fbpx

علي الحريزي: قيادي يمني يشيد بالحوثيين ويستفزّ الذباب الإلكتروني 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

واجه رئيس لجنة اعتصام أبناء محافظة المهرة، الشيخ علي سالم الحريزي، حملة تصيّد بعد تصريحاته المرحبة بالضربات الحوثية ضد السفن الأميركية والبريطانية، وتلك المرتبطة بإسرائيل، ودعوته لرحيل القوات السعودية من المهرة، مع توجيهه انتقادات إلى المجلس الانتقالي الجنوبي. 

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

الحملة نسقتها حسابات مرتبطة بالمجلس الانتقالي ومؤيدة لانفصال جنوب اليمن. في الوقت نفسه، ظهرت حملة تدافع عن الحريزي ضد اتهامات مؤيدي الانتقالي له بتهريب الأسلحة والمخدرات، وتلقّي أموال من سلطنة عُمان، ضمن صراعات النفوذ الإقليمية على محافظة المهرة.

المهرة وعلي الحريزي

تعد المهرة ثاني كبرى محافظات اليمن، وصاحبة أكبر ساحل في البلاد، ولديها رصيد من الثروات النفطية. ظلت المحافظة الواقعة في جنوب شرقي البلاد، مجالاً لمساع قائمة منذ عقود للسيطرة والنفوذ من جانب قوى إقليمية ودولية، لا سيما السعودية وسلطنة عُمان. 

سعى المجلس الانتقالي الجنوبي – المدعوم من الإمارات – الى إحكام سيطرته على المحافظات الجنوبية الست، وبات لديه نفوذ فيها منذ تأسيسه في عام 2017، باستثناء المهرة وأجزاء من حضرموت. 

لإكمال طموحات الانفصال في الجنوب، أعلن المجلس شن حملات عسكرية في المحافظتين، لكنه لا يحظى بقبول كبير في جميع مناطقهما. وفي الأثناء، تظهر بين الحين والآخر حملات إلكترونية منسَّقة لداعمي مخطط الانفصال بالجنوب ورافضيه، مع تبادل الهجوم ضد الأطراف والشخصيات المؤثرة في المحافظتين.  

من بين هذه الشخصيات علي سالم الحريزي، رئيس لجنة اعتصام المهرة، الذي يحظى بشعبية واسعة. الرجل المولود في منطقة ريف حوف بالمهرة في 1957، أمضى قسطاً كبيراً في الحياة العسكرية منذ التحاقه بالكلية العسكرية في تشرين الثاني/ نوفمبر 1976، وتنقل بعدها في محافظات اليمن، وشارك في الحرب بين الشمال والجنوب بداية من 1979. 

انتقل الحريزي للعمل في الاستخبارات العسكرية في 1981، ومع إعلان الوحدة اليمنية في 1990 عُين قائداً لقوات حرس الحدود في المهرة. وظل في منصبه حتى إقالته في شباط/ فبراير 2018، بعد ضغوط سعودية على الرئيس عبد ربه منصور؛ نتيجة لتأييده مطالب سكان المهرة باحترام السيادة اليمنية، والدعوة لبقاء المحافظة بعيداً من التجاذبات العسكرية والسياسية في البلاد، بحسب مواقع محلية.

تصريحات مُستفزّة

في 23 آذار/ مارس الماضي، أدلى الحريزي بتصريحات خلال اجتماع لجنة اعتصام المهرة، أشاد خلالها بالضربات الحوثية في البحر الأحمر على خلفية الحرب في غزة، وعبّر عن غضبه من وجود قوات أميركية وإسرائيلية في أرخبيل سقطرى.

ودعا الحريزي إلى مغادرة القوات السعودية الموجودة في مطار الغيضة بمحافظة المهرة، قائلاً: “قائد الاحتلال السعودي في مطار الغيضة لا يحق له التحدث عن أمن واستقرار المهرة”.

كما وجّه الحريزي انتقادات إلى المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من الإمارات، وقال “إن الذين يتحدثون على الدولة الجنوبية يعيشون في الوهم، وأصبحت مكشوفة للكل، وأصبح عناصر الانتقالي مخبرين مع الإمارات لا غير، ليس لديهم مشروع أو دولة جنوبية”.

ورداً على تصريحات الحريزي، أطلقت حسابات جنوبية وسماً يهاجمه، فيما ذكرت مواقع إخبارية يمنية أن الهجوم يتزامن مع مزاعم بعزم الحكومة اليمنية في عدن اعتقال الحريزي.

في الفترة ما بين 27 آذار/ مارس و7 نيسان/ إبريل 2024، تمت الإشارة إلى وسم #الحريزي_يتخادم_مع_الإرهاب أكثر من خمسة آلاف مرة على موقع “إكس” (تويتر سابقاً). شُوهدت التدوينات مليوناً و465 ألف مرة، مع نطاق رؤية إضافي محتمل قوامه خمسة ملايين و530 ألف مشاهدة، بحسب أداة Melt Water الرائدة في مجال تحليل محتوى الإنترنت والشبكات الاجتماعية.

منحنى التفاعلات على هاشتاغ #الحريزي_يتخادم_مع_الإرهاب – Meltwater

الحسابات الأكثر تأثيراً

إلى جانب العمليات العسكرية الممتدة في اليمن منذ 2015، وعلى رغم الهدوء النسبي للأنشطة العسكرية داخل البلاد، اهتمت دول خليجية بالتأثير على الفضاء الإعلامي والافتراضي اليمني؛ بما في ذلك توفير موارد مالية لإنشاء منصات إعلامية، وتغطية تدريبات للمؤثرين اليمنيين على استخدام الشبكات الاجتماعية.  

بلغ إجمالي الحسابات المشاركة في الحملة ضد علي الحريزي 2546 حساباً، مصحوبة بحشد مؤثرين جنوبيين، بينهم مسؤولون حكوميون؛ مثل فهد طالب الشرفي مستشار وزير الإعلام، وصحافيون ورؤساء مؤسسات صحافية؛ مثل محمد الضبياني، الصحافي والمذيع في قناة “سهيل”، وأنور التميمي، المستشار السابق بقناة “الغد المشرق”، وصالح أبو عوذل رئيس مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات في عدن، فضلاً عن أعضاء في الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي؛ مثل واثق الحسني، ومشاركون في مشاورات الرياض؛ كما عبدالله الحميقاني. 

وكان بين الأسماء البارزة أيضاً، وضاح بن عطية، الذي سبق أن أظهرنا في تحقيق لنا مطلع عام 2023، دوره في إطلاق الحملات الإلكترونية. آنذاك، أطلق وضاح حملة بالتزامن مع تحركات عسكرية للمجلس الانتقالي بغرض بسط نفوذه في بقية المحافظات اليمنية الجنوبية. رافقت ذلك تعبئة لوسائل إعلام مرتبطة بالمجلس، وقوبلت الحملة بأخرى عكسية ترفض انتشار قوات المجلس في محافظة حضرموت المجاورة لمحافظة المهرة. 

وضاح عضو في الجمعية الوطنية الجنوبية، ووفد مشاورات الرياض حول الأزمة في اليمن، ويعد أحد أبرز مُطلقي الحملات الإلكترونية الداعية لانفصال الجنوب، والترويج لدور الإمارات. يتابعه 284 ألف حساب على “إكس” (تويتر سابقاً)، وله أنشطة مماثلة على “فيسبوك” أيضاً.

بعد مهاجمته الحريزي في تدويناته على هاشتاغ #الحريزي_يتخادم_مع_الإرهاب، قال وضاح إنه “لن تضبط المهرة إلا بتشكيل قوات نخبة مهرية تحت إشراف وقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي”.

كان وضاح مساهماً بارزاً أيضاً في وسم #مكرمه_الامارات_لميون، الذي كان نشطاً بالتزامن مع وسم الحريزي، وجمع أكثر من 17 ألف تدوينة، وبلغ ذروته في 28 آذار، مدفوعاً بـ14500 تدوينة في هذا اليوم وحده. 

