fbpx

أفلام إيليا سليمان تعود لتربك الواقع: السينما تحدث أمامنا الآن!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تُنقل افلام ايليا سليمان إلى مشاهد واقعية من يوميات الفلسطينيين في انتفاضتهم الجديدة ضد الاحتلال…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في فيلمه “يد الهية” استوحى ايليا سليمان من فيلم “المصفوفة” Matrix الشهير، بعض المشاهد “السوريالية” ليصور قدرة المقاومة الفلسطينية شبه المجردة من الأسلحة في مواجهة الرصاص. قدرات خارقة للمقاومة الفلسطينية الملثمة بالكوفية في إيقاف الرصاص وفي “الطيران” لتفاديه، تماماً كما يفعل “المختار”(كيانو ريفز) في “المصفوفة”. في “المصفوفة” المختار رجل. في “يد الهية” يختارها ايليا سليمان امرأة جميلة ملثّمة تواجه جيشاً من المسلّحين، وتستطيع بالكوفية ان تهزمهم. 

تحرر الكوفية الوجه الجميل وتطير لتمارس دورها في “سحب” اسلحة الأعداء. شيء من اسطرة القضية الفلسطينية، الأنثى الثائرة، القادرة دائماً على القفز فوق جدران المنطق. يفعل ذلك في الفيلم نفسه حينما يركض ويقفز بالعصا(بالزانة) فوق جدار الفصل العنصري. الفيلم من إنتاج العام 2002 أي أنه أتى في خضمّ الانتفاضة الثانية التي انطلقت في العام 2000 وانتهت عملياً في العام 2005. فيه ينطلق سليمان من قصة حبه، هو الذي جعل أفلامه بمثابة سيرة ذاتية تحكي ذكرياته وآلامه، المعكوسة في مرآة شعبه، الذي يهان ويعذب على الحواجز الاسرائيلية، لكن بالون حب ايليا، يطير وعليه صورة ياسر عرفات، كرمز للقضية الفلسطينية، ويعبر الحدود والحواجز ويعلو فوق قدرة الجنود الإسرائيليين على التقاطه وضبطه. 

هذا تماماً ما حدث مع مجموعة من الجنود الاسرائيليين الذين كانوا يحاولون انزال بالونات بألوان العلم الفلسطيني باستخدام “سلّم” من أحد اعتصامات حي الشيخ جراح. كل من شاهد فيلم “يد الهية” ربط بين مشهد البالون في الفيلم وبين محاولة الجنود الاسرائيليين الوصول إلى البالونات في مشهد مصوّر بكاميرا هاتف الخلوي في حي الشيخ جراح.

تُنقل افلام ايليا سليمان إلى مشاهد واقعية من يوميات الفلسطينيين في انتفاضتهم الجديدة ضد الاحتلال. لوهلة كانت تبدو افلام إيليا سليمان ترميزية، ومشاهدها فيها شيء من السوريالية، كأن يرمي إيليا سليمان في “يد الهية” بذرة ثمرة بعد أكلها من نافذة سيارته وهو يقودها، على دبابة إسرائيلية فيفجّرها ويدمرها تدميراً كاملاً. 

البذرة هي الأساس. هي الأصل الذي لا يمكن هزيمته، مهما صغر حجمه، ومهما بدا هزيلاً، ومنزوع القدرة على التدمير. بذرة القضية الفلسطينية قادرة في أية لحظة أن تقلب الموازين، كما حدث تماماً في حي الشيخ جراح. البذرة هناك هي التي دمّرت الآلة العسكرية الاسرائيلية المتجبّرة. ويحار المرء هل الواقع يلحق السينما، بعد أن تخترعه، أم أن السينما تستمد المشاهد اللامعقولة والسوريالية من الواقع؟ تتداخل السينما مع الواقع في خليط مربك: في احدى التظاهرات الفلسطينية يقوم شاب بالاستيلاء على جهاز لاسلكي من الشرطة ويستخدمه لمخاطبتهم بالعبرية مهدداً إياهم بأن أبو عبيدة في طريقه إليهم. هذه الحادثة تتطابق مع مشهد من فيلم إيليا سليمان “سجل اختفاء”(1996) عندما تقوم عدن، احدى شخصيات الفيلم، بالاستيلاء على جهاز لاسلكي للشرطة وتستخدمه لتأمر عناصر الشرطة بالتجول بالقدس ثم إخلائها. المقارنة حضرت لدى من يتابعون افلام سليمان، وجرى تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي. 

أيضاً مشهد آخر مقتطع من افلام ايليا سليمان لاقى انتشاراً واسعاً أثناء المواجهات: سائحة اجنبية تائهة تسأل جندياً اسرائيلياً عن مكان تقصده في القدس. لا يستطيع الجندي المحتل ان يدلها. يذهب إلى “البوكس” العسكري حيث يحتجز شاباً فلسطينياً مكبلاً ومعصوب العينين. يحضره إلى السائحة. يدلها إلى مقصدها “على العميانة”. يدلها عبر ثلاثة طرق للوصول إلى حيث تريد. المشهد يأتي في عمق أزمة الاستيطان ومصادرة بيوت المقدسيين وتهجيرهم. سكان القدس ادرى بشعابها، ولو كانوا مكبلين بالأصفاد ومعصوبي العينين. فيما يبدو المحتل “سائحاً” وتائهاً.

بمبادرة من “المعهد العربي للسينما والإعلام”، تتاح افلام ايليا سليمان جميعها مجاناً على منصة الكترونية، طوال عشرة أيام حتى نهاية هذا الشهر، بما في ذلك “سجل اختفاء” و”يد الهية” و”الزمن الباقي” التي يحاكيها الواقع او تحاكيه، حدّ التماهي المدهش، وكأن السينما تحدث أمامنا الآن.

في “الزمن الباقي”(2009) مشهد لصبي يبيع الجرائد ينادي “الوطن بشيكل، وكل العرب ببلاش”. والد ايليا في الفيلم الذي يحكي سيرته الذاتية، يطلب من بائع الجرائد ان يعطيه “الوطن”(الجريدة) ويمد يده إلى جيبه ليدفع له شيكل. يبحث الصبي بين الجرائد في يديه ويقول لوالد ايليا: “بطّل في وطن… باقي كل العرب”. ويعطيه الجريدة المجانية “كل العرب”، ويمضي وهو ينادي: “كل العرب ببلاش… كل العرب ببلاش”!

إقرأوا أيضاً: