fbpx

صواريخ الولي الفقيه التي أصابت فلسطين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لم تكن هناك مفاجأة. إيران أبلغت جيرانها مسبقاً، بل وأبلغت الأميركيين، هذا طبقاً لما سمعناه على نشرات الأخبار، ما أتاح الوقت للاستعداد. لا تحتاج الى دراسة لتعرف أن الطرف المتفوّق هنا ليس الجمهورية الإسلامية التي تخلّت طوعاً عن عنصر المفاجأة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في الساعات التالية لما شهده فجر الأحد الماضي، 13 نيسان/ إبريل، وعلى رغم أن صواريخ إيران وطائراتها المسيرة لم تسبّب أذىً يُذكر (أوقفت  السلطات الإسرائيلية  الدراسة ومنعت التجمعات الكبيرة ليوم واحد، لكنها لم تنصح مواطنيها بالنزول الى الملاجئ)، ادعت إيران أن ما حصل هو ردّ حازم على الهجوم على قنصليتها في دمشق مطلع الشهر نفسه. بينما يتحدث شركاء من أقصى التركيبة اليمينية الحاكمة في إسرائيل، عن ضرورة الرد المدمر على ما حدث، علماً أن الإسرائيليين، ووافقهم الأميركيون، ادّعوا بأن ما حصل من صدٍّ شبه كامل للصواريخ والمسيرات الإيرانية نصر مؤزر.

نعرفُ أيضاً، وعلى رغم الدعم اللامحدود الذي أعلنه الرئيس الأميركي بنفسه لإسرائيل ضد هذه الهجمة الإيرانية، أن الأميركيين يريدون أن تتوقف الأمور عند هذا الحد؛ هدف يتشاركون فيه مع الإيرانيين. لكن ضغط الولايات المتحدة على نتانياهو بالنسبة الى غزة لم يغير شيئاً يُذكر. أليس رد الفعل الإيراني هذا هو تحديداً ما سعى إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بضربه القنصلية الإيرانية؟ أليس منطقياً أن نتساءل إن كانت صواريخ إيران ومسيراتها التي لم تنتج، حتى الآن  على الأقل، إلا القليل سوى الضوضاء والأضواء، قد سلمت نتانياهو ما يريد؟

عدا المعروف عن رغبة نتانياهو الحارقة للبقاء في السلطة تفادياً لمساءلات قضائية كانت تتربص به قبل السابع من أكتوبر، ومحاسبة جدية عما جرى في هذا اليوم، هناك كارثة العلاقات العامة التي تواجهها إسرائيل نتيجة الحرب الجارية على غزة. الهجوم الإيراني سمح لرئيس الوزراء الإسرائيلي المأزوم بالحديث عن جبهة أخرى لا تقف عند أذرع إيران في المنطقة، بل تمتد الى “رأس الأخطبوط” حسب تعبير صكّه الإسرائيليون عن الجمهورية الإسلامية ونفوذها الممتد في لبنان وسوريا والعراق واليمن.

خطوط بايدن الحمراء

حروب لا تتوقف تبقيه على رأس السلطة هي حلم نتانياهو، لهذا ربما أوضح الأميركيون أنهم لن يدخلوا طرفاً في صراع إسرائيلي-إيراني، على رغم التزامهم بحماية أمن إسرائيل. لا يعني ذلك أن نتانياهو ومن معه من أقصى اليمين الإسرائيلي الديني المتطرف في حكومته، سيلتزمون بخطوط الرئيس الأميركي الحمراء. بل ربما كان رهانهم على حرب أوسع تُضطرُ فيها الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى التدخل لحماية أمن الدولة العبرية (وهو ما شاركت فيه أمام الهجوم الإيراني).

قد يقول البعض إن الجمهورية الإسلامية أثبتت قدرةً على الرد، ربما. لكن الرد حتى الآن بلا أثر حقيقي، اللهم إلا ما يدعيه الإسرائيليون، وفرصة الادعاء هي مكسب إسرائيل الثمين. ما إن أُعلن عن الضربات حتى بدأ المسؤولون الإسرائيليون الحديث عن الخطر الإيراني الداهم، لا على دولتهم فحسب، بل على العالم أجمع، ثم أتبَعَوا ذلك، هم وحلفاؤهم، بذكر هجمات إيرانية أتت من مناطق نفوذ الجمهورية الإسلامية في المنطقة، وضمني في هذا كله موقف إيران وحلفائها الذي لا يقبل شرعية وجود إسرائيل، ومن ثم حُكماً يسعى الى دمارها. 

على مدى أشهر، كانت الصورة السائدة لإسرائيل إعلامياً هي المجرم المعتدي في غزة، وما حصل فجر 14 نيسان سمح لها أن تعود، ولو مؤقتاً،  إلى المكان الذي ضمنته لنفسها لعقود: الضحية المحاصرة. مضحكٌ مبكٍ أن الشخص الوحيد الذي عانى إصاباتٍ خطيرة نتيجة الهجوم الإيراني، طفلة عربية في السابعة من عمرها من بدو صحراء النقب اسمها أمينة محمد حسونة.