إضافة إلى مشاركة لافتة لحسابات تضع صورة الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد؛ مثل: حساب “مناصر التحالف” jj_skahkn50@، وحساب علي البلوشي الذي يعرف نفسه بأنه إعلامي إماراتي @mmaahmood11.

في إحدى تدوينات الحساب الأول، وُصف الحريزي بأنه “رجل عُمان في اليمن”، وأن “وظيفته أداة لتسهيل تهريب السلاح والمرتزقة إلى الحوثيين”. ونشر الحساب الصورة المنشورة في حساب وضاح بن عطية نفسها، وهي صورة تكرر نشرها على الوسم. 

وكتب حساب علي البلوشي على الوسم أن “علي الحريزي المدعوم من إيران يمتلك أسلحة محرمة دولياً، ويهدد مصالح العالم وسيتم تطهير المهرة والتخلص منه قريباً؛ والإمارات إذا قالت فعلت ولدينا قوات جاهزة للمهمة وسنجعل المهرة نموذجاً للمشاريع الحيوية مثل ما فعلنا في عدن وبقية الجنوب العربي”. 

حساب البلوشي منخرط في حملات التأثير في مناطق نفوذ أو الدول التي تحظى بتدخلات إماراتية؛ مثل اليمن والسودان.

أخيراً، شارك البلوشي مع حسابات إماراتية في مهاجمة الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، بعد انتقادات غير مباشرة لدور الإمارات في تأجيج الصراعات في دول المنطقة. 

في تدويناته المُزيلة بعلم الإمارات وإسرائيل والولايات المتحدة، قال البلوشي مخاطباً تبون: “كلامك عن الإمارات ستدفع ثمنه في الجزائر”، وإن “من يضع رأسه برأس الإمارات تسحقه”. كما كانت له تدوينات تعبر عن دعم قوات الدعم السريع التي دخلت في صراع عسكري مع الجيش السوداني منذ منتصف نيسان/ أبريل 2023.  

محتوى “متكرر” بجودة عالية 

يتم في اليمن ترويج غالبية الحملات الإلكترونية وتضخيمها عن طريق استخدام محتوى بجودة عالية، إذ يحظى بعناية لافتة، لا سيما في الجنوب. تتكرر المفارقة أيضاً في لبنان والعراق، من جانب القوى الموالية لإيران.

لاحظنا انتشار مقاطع فيديو عدة عالية الجودة على هاشتاغ الحملة ضد الحريزي من جانب حسابات تروج عادة لسياسات المجلس الانتقالي الجنوبي ومجلس القيادة الرئاسي؛ فكانت هناك مادة مصورة وموسيقى تصويرية، على نحو يجعلها أقرب إلى أن تكون مُنتجة في استديوهات أو محطات تلفزيونية.    

حملت المقاطع المتكررة خطاب تصيد للحريزي يتهمه بأنه “تاجر الإرهاب، خائن يدعي الوطنية، زعيم الفوضى في المهرة، مهرب أسلحة يخدم الحوثي، مزعزع استقرار المهرة وحضرموت وسقطرى”.  

لم يظهر اسم الجهات المنتجة لغالبية الفيديوهات الرائجة على الوسم، لكننا وجدنا بعضها على الشبكات الاجتماعية؛ مثل شبكة “إيجاز”، التي يدير صفحتها على “فيسبوك” خمسة أشخاص/حسابات من مصر وحساب من الإمارات وآخر من اليمن، بحسب خاصية الشفافية في “فيسبوك”. أما محتوى الموقع الإلكتروني للشبكة فيحمل صبغة دعائية لمجلس القيادة الرئاسي. 

واحتوت بعض التدوينات صوراً وعبارات مكررة باللغة الإنكليزية تهاجم الحريزي، وتتهمه بممارسة الخداع والمتاجرة بالشعارات واستخدام ساحات الاعتصام منبراً لبثّ سمومه، وإخفاء أهدافه خلف قضايا حقوق الإنسان.

