fbpx

أبو ماريا القحطاني…النهاية السورية لأمير “جبهة النصرة” العراقي!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لم يكشف الجهاز الأمني في هيئة تحرير الشام هوية من اغتال المدعو أبو ماريا القحطاني في مدينة سرمدا شمال محافظة إدلب، على عكس ما سبقها من جرائم كُشف عن مرتكبيها بزمن قياسي، خصوصاً أن حادثة مقتل القحطاني كانت على مرأى كثر من المحيطين بالمكان ومسمعهم، من أجهزة أمنية وشرطة، كما أن المكان مزوّد بالكاميرات، ولا مبرر لإخفاء هوية منفّذي عملية الاغتيال سوى أن يكون المراقب هو الفاعل!

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

مساء الرابع من شهر نيسان/ إبريل 2024، أعلنت جهات رسمية تتبع لهيئة تحرير الشام مقتل المدعو أبو ماريا القحطاني نتيجة تفجير مفتعل داخل خيمة قرب منزله كان يستعملها لاستقبال الضيوف و”المبايعين”، بعد خروجه من سجون الجولاني، بتهمة التعامل والتخابر مع جهات أجنبية.

أسفر الانفجار الذي هزّ خيمة أبو ماريا (ميسر عبدالله الجبوري) عن مقتله على الفور، وإصابة 4 من مساعديه، أبرزهم أبو عمر الدويري. وبعد أقل من ساعتين من الحادثة، أعلنت مؤسسة “أمجاد” الإعلامية التابعة  للجناح العسكري في هيئة تحرير الشام، أن القحطاني قُتل نتيجة تفجير انتحاري، وتم تداول صورة لجثة الانتحاري الذي ينتمي الى “داعش”، فيما لم يصدر الجهاز الأمني في الهيئة حتى اليوم أي تعليق على الحادثة أو تسمية منفّذي العملية. 

القحطاني الذي مرّ من دمشق

يقول الخبير بشؤون الجماعات الإسلامية ناظم الحداد، إن أبو ماريا القحطاني لا يقل شأناً أو أهمية عن أبو محمد الجولاني، متزعّم هيئة تحرير الشام، إذ مهّد القحطاني لإيجاد قنوات اتصال بين الجولاني وزعيم تنظيم “القاعدة” أيمن الظواهري في العام 2012 .

الاتصالات التي نسّقها القحطاني وفق الحداد، كانت “بقصد تأسيس تنظيم “جبهة النصرة” في معزل عن تبعيّتها لـ”داعش” حينها، ما يشير إلى المكانة الحساسة التي كان يشغلها أبو ماريا في تنظيم “القاعدة”، ويرجع إليه تأسيس “جبهة النصرة” أكثر من الجولاني”.

عمل أبو ماريا القحطاني منذ العام 2005 مع ما كان يُعرف بجماعة التوحيد والجهاد في العراق، التي كانت بزعامة أبو مصعب الزرقاوي، التابع حينها لـ “القاعدة”، والتي عرفت في ما بعد بالدولة الإسلامية في العراق، وكان أبو ماريا القحطاني يُعرف باسم “الغريب القحطاني” و”الهراري” نسبة إلى اسم قريته التي ولد فيها في منطقة الموصل. 

مع انطلاقة الثورة السورية في العام 2011 وما رافقها من إطلاق النظام السوري سجناء إسلاميين عملوا على تشكيل حركات مسلّحة، وصل أبو ماريا القحطاني إلى سوريا، وأعلن برفقة الجولاني تشكيل جبهة النصرة التي كانت تتبع حينها لتنظيم الدولة الإسلامية، وذلك في 23 كانون الثاني/ يناير 2012.

تقلّد أبو ماريا القحطاني منصب “الشرعي العام” لجبهة النصرة، ويُعد مسؤولاً عن مئات الفتاوى التي أودت بحياة مئات السوريين على يد “النصرة” بتهم مختلفة، غالبيتها ذات طابع ديني، فيما طاول عدد منها قيادات في الجيش السوري الحر.

