fbpx

الحرب على غزة: لبيد هو من أعطى الأمر بقتل آلاء

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

كانوا يعرفون أن طفلة اسمها آلاء وعمرها خمس سنوات تقيم في الشقة المجاورة مع عائلتها، ومعلومة من هذا النوع يجب ان لا تخفى عن رئيس الحكومة. حياة آلاء ليست جزءاً من حسابات لبيد. 

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 يائير لبيد هو من أعطى الأمر بإطلاق الصاروخ على منزل القائد في حركة الجهاد الإسلامي تيسير الجعبري في مدينة غزة، والذي أدى إلى مقتل الأخير. هذا الصاروخ كان بمثابة صفارة إطلاق لمواجهات ستستمر أياماً، وإطلاقه ما كان يمكن أن يحصل من دون قرارِ من المستوى السياسي الإسرائيلي، أي الحكومة المصغرة. 

الجنرالات شرحوا للبيد تفاصيل الهجوم، ومن المؤكد أنهم أفاضوا في دقة الاستهداف، وعرضوا تفاصيل عن تعقبهم الجعبري إلى منزله واستطلاعهم تنقله بين غرف المنزل، وأن الصاروخ سيصيبه في غرفة محددة. 

كانوا يعرفون أن طفلة اسمها آلاء وعمرها خمس سنوات تقيم في الشقة المجاورة مع عائلتها، ومعلومة من هذا النوع يجب ان لا تخفى عن رئيس الحكومة. حياة آلاء ليست جزءاً من حسابات لبيد. 

قد يكون هذا الاستنتاج سخيفاً في ظل حرب قتلت حتى الآن 33 فلسطينياً، لكن العودة إلى ما أحاط بصفارة إطلاق الحرب على قطاع غزة تضعنا وجهاً لوجه أمام الشرط الإسرائيلي للمواجهة. لا قيمة لقتل طفلة على هامش هدف بحجم الجعبري!

قبل أيام قليلة من قتل آلاء نشر البيت الأبيض تفاصيل قتل مسيرة أميركية أيمن الظواهري في كابول. وحرص على التأكيد على أن الرئيس الأميركي جو بايدن شدد على أن الصاروخ يجب أن لا يصيب غير الهدف، وعلى أن تبقى عائلة الظواهري المقيمة في المنزل خارج دائرة الاستهداف! استعادة هذه الواقعة لا تهدف إلى الإشارة إلى “نظافة الكف الأميركية”، فالجيش الأميركي لطالما قتل أبرياء في هجماته، إنما للإشارة إلى أن تحييد المدنيين والأبرياء صار ممكناً، وصار جزءاً من حملة تسويق ادعاءات المعتدي. ومن الواضح أن هذا ليس من هموم إسرائيل. 

غزة هي الشرط الإسرائيلي لمنع الحل العادل للقضية الفلسطينية. والحرب التي اشتعلت قبل ثلاثة أيام لم تكن امتداداً لاحتقان شهده شمالي القطاع على ما يحصل عادة. صاروخ أطلق من خارج سياق أي مواجهة. أي شيء في غزة هو مشروع هدف في أي لحظة، ومن خارج أي مواجهة. هذه المعادلة جرى إرساؤها على مدى أكثر من 15 عاماً. وإسرائيل هي من اشتغلها من ألفها إلى يائها. سلطة حماس لم تكن أكثر من مستجيبة لهذا الشرط، ومستقبلة للرغبة في جعل المواجهة صيغة من صيغ هذا الستاتيكو. حالة حرب دائمة في مساحة ضيقة ومكشوفة ومرصودة من البر والبحر والجو.

نحو مليونين ونصف المليون فلسطيني يقيمون في مساحة شبه صحراوية لا يتعدى طولها 40 كيلومتراً! وهم محاصرون بالكامل، من جهة بمعبر كرم أبو سالم شبه المقفل ومن الجانب الإسرائيلي، ومن جهة أخرى بمعبر رفح شبه المقفل من الجانب المصري. لا كهرباء ولا ماء إلا وفق مزاج الاسرائيليين، ولا طبابة إلا ما تتيحه المستشفيات الفقيرة والأطباء النادرون. معدلات الفقر والبطالة هي من الأعلى في العالم، والحروب الإسرائيلية المتناسلة خلفت أجيالاً من المصابين. الـ”تروما” هي السمة الأولى لتشخيص المتخصصين لأحوال الأطفال، والهجرة هي طموح الفتية والمراهقين. إنها الوصفة النموذجية التي قدمتها إسرائيل لتعليق السلام، ولنفي وجود الشريك. وهي أيضاً الوصفة النموذجية لتحول غزة من مكان للعيش إلى مكان لانتظار الحرب والموت، وفي أحسن الأحوال الهرب.

الحروب هي وسيلة الغزيين لتحقيب حيواتهم. فمن ولد قبل أو بعد حرب العام 2009 أتيح له أن يشهد حرب العام 2014 طفلاً، وحرب العام 2020 فتاً، وها هو اليوم أمام حرب جديدة وهو على أبواب المراهقة. ولكل حرب من هذه الحروب ندوبها في جسمه وفي وجدانه. هذا الواقع لم ينعقد كقضاء وقدر، لقد جرى التخطيط له، وجرت عمليات لتكثيفه وتخصيبه، وله وظيفة ومهمة تتمثلان في منع حل عادل للقضية الفلسطينية. 

إسرائيل، حكومة وكنيستاً وأحزاباً، لا تريد حلاً عادلاً للقضية الفلسطينية، لا بل لا تريد حتى حلاً غير عادل لها. تخوض مع فلسطيني غزة حروباً متواصلة وتمارس عليهم حصاراً قاتلاً، ومع فلسطيني القدس والضفة الغربية حرباً استيطانية التهمت خلالها ما يقرب من نصف المساحات، وتمارس مع فلسطيني الداخل تمييزاً لا يقل عن الحصار. تعيدنا كل هذه المؤشرات إلى حقيقة واحدة وهو أننا حيال دولة غير راغبة بوجود الفلسطينيين. وإذا أردنا أن نتوقع أفعال من يضع أمام ناظريه مهمة من هذا النوع، علينا أن نستعيد الحقيقة التي شهدناها في غزة قبل ثلاثة أيام. مهمة الصاروخ الذي أعطى لبيد الأمر بإطلاقه هي قتل آلاء مثلما هي مهمته قتل الجعبري.

يبقى أن حقيقة واحدة ستعيق المهمة الإسرائيلية، وستجعل منها ضرباً من الجنون. عدد الفلسطينيين بين غزة والضفة والداخل يبلغ أكثر من ستة ملايين، ولن يكون عاقلاً من لا يطمح للبحث عن صيغة للعلاقة مع هؤلاء وعن مستقبل لعلاقة لا تنطوي على حل عادل. “الترانسفير” لم يعد ممكناً، وإسرائيل التي تنتخب أحزابها في سياق تلك المهمة (الحروب المتواصلة)، لن تحقق لها جريمة بحجم قتل آلاء إلا مستقبلاً قاتماً.   

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.