ردّ عكسي 

في المقابل، أطلقت حسابات يمنية حملة عكسية منسّقة للتعبير عن التضامن مع رئيس لجنة اعتصام المهرة للرد على حملة التصيد الأولى. وظهرت وسوم كثيرة مدافعة عن الحريزي؛ مثل: #الحريزي_يمثل_كل_يمني #الحريزي_حامي_المهرة #الحريزي_صوت_كل_اليمنيين.

وحاز وسم #الحريزي_يمثل_كل_يمني على أكثر من 22 ألف تدوينة بمشاركة 6866 حساباً، بعدما دشّن موجة التدوين عبر الهاشتاغ الناشط السياسي عادل الحسني، رئيس ما يسمى بمنتدى السلام لوقف الحرب في اليمن.

نشر الحسني الذي يتابع حسابه 367 ألف حساب على “إكس”، 14 تدوينة على الوسم. ويطلق ويشارك في حملات إلكترونية مناهضة لنفوذ الإمارات في اليمن، وأخرى مدافعة عن دور سلطنة عُمان، آخرها كانت عن طريق إطلاق هاشتاغ #عمان_تكافح_للسلام الذي جاء في ما يبدو رداً على ما احتواه هاشتاغ #الحريزي_يتخادم_مع_الإرهاب من انتقادات لسلطنة عُمان. تضمن وسم #عمان_تكافح_للسلام أكثر من 5850 تدوينة؛ منها أكثر من 3600 صدرت من حسابات غير معروف مكانها.

كما لعب الكاتب الصحافي اليمني رئيس مركز دراسات وموقع “هنا عدن”، أنيس منصور، دوراً في ترويج هاشتاغ #الحريزي_يمثل_كل_يمني، بعدما نشر 49 تدوينة عليه، مستفيداً من عدد هائل من المتابعين، فحسابه الرئيسي anesmansory@ على موقع إكس يتابعه أكثر من 689 ألف حساب.

يعد منصور أحد أبرز المؤثرين في الفضاء الافتراضي اليمني، ومعروف بدوره في الأنشطة الإلكترونية غير الأصيلة – سبق أن أظهرنا بعضها من قبل – ويمتلك جيشاً من الحسابات الوهمية التي يستخدمها في تضخيم الحملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب تقارير يمنية عدة تناولت ذلك. 

كما برز نشاط حساب الصحافي اليمني توفيق أحمد SSSSRR101@ عبر الهاشتاغ المدافع عن الحريزي، وبلغ رصيده من التدوينات 77 تدوينة، ما يضعه في صدارة أكثر المشاركين تدويناً. 

وصدرت أكثر من 15 ألف تدوينة مجهول مكانها من أصل 22 ألف تدوينة منشورة في الوسم، فيما ارتفع معدل إعادة نشر التدوينات (الريتويت/الريبوست) حتى نسبة 60 في المئة، والردود 30.2 في المئة، بينما كانت نسبة التدوينات الأصلية 7.3 في المئة فقط، ما يشير إلى وجود نشاط منسق.

طبيعة التدوينات المنشورة في وسم #الحريزي_يمثل_كل_يمني – Meltwater

حملت ممارسات بعض الحسابات المشاركة في الوسم مؤشرات إلى كونها وهمية، وتركزت تفاعلاتها على الردود، وإعادة نشر المحتوى (الريتويت)، ما من شأنه أن يؤدي إلى تضخيم الوسم.

على سبيل المثال، قامت بعض الحسابات بـ”ريتويت” متكرر لتدوينات حساب عادل الحسني، فيما تداخلت أخرى مع تدوينات تحتوي على الوسم عن طريق الرد بأرقام وكلمات قصيرة؛ مثل “تم، نعم”.

وأُنشئ عدد من هذه الحسابات في الأشهر الثلاثة الأخيرة، وعدد متابعيها منخفض، ولم تحظَ تدويناتها بالتفاعل.