fbpx

كيف أصبح اليمين الشعبوي القوّة المُهيمنة في إيطاليا؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

نالت إيطاليا شرف استضافة معاهدة روما عام 1957، التي أنشأت السوق الأوروبية المشتركة. وحتى سنوات قليلة مضت، ظلت واحدة من أكثر الدول الأوربية تأييداً لفكرة الاتحاد الأوروبي. لكن مارد القومية خرج من القمقم

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم تتمتع بلدة توسكان في كاسينا يوماً بالأبهة العالمية التي تمتعت بها جارتاها سيينا أو سان جيمنيانو. لكن في أيام مجدها كانت البلدة مقراً لصناعة أرقى أنواع الأثاث المنزلي في إيطاليا. لأجيال كانت زيارة كاسينا شعيرة يؤديها كل زوجين يتطلعان إلى تأثيث منزلهما الجديد.

مالت البلدة المجدة المترابطة سياسياً نحو اليسار دائماً. في فسحة خضراء بالقرب من برج الساعة الجميل الذي بني في القرن السادس عشر، أقام الشيوعيون نصباً تذكارية لمن فقدوا أرواحهم في مواجهة موسوليني والنازيين. بعد سقوط حائط برلين، تحول الحزب الشيوعي الإيطالي تدريجياً إلى حزب يسار الوسط الديموقراطي، لكن معظم سكان كاسينا ظلوا أوفياء للحزب.

لكن خلال العشرين سنة الماضية، أغلقت معظم الورش أبوابها وبعضها لم يستطع منافسة شركات مثل “أيكيا”، وتلقى كثر الضربة القاضية بسبب أزمة 2008 المالية. قاعة العرض الكبرى التي عرضت فيها أفضل الخزانات والكراسي المصنوعة بعناية ليتفحصها المشترون المحتملون تحولت إلى متجر بقالة. ثم في 2011 برز تحدّ جديد تمثل في اللاجئين الذين تمكنوا من عبور البحر من ليبيا وحطوا على الشواطئ الإيطالية الجنوبية.

قبل عامين، أدارت كاسينا ظهرها فجأة لتقليد استمر 7 عقود وصوّتت لنوع مختلف تماماً من السياسيين. سوزانا سيكاردي، عمدة المدينة البالغة من العمر 31 سنة، هي نجم صاعد من حزب الرابطة اليميني. تمكّن هذا الحزب الذي ظل لسنوات هامشياً في السياسة الإيطالية من البقاء 6 أشهر في تحالف حكومي أعقب انتخابات أطاحت بالأحزاب الوسطية التقليدية وأهدت للشعبويين نصراً مشهوداً.

ماتيو سالفيني

اتخذ ماتيو سالفيني، نائب رئيس الوزراء وقائد حزب الرابط، سكاردي واحدة من كبار مستشاريه في الأمن. سيكاردي الصدامية التي تتمتع بالكاريزما وترتدي سترة جلدية وبنطال جينز، هي زعيمة الحزب الجديدة في توسكاني التي يحظى فيها الشعار المستوحى من ترامب “الإيطاليون أولا” بشعبية جارفة في المشهد السياسي. سقطت بيزا وماسا وسينا التي كانت معاقل تقليدية لليسار في يد يمين الوسط ومرشحي حزب الرابطة في الانتخابات المحلية الصيف الماضي. وفلورنسا هي الهدف التالي.

وفقاً لسيكاردي فحزب الرابطة هو من يخاطب مخاوف الإيطاليين ومشاعر انعدام الأمن لديهم. أزاح خليطاً من الركود الاقتصادي وإجراءات التقشف وأزمة الهجرة، والحتميات السياسية القديمة وكل ما هو مرتبط بها.

دخل حوالى 600 ألف لاجئ ومهاجر إيطاليا منذ 2014. في بلدة كاسينا ذات الـ45 ألف نسمة يحاول بضع مئات من هؤلاء المهاجرين الذين نجحوا في عبور المتوسط، كسب لقمة عيشهم، منتظرين بفارغ الصبر أن يطرأ جديد على أوضاعهم. ألغت سكاردي المشروع الحكومي الذي يهدف إلى دمج المهاجرين عبر مساعدتهم في إيجاد السكن وفرص العمل.

تجوب سيارة لاند روفر تابعة للجيش شوارع البلدة مرتين في الأسبوع ضمن الاستراتيجية الجديدة للعمدة لفرض الأمن والقانون (أحد ألقاب سكاردي هو السيدة أمن). عُين المزيد من رجال الشرطة وأنفق نحو 30 ألف يورو على الأزياء الرسمية. وتم توفير علب رذاذ الفلفل مجاناً للسيدات متى طلبن. تقول سكاردي “عليك فقط أن تلقي نظرة على فئات نزلاء السجن لترى العلاقة بين الهجرة وانعدام الأمن”. أغلق مركز محلي “للترحيب” بالمهاجرين، عرف ببؤسه وقذارته.

اهتدى هؤلاء الرفقاء غريبو الأطوار إلى سبيل يجمع بين اقتصاد مكافحة التقشف، وكراهية الأجانب الصارخة أحياناً

شنت سوزانا سيكاردي سلسلة من الحروب الثقافية الصغيرة على اليسار المحلي، مهاجمةً بلا هوادة (فاعلي الخير) أو “buonisti”؛ الهدف المفضل لحزب رابطة الشمال. قبل أن تصبح سيكاردي عمدة للمدينة، قامت بحملة ضد مشروعٍ يهدف إلى تعليم أطفال كاسكينا كلمات أغنية تخيل “Imagine” لجون لينون، وهي أغنية تعتبرها سِيكاردي دعاية شيوعية. وبمجرد تثبيتها وتوليها زمام الأمور في مبنى البلدية، ضغطت على المدارس للتخلي عن غناء الأناشيد التقليدية الخاصة بالمقاومة الإيطالية مثل أغنية بيلا تشاو “Bella Ciao”، مبررة ذلك بأن “هذه الأغاني ليست في الحقيقة أناشيد مقاومة بعد الآن”.

أُدين قس محلي، يدعى دون إلفيس، من قبل عضو في مجلس رابطة الشمال -هو الآن عضو في البرلمان- لتقديمه وجبات إفطار مجانية لطالبي اللجوء قبل قداس الأحد. كما استُهدفت الفنون أيضاً. كان مسرح كاسكينا في السابق مختصاً في الإنتاجات والعروض التجريبية، والتي غالباً ما كانت تحمل رسالة اجتماعية، لكن أندريا بوسكيمي -الممثل وداعم الرابطة- صار رئيساً له في آب/ أغسطس 2016، وعمد إلى تغيير البرنامج الخاص بالمسرح إلى كلاسيكيات إيطالية وأوروبية موحدة.

من تظاهرة لليمين الإيطالي

تورَّط بوسكيمي أخيراً في شجارٍ حول الجدارة الفنية لجدارية “توتوموندو” الشهيرة في مدينة بيزا، والمرسومة عام 1989 على الجدار الخارجي لكنيسة بواسطة الفنان الأميركي كيث هارينغ. وهي عبارة عن لوحة ملونة تعبر عن التضامن العالمي -يعني اسمها “العالم كله”- إذ تُصور الجدارية أشخاصاً من أعراقٍ مختلفة يمدون أيديهم إلى بعضهم بعضاً. في مناظرة جدلية بعنوان “أريد استعادة بيزا”، شجب بوسكيمي الجدارية بوصفها “مبتذلة كلياً”.

تعود جذور المناوشات الثقافية إلى فلسفة تاريخية سوداء تتشاركها شخصيات الرابطة البارزة مع حزب “الجبهة الوطنية” الفرنسي الذي ترأسه مارين لوبان، وحزب “فيدس–الاتحاد المدني المجري” الذي يرأسه فيكتور أوربان. تقول سيكاردي “في تاريخ الشعوب، لا وجود لأيّ حضارة؛ لم يكن عليها أن تدافع عن نفسها”.

مع ظهور ثورة سِيكاردي في مسقط رأسها، بَدت على وجه مايكل أنجلو بيرتي، وهو أستاذ وناشط في الحزب الديمقراطي، نظرة من الفزع والاِستياء المتزايد.

