fbpx

تحقيق “سجن جورين للاستعباد الجنسي في سوريا”:
ملاحظات من منظمات حقوقية سورية وتعقيبٌ عليها

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

تلقى “درج” رسالة من منظمات حقوقية سورية تحمل ملاحظات بشأن تحقيق سبق أن نشره الموقع. هنا ننشر نص رسالة المجموعات والتعقيب عليها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بعد نشر كلّ من موقع “درج” ومنصة “صوت” وموقع “سراج” بالتزامن بتاريخ 19 أيلول/ سبتمبر 2022 تحقيقاً صحافياً بعنوان: سجن جورين للاستعباد الجنسي في سوريا.. شهادات ناجيات من جهنم.  الذي ينشر شهادات لحالات انتهاك جنسي في سجن جورين السوري، وصلتنا رسالة من عدة منظمات حقوقية سورية تحمل ملاحظات على التحقيق. 

والتزاماً منا بمسؤوليتنا عن التحقيق واقتناعاً بضرورة فتح النقاش حول الانتهاكات البالغة في الحالة السورية ننشر ملاحظات المجموعات الحقوقية مع تعقيب مفصل عليها.


نص الرسالة

نرغب في هذه الرسالة تسجيل موقفنا من التحقيق المذكور من موقعنا كمؤسسات سورية ذات صفة حقوقية وروابط ضحايا سوريين يشكّل توثيق انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي المرتكبة في سوريا جزءاً أساسياً من عملها، كما يشكل السعي الحثيث من أجل الوصول إلى العدالة والإنصاف في سوريا هدف عملها.

 كما في كل ملف من ملفات المأساة السورية المستمرة، لعب الاستقطاب السياسي المحلي والإقليمي والدولي دوراً كبيراً في عملية التضليل والدعاية والعبث بالأدلة والوقائع، وطال كل هذا أيضاً ملفات انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.
نحن في مؤسساتنا نعتقد أننا نتشارك مع كلّ من “موقع درج” و”منصة صوت”، من ضمن مروحة أوسع من المؤسسات الحقوقية والمنصات الإعلامية المستقلة على حد سواء، الحرص على الدقّة والتحقق من البيانات قبل نشرها أو إعلانها بأي صيغة. وأننا جميعاً ومعاً، نعطي الأولوية القصوى لصالح الحقيقة والعدالة ضمن مقاربة تنصف الضحايا ورواياتهم. هذا يعني أننا نعتقد أن تقاريرنا وموادنا الصحفية والحقوقية يجب أن تكون معتمدة على مجموعة معقولة من الأدلة الظرفية والمباشرة التي تم التحقق منها وتدقيقها، كي لا تتسبب هذه المواد بأي أضرار لاحقة قد تبدو جانبية لكنها بالغة الأثر على فئات واسعة من الضحايا تجعلهم يدفعون ثمناً مضاعفاً، مرّة عبر الانتهاكات التي وقعت مباشرة عليهم من قبل الجناة، ومرة أخرى عبر نشرنا انتهاكات لم يجر التثبت من وقوعها بالشكل المطلوب في حين أنّ عملية نشرها تشكل وصمة مجتمعية خطيرة سوف تلازم الضحايا في كل حين.

لقد قرأنا وتابعنا مادتكم الإعلامية المذكورة حول مركز احتجاز جورين بعين متفحصة ومهتمة، حيث شكل المركز المذكور لفترة طويلة محور اهتمام للعديد من الأبحاث حوله نظراً لنوع الانتهاكات التي ميزته كبؤرة للخطف والاعتداء الجنسي بغرض الانتقام الطائفي. كانت مادتكم المشار إليها أعلاه، موضوعاً لنقاش معمق بيننا أفراداً ومؤسسات، وخلصنا إلى نتيجة مفادها الرغبة في مخاطبتكم عبر هذه الرسالة والطلب منكم نشرها على مواقعكم في مكان واضح أسوة بالمادة المذكورة، ومشاركتها على حساباتكم على السوشيال ميديا، عملاً بحق التوضيح والنقاش في قضية عامة نشعر أن جميعنا معنيون بها.

