fbpx

هل تبتزّ الحكومة اللبنانيّة المجتمع الدولي في قضيّة السجناء السوريين؟ 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

مع إعادة فتح ملف إعادة السجناء السوريين في لبنان إلى سوريا، هناك أسئلة مطروحة كثيرة عن قانونية ما سيحدث وتبعاته.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بداية شهر آذار/ مارس الماضي، حاول 4 سجناء سوريين في سجن رومية الانتحار بعدما علّقوا مشانقهم باستخدام الأغطية، احتجاجاً على تسليم أحد الموقوفين إلى النظام السوري، تم إنقاذهم في اللحظات الأخيرة ونُقل ثلاثة منهم إلى المستشفى لتلقّي العلاج.

تعكس هذه الحادثة الخوف الذي يعيشه السجناء السوريون في لبنان من إعادتهم إلى قبضة النظام السوري، وعلى رغم كل الصعوبات التي تواجههم إلا أنهم يفضلون السجن في لبنان على العودة إلى سوريا.

واليوم، مع إعادة فتح ملف إعادة السجناء السوريين في لبنان إلى سوريا، هناك أسئلة مطروحة كثيرة عن قانونية ما سيحدث وتبعاته.

إعادة السجناء السوريين ليست خطوة بسيطة

ترأس رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي، في 23 آذار الماضي، اجتماعاً ضم عدداً من الوزراء ورجال الأمن ومسؤولين قضائيين، بحثوا فيه ملف السجناء والمحكومين السوريين، وانتهى بتكليف المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري بالتواصل مع السلطات السورية، لبحث إمكان تسلّمها الموقوفين السوريين لتخفيف الاكتظاظ داخل السجون اللبنانية. 

غمرت الفرحة النظام السوري، فكتبت جريدة “الوطن” الموالية للنظام السوري مقالاً بعنوان: “لبنان أكد أن حل مشكلة السجناء السوريين لديه بالتواصل مع دمشق”. لم يعدْ خافياً استغلال النظام السوري أي تصريح يشير إلى “شرعيته”، وفي الحقيقة، كل ما يهمه في الخبر هو أن بلداً أشار بطريقة ما إلى “شرعيته”.

تأتي هذه الخطوة ضمن خطة الحكومة اللبنانية لحلّ ملف اللاجئين السوريين، ولكن بالنظر إلى قضية السجون، يبدو أن الحكومة توجهت إلى المكان الأكثر تعقيداً، والذي لن يؤثر بشكل حقيقي أصلاً على ملف اللجوء السوري.

تعتمد خطة التسليم على مرجعين أساسيين، وهما الفصل الأول من قانون العقوبات اللبناني، بالإضافة إلى الاتفاقية القضائية الثنائية الموقّعة بين سوريا ولبنان عام 1951.

تشير المحامية ديالا شحادة في لقاء مع “درج”، إلى أنه ضمن هذين المرجعين هناك شروط للتسليم يجب توافرها، إذا تمّ الأمر بإجراء قانوني، بالإضافة إلى وجود سند قانوني متعلق بالأشخاص الموقوفين غير الراغبين في الرحيل وتسليمهم إلى سوريا لأسباب مختلفة، منها كونهم معرضين بشكل ما للاضطهاد في سوريا سواء كانوا مسجلين كلاجئين من الأمم المتحدة أم لا.

تقول شحادة: “الالتزامات القانونية الدولية للبنان، ومنها الاتفاقية الدولية الخاصة بمكافحة التعذيب والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى الاتفاقية الدولية الخاصة لمكافحة جريمة الإخفاء القسري، تلزم لبنان احترام حقوق من يقول إنه معرض لشكل من أشكال هذه الجرائم، وعرضه على القضاء المختص اللبناني لمناقشة هذا الموضوع وإثبات صحته من عدمه”.

تضيف شحادة: “عندما يتعلق الأمر بحقائق حول انتهاكات حقوقية، فالمرجع دائماً هو وكالات الأمم المتحدة، التي لم تعطِ الى الآن أي تقارير تشير إلى توقّف سياسات الاضطهاد بأشكال مختلفة تجاه الناس في سوريا”.

وقال وزير العدل اللبناني، هنري الخوري، إن عدد الموقوفين السوريين في لبنان، بحسب إحصاءات وزارة الداخلية، يبلغ نحو 2500، فيما يعلق المحامي محمد صبلوح، مدير مركز سيدار للدراسات القانونيّة، على الرقم السابق لـ”درج” قائلاً، إن هذه النسبة غير دقيقة والعدد أقل، متابعاً: “وإذا كان العدد كما يقول 35 بالمئة أو حتى أقل، هل ستقبل الحكومة السورية في النهاية بعودتهم؟”.