يقول “في وقتٍ قصير للغاية؛ يتم هدم القيم التي كانت حجر الأساس في إجماع الأحزاب وتوافقيتها طيلة 70 عاماً. واختفت أفكار التضامن والتسامح واحترام حقوق الأقليات والالتزام الأخلاقي تجاه المحتاجين، حتى وإن كلفتك تلك المبادئ شيئاً. لقد أُعيد رسم الحدود”.

عاصفة مثالية

إن أول حكومة مناهضة للمؤسسية في أوروبا الغربية هي حكومة هجينة وغريبة. إذ شُكلت رابطة الشمال الأصلية في التسعينات للدفاع عن مصالح المؤسسات التجارية الصغيرة في شمال إيطاليا، ورفع الظلم الواقع عليها. كانت قضية الرابطة المشهورة آنذاك هي حملة خيالية من أجل تحرير “بادانيا” -وهو عبارة عن إقليم شمالي مُتصوَر، يمتد من أومبريا حتى مقاطعة بولسانو أو جنوب تيرول- من المطالب والأعباء المالية المفروضة عليه من قبل “لصوص روما” أو “Roma ladrona”.

شريكه في الائتلاف، حركة “خمس نجوم” (M5S)، التي أسسها الممثل الهزلي بيبي غريللو في 2009 ويترأسها لويجي دي مايو، نائب رئيس مجلس النواب وزميل سالفيني، قد جلبت للائتلاف الدعم من اليمين واليسار على حدٍ سواءٍ. على الصعيد الانتخابي، ازدهرت حركة M5S في الجنوب ولاسيما وسط الشباب والعاطلين عن العمل، الذين توقفت آمالهم الاقتصادية طيلة جيلٍ كاملٍ. وفي إطار الحكومة، اهتدى هؤلاء الرفقاء غريبو الأطوار إلى سبيل يجمع بين اقتصاد مكافحة التقشف، وكراهية الأجانب الصارخة أحياناً.

يقول جِيانفرانكو بالديني من جامعة بولونيا “لكي نفهم ما الذي حدث في إيطاليا هذه السنة، لا بد من العودة إلى الخلف وإلقاء نظرة إلى عام 2011، أي عندما قررت الحكومات الغربية الإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي. لا ينكر أحدٌ أن النظام في ليبيا كان ديكتاتورياً، لكن كان لدينا على الأقل شخصٌ نتعامل معه، ولم يكن أحدٌ يتصور أبداً، أن القذافي كان ليسمح بانطلاق تلك الأعداد الغفيرة من الناس للعبور عبر ليبيا إلى إيطاليا كمحطة في طريقهم إلى أوروبا، قادمين من أفريقيا والشرق الأوسط، لذا يمكننا القول أن أزمة الهجرة بدأت من تلك النقطة”.

وفي السنة ذاتها، كما يقول بالديني، بدأت الديون السيادية في منطقة اليورو الناتجة عن انهيار 2008 الاقتصادي، تغذي مضاربة شرسة ضد سندات الحكومة الإيطالية، في مرحلة شهدت الديون الإيطالية القومية مستوى مهول، لكن باعتبار إيطاليا ثالث أكبر اقتصاد يستخدم اليورو، لم يكن من المسموح تركها لتنهار. وبضغطٍ من بروكسل وحكومات أوروبية أخرى، استقال رئيس الوزراء آنذاك، سيلفيو برلسكوني، وقام الرئيس الشيوعي السابق جيورجيو نابوليتانو، بتعيين “حكومة خبراء” غير منتخبة، برئاسة المفوض الأوروبي السابق ماريو مونتي. تمثلت مهمته في زيادة الضرائب وخفض الإنفاق العام وطمأنة الأسواق المالية، غير أن النتيجة الحتمية لنهج مونتي “المتقشف” وفق وصف أحد النقاد، كانت هي الركود والبطالة المتصاعدة بين الشباب.

يبدو أن إيطاليا تنتقل -بسرعة تبعث على القلق- من ماضيها “التقشفي” الذي جسده مونتي، إلى حاضر استبدادي يرأسه سالفيني

أدت المقامرة التكنوقراطية إلى عواقب بعيدة المدى. يقول بالديني: “انسحب كلا الحزبين الكبيرين من يسار الوسط ويمين الوسط طواعية، للسماح لمونتي بتشكيل الحكومة غير المنتخبة”.

