّع فئاتهم وارتفاع سقف المطالب، بالتزامن مع تنامي الحراك الأردني والمغربي. كما ذكر البيان أن التهديدات الأمنية تتخطى المشاركين لتطاول غيرهم ممن ليست لهم يد في الاحتجاجات، وهو ما دفع الصحافيين إلى إلغاء الوقفة قبل أن يعلنوا إرجاءها يوماً واحداً لتصبح يوم الأربعاء 3 نيسان/ إبريل 2024.

في خضمّ هذه الاحتجاجات، رفع المتظاهرون شعارات وهتافات يطالبون فيها الشعب المصري بالمساندة ويرفعون عنه اتهامات الخوف والجبن، وكُتب على إحدى اللافتات “الشعب المصري مش جبان”.

تخشى الأجهزة الأمنية في مصر من أي تحركات شعبية في الشوارع والميادين، بل من أي تجمعات بشرية تحت أي مظلة، حتى وإن كانت نشاطات ثقافية وفنية أو مجرد جماهير ومشجعين لكرة القدم. فهي تخاف من فكرة أن تخرج الأمور عن السيطرة ويستعيد الشعب ذاكرة الثورة ويتشجّع ويحتشد في الميادين. 

لذلك، كان متوقعاً إلقاء القبض على أكثر من 150 متظاهراً من المتضامنين مع فلسطين ممن تظاهروا ضد الحرب على غزة بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، على الرغم من أن تلك الدعوات جاءت مباشرةً من الرئيس السيسي للشعب كي يمنحه تفويضاً لحماية الأمن القومي المصري. لكن الأمور خرجت عن السيطرة، فاقتحم المتظاهرون ميدان التحرير وهتفوا ضد النظام المصري، وما زال الشباب المعتقلون قيد الحبس الاحتياطي حتي اليوم، يُعرضون على ذمة قضايا أمام نيابة أمن الدولة العليا ويواجهون اتهامات بالانضمام الى جماعة إرهابية والتحريض على التظاهر وارتكاب أعمال إرهابية وتخريب الممتلكات العامة والخاصة.

يعاني النظام المصري المتزعزع أصلاً، من تبعات تدهور اقتصادي مستمر يؤثر على مستوى معيشة غالبية الشعب، الذي يغلي داخلياً، مع عدم القدرة على التكيّف مع الارتفاع الجنوني لأسعار السلع والمنتجات. بالتالي، يخشى أن تطاوله أي اضطرابات في المنطقة أو تنتقل إليه عدوى الاحتجاجات القائمة في الأردن. فكان عليه المبادرة بإطلاق مؤيديه للهجوم على المتظاهرين الأردنيين وشيطنتهم، حتى إذا امتدت العدوى إلى مصر، تكون حُجة القمع جاهزة: هؤلاء من جماعة الإخوان المسلمين أو من المتآمرين الذي يهدفون إلى زعزعة استقرار البلاد.

لا تكتفى بعض المنصات الإعلامية والصحافية المصرية المُدارة والمملوكة من أجهزة المخابرات، بمحاولة تخدير الشعب وتضليله أو الهجوم على المعارضين والناشطين والحقوقيين، وإنما امتدّ هجومها، بدافع الخوف، إلى خارج الأراضي المصرية هذه المرة، فمشاهد الحشود في الشوارع والاشتباكات مع الأمن بمثابة إنذار مبكر للحكومات الاستبدادية، بخاصة أن الجميع لا يزال يذكر كيف انطلقت الشرارة سابقاُ من تونس ومن بعدها اشتعل الفتيل ليطاول بلداناً عربية عدة، وما زال الكل يذكر عبارة “مصر ليست تونس”.

 هذا هو المشهد الذي ما زالت تخشاه الحكومات اليوم.