fbpx

“الأسد إرهابي وأردوغان كاذب”
سوريا وتركيا “عناقٌ” مرتقب بعد عداء طويل

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يبدو أن الدول التي دعمت المعارضة بشكل صريح وجدت نفسها أمام حقيقة لم تحسب لها حساب: بقي الأسد في الحكم، وبعد 11 عاماً، لا بدّ من مراجعة الكثير من الحسابات على الساحة السياسية ووضع الجانب الإنساني للأزمة السورية جانباً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“الأسد إرهابي فظيع مارس إرهاب الدولة”، بهذه الكلمات وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشار الأسد قبل نحو خمسة أعوام خلال زيارة له إلى تونس. لم يتوقف الرئيسان السوري والتركي عن تبادل الشتائم والاتهامات منذ بداية الثورة السورية إذ وصف الأسد أردوغان بالكاذب عام 2013 حين قال: “اردوغان لم يقل كلمة صدق واحدة منذ بدأت الأزمة في سوريا”، في مقطع نشر على صفحة الرئاسة السورية على فيسبوك كما وصفه بـ”الاخونجي”. من جانبه قال أردوغان أنه لا يمكن أبداً مواصلة الطريق مع بشار الأسد في سوريا لأنه لا يمكن المُضي مع شخص قتل قرابة مليون مواطن من شعبه. وفي ظل هذا العداء الطويل تلوح في الأفق مبادرات صلح قد تنجح وقد تفشل بين البلدين، فهل يصافح الرئيسان بعضهما بعد كل هذا العداء؟

ملامح التقارب التركي – السوري

يمكن القول إن عام 2022 هو عام تعويم نظام الأسد. سيكون أهم إنجاز لنظام الأسد في هذه المنطقة هو التمكن من استعادة مقعده في جامعة الدول العربية إذ يبدو حتى أن الدول التي دعمت المعارضة بشكل صريح وجدت نفسها أمام حقيقة لم تحسب لها حساب: بقي الأسد في الحكم، وبعد 11 عاماً، لا بدّ من مراجعة الكثير من الحسابات على الساحة السياسية ووضع الجانب الإنساني للأزمة السورية جانباً.

تركيا هي أحد اللاعبين الأساسيين في سوريا، خصوصاً فيما يتعلق بالجانب الجغرافي، إذ سعت على الدوام إلى ما سمّته منطقة آمنة على طول الحدود السورية بهدف إبعاد تهديد حزب العمال الكردستاني وداعش. في السنوات الأخيرة تزايدت دعوات المعارضة التركية إلى المصالحة بين تركيا وسوريا مع تزايد العداء التركي لما يقرب من أربعة ملايين لاجئ سوري في البلاد. 

وعلى الرغم من أن تغير لهجة الخطاب التركي السوري لم يبدأ من رأس الهرم، أردوغان، إنما من مصادر مقربة وصحف تركية مختلفة، مع ذلك، فهو يشير إلى توافق ضمني يحتاج فقط إلى دفعة صغيرة. وقد صدم وزير الخارجية التركية، مولود تشاووش أوغلو، يوم الخميس الماضي، المعارضة السورية، حين قال إنه بات من الضروري تحقيق مصالحة بين المعارضة والنظام في سوريا، بطريقة ما، وقال: “لن يكون هناك سلام في سوريا دون تحقيق المصالحة”، مؤكداً أنه التقى قبل عشرة أشهر نظيره السوري، فيصل مقداد على هامش اجتماع ” حركة عدم الانحياز”. 

جاء التصريح كصفعة على وجه المعارضة التي طالما استشهدت بتركيا كحليف أساسي في حربها ضد بشار الأسد، خرجت بعدها عشرات التظاهرات في ريف حلب الشمالي ومدينة إدلب منددةً بتصريحات وزير الخارجية التركي، كما صدرت دعوات لتنظيم أخرى عقب صلاة يوم الجمعة، لتصدر وزارة الخارجية التركية تصريحاً يوضح ما قاله تشاووش أوغلو.

وجاء الرد التركي ليؤكد دور تركيا الرائد في وقف إطلاق النار على الأرض، بالإضافة إلى أهميته في تشكيل اللجنة الدستورية كما أشار إلى الدور التركي في تقديم الحماية المؤقتة لملايين السوريين، لذا فهي ستواصل الإسهام الفعال في الجهود المبذولة لتهيئة الظروف المناسبة للعودة الطوعية والآمنة للاجئين وإيجاد حل النزاع. ولم يأت البيان على ذكر تغيير النظام أو إسقاط حكم الأسد، وهذا يعني بطبيعة الحال قبولاً غير معلن به. من جهة أخرى تعود تركيا لتلعب إحدى أكثر أوراقها قوة وهي ملف اللاجئين السوريين على أراضيها.

