fbpx

“لبنانيّة” نبيه بري المتداعية   

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

راهناً، يباشر بري تكثيف شرعية شاطرة للإجماع اللبناني ليس فقط على جدوى الحرب في لبنان من أجل غزة، بل منح السلاح الفلسطيني في لبنان وبأثر رجعي، مشروعية خاض بري  حرب المخيمات لإسقاطها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يدرك نبيه بري، وهو يتبنى  فكرة أمين عام “حزب الله” عن “وحدة الساحات”، أن متن الأخيرة يندرج فقط وفق ما يريده حسن نصرالله منها.

ويعرف رئيس “حركة أمل”، أن أحد أهم سياقات هذه الوحدة هو تكريس الساحة اللبنانية كمنطلق للعمل العسكري الفلسطيني منها، وهو ما باشرته حركتا “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في أعقاب عملية “طوفان الأقصى”.  ويعرف نبيه بري أيضاً، أن الاجتهاد في المتن المذكور راهناً أو لاحقاً، سيكون ترفاً لن يصيب إلا بري وحده.

مدفوعاً بالرد الإيراني على إسرائيل، بدا بري كمن أفرط في حماسة لطالما تحاشاها، عن ساحات الحرب ووحدتها، وبالتالي عن العمل العسكري الفلسطيني من لبنان. المفارقة، أن بري لم تسعفه أيضاً إلا أدبيات أمين عام “حزب الله” عن المشيئة والإباء، فبدت عبارة “شاؤوا أم أبوا” تناسلاً من العبارة التي ساقها نصرالله ذات يوم كعازل بين بقاء  سلاح “المقاومة”، وبين معارضيه. 

وبري هو من تسود فكرة رائجة عن “لبنانيته” في مقابل تمدّد “حزب الله” خارج الحدود. وتسود عنه أيضاً فكرة “اعتداله” في مقابل تصلّب “حزب الله”.

مسوّقو “لبنانية” بري يستدرجون عموماً عدم تقاطعه مع مشاركة “حزب الله” في الحرب السورية تحديداً، كما عن تعاطيه مع انعكاساتها على النظام السوري بفتور. فيما يندرج اعتداله في عدم القطع مع كل الأطراف السياسية في لبنان، ووسمه غالباً برجل الحوار، وهو من عارض وتباين مع “حزب الله” في مسألة انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية في العام 2016.

يلزم تخفيف “لبنانية” بري، تبديد موقفه وموقعه من الحرب السورية، وهو أمر يستدعي شيئاً من سوء الظن. 

في العام 2000، ومع وصول بشار الأسد الى الحكم في سوريا، باشر بقطيعة مع “تركة” والده اللبنانية. الرئيسان نبيه بري ورفيق الحريري، كما وليد جنبلاط، كانوا في حينها طليعة تلك “التركة”، وعبارة “أنا ما بعرفك” التي واجه فيها الأسد الابن “جردة” الحريري للعلاقة التاريخية مع أبيه، انسحبت على الأرجح على بري وجنبلاط.

قطيعة كهذه أفضت على الأرجح إلى اجتناب بري ملامسة الوقائع السورية التي انغمس فيها “حزب الله”. وهو أمر يطرح فكرة “لبنانية” بري ومدى تماسكها فيما لو كان مأزق بشار الأسد قد حدث في زمن أبيه، وعليه، وهو من خاض غالبية “حروب”  النظام السوري في لبنان خلال حكم حافظ الأسد.

نادراً إذاً ما يلمس المرء تبايناً بين مواقف بري ومواقف “حزب الله”، باستثناء تباينين، وعلى أهميتهما، كانا محكومين بظروف تخصّ بري وحده. قسراً في الحدث السوري، وطوعاً في مسألة انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية، وقد سلكهما “حزب الله” بنجاح من دون حليفه الشيعي.

راهناً، وفي حديثه لقناة “الجديد”، ومن “وحدة الساحات”، يبدد رئيس “حركة أمل” حتى المفعول الرجعي لـ”لبنانيته”.

“وحدة الساحات” هي خروج بري من مشروعيته التي أسست لزعامته الشيعية في رفض السلاح الفلسطيني وعبثيته في ثمانيات القرن الماضي، كما في تسييل “المقاومة” لبنانياً. راهناً، يباشر بري تكثيف شرعية شاطرة للإجماع اللبناني ليس فقط على جدوى الحرب في لبنان من أجل غزة، بل منح السلاح الفلسطيني في لبنان وبأثر رجعي، مشروعية خاض بري  حرب المخيمات لإسقاطها.