fbpx

حين يستحضر نتانياهو الإبادة الأرمنية! 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

حكومة إسرائيل ليست فقط حكومة تنكر الإبادة الجماعية عندما يتعلق الأمر بالإبادة الأرمنية، بل أيضاً هي شريك نشط اليوم في الحروب الأخيرة التي شنّتها أذربيجان بمساعدة تركيا، ضد أرمينيا والأرمن من ناغورنو كاراباخ. 

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في 9 آذار/ مارس، نشر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على حسابه على منصة X، ما يمكن ترجمته إلى: “إسرائيل، التي تلتزم بقوانين الحرب، لن تتلقى الوعظ الأخلاقي من أردوغان، الذي يدعم قتلة ومغتصبين من منظمة حماس الإرهابية، وينكر الهولوكوست الأرمني، ويذبح الأكراد في بلاده”.

كان نتانياهو يرد على خطاب سابق ألقاه الزعيم التركي الذي قارنه بستالين وهتلر، اتهمه فيه حينها بارتكاب إبادة جماعية صريحة ضد الفلسطينيين في غزة.

الجزء المثير للاهتمام في تغريدة نتانياهو، كان إشارته إلى “الهولوكوست الأرمني”، تغريدة مماثلة من الرئيس الإسرائيلي كاتز في 12 كانون الثاني/ يناير 2024 ذكر فيها ما يلي: “رئيس تركيا @RTErdogan، من بلد ارتكب الإبادة الأرمنية في ماضيه، يفخر الآن باستهداف إسرائيل بادعاءات غير مسندة. نتذكر الأرمن، الأكراد. تاريخك يتحدث بنفسه…”.

الغرابة هي أن إسرائيل نفسها لم تعترف بالإبادة الأرمنية. إذ كافحت الهيئة السياسية الإسرائيلية على مدى عقود ضد الاعتراف بالإبادة الأرمنية، لسببين: الحفاظ على استثنائية هولوكوست اليهود الأوروبيين خلال الحرب العالمية الثانية التي نفذتها ألمانيا النازية، والتحالف الاستراتيجي الطويل الأمد مع تركيا.

يشرح المؤرخ يائير أورون، في كتابه “ابتذال الإنكار، إسرائيل والإبادة الأرمنية”، الموقف الإسرائيلي الرسمي بوضوح، إذ يكتب: “على مر السنين، شعرت بإزعاج مكبوت وانتقاد لسلوك التفادي، الذي يميل إلى الإنكار، الذي تتبناه حكومات مختلفة في إسرائيل بشأن ذكرى الإبادة الأرمنية”.

الغرابة هي أن إسرائيل نفسها لم تعترف بالإبادة الأرمنية. إذ كافحت الهيئة السياسية الإسرائيلية على مدى عقود ضد الاعتراف بالإبادة الأرمنية

حكومة إسرائيل ليست فقط حكومة تنكر الإبادة الجماعية عندما يتعلق الأمر بالإبادة الأرمنية، بل أيضاً هي شريك نشط اليوم في الحروب الأخيرة التي شنّتها أذربيجان بمساعدة تركيا، ضد أرمينيا والأرمن من ناغورنو كاراباخ. 

مدّت إسرائيل أذربيجان بأسلحة فائقة التكنولوجيا، ما مكّنها في عام 2020 من اختراق دفاعات ناغورنو كاراباخ.  وقبل “الحل النهائي” الأذربيجاني لناغورنو كاراباخ في أيلول/ سبتمبر 2023، نقلت 92 رحلة شحن أسلحة وذخائر من قواعد عسكرية إسرائيلية إلى أذربيجان. وفي تموز/ يوليو 2023، أي قبل شهرين من الهجوم، وصل يوآف غالنت – وزير الدفاع الإسرائيلي – إلى أذربيجان، وامتدح التعاون العسكري بين البلدين.

لم تشارك إسرائيل فقط في إنكار الإبادة الأرمنية في الماضي، بل أيضاً في التطهير العرقي للأرمن في ناغورنو كاراباخ.

الخلافات بين إسرائيل وتركيا تزداد بينما يُتهم الجيش الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة في حربه في غزة، كما تُتّهم إسرائيل – البلد الذي بناه ناجون من الهولوكوست – اليوم من جنوب أفريقيا أمام المحكمة الدولية للعدل بارتكاب “إبادة” في غزة. ناهيك باتهامها بعدم التقيد بـ “قوانين الحرب” على خلاف ما يدعيه نتانياهو.

لكن ماذا يقول نتانياهو عندما يتذكر “الهولوكوست الأرمني”؟

هناك طريقتان لتذكّر الفظائع من الماضي: وقف الجرائم في المستقبل عند حدوثها، و شعار “ليس مرة أخرى!-Never again!” هو خطوة أولى لبناء نظام متحضّر بعد جرائم الحرب والدمار الجماعي.

لكن نتانياهو لا يلتزم بهذا، بل بشعار مختلف: “لن يحدث مرة أخرى لنا!” تبرير جرائم الماضي ضد الإنسانية، وجرائم الإبادة الجماعية في الماضي، يتم التذكير  بها لتبرير جرائم المستقبل، وليس لوقف حدوثها.

عندما يتحدث نتانياهو إلى أردوغان، فهو يتحدث من منطق قوة تخاطب قوة. يقول نتانياهو: لا تتدخل في مذابحي ضد الفلسطينيين، لأنني لا أتدخل في إبادتك الأرمن، ومذابح الأكراد، والمساعدة في تطهير الأرمن في كاراباخ!

سنحيي في 24 نيسان/ إبريل الذكرى الـ 109 للإبادة الأرمنية، ونسأل ما هي الدروس التي تعلمناها من أول إبادة جماعية في القرن العشرين؟