شروط التوافق تظهر من تلقاء نفسها

أما على الصعيد التركي – الروسي فتحسّنت العلاقات بين البلدين مع الحرب على أوكرانيا وغدت روسيا نقطة ارتكاز لكل من سوريا وتركيا وهذا ربما ما ساهم في التقارب المفترض، فاقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على نظيره التركي أن يعمل مع الحكومة السورية لطرد مقاتلي حماية الشعب الكردية، إذاً تحاول روسيا لعب دورٍ مهمٍ كوسيط في تقريب سوريا وتركيا كشريكين محتملين وهو الأمر الذي سيكون انتصاراً دبلوماسياً لموسكو، إذ أن هذا التحالف سيكون ذو أهمية جيواستراتيجية، والذي من شأنه أن يعمل أيضاً على توسيع وتقوية نفوذها.

الناس التي علقت آمالاً على الحليف التركي ضد النظام السوري ستجبر في مرحلة ما على الرضوخ لرغبة الطرف الأقوى، إذ لن يكون لديها أي حل فعلي في مواجهة قوة بلدين كسوريا وتركيا وستجبر مذعنة على مواجهة نظام الأسد بمفردها.

ليست روسيا اللاعب الوحيد في تعويم نظام الأسد. فعلى الصعيد العربي يعتقد المحلل السياسي التركي سينيم جنكيز أن شروط تركيا للتطبيع نقلت إلى دمشق خلال زيارة الرئيس السوري بشار الأسد للإمارات الشهر الماضي. جاء ذلك بعد شهر من عقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان محادثات في الإمارات وهكذا بدأت صورة التقارب المفترض تتوضّح، بخاصة بسبب الدور الأساسي للإمارات في أي تحسن مفترض في العلاقات بين تركيا وسوريا.

كل هذا يصب في مصالح أساسية للبلدين. فمن جانب، تريد تركيا القضاء على خطر حزب العمال الكردستاني ومن جهة أخرى يسعى نظام الأسد إلى إضعاف المعارضة في الشمال وهكذا تحضر شروط التطبيع من تلقاء نفسها دون أن يكون تحقيقها أمراً حتمياً.

لا أثر للمظاهرات على التقرب التركي – السوري

مع كل ما يجري، لن تكون التظاهرات المناوئة لهذا التقارب ذات أهمية. الناس التي علقت آمالاً على الحليف التركي ضد النظام السوري ستجبر في مرحلة ما على الرضوخ لرغبة الطرف الأقوى، إذ لن يكون لديها أي حل فعلي في مواجهة قوة بلدين كسوريا وتركيا وستجبر مذعنة على مواجهة نظام الأسد بمفردها إلا في حال سعت تركيا إلى صيغة تفاهمية بين النظام ومدن الشمال وهو أمر لن يحدث على المدى القريب على الإطلاق. 

الخاسر الأكبر إذاً سيكون الشعب السوري لأن نظام الأسد نفسه هو مصدر المشاكل ثم هناك المعارضة السورية وبخاصة المسلحة منها والتي تربطها بتركيا علاقات وثيقة. كيف سيتم التعامل معها على ضوء التطورات الجديدة؟ هل تحيّد تركيا ببساطة المعارضة المسلحة وتحرمها من المال والسلاح حتى تتلاشى تماماً؟ أم أنها ستكون ورقة ضغط على النظام السوري وضماناً للسنوات المقبلة؟

كل هذا يعني أن آخر آمال المعارضة السورية ستغدو في مهب الريح، وخروج الشعب ليس له تأثير على أرض الواقع وسيبقى محصوراً في خصوصية تعامل الناس مع التظاهرات، أي ممارسة نوع من الحرية المفترضة التي غابت خلال سنوات ما قبل الثورة. والخروج في وجه النظام ليس الشكل الوحيد للحرية التي اكتسبها السوريون على مر السنوات إنما الانتفاض في وجه أي داعم للنظام حتى لو كان حليفاً.

المعارضة السورية وبخاصة المسلحة من قبل تركيا باتت على المحك، فهي لا تريد خسارة تركيا ولا تستطيع في الوقت نفسه قبول أي مصالحة مع النظام لذلك قد يكون انهيارها وشيكاً.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.