هل يمكن إعادة المعارضين إلى “مناطق المعارضة”؟

الخوف الأكبر في مسألة إعادة السجناء السوريين هو على المعارضين للنظام السوري، وبحسب صبلوح هناك ما بين 400 إلى 500 سجين معارض لن يتجرأ لبنان على تسليمهم إلى النظام السوري لأنه يعلم أنه بذلك يعرّض نفسه للمساءلة الدولية.

معضلة أخرى تواجه ملف اللاجئين السوريين، وهي عدم اعتراف الحكومة اللبنانية بالمعارضة السورية. وكان رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال لبنان، مارون الخولي، اقترح أن يتم اتخاذ قرار على مستوى فتح علاقات مع الأطراف المعارضة للتنسيق لعودة لاجئين سوريين إلى “مناطق معارضة”. وهنا، يتجاهل الخولي أن التعامل مع المعارضة يعني اعترافاً بها، وهو ما لن يطيب للنظام السوري الذي “يعتبر” نفسه الممثل الوحيد للشعب السوري.

يقول المحامي صبلوح: “طالبت المعارضة السورية بإنشاء اتفاقيات مع لبنان، يسلِّم من خلالها السوريين إلى الجانب التركي، الذي يسلّم بدوره السوريين إلى المعارضة في الشمال السوري”.

 يتابع: “بحثت في هذا الموضوع مع بعض القيادات في الأمن العام وفي الدولة اللبنانية، وبحسب ردهم فإن تطبيق ذلك مستحيل لأسباب عدة، فهل سيقبل النظام السوري بهذا أم سيعتبر ذلك طعناً في الدولة السورية لأن هذا يشكّل في مكان ما اعترافاً بالمعارضة؟ النقطة الثانية، هل يمكن أن تقبل تركيا باستقبال المعارضين للدخول عبر أراضيها إلى الشمال السوري، فهذه الأمور شائكة دولياً، وأعتقد أنها حالياً مستحيلة التطبيق لأنها تحتاج الى مراعاة جوانب عدة، بالإضافة إلى دراسة قانونية متأصّلة لتجنب أي أزمة دبلوماسية مع أي بلد آخر”.

الحكومة اللبنانية تبتزّ المجتمع الدولي

تشمل خطة إعادة السجناء السوريين، في حال نُفذت، على تعقيدات كثيرة، تقول شحادة: “إذا كنا نتحدث عن تسليم واسترداد بالقانون اللبناني، لا بد أن يكون هناك طلب استرداد من سوريا، فالقانون أشار الى حالتين يُسلّم فيهما السجين، إما طلب استرداد من الدولة أو ترحيل، فلا يرحل من هو قيد المحاكمة بحسب القانون، وأصلاً مرجع الترحيل هو القضاء خلافاً للمعمول به، وهو ترحيل الأمن العام سنداً لتفويض حكومي”.

أما صبلوح فيقول: “أعتقد أن خطوة كهذه من طرف الحكومة اللبنانية هي للمناورة. ففي الواقع، لم تعمل الحكومة اللبنانية الحالية والحكومات المتعاقبة على تحسين وضع السجون، حيث النقص في الأغذية والمجاعة التي تطفو على السطح كل شهرين، حتى الاستشفاء تقوم به جهات أو جمعيات خيرية، وأحياناً يموت السجين بسبب الإهمال. وبالتالي، الأزمة ليست نابعة من بالسجون، لأن الحكومة اللبنانية لا توليها أصلاً أي اهتمام”.

يعتبر صبلوح أن الحديث عن السجناء السوريين في لبنان حالياً يأتي من باب المناورة والضغط، بالتزامن مع مؤتمر المانحين في بروكسل وزيارة رئيس قبرص ومفوضية الاتحاد الأوروبي لبنان، واعدين بحزمة مساعدات جديدة له.

يلفت صبلوح: “الحكومة اللبنانية تبتزّ المجتمع الدولي لتحصيل أكبر قدر ممكن من المساعدات المالية، وللأسف تمكّنت من ذلك سابقاً. لكن السؤال المطروح: هل ستُصرف هذه الأموال على اللبنانيين أو السوريين؟!”.

يختم صبلوح حديثه: “النهج العنصري للحكومة اللبنانية وتأليب الرأي العام اللبناني على اللاجئين السوريين لن يشكّلا الحل على الإطلاق، خصوصاً في ظل توافر طرق إنسانية عدة لحل قضيتهم من دون الإضرار بأي طرف.