لأيام، وربما أسابيع، كان هناك تعاطف دولىٌ واسع مع إسرائيل بعد هجوم حماس في السابع من تشرين الأول، لكن هذا سرعان ما بدّده التزام إسرائيل طريقتها المعتادة في “جز العشب” (تعبير إسرائيلي) في غزة والعقاب الجماعي تدميراً وقتلاً، والتأكد من سقوط عشرات القتلى الفلسطينيين عشوائياً (على الأقل) مقابل كل إسرائيلي قُتل، ناهيك بالتدمير المُمَنهج لكل أساسٍ للحياة في غزة، مع حديثٍ صريح من حلفاء نتانياهو وشركائه في وزارته عن طرد أهل غزة منها وإعادة بناء المستوطنات فيها. 

فجاجة خطاب “دواعش اليهود” في أقصى اليمين الإسرائيلي وتوحشه لا جديد فيهما، الكثير كُتب وقيل عنهم في الإعلام الغربي قبل السابع من تشرين الأول، بل وأدانتهم هم وأفعالهم، تحديداً في الضفة الغربية، تصريحات مسؤولين غربيين أيضاً قبل حرب غزة.

لكن مأساة غزة دفعت بذلك كله إلى قلب الصورة إعلامياً. لهذا، مثلاً لا حصراً، وبعد السابع من تشرين الأول، شوهدت مقابلات الإعلامي المصري الساخر باسم يوسف، بما فيها من تبيان للحقائق ونقدٍ لاذع لإسرائيل، عشرات الملايين من المرات عبر العالم، وسمعنا من يتحدث، لا فقط عن العودة الى حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967، بل عن فلسطين “من البحر عن النهر”، وعما حصل عام 1948، في عواصم غربية. 

فرصة السابع من أكتوبر

رأينا أكاديميين يهود (بينهم إسرائيليون) معروفين بنقدهم العنيف لا فقط لإسرائيل وسياستها بل للفكرة الصهيونية من أساسها، تتاح لهم فرصٌ للحديث في محافل أكاديمية كانت شبه مغلقة أمامهم قبل السابع من تشرين الأول، وبحضور أقوى بكثيرٍ مما سبق في الفضاء الإلكتروني (مثلاً: نورمان فنكلشتين  اليهودي ابن الناجين من المحرقة النازية شديد العداء لإسرائيل).

هذا كله حققه خليط من عذاب أهل غزة وخساراتهم التي تفوق الوصف، ووسائل الإعلام الحديثة عبر الفضاء الافتراضي، ويُهدد بخسارته اليوم الهجوم “الرمزي” الإيراني الذي سعى إليه بنيامين نتانياهو بضربه القنصلية الإيرانية في دمشق. ما أدركه آباء المشروع الصهيوني منذ ولادة هذه الفكرة قبل قرن ونصف القرن تقريباً، هو ضرورة الحفاظ على موقع الضحية في عين الغرب.

 مهما ناقض الواقع ذلك، وخلال جلّ هذا الزمن، إن لم يكن كله، نجح مروّجو المشروع، ثم ثمرته، إسرائيل، في ذلك (بخاصة بتوظيف ذكرى المحرقة النازية). أخيراً، وللمرة الأولى، خسر الإسرائيليون ساحة هذه المعركة، لا لقدراتٍ ثقافية لم نعهدها لدى أتباع جماعة الإخوان المسلمين من حماس، بل لأن إسرائيل هذه المرة إما أخطأت قراءة الواقع أو قررت عمداً تجاهله، مُهديةً القضية الفلسطينية مكسباً كان بعيد المنال قبل ذلك.

لهذا كله، ما كسبه أهل غزة، بكلفةٍ باهظة، تهدد بخسارته صواريخ الولي الفقيه، والوضع الفلسطيني الذي يطفح ألماً وعذاباً سيهُمش أكثر وأكثر تدريجياً إن دفع نتانياهو، كما يريد، المنطقة نحو حربٍ أوسع. الرد الإيراني خدم إسرائيل ولم يؤذها، أما بالنسبة الى فلسطين ومأساتها، فهو يهدد بخسارة ما يواصل أهل فلسطين عموماً وغزة خصوصاً، جبراً لا اختياراً، دفع أفدح الأثمان لاكتسابه حتى قبل أن ينالوا منه ثمرة.

أحمد الفخراني - كاتب وروائي مصري | 30.04.2024

التضحية بعيد القيامة في مصر.. مغازلة رسميّة لتفسيرات المسلمين الرافضة قيامة المسيح

عيد العمال في الأول من أيار/ مايو، ذلك أمر عالمي، حدث نتيجة تضحيات وثورات ودماء. لكن رئيس الوزراء المصري قرر ضمّ تلك التضحيات إلى التضحيات المسيحية، ثم الإعلاء عليها بحس ماركسي، أو لا أدري، إذ قرر أن عيد العمال في الخامس من أيار، عوضاً عن إعلانه شيئاً شديد الإحراج، وهو أنه يصادف عيداً مسيحياً، عيد…