fbpx

سمير صفير… حق التفاهة بالعدالة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

سمير صفير عموماً، هو واحد من النماذج التي أطلت من الغناء على السياسة، وبكثافة موصوفة ومبتذلة في معظم الأحيان…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم يكن سمير صفير، قبل صيرورته مضافاً آخر في اهتزاز علاقة لبنان بالمملكة العربية السعودية، سوى وجه تافه من وجوه الحالة العونية وقد امّْحَت فيها كل الفواصل بين السياسة والفن، لكن خبر احتجاز الملحن اللبناني في المملكة كان كفيلاً برفع التفاهة إلى حدث يُسال له حبر كالذي يسال هنا.

   والغموض السعودي الراهن في موضوع احتجازه، وعدم تحوله إلى قرائن معلنة يُبنى عليها، يسمحان غالباً للفرضيات بأن تشطر الرأي أقله إلى رأيين يتراوحان بين إدانة الرجل في حال صدقت التسريبات غير الرسمية، والتي يغذيها الافتراق السياسي العميق بين اللبنانيين، عن تنكبه شائنتين يغالي القانون السعودي في معاقبة من يرتكبهما، ويصير تالياً ذنبه صنيعة يديه. هي تسريبات تبقى راهناً  أقرب إلى الإشاعة إلى أن تظهر المستور بكلام سعودياً رسمي واضح عن القضية. والرأي الثاني يكسبه تعاطفاً إذا ما آل احتجازه المفترض إلى قرينة التعبيرعن الرأي الذي ساقه صفير يوماً في “تغريدة” واءمت بين النظام السعودي والإرهاب. وهو تعبير يتشارك فيه مع كثيرين ليسوا بالضرورة مقيمين في المحور الذي ينتمي إليه، وأغلب الظن أنه رأي تسنده وقائع كثيرة يضج ماضي النظام السعودي بها، أو حاضره حيث جريمة قتل الكاتب جمال خاشقجي أبرز فصولها الدموية.

    سمير صفير عموماً، هو واحد من النماذج التي أطلت من الغناء على السياسة، وبكثافة موصوفة ومبتذلة في معظم الأحيان، لكن صفير وفي سياق تكثيف ولائه السياسي، لم تُشبع الجغرافيا اللبنانية وعصبياتها الطائفية ابتذاله، فغرد عن المملكة السعودية من باب الوصمة الأكثر حرجاً لها، أي الإرهاب. والأخير لا يزال يندرج كآفة متأتية من ماضيها الملتصق بهذا الجرم، منذ بداياته الأفغانية، حين شكل مواطنون سعوديون متنه الجهادي، ثم انشطاره عنها مؤسساً لحالة عدمية مستقلة، تشارك مع أعدائه في محاربتها حيناً، والاستثمار فيها أحياناً فوق رمال هذا الشرق البائس. وهي شائنة لم تزل تُلقي بثقلها على حاضر المملكة الذي تنكب صفير في تغريدته مشقة رفع التهمة بوجهها في سياق استحضارها كخارج من خارجين كثر تتسع مساحة لبنان لمشاريعهم المتنافرة.

    بين تغريدة سمير صفير واحتجازه راهناً، سياق زمني كان فيه الفنان اللبناني حاضراً على الأراضي السعودية بموجب حصوله على إقامة دائمة، أو بدعوة رسمية لتكريمه. وهو ما يكثف الغموض في أسباب الاحتجاز بين تلك السياسية التي تفترض أن يكون مصير الرجل إلى الاعتقال سابقاً على راهنه، أو جرمية للمعطيات التي تُشاع حالياً، فشيء من قضية احتجاز صفير، وبمعزل عن السبب، خبره اللبنانيون مع رئيس حكومتهم السابق سعد الحريري. حينها بالغ رئيس جمهوريتنا ميشال عون كثيراً في ادعائه أن حرية الحريري التي أعقبت احتجازه في السعودية هي من ثمار أبوته لرئيس الحكومة الذي قدم استقالة قسرية صارت فصولها معروفة. فأن يحسب لعون استشرافه أن الاستقالة المذكورة، لم تكن طوعية حين طالبه بتقديمها من لبنان، لكن الحرية المنجزة لرجل المملكة في لبنان حينذاك، مدينة بلا شك لضغط دولي وفر للأخير انعتاقه من قبضة رجل النظام السعودي الأقوى محمد بن سلمان، وادعاء عون هذه الدالة حينها، وعلى تهافتها، هو ما يحتاجه راهناً عوني هو في صلب تياره السياسي، لكنه لا يملك وزناً سياسياً كالذي أنقذ سعد الحريري في أيامه العصيبة. وهو اختبار لرئيس جمهورية لبنان في قدرته على استعادة مواطن لبناني، ولو مبتذِل، من إقامة قسرية إلى وطن لطالما كان فيه سمير صفير دليلنا إلى التفاهة العونية التي تستظل حرية الرأي، ونرغم نحن اللبنانيين الذين نصاب بها على هضمها، وحينها عل الأقل ستكتسب أشهر أغاني سمير صفير في قديسه معناها. 

  يوماً ما غنى سمير صفير لميشال عون “وحدك على وعدك بتضل بالساحة ملك”، وصاحب الأغنية يعيش راهناً بين وعد ملِكِه وغياهب المملكة.

إقرأوا أيضاً:

جلبير الأشقر - كاتب وأكاديمي لبناني | 06.05.2024

بحجة “اللاساميّة” تترافق إبادة شعب فلسطين مع محاولة إبادة قضيّته 

ظهور حركة جماهيرية متعاطفة مع القضية الفلسطينية في الغرب، لا سيما في عقر دار القوة العظمى التي لولاها لما كانت الدولة الصهيونية قادرة على خوض حرب الإبادة الراهنة، يشكّل تطوراً مقلقاً للغاية في نظر اللوبي المؤيد لإسرائيل.