عُرفت عن القحطاني معاداته فكر تنظيم “داعش” بزعامة أبو بكر البغدادي، فسعى الى انفصال “النصرة” عن “داعش” و”القاعدة”، وهذا ما حدث في العام 2016 عند إعلان الجولاني فك ارتباطه بـ”القاعدة” وتبديل اسم جبهة النصرة إلى جبهة فتح الشام.

 كان القحطاني يشغل إمارة المنطقة الشرقية من سوريا (الرقة ودير الزور والحسكة)، ومع اشتداد المواجهات بين “النصرة” من جهة و”داعش” من جهة أخرى، سيطر الأخير على مساحات شاسعة في تلك المحافظات، وخرج القحطاني بصحبة العشرات من مقاتليه إلى درعا ليواصل هناك محاولاته تأسيس امارة تابعة لـ “النصرة”، بيد أن محاربة الفصائل المسلحة له حال دون تحقيق هدفه. 

تُعد رحلة انتقال أبو ماريا القحطاني من درعا في العام 2014 إلى إدلب من أكثر محطات حياته غرابة، والى اليوم لم يُكشف عن الصفقة أو الثمن الذي قدمته “النصرة” لنظام الأسد مقابل مرور القحطاني بدمشق وصولاً إلى إدلب.

 القحطاني في إدلب

مع وصول القحطاني إلى إدلب، استمال المقاتلين في هيئة تحرير الشام ( جبهة النصرة سابقاً) المنحدرين من محافظات الحسكة ودير الزور والرقة وشرق حلب، ليُطلق عليه لقب “الخال”، ويشمل نفوذاً قوياً داخل تحرير الشام، بالاشتراك مع أبو أحمد زكور الذي يشغل دوراً مهماً في مجلس الشورى مع القحطاني.

عمل القحطاني على دعم وسائل إعلام وقنوات خاصة له على مساحات التواصل الاجتماعي، وأسّس قناة على تلغرام باسم “إدلب بوست” يديرها بنفسه، ومن خلالها كان يشيد بالجولاني ويمدح شخصه ويهاجم قيادات الجيش الوطني التابع لتركيا شمال حلب.

يقول التاجر زكوان العلي (اسم مستعار لتاجر مواد غذائية في محافظة إدلب)، إن القحطاني كانت له شراكات مع أصحاب 3 مراكز تجارية (مولات)، إضافة الى شراكات مع تجار حديد ومواد بناء مقابل تأمين الحماية لهم وتسهيل تجارتهم وأعمالهم في إدلب.

منذ العام 2021، كلّف الجولاني أبو ماريا القحطاني وأبو أحمد زكور بالتواصل مع قيادات في الجيش الوطني التابع لتركيا شمال حلب، بقصد تثبيت قدم “القاعدة” في المنطقة التي تسيطر عليها المخابرات التركية بشكل مطلق. بيد أن القحطاني نجح باستمالة بعض قيادات الفصائل هناك مثل السلطان سليمان شاه (العمشات)، وفرقة الحمزة، و”أحرار الشام – القطاع الشرقي”، و”الفرقة 50″، وحركة “نور الدين الزنكي”.

تكللت هذه الجهود بتشكيل “تجمع الشهباء” خارج مظلة الجيش الوطني، الذي انخرط في مواجهات عدة ضد الفصائل العسكرية العاملة تحت مظلة وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة.

تزعّم القحطاني أرتالاً عسكرية عدة توجّهت من إدلب إلى أعزاز، وقاتلت فصائل الجيش الوطني بقصد الوصول الى معبر جرابلس الرابط بين مناطق نفوذ الجيش الوطني من جهة ومناطق نفوذ قسد من جهة أخرى، والهدف السيطرة على طرق إمداد الوقود وبناء علاقات مع قسد، وكلاء القوات الأميركية في المنطقة. لكن تلك الجهود انتهت مع اعتقال الجولاني القحطاني بتهمة العمالة والخيانة. 

“خلاف” القحطاني مع “داعش” و”القاعدة”

تزعم أبو ماريا القحطاني منذ العام 2013، تيار تحريض ضد “داعش” الذي كان بمثابة الأم لجبهة النصرة. ومع توسع القحطاني في دير الزور والحسكة، دارت اشتباكات دامية بينه وبين “داعش”، حتى اضطر للانسحاب باتجاه درعا. وهناك، خاض معارك كثيرة مع ما يسمى جيش خالد بن الوليد التابع لداعش على تخوم درعا.

وقبل نحو عام، اتّهم أبو ماريا القحطاني تنظيم القاعدة صراحة، من خلال حسابه على تلغرام، بالعمالة لإيران بعد تولّي المدعو سيف العدل زعامة القاعدة بعد مقتل أبو بكر البغدادي. وبحسب ما أعلن القحطاني، يتخذ سيف العدل من إيران مقراً رئيسياً له، وبذلك يكون الحرس الثوري الإيراني هو من يسيّر القاعدة حسب رغباته.

خلال كلمته، قال القحطاني إن أحد قيادات تنظيم القاعدة في اليمن المدعو خالد بطرفي، يحاول أن يحرك ما تبقى من تنظيمه في سوريا لخدمة إيران ونظام الأسد. ودفع اتهام القحطاني “القاعدة” بالعمالة للحرس الثوري الإيراني التنظيم الى بث إصدار مرئي عنوان “وإن هم إلا يخرصون “، يحمل رداً صريحاً على اتهام القحطاني “القاعدة”.

لم يقف الرد على تصريح القحطاني عند القاعدة بل اتهمته أطراف عدة بالانفصال عن الواقع والتدليس على التنظيم . ومن الملاحظ أن أبرز من رد حينها على القحطاني، هو المدعو أبو يحيى الشامي، أحد أبرز القضاة الشرعيين في هيئة تحرير الشام والمعادي لتيار القحطاني.

بعد وصوله الى إدلب في العام 2014، قاد القحطاني مجموعات عسكرية لمحاربة منتسبي داعش وملاحقتهم، كانت أعنفها في العام 2018 حين إعدام هيئة تحرير الشام أكثر من 30 عنصراً منتسبين الى داعش في إدلب، في قرية كفرهند قرب مدينة سلقين غرب إدلب، ومقتل والي العراق في داعش أثناء وجوده في إدلب في العام 2020.

وبين عامي 2019 و2023، قُتل في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام 3 زعماء لداعش، بدءاً بأبو بكر البغدادي الذي قتل في محافظة إدلب بعملية للقوات الأميركية، مروراً بأبو إبراهيم القرشي الزعيم الثاني للتنظيم، والذي قتل في 3 شباط/ فبراير 2022 بمنطقة ريف إدلب بعملية إنزال للقوات الأميركية، وصولاً إلى مقتل أبو الحسين الحسيني القرشي في ربيع العام 2023. بيد أن “داعش” اتهم هيئة تحرير الشام صراحة بقتل زعيمه الثالث القرشي نتيجة اشتباكات بين الطرفين.

لم تقتصر محاربة هيئة تحرير الشام على “داعش” وعناصره في إدلب فحسب، بل طاولت التنظيمات المرتبطة بداعش، مثل لواء الأقصى وجند الأقصى، وما رافقه من اعتقال لقيادات جند الأقصى التي أعلنت مبايعتها لداعش منذ العام 2014، إلى أن انتهت بحرب شنّتها تحرير الشام بقيادة أبو ماريا على آخر معاقل الجند في العام 2017، إضافة الى حرب مماثلة على تنظيم حراس الدين واعتقال الشرعي العام فيه سامي العريدي وأبو جليبيب الأردني وإياد الطوباسي.

القحطاني الذي أساء التواصل!

عمل أبو ماريا القحطاني إلى جانب أبو محمد الجولاني منذ نشأت جبهة النصرة، ثم “تحوّلها” إلى جبهة فتح الشام ومن ثم هيئة تحرير الشام، حتى سيطرة الهيئة على عموم محافظة إدلب وأجزاء من حماة وحلب.

كان أبو ماريا يشغل منصب لا يقل عن منصب الجولاني في أهميته وسطوته، لا سيما من جهة تقرّب أبو ماريا من العشائر التي تشكل سواد المجتمع في شمال غربي سوريا. ولأن أبو ماريا ينحدر من قبيلة الجبور في العراق ذات الامتداد في سوريا ،كان له حيز عشائري كبير، وسطوة على مكامن صنع القرار في هيئة تحرير الشام.

كان أبو ماريا مسؤولاً عن ملف التواصل في هيئة تحرير الشام مع الأطراف الخارجية، مثل فصائل الجيش الوطني التابع لتركيا، وعن إتمام عمليات وصفقات تبادل الأسرى مع نظام الأسد وبقية أطراف النزاع.

مع توجيه هيئة تحرير الشام أرتالها العسكرية إلى منطقة سيطرة الجيش الوطني التابع لتركيا وحدوث اشتباكات بين الطرفين وتدخل المخابرات التركية لطرد عناصر وقوات الهيئة من تلك المنطقة، تكشف للجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام  حينها، وجود خلايا عملاء وتجسس ضمن قيادات الصف الأول والثاني في هيئة تحرير الشام لصالح روسيا والتحالف الدولي والنظام السوري.

بادر الجولاني مع هذه “الاكتشافات” من خلال جهاز الأمن العام، إلى اعتقال أكثر من 1000 عنصر وقيادي في صفوف الهيئة، من ضمنهم أبو ماريا القحطاني، الذي أصدرت فيه هيئة تحرير الشام بياناً يقول إن الأخير “أساء التواصل مع الأطراف الدولية”، وهذا ما يؤكد عمل أبو ماريا بملف التواصل مع أطراف النزاع في سوريا والدول المتداخلة بالشأن السوري.

جمّد الجولاني مهام أبو ماريا القحطاني وصلاحياته، وسجنه لأكثر من 5 أشهر، ثم أطلق سراحه بعدها والمئات من المعتقلين بتهم العمالة والتجسس، بذريعة أن المسؤولين عن التحقيق في قضية التجسس لم يكن عملهم متقناً وتخلله الكثير من الأخطاء، وذلك بعد مقتل عدد من المعتقلين على يد جهاز الأمن العام.

عمل أنصار القحطاني من المقاتلين ضمن صفوف الهيئة على إطلاق النار بالرشاشات الثقيلة في سماء مدينة إدلب عند خروجه من السجن، في تحدٍّ واضح لجهاز الأمن العام الذي يحظّر إطلاق الرصاص في المدن والبلدات.

يقول القائد العسكري في هيئة تحرير الشام ( ن.ع)، إن زعيم تحرير الشام أبو محمد الجولاني جاءه ملف العملاء والجواسيس على طبق من ذهب، ليجعل منه شماعة لاعتقال كل عنصر أو قيادي في هيئة تحرير الشام يكنّ له البغض أو العداء، ليعمل الجولاني على اعتقال المئات بتهمة العمالة، وعلى رأسهم أبو ماريا، الذي كان يخطّط لتنظيم انقلاب على الجولاني وتسلم قيادة هيئة تحرير الشام بعدما اشتدّت شوكته عشائرياً.

يختم القائد العسكري قائلاً: “اكتشف الجولاني مخطط أبو ماريا، فاتهمه بالعمالة والجاسوسية والتعامل مع أعداء الهيئة، وعمل على إقناع الشارع بأن أبو ماريا خائن، فقضى على شعبيته وسطوته، ليصبح الجولاني الوحيد الذي يعمل لصالح السكان”.

خرج أبو ماريا من سجون تحرير الشام في الثامن من آذار/ مارس 2024، واستُقبل بحفاوة كبيرة من مؤيديه وشيوخ بعض العشائر، الذين بادروا إلى إقامة وليمة طعام له بكلفة باهظة جداً.

نصبت قبيلة الجبور التي ينتمي إليها أبو ماريا القحطاني وذات القوة الضاربة في هيئة تحرير الشام، خيمة لاستقبال الضيوف المهنئين لأبو ماريا القحطاني بخروجه من السجن وتأكيد مبايعتهم له. وكان أبو ماريا موجوداً بشكل دائم في الخيمة على عكس حذره وإحاطته الأمنية سابقاً أثناء عمله في هيئة تحرير الشام، إذ كان من المستحيل الجلوس معه والتحدث إليه.

استقبل أبو ماريا خلال أكثر من شهر، الزوار في الخيمة بعد إطلاق سراحه، وتلقى هدايا مختلفة منهم، وذلك كله تحت نظر الجولاني وجهاز الأمن العام.

تزامن خروج أبو ماريا القحطاني من سجون الجولاني مع تظاهرات عمت مدن وبلدات شمال غربي سوريا الواقعة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، تطالب بتنحي الجولاني عن زعامة الهيئة، وتفكيك جهاز الأمن المسؤول عن عمليات الاعتقال والتعذيب، بحسب مطالب المتظاهرين، التي قابلها الجولاني بمسيرات موالية له، واجتماعات مع شيوخ عشائر ووجوه اجتماعية وممثلين عن القرى والبلدات لسماع مطالبهم وتنفيذ إصلاحات اقتصادية.

 من المستفيد من مقتل القحطاني؟ 

يقول الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية ناظم الحداد، إن ثمة مصلحة لأطراف عدة بمقتل القحطاني، في مقدمها تنظيم القاعدة الذي خوّنه القحطاني واتهمه بالعمالة لصالح الحرس الثوري الإيراني، وداعش أيضاً بهدف الثأر لقادته الذين قتلوا في محافظة إدلب منذ العام 2015.

كذلك، لا يمكن نسيان الدور الذي لعبه القحطاني في القضاء على تنظيمات تكفيرية عدة مثل جند الأقصى وحراس الدين، والتي لا يزال لها الكثير من المؤيدين في إدلب والخلايا النائمة التي لطالما اشتبكت معها هيئة تحرير الشام، وربما كان مقتله انتقاماً بصورة ما.

ولا يمكن إغفال مصلحة الجولاني في قتل القحطاني حتى ولو كان صديق دربه، إذ عمل الجولاني على ملاحقة أبو أحمد زكور واعتقاله في أعزاز قبل أن تفرج عنه المخابرات التركية. وقبله اعتقل الجولاني عدداً من القياديين في هيئة تحرير الشام وقتلهم، من تونسيين ومصريين، وتجميد صلاحيات البعض الآخر مثل مصلح العلياني وعبدالله المحيسني.

يضيف الحداد: “ربما شعر الجولاني بالخوف من تنامي قوة أبو ماريا وبنائه تكتلات ومجموعات من عناصر هيئة تحرير الشام حوله، للإطاحة به وتسلم قيادة الهيئة”.

ويرى أن الجولاني هو بمعزل عن عمليات الاتصال والتنسيق التي يجريها أبو ماريا القحطاني مع الدول الفاعلة بالشأن السوري وغيرها، بيد أن أبو ماريا ربما حصل على ضمانات من أطراف تبدي دعمها له إذا ما تسلم زعامة هيئة تحرير الشام، وهذا ما دفع الجولاني الى اعتقاله. بيد أن التفاف شريحة كبيرة من العسكريين والعشائر حوله دفع الجولاني الى التخلص منه قبل أن يبادر أبو ماريا الى قتل الجولاني أو اعتقاله.

لم تكن عملية اغتيال أبو ماريا القحطاني الوحيدة التي لم تتكشف هوية مرتكبيها، إذ هزت حركة أحرار الشام في العام 2014 عملية اغتيال لقادة الصف الأول فيها، مثل حسان عبود زعيم الحركة ونائبه العسكري أبو طلحة وعدد من الشرعيين والعسكريين في الحركة، أثناء اجتماع لهم في ملجأ أرضي. حتى اليوم، لم تتكشّف هوية الفاعلين أو طريقة القتل أو الأسلحة المستخدمة فيه.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.