ما يعني أن أحزاب المعارضة الحقيقية الوحيدة المتبقية اقتصرت على رابطة الشمال وحركة خمس نجوم. وإذا وضعنا الحاجة الملحة للتعامل مع الارتفاع الهائل في أعداد المهاجرين، جنباً إلى جنب مع فرض التقشف بهذه الطريقة، تكون النتيجة التسبب في هبوب عاصفة مكتملة الأركان.

عام 2013، جاء ماتيو رينزي من الحزب الديموقراطي الذي يمثل يسار الوسط، خلفاً لـ”مونتي” المعروف بشعبيته المتدنية، واعداً بإنهاء سياسة التقشف، لكنه لم يفعل ولم ينجح في إقناع بقية أوروبا على مشاركة إيطاليا بشكل فعال في تحمل عبء أزمة الهجرة. وعندما دعا إلى إجراء استفتاء دستوري لتعزيز سلطته وخسر الرهان، اندلعت العاصفة، لتجد إيطاليا وأوروبا نفسيهما في مواجهة عواقب هذه التطورات الآن.

أغلبية كبيرة من الإيطاليين تدعم موقف روما في مواجهتها مع دول الاتحاد الأوروبي بشأن خطة ميزانية -لو تم اعتمادها- قد تؤدي إلى خرق القواعد المالية للمجموعة. ومن أجل الوفاء بالوعود المعلن عنها، القاضية بخفض سن التقاعد، وإدخال ضريبة ثابتة وتمويل “دخل المواطن” الجديد المقدر بـ780 يورو في الشهر؛ التزم التحالف بمعدل عجز في الميزانية بنسبة 2.4 في المئة. رفضت بروكسيل -التي شعرت بالقلق البالغ أمام حجم الدين العام في إيطاليا وركود معدلات النمو، التي من شأنها أن تزيد من صعوبة سداد هذا الدين أكثر من أي وقت مضى- رفضت بشكلٍ قاطعٍ الخطة وهددت بفرض عقوباتٍ مالية.

قرعت الطبول على الجانبين؛ ففي هذا الشهر حذر المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية والمالية بيير موسكوفيتشي Pierre Moscovici من أنه لن تكون هناك تسوية. وفي أصداء عام 2011 وبحسب وكالة التصنيف موديز Moody’s؛ فقد تراجع تصنيف دين الدولة ليكون بينه وبين حالة الفشل درجة واحدة.

C’e solo un Capitano هناك زعيم واحد

أصبح سالفيني في وقت قصير واجهة التجربة الإيطالية لسياسات كسر القواعد. كان سالفيني الشمالي المشجع لإيه سي ميلان AC Milan، والذي لقبه أنصاره بالزعيم، أكثر تمرساً وخبرة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وفي العمل الاجتماعي من نظيره في الجنوب دي مايو Di Maio، كما أن 58 في المئة من الإيطاليين يعتقدون أنه من يصدر الأوامر. ما من أحد يستطيع قول ذلك بشأن المحامي الفلورانسي جوزيبي كونتيGiuseppe Conte، رئيس الوزاء المعين.

منذ شهر أيار/ مايو، سعى سالفيني جاهداً في خوض مواجهات كبيرة بالداخل والخارج. ففي شهر حزيران/ يونيو، أثار احتجاجاً دولياً بإغلاق موانئ إيطالية في وجه سفن تديرها منظمات غير حكومية تحمل على متنها لاجئين ومهاجرين، مستغلاً سلطاته بصفته وزيراً للداخلية. وفي الشهر ذاته استنكر ترحيب رئيس بلدية كالابريا الحار بالمهاجرين.

وفي تموز/ يوليو أقام سالفيني دعوى قضائية بالتشهير ضد المؤلف روبرتو سافيانو Roberto Saviano أحد أعتى منتقدي أسلوبه الاستبدادي.

عندما قُدم مشروع قانون أمني يقترح حظر تجوّل على المحلات “العرقية” (كما وصفها سالفينيني ويقصد بها المتاجر الصغيرة المملوكة للمهاجرين من ذوي الأقليات العرقية) بحلول التاسعة مساءً، والتي ادعى سالفيني أنها أصبحت “ملتقى السكارى ومروجّي المخدرات والأشقياء” شبه أعضاء البرلمان المعارضين لمشروع القانون بينه وبين سياسات ألمانيا في فترة الثلاثينات. واتهم رئيس بلدية لودي الشمالية الشهر الماضي، بممارسته سياسة “الفصل العنصري” عقب رفضه تقديم الوجبات المدرسية للمهاجرين الذين لم يتمكنوا من تقديم إقرارات ذمة مالية رسمية من بلدانهم الأصلية. وكان سالفيني دعم هذه السياسة، والتي كان سيكردي اقترحها، قبل أن تجبره معارضة حركة النجوم الخمس على التنازل عنها.

تظاهرة لليمين ضد المهاجرين

كما استهدفت أقليات أخرى. إذ هدد سالفيني باستخدام عبارته المفضلة بـ”تجريف” مخيم للغجر في روما وتعهد بإجراء تعداد لمجتمع الغجر في إيطاليا بأكملها. وهدد الشهر الماضي بـ”العودة بالجرافات” إلى سان لورينزو، وهو حي يساري في العاصمة، عقب مقتل فتاة في الـ16 من عمرها.

اتهم سافيانو سالفيني “بمحاولة تحويل الديموقراطية القائمة إلى دولة استبدادية”، بينما قال برلسكوني إن الحكومة الجديدة خلقت حالة “غير ليبرالية، وهي مدخل إلى الديكتاتورية”. وكان رد سالفيني على رئيس الوزراء السابق مزعجاً إذ قال، “الوحيدون الذين يعتقدون ذلك هم برلسكوني وعدد قليل من البيروقراطيين في بروكسيل وبعض الديموقراطيين المُحبطين. أي شخص يتحدث عن خطر قدوم الدكتاتورية إلى إيطاليا، سواء كان جان كلود يونكر -رئيس المفوضية الأوروبية- أو سافيانو أو برلسكوني، هو مخطئ”.

أدى التوسع السريع للرابطة على الساحة الوطنية– التي حصلت في انتخابات عام 2013، باسم رابطة الشمال، على 4 في المئة فقط- إلى حملة تجنيد متسرعة. وسمح ذلك لليمين المتطرف بتوسيع دائرة نفوذه في الحزب مع قدر قليل من التدقيق. تستشهد ليندا ديماتيو، وهي مختصة في العلوم السياسية من باريس، بحادث وقع هذا العام في مدينة ماشيراتا، عندما قام لوكا ترايني –مرشح خاسر من حزب رابطة الشمال في الانتخابات المحلية- بإطلاق النار من سيارةٍ على ستة من المارة السود، عقب مقتل امرأة. فيما بعد، صودرت مواد خاصة بالنازيين الجدد من منزل ترايني.

لم يقتل أحد في ذلك الهجوم، وقد اعتذر ترايني في المحكمة عما فعله قائلاً، “خلال فترة السجن، فهمت حقيقة أن لون بشرة الشخص لا علاقة له بأي شيء”.

لكن سالفيني ألقى باللوم في ذلك الهجوم على “الهجرة الخارجة عن السيطرة… والتي تؤدي إلى صراعٍ اجتماعي”.

نالت إيطاليا شرف استضافة معاهدة روما عام 1957، التي أنشأت السوق الأوروبية المشتركة. وحتى سنوات قليلة مضت، ظلت واحدة من أكثر الدول الأوربية تأييداً لفكرة الاتحاد الأوروبي. لكن مارد القومية خرج من القمقم.

ويبدو أن إيطاليا تنتقل -بسرعة تبعث على القلق- من ماضيها “التقشفي” الذي جسده مونتي، إلى حاضر استبدادي يرأسه سالفيني. يقول بالديني، “أياً كان ما سيؤدي إليه هذا… الخيار التكنوقراطي لعام 2011 غير متاح حالياً، نظراً لنتائج الانتخابات. إن إيطاليا عالقة في هذه الدوامة في كل الأحوال”.

هذا الموضوع مترجم موقع The Guardian ولقراءة المقال الأصلي زوروا الرابط التالي