إننا في المؤسسات المشاركة في هذه الرسالة، وبناء على خبراتنا ومعرفتنا بالسياق السوري وفهمنا ودراستنا لمستويات متعددة من انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا قبل عام 2011 كما بعده، واستعراضنا أنماطاً متنوعة من العنف الجنسي والجنساني من خلال تقارير محلية ودولية متواترة تناولت مختلف أنماط هذه الانتهاكات، وهذه التقارير مجتمعة كانت اعتمدت على آلاف من الشهادات والمقابلات وتعاملت معها تحليلاً وتدقيقاً، فإننا نعتقد التالي:

1- تطرح المادة الصحافية المذكورة انتهاكاً وممارسة خطيرتن بحق المعتقلات والناجيات من الاعتقال في السجون السورية الرسمية وأماكن الاحتجاز غير الرسمية عبر الاتجار بأجسادهن. وهو برأينا انتهاك غير مثبت في المادة نفسها ولم يعتمد على عرض موسّع للشهادات أو أدلة ووقائع إثبات كافية تجعل المادة جديرة بإعلانها على الملأ والمخاطرة بوصمة مجتمعية خطيرة بحق ضحايا الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري في سوريا دون تثبّت أو توثيق.

2- إن المادة الصحافية بنسختيها المكتوبة والصوتية تعرض وقائع متناقضة حول الجاني ثم تعمد إلى إغفال هويته بشكل تام. فهو تارة “ضابط سوري برتبة مقدم وأحد المشرفين على الزنازين ويعمل مع قوات الدفاع الوطني” في نص التحقيق المكتوب، ثم “ليس عنصر أمن أو ضابطاً، كان يعمل قبل الثورة كتاجر للحبوب …. لم يحصل على الشهادة الإعدادية، شكل عام 2011 مجموعة مقاتلة” في بوست لكاتب التحقيق على صفحته في “فيسبوك“. إن التباساً من هذا المستوى لا يبعث على الثقة في عملية جمع الشهادات وآليات التحقق التي اتبعها معدو التحقيق. لقد قمنا بعملية تحقق من هوية المذكور في التحقيق وتبين أنه لا يحمل أي صفة رسمية أو رتبة عسكرية ومن غير المفهوم لدينا أن تقع المادة المذكورة في هكذا خطأ جوهري سوف يقود للسؤال حول صلاحيات هذا الشخص التي تجعله يستطيع إخراج معتقلات من السجن ثم إعادتهن إليه في وقت لاحق!

3- إن طبيعة الانتهاك المشار إليه بشكل رئيس في التحقيق بخصوص (الاستعباد الجنسي) لا يقدم أي شرح لحدث بالغ الغرابة كإخراج معتقلة من مركز احتجاز شديد الحراسة كسجن جورين ونقلها خارجه ثم إعادتها مجدداً. ثم يشير إلى مسؤولية متورط واحد ملتبس الهوية (كما أشرنا في النقطة السابقة) دون أن يلحظ معدو التحقيق الصحفي أن ترتيب أمر كهذا يجب أن يمر موضوعياً عبر شبكة واسعة من الضباط والحراس المسؤولين عن السجن، هذا إن كان ممكناً فعلاً. ودون أن يتم طرح سؤال حول الجدوى المالية الفعلية من هكذا مخاطرة لمجموعة من الضباط المسؤولين (إن وجدوا) في وقت يمارس فيه المسؤولون عن مراكز الاحتجاز مختلف أنواع الابتزاز المالي لأهالي المعتقلين وفرض الأتاوات على الحواجز العسكرية التي تعود عليهم بإيرادات مالية ضخمة.

4- نعتقد أن الحذر والدقة هنا واجبان عند التمييز بين انتهاكين يقعان ضمن تصنيف العنف الجنسي: الاستعباد الجنسي بمعنى البغاء القسري أو الإكراه على البغاء، بما يتضمن الاستثمار المالي في أجساد المعتقلين والمعتقلات الذي تطرحه مادتكم الإعلامية من جهة، ثم ممارسة الاغتصاب بغرض الإذلال بناء على الهوية الطائفية من جهة أخرى، وهو ما ميز مركز احتجاز جورين لفترة طويلة حيث كان يسجل فيه ارتفاعٌ في ممارسة هذا النوع من الانتهاكات بالتزامن مع تطورات عسكرية ميدانية محيطة بالموقع المذكور كاستجابة غريزية مسعورة لها بغرض تقصد إلحاق الإهانة بهوية طائفية محددة.

5- إن المادة الإعلامية المذكورة تضعنا أمام معضلة أخلاقية كبرى في حال قررنا الخوض في نقاش الشهادات الواردة في التحقيق علناً، وهو ما لن نخوض فيه هنا بأي حال. كنا نهيب بمعدي التحقيق وناشريه أن يتنبهوا لمسألة التحقيق في الشهادات والتثبت منها قبلاً. حيث يصار في حالات كهذه إلى عرض الشهادات على خبراء محترفين أو مؤسسات متخصصة وضمن بروتوكولات ملزمة وبالغة الصرامة حول خصوصية البيانات، وذلك بغرض النظر فيها وتحليلها ومقارنتها وتدقيقها قبل الوصول إلى خلاصات معدة للنشر.

 إن العنف الجنسي والجنساني ضد فئات مختلفة من المجتمع السوري كان لوقت طويل جزءاً أساسياً من الانتهاكات ضد المعتقلين والمختطفين والمختفين قسراً في سوريا، ومن قبل مرتكبين مختلفين يأتي النظام السوري على رأسهم سواء من حيث كمّ الانتهاكات المرتكبة أو نوعها وتصنيفها.

لقد شكّل، ويشكّل، عملنا جزءاً من عمل المجتمع السوري وممثليه وهيئات دولية ذات صلة، على توثيق هذه الانتهاكات وتصنيفها وتحليلها واختبارها ضمن سياقات مختلفة وإظهار مدى منهجيتها من عدمه، ذلك سعياً للوصول إلى جميع المرتكبين وإنصاف الضحايا والناجين أمام محاكم وآليات عدالة عادلة. في مسار عملنا هذا نستدل بالحقيقة والوقائع والأدلة. لا ننفي ما هو غير مثبت، بل نسعى لمزيد من التحقق والتثبت منه عبر التحليل والتمحيص والمقابلات وجمع البيانات والأدلة الظرفية واستخدام الاستدلال، وكذلك الأدلة المباشرة والتأكيد القطعي عندما يكون هذا متاحاً.

نحن في المؤسسات والروابط التي تشارككم رؤيتها في هذه الرسالة، نهيب بكل من موقع درج ومنصة صوت التراجع عن نشر هذه المادة على وجه السرعة والحد من الأضرار التي حدثت بالفعل عند النشر من خلال المخاطرة بإطلاق وصمة اجتماعية لضحايا الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري في سوريا والإضرار بمصداقية السردية السورية الخاصة بالناجين والناجيات من أتون أحد أبشع الجرائم ضد الإنسانية في منطقتنا والعالم. ونحن مجتمعين، نبدي استعدادنا التام للتعاون في عملية التحقق والتمحيص والتحليل للبيانات المتوفرة قبل أي عملية إعادة نشر لبيانات المادة المذكورة في وقت لاحق.

الموقعون:

الشبكة السورية لحقوق الإنسان

المركز السوري للعدالة والمساءلة 

رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا

عائلات من أجل الحرية

سوريون من أجل الحقيقة والعدالة

منظمة أورنامو للعدالة وحقوق الإنسان

منظمة العدالة من أجل الحياة

تعقيب “سراج”و”درج” و”صوت”

أولاً، نشكر الجهات الحقوقية التي أرسلت الرسالة ويهمنا التأكيد على أننا في “درج” و”صوت” و”سراج” نتعامل معها ببالغ الجدية والإيجابية.

من هنا نلفت الى  أهمية التعاون والتكامل بين عملنا الصحافي وبين العمل الحقوقي لجهة تثبيت الانتهاكات وتوثيقها. وبينما يتقاطع العمل الصحافي والحقوقي، لكن لكل منهما خصوصيته ايضاً.

نرغب في هذه الرسالة توضيح عدد من النقاط رداً على ما ورد في رسالتكم. وهنا سنجيب على النقاط الواردة بالتتابع:

ورد في رسالتكم:

” تطرح المادة الصحافية المذكورة انتهاكاً وممارسة خطيرتين بحق المعتقلات والناجيات من الاعتقال في السجون السورية الرسمية وأماكن الاحتجاز غير الرسمية عبر الاتجار بأجسادهن. وهو برأينا انتهاك غير مثبت في المادة نفسها ولم يعتمد على عرض موسّع للشهادات أو أدلة ووقائع إثبات كافية تجعل المادة جديرة بإعلانها على الملأ والمخاطرة بوصمة مجتمعية خطيرة بحق ضحايا الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري في سوريا دون تثبّت أو توثيق”.

التوضيح:

نحن مؤسسات صحافية نعطي الأولوية القصوى لمصلحة الحقيقة والعدالة ضمن مقاربة تنصف الضحايا ورواياتهم من خلال الإبلاغ عن أمر يهم الرأي العام وكشف ملابساته، أياً كانت طبيعة القضية طالما أن لها امتداداً للرأي العام وحقوق الإنسان وغيرها من القضايا العامة.

دورنا يختلف عن دور المنظمات الحقوقية وبخاصة منظمات حقوق الإنسان التي ترتب منهجية بحثها وعملها وخلاصة نتائجها بطريقة تختلف عن إعداد المادة الإعلامية أو التحقيق الصحافي الاستقصائي أو الريبورتاج الخ، إذ نهدف للإبلاغ عن حدث أو انتهاك أو ظاهرة بالاعتماد على الأدلة والبراهين والشهادات ومواجهة المتورطين والمسؤولين وهو أمر شائع في وسائل الإعلام الدولية، طالما أن الهدف هو الإبلاغ عن أحد انتهاكات حقوق الإنسان بغض النظر كون المؤسسات الحقوقية السورية قد سمعت عنه أو لم تسمع من قبل.
من الناحية البحثية بني التحقيق على 7 شهادات لسيدات ناجيات من مناطق جغرافية مختلفة تعرضن للاعتقال في سجن جورين. وكانت جميع الشهادات تتقاطع في نقطة مهمة وهي عملية تأجير أجساد النساء المعتقلات خارج أسوار سجن جورين في زمان ومكان محددين، واسم شخص محدد، وهو ما ذكر في متن التحقيق بشكل واضح وصريح “تمكّن صحافيون في الوحدة السورية للصحافة الاستقصائية السورية، سراج،  بالشراكة مع فريق صوت بودكاست، وموقع “درج” من الوصول إلى سبع حالات لسيدات ناجيات من سجون النظام السوري حيث تعرضن لانتهاكات جنسية بالغة في سجن جورين وسط سوريا بحسب ما ذكرن في شهاداتهن لمعدي التحقيق”. 

تم اختيار قصة ثلاث سيدات لعرضها في التحقيق وهي منهجية متبعة في كتابة التحقيقات الاستقصائية التي تختلف عن كتابة التقرير الحقوقي الذي يضع جميع الشهادات في التقرير، في حين أن التحقيق الصحافي يمكن أن يختار الشهادات عند تكرار مضمونها مع الاحتفاظ بالشهادة كاملة والوثائق المعنية بها. 

أيضاًَ لم نكتف بهذه الشهادات حيث تمت الاستعانة بباحثة من خارج الفريق والمؤسسات وهي باحثة ليست من “صوت” بودكاست أو “درج” و “سراج” (وهي معروفة ومشهود لها من قبلكم وعملت مع بعض المؤسسات الواردة أسماؤها في الرسالة). الباحثة عملت على إجراء خلاصة بحثية مكونة من 54 صفحة وتمكنت من الوصول إلى تفاصيل ومعلومات وشهود جدد لما ذكرته الناجيات في الشهادات. وشواهد إضافية على عمليات اتجار بأجساد المعتقلات في مراكز اعتقال أخرى ومصادر من منطقة سهل الغاب تعرَف عن دور (أ.ب) العسكري في المنطقة، ويمكن تزويدكم بنسخة عن خلاصة ما توصلت اليه ان رغبتم.

في منهجيتنا في هذا التحقيق التقينا أيضاً مع حقوقيين ونقلنا لهم ما ذكرت الناجيات في شهادتهن وطرحنا عليهم الانتهاك الذي نعمل عليه. 

ذكرنا في متن التحقيق بشكل واضح ومباشر ضمن اقتباس من مسؤولة ملف المعتقلين والمفقودين في المسار الرسمي في جنيف، أليس مفرّج حول ذلك بالقول: “الاستعباد الجنسي يتكرر عبر نهج الاغتصاب الواقع على النساء بالقسر والجبر من أجل القهر. وقد تم توثيق  الاستعباد الجنسي منذ عام 2012 وهو مؤشر واضح لما يحدث في السجون السرية في سوريا، وهذا ربما ينطبق أيضاً على سجن جورين باستخدام النساء لممارسة البغاء القسري، وهو ما يمكن وصفه بجريمة اقتصاد حرب، حيث لا يتم الضغط عليهن فقط من أجل إخضاع المجتمع، أو استخدامهن رهائن، بل أيضاً تتم بالاستفادة من هؤلاء المعتقلات بممارسة البغاء القسري من أجل تمرير ما يُسمى اقتصاد الحرب”.

وللتحقق من الشهادات التي قدمتها الناجيات من سجن معسكر جورين، عرضنا صورة المشتبه بتنظيم الاتجار والانتهاك الجنسي (أ.ب) على الناجيات في نطاق زماني ومكاني مختلفين وقد تعرفت الناجيتان ألاء ولينا، على صورة المشتبه به. إضافة إلى ذلك، كان لا بد من البحث عن شهادات إضافية وإتباع منهجية تحقق جديدة. كذلك تمكنا من الوصول إلى الممرضة التي كانت ترى وتسمع وتعالج الفتيات اللواتي يتعرضن “لانتهاكات جنسية واغتصاب في سجن جورين”. 

إضافة إلى ذلك، ذهبنا في هذا التحقيق لما هو أبعد من هذه الادعاءات بحق المتهم الأساسي وتواصلنا مع المتورط لمعرفة رأيه وإعطاءه حق الرد وبالتالي تأكيد الانتهاء أو نفيه بناء على ما ورد من معلومات وشهادات على لسان الناجيات وطلبنا منه بشكل مباشر معلومات حول سطوته العسكرية و نفوذه وصفته ومسؤوليته المباشرة عن ممارسة الانتهاك. لم يرد علينا برغم تلقي (أ.ب) الرسائل.

الحديث عن الوصمة الاجتماعية أخد مساحة كبيرة من المادة، خصوصاً في الحلقة الأولى والرابعة من البودكاست. نحن نعتقد أن هناك موازنة ضرورية ما بين حماية الضحايا والناجيات وما بين قول الحقيقة وهذا ما راعيناه في التحقيق لجهة إخفاء هوية الضحايا من دون التعتيم على ما تعرضن له.

نحن نؤمن بأن إغفال الشهادات التي حصلنا عليها سيكون محاولة إخفاء ما حصل في سجن جورين وقتل روايات وشهادات الضحايا من الناجيات السوريات اللواتي أبلغن عنها  حول الانتهاكات الخطيرة في عمليات استعباد جنسي من قبل متورط معروف الهوية في سجن محدد. نحن نعتقد أن الإبلاغ عن ما حصل في سجن جورين بحق نساء سوريات بطريقة منهجية استقصائية ونشر شهادتهن لكشف المتورط والمكان هو نوع من أنواع المحاسبة ويساعد المعتقلات الناجيات على إكمال حياتهن ويساهم في إنصاف الضحايا. 

ورد في رسالتكم:

“إن المادة الصحافية بنسختيها المكتوبة والصوتية تعرض وقائع متناقضة حول الجاني ثم تعمد إلى إغفال هويته بشكل تام. فهو تارة “ضابط سوري برتبة مقدم وأحد المشرفين على الزنازين ويعمل مع قوات الدفاع الوطني” في نص التحقيق المكتوب، ثم “ليس عنصر أمن أو ضابط، كان يعمل قبل الثورة كتاجر للحبوب …. لم يحصل على الشهادة الإعدادية، شكل عام 2011 مجموعة مقاتلة” في بوست لكاتب التحقيق على صفحته في “فيسبوك“. إن التباساً من هذا المستوى لا يبعث على الثقة في عملية جمع الشهادات وآليات التحقق التي اتبعها معدو التحقيق. لقد قمنا بعملية تحقق من هوية المذكور في التحقيق وتبين أنه لا يحمل أي صفة رسمية أو رتبة عسكرية ومن غير المفهوم لدينا أن تقع المادة المذكورة في هكذا خطأ جوهري سوف يقود للسؤال حول صلاحيات هذا الشخص التي تجعله يستطيع إخراج معتقلات من السجن ثم إعادتهم إليه في وقت لاحق!”.

التوضيح:

في بداية التحقيق لم تكن صفة (أ.ب) واضحة إلا أن الأدلة التي وصلنا إليها والمصادر التي اعتمدنا عليها تؤكد دوره العسكري. أيضاً أجمعت كل الشهادات السبع على اسم واحد متورط في هذا الانتهاك بشكل منتظم وذي سطوة في السجن، ويعمل على اخراج الناجيات من المعتقل لإجبارهن على ممارسة الجنس مقابل تربح مالي من أجساد المعتقلات بالاشتراك مع عناصر ومتورطين حيث يستمد قوته من وضعه العسكري مع النظام السوري (الدفاع الوطني) دون الغوص في التفاصيل الإدارية لهيكلية الأوامر.

من خلال شهادات الناجيات والمنشقين كان (أ.ب) المتورط الأساسي في هذه الانتهاكات وهو الآمر الناهي ومن أبرز المشرفين على الزنازين، وبحسب الشهادات فله صفة عسكرية في السجن ويعمل مع ميليشيا الدفاع الوطني.

كما جمعنا أدلة ومعلومات من مصادر مختلفة، إعلامية ومحليّة وناشطين في حقوق الإنسان، أكّدت على دور (أ.ب) في قوات “الشبيحة” أو ميليشيا الدفاع الوطني في منطقة سهل الغاب حينها. بعضهم ذكر أنّه “انتسب للمخابرات الجوية”.

كذلك أوضحنا بشكل مباشر وواضح في النسخة الصوتية من التحقيق، أنّنا لم نستطع تحديد صفة رسمية لـ(أ.ب) واكتفينا بالإشارة إلى الصفات التي وردت على لسان الناجيات بصفات مختلفة.

وفق ما توضّح الحلقة الثالثة من سلسلة “ماذا حدث في جورين؟”، وبعد التأكد من هوية  (أ.ب) وجمع المعلومات المتاحة عنه عبر الصفحات المرتبطة به على فيسبوك والعثور على رقمه ومنظمة خيرية مسجلة بأسمه، أرسلنا له رسالة مفصّلة على واتساب كفريق صحفي نطلب فيها توضيحاً حول دوره العسكري وفي المنطقة، وتبلغه بورود اسمه في شهادات ناجيات من المعسكر، واللاتي يتّهمنه بما ورد في التحقيق. وأرسلنا الرسالة نفسها إليه عبر ماسنجر “فيسبوك”، كما اتصلنا به عبر الهاتف.

بعد أشهر، أعدنا التواصل معه من خلال صفحة جمعية “نعيشها سوا” التي ترأّس مجلس إدارتها منذ أيلول/ سبتمبر 2021، وكان يدير صفحتها على “فيسبوك”. وبعد التأكد من أن (أ.ب) هو الذي يتلقى رسائلنا على الجانب الآخر من المحادثة، أبلغناه بمحاولاتنا التواصل معه من قبل دون رد، وأعدنا طرح أسئلة تتعلّق بدوره العسكري في سهل الغاب، لكنّه أنكر هويّته ثلاث مرات متتاليات قبل حظر الحساب الذي تواصلنا معه من خلاله. التفاصيل كلّها في الحلقة الثالثة كما سبق وذكرنا.

كما أرسلنا إلى وزارة الدفاع السورية ووزارة الداخلية السورية لطلب التعليق على صفة (أ.ب) وما يحصل من انتهاكات واستعباد جنسي في سجن جورين دون تلقينا أي رد، إلى اليوم.

كان لميليشيا الدفاع الوطني في سوريا ممارسة انتهاكات عدة. لديها صلاحيات وارتكبت مجازر من بينها عمليات قتل مباشرة وكسب المال والربح بطريقة غير مشروعة من المعتقلين وغيرهم من الضحايا السوريين رغم أن المتورطين لا يملكون صفة رسمية أو عسكرية.

ووثقت المنظمات التي وقعت على هذا الرسالة انتهاكات ميليشيات الدفاع الوطني سابقاً وأكدت أن لديها صلاحيات واسعة.

على سبيل المثال:  اعتمد مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل في وزارة الخارجية الأمريكية يوم الثلاثاء 12/ نيسان/ 2022، في تقرير عن حالة حقوق الإنسان لمختلف دول العالم في عام 2021، من بينها سوريا، وجاء تقرير سوريا في 79 صفحة، مشتملاً على تسجيل أنماطٍ متعددة من انتهاكات القانون الدولي بناء على معلومات الشبكة السورية لحقوق الإنسان.

أشار التقرير إلى أنَّ النظام السوري يمنح صلاحيات مُطلقة للأجهزة الأمنية والميليشيات التابعة له (مثل قوات الدفاع الوطني وغيرها)، فيما يمتلك نفوذاً محدوداً على المنظمات العسكرية أو شبه العسكرية الأجنبية الموالية له والعاملة في سوريا، وهو ما يشير بشكل واضح إلى السلطة التي تمتلكها ميليشيا الدفاع الوطني وبقسة الميليشيات.

في تقرير بعنوان في ذكرى مجرزة “الفان الشمالي” بحماه.. ما تزال المحاسبة غائبة (سوريون من أجل الحقيقة والعدالة) تشير بشكل واضح إلى مجزرتين ارتكبتهما ميليشيات الدفاع الوطني الموالية للحكومة السورية بحق عدد من أبناء قرية “الفان الشمالي” في ريف حماه، وراح ضحيتها 29 مدنياً، بينهم طفلان واعتقل على إثرها 17 مدنياً ما زال مصير عدد منهم مجهولاً حتى اللحظة، دون أي محاسبة، وهو ما يشير أيضاً إلى أن هذه الميليشيات تمتلك صلاحيات كبرى في ممارسة هذه الانتهاكات.

في دليل رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا بعنوان الاحتيال والابتزاز المالي  للمعتقلين والمختفين قسراً يشير الدليل إلى أن عمليات الاحتيال والابتزاز تتم من قبل رجال أمن ومخابرات وعناصر من الشبيحة والدفاع الوطني. وهو ما يشير إلى أن ميليشيا الدفاع الوطني لديها سلطة لجني المال والتربح بطرق مختلفة وممارسة الانتهاكات في السجون والمعتقلات السورية.

ورد أيضاً في رسالتكم:

“إن طبيعة الانتهاك المشار إليه بشكل رئيس في التحقيق بخصوص (الاستعباد الجنسي) لا يقدم أي شرح لحدث بالغ الغرابة كإخراج معتقلة من مركز احتجاز شديد الحراسة كسجن جورين ونقلها خارجه ثم إعادتها مجدداً. ثم يشير إلى مسؤولية متورط واحد ملتبس الهوية (كما أشرنا في النقطة السابقة) دون أن يلحظ معدو التحقيق الصحفي أن ترتيب أمر كهذا يجب أن يمر موضوعياً عبر شبكة واسعة من الضباط والحراس المسؤولين عن السجن، هذا إن كان ممكناً فعلاً. ودون أن يتم طرح سؤال حول الجدوى المالية الفعلية من هكذا مخاطرة لمجموعة من الضباط المسؤولين (إن وجدوا) في وقت يمارس فيه المسؤولون عن مراكز الاحتجاز مختلف أنواع الابتزاز المالي لأهالي المعتقلين وفرض الأتاوات على الحواجز العسكرية التي تعود عليهم بإيرادات مالية ضخمة”.

التوضيح:

كان لدى فريق التحقيق سؤال محوري منذ بداية التحقيق على مدار سنة ونصف يتعلق بما يلي: كيف لشخص على علاقة وارتباط و نفوذ مع النظام السوري وميليشيا الدفاع الوطني أن يتمكن من ممارسة هذه الانتهاكات بل و إخراج معتقلات من سجن جورين ليلاً وإعادتهم إليه، وهو سؤال جوهري تم طرحه مع الذين التقينا بهم وعلى صلة مباشرة بالتحقيق أو على أشخاص بمعرفة مباشرة بـ(أ.ب)…. أليس مستغرباً هذا الشيء. كانت لدينا إجابات واضحة أن أمراً كهذا ليس مستغرباً في السياق الذي نتحدث عنه، بخاصة أن (أ.ب) يتمتع بنفوذ وسلطة في السجن.

كما ذكرنا سابقاً، تشير الأدلّة إلى أنّه كانت لميليشيات الدفاع الوطني اليد الطولى في أشكال مختلفة من الانتهاكات، إما مارستها دون رقيب، أو بتواطؤ من قوات النظام الرسمية، أو بفضل شبكة علاقاتها في المنشآت العسكرية الشبيهة. قد يكون هذا الحال مع المشتبه به (أ.ب)، مع الإشارة إلى أنّه لم يكن بالإمكان معرفة شبكة العلاقات التي حظي بها في ذلك الزمان والمكان لنصل إلى هذا الاستنتاج الذي ذكرتموه. 

نؤكد كذلك أنّ العودة للناجيات في كلّ مرة لسدّ المزيد من الفجوات لم يكن خياراً منطقياً، نظراً لحساسية وضعهنّ النفسي والاجتماعي وحفاظاً على ثقتهنّ. في ]عملنا، نعطي الأولوية لشهادات الناجيات، وللمعلومات اللاتي استطعن أو قرّرن الإفصاح عنها في وقت وظرف تسجيل الشهادة. وفي نظرنا، كانت المعالم الأساسية للوقائع التي نغطّيها واضحةً في المادة الصحافية المنشورة.

إضافة إلى ذلك فقد تم الإبلاغ عن انتهاك مشابه وسط سوريا في حزيران/ يونيو 2012 (استعباد جنسي لمعتقلات) حيث أنه و في شهادة ضمن تقرير حمل عنوان “جرائم خطف النساء واغتصابهن والاعتداء عليهن في سورية” والصادر عن اللجنة السورية لحقوق الإنسان، تكشف (نور 35 سنة) عن اعتقالها نهاية عام 2011 على أحد الحواجز في حمص باب الدريب، بسبب مشاركتها في تظاهرات سلمية، ومن ثم تم اقتياد الفتاة إلى النقطة العسكرية في الحي ومن ثم نُقلت إلى شقة وسط مدينة حمص، حيث شاهدت 10 معتقلات يتم تشغيلهن في الدعارة. وبحسب الشهادة فإن النساء المعتقلات اللواتي يتم خطفهن وتشغيلهن في الدعارة تشرف عليهن امرأة وظيفتها أن تهيئ النساء لتقديمهن هدايا لضