fbpx

السطر الأخير في سيرة نوري المالكي

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

نوري المالكي الذي استثمر طويلاً في محاولة الظهور كزعيم وطني في بلد منقسم دموياً، كان قد سرّب ما في عقله مراراً وفشل في إخفاء هوسه بتاريخ العنف الديني وعقيدته المأسورة بالملاحم والفتن.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

على مدى سنوات، احتاط نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي الأسبق، من شرب فنجان قهوة عندما يستضيفه زعيم سياسي حليف خشية الاغتيال بالسمّ، فكيف تخلّصَ اليوم من “وسواسه القهري” أمام مجموعة مجهولة تسجل حديثاً نادراً عن صنع صواريخ عابرة للقارات، وتستعد لثورةٍ تقلب موازين العراق؟

التسجيل الصوتي المسرّب على دفعات والذي انتشر في الأسابيع الماضية قبل أن يُطلق كاملاً بـ 48 دقيقة، سرّب عقل المالكي كاملاً إلى الفضاء العام،  وأكمل ملامح زعيم بنى مجده بضرب “جيش المهدي”، الميليشيا التابعة لمقتدى الصدر، عام 2008، ليخسر رصيده السياسي بعد 3 دورات برلمانية قضاها زعيم الدعوة الإسلامية في مصارعة الجميع ليقضي صريعاً على يد التيار الصدري.

ما سمعه الجمهور من المالكي في التسريب لم يكن خارج نطاق المألوف من أحاديثه على مدار عقدين، لكن انفلات أعصابه كشف حجم الانهيار النفسي الذي أصابه، إلى درجة أن فكرة مجنونة كاحتلال النجف باستخدام مجموعة مسلحة، بدت على لسان المالكي “منطقية وحاسمة”.

في واحدة من أبرز العبارات التي تفسّر المقامرات والمخاطرات التي طبعت سيرة المالكي السياسية، وهو يُفرط في جعل التاريخ دليلاً على أوهامه، يقول لجلّاسه المجهولين: “أشعر بالطمأنينة حين استمع لشباب يضعون اليد على السلاح وفي عقولهم وعي لما يحاك (…) الإمام علي حين حمل السلاح وذبح 20 ألف شخص في معركة صفّين(المواجهة المسلّحة بين علي بن ابي طالب ومعاوية بن ابي سفيان) كان واعياً”.

وقبل التسريب، كان وعي المالكي متحفزاً لفكرة العودة إلى السلطة، واستعادة المجد، استغلالا لفرصة ذهبية منحها له الصدر باستقالة 70 نائباً من البرلمان. بيئة المالكي كانت تبشر بانتهاء مواسم الخسارة وأن الوقت حان لتصحيح المسار. لقد بدا العراق منذ الإطاحة بالمالكي بلداً يتخلص من أعباء “محور المقاومة” في الشرق الأوسط، وهو بالنسبة للمالكي خطيئة لا تصحح إلّا بـ”صفين” ثانية. 

نوري المالكي الذي استثمر طويلاً في محاولة الظهور كزعيم وطني في بلد منقسم دموياً، كان قد سرّب ما في عقله مراراً وفشل في إخفاء هوسه بتاريخ العنف الديني وعقيدته المأسورة بالملاحم والفتن.

تسرب وعي المالكي أمام الجمهور حين غلبه إياد علاوي بمقعدين فقط في برلمان 2010، وبعد أقل من سنتين، لم يجد طريقة للاحتفال بجلاء الجيش الأميركي من العراق إلا بمحاولة إعدام نائب الرئيس السني طارق الهاشمي بتهمة الإرهاب. ولم يمر عام واحد حتى حاصر رافع العيساوي، وزير المالية يومذاك وهو قيادي سني بارز، من دون أن يجد تبريراً لهذه الصراعات إلا بتسريب ولعه بتاريخ الملاحم والفتن، وقال حينها، إنها “مواجهة بين معسكر الحسين ومعسكر يزيد بن معاوية”.

لكن وعي “صفين” يختفي حين يصل الحوار بين الجلساء المجهولين إلى طلب التمويل. يقول أحدهم للمالكي: “يا حاج.. لدينا القدرة على صنع الصواريخ العابرة للقارات (…) مشروعنا يتجاوز العراق إلى العالم، لكننا بحاجة إلى نثرية (مصاريف) وغطاء”. 

المال هو الذروة السردية في التسريب، يتطابق مع وصف شائع للمالكي وهو خارج السلطة، بأن ما تبقى من قوته يتمثّل في أنه الأكثر ثراء بين الفاسدين في العراق، وخطورته تكمن في قدرته على تضخيم سوق الخارجين عن القانون والسلاح المؤجر. 

بعد عقدين من المصارعة، يعثر الصدر على السطر الأخير في سيرة المالكي؛ زعيم التيار يخاطب المحكمة العليا، سببان لسحب أهلية الحكم من المالكي: لا يتولى أمر بغداد رجل يخدعه فصيل مجهول، ولا من يرى في الاعتدال السياسي خيانة وجبناً.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.