fbpx

نقابة الصحافيين المصريين… احتجاجات ضد إسرائيل لاستعادة الفضاء العام

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يوم الأربعاء في 3 نيسان/ إبريل، حبست السلطات المصرية 10 متظاهرين إثر مشاركتهم في وقفة سلمية أمام نقابة الصحافيين تضامناً مع قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إبادة على يد جيش الإسرائيلي. والتهم الواقعة على المتظاهرين هي “الانضمام الى جماعة إرهابية” و”نشر أخبار كاذبة”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أعلنت صفحة Cairo-gaza إلغاء الوقفة التضامنية التي كانت مقررة يوم الثلاثاء في 2 نيسان/ أبريل أمام نقابة الصحافيين بعد تلقّي صحافيين تهديدات أمنية، طالبتهم بإلغاء الوقفة التي تقام كل ثلاثاء على درج نقابة الصحافيين في وقت أذان المغرب، بالخبز الحافي والأواني الفارغة، تضامناً مع قطاع غزة المُحاصر. جاء طلب الإلغاء بسبب تزامن الوقفة مع مراسم حلف اليمين الرئاسية، والتي عُقدت في العاصمة الإدارية الجديدة.

ذكر البيان أن التهديدات الأمنية تتخطى المشاركين في الوقفة لتنال غيرهم ممن ليست لهم يد في الاحتجاجات. وكانت الاحتجاجات والوقفات التضامنية عادت الى سلم نقابة الصحافيين عقب الحرب التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزة منذ ما يقرب من سبعة أشهر، وطالب المحتجون فيها السلطات المصرية بفتح معبر رفح بشكل دائم، من دون ما يُسمى “تنسيق الدخول” الذي يُكلّف الغزاويين آلاف الدولارات، وتضامناً أيضاً مع السودان الذي يتعرض أهله للقتل، وتتعرض فيه نساء للاغتصاب على يد الميليشيات المسلحة. 

الصوت العالي بعد سنوات من الصمت

علت أصوات الجموع على درج نقابة الصحافيين بعد سنوات من الصمت الإجباري في القاهرة، وإغلاق تام للمجال العام والمساحات السياسية. وشهدت النقابة فعاليات ومؤتمرات تضامنية عدة مع قطاع غزة، ومع الصحافة الفلسطينية. وأطلق نقيب الصحافيين خالد البلشي نداءً لتنظيم قافلة ضمير العالم في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بعد شهر من العدوان على غزة، وجّهه الى أحرار العالم للانضمام إلى القافلة لتوصيل المساعدات إلى قطاع غزة وحمايتها بأجسادهم كدروع بشرية.

هذه القافلة كان من المفترض أن تعبر إلى غزة لإدخال المساعدات حاملة طواقم طبية وصحافية لتوثيق جرائم الجيش الإسرائيلي بعد مقتل ما لا يقل عن 95 صحافياً وعاملاً في الإعلام، بحسب التحقيقات الأولية التي أجرتها لجنة حماية الصحافيين. لكن السلطات المصرية لم تسمح لها بالعبور الى قطاع غزة حتى الآن.

كما نظّمت مجموعة “صحفيات مصريات” وقفات احتجاجية وفعاليات عدة تنديداً بـ “الإبادة والتهجير المستمر في قطاع غزة”، وتذكيراً بـ”وحدة مصيرنا مع أشقائنا الفلسطينيين والمطالبة بالسماح لقافلة ضمير العالم بالعبور الى غزة”، والتأكيد على المعاناة المضاعفة الواقعة على النساء الفلسطينيات والسودانيات، من حرمان للوصول الى الماء والغذاء، وأدوات النظافة، والخدمة الطبية للحوامل.

غزة تحرّر درج نقابة الصحافيين 

انتزع المتظاهرون هذه المساحة الضئيلة في شارع عبد الخالق ثروت بالقرب من شارع رمسيس، الذي يقع في قلب القاهرة، بعد سنوات من الخناق والحصار الأمني الذي فرضه قانون التظاهر، وتضييق الحريات العامة والخاصة وحبس الصحافيين وحجب المواقع الصحافية الذي تميز به عهد السيسي.

المتظاهرون هتفوا وورائهم صور ميادة أشرف والحسيني أبو ضيف اللذين قُتلا دفاعاً عن حرية التعبير والرأي، ليعلنوا أنهم “يعادون إسرائيل جيل ورا جيل”، هذا الهتاف الذي يبلغ من العمر عشرين عاماً على الأقل، رافضين مشاركة مصر في الحصار على غزة.

توافد نحو درج النقابة أيضاً، الجيل الجديد الذي عرف طريق نقابة الصحافيين للمرة الأولى بعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. وفي الجهة المقابلة، يقف رجال الأمن وعربات الشرطة، يصورون المتظاهرين بهواتفهم لحفظ هذه الوجوه الغاضبة ولترهيبهم أيضاً، وتسجيل الهتافات التي تخرج من حناجرهم، يتأهبون لتطويق التظاهرة إذا ما خرجت عن الدرج. بينما يتضامن معهم المارة بزمامير سياراتهم، أو يقفون لدقائق ليرددوا هتافات تناصر غزة المُحاصرة.

لطالما كان درج نقابة الصحافيين مساحة نزاع، ومؤشراً الى التضييق على الحريات العامة، فقد شهدت هذا الدرج واقعة اقتحام لمقر نقابة الصحافيين في العام 2016، أي بعد عامين من تولّي الرئيس السيسي الحكم. آنذاك، ألقى الأمن القبض على عدد من الصحافيين، وهو الإجراء الذي وصفه نقيب الصحافيين في حينها، يحيى قلاش، بغير المسبوق على مدى 75 عاماً، هي عمر النقابة.

حادثة الاعتقال تلك كانت إعلاناً عن مصادرة هذه المساحة بوصفها المُتنفّس الذي يخص الناشطين والمهتمين بالمجال العام وليس الصحافيين وحدهم. لهذا الدرج دور تاريخي، فقد شهدت وقفات احتجاجية لحركة “كفاية” ضد توريث حسني مبارك الحكم لابنه جمال مبارك، وضد تعذيب المصريين في أقسام الشرطة على يد رجال حبيب العادلي.

شهد الدرج أيضاً على انتهاكات الأربعاء الأسود التي اعتدى فيها بلطجية الحزب الوطني الديموقراطي على الصحافية نوال علي أمام أعين رجال الداخلية. هذه الاحتجاجات والوقفات كلها مهدت الطريق لثورة يناير، وكان هذا الدرج جزءاً رئيساً ومحطة مهمة على طريق الثورة، وكانت شاهدة أيضاً على هزيمة الثورة عندما حاصر الأمن النقابة. وعرف بعض المواطنين طريقهم إليها لسبب خفي حاملين الأعلام مردّدين أغنية “تسلم الأيادي”.

أجيال جديدة تتّجه نحو درج النقابة

عادت الهتافات إلى شارع عبد الخالق ثروت إثر الحرب التي يشنّها الجيش الإسرائيلي على غزة، والذي لا تبرحه عربات الأمن. عرفت أجيال جديدة طريقها عبره نحو نقابة الصحافيين ودرجها بوصفه نقطة التقاء المهتمين بالشأن العام.

تقول إيمان (اسم مستعار-23 عاماً) لــ “درج”، إن درج نقابة الصحافيين شهد أول وقفة احتجاجية تشارك فيها خلال حياتها، بعد مائة يوم من الحرب على قطاع غزة، وقد تشجعت على النزول بعد وقفات عدة شارك فيها أصدقاؤها.

تضيف إيمان :”لم تكن المشاركة في الوقفة الاحتجاجية بالأمر الهيّن، لأن حاجز الخوف كان هائلاً بالنسبة لي ولجيلي، فقد عشت كل سنوات مراهقتي في ظل الإغلاق التام للمساحات التي يمكن أن يشارك فيها المهتمون بالمجال العام، في ما عدا بعض المساحات النسوية”.

تعرفت إيمان على تاريخ سلم نقابة الصحافيين من خلال أحاديث أساتذتها في الجامعة وأسرتها، التي كانت تلجأ الى مشاهدة فيديوات قديمة لمتظاهرين يقفون على ذاك الدرج في زمن سابق. وتلفت الى أن هذا الحيّز الضئيل يشكّل الذاكرة التي سترثها الأجيال الجديدة. 

تتذكر إيمان “نوبة الهلع” التي انتابتها حين كانت في طريقها الى الوقفة الاحتجاجية، لكنها تذكرت مقالة قرأتها سابقاً بأن الانتفاضة الفلسطينية الثانية كانت من الأسباب التي مهدت الطريق لثورة يناير، ورأت أن الانتصار لغزة له تأثير مشابه، وأنه من الضروري أن تكون جزءاً من جموع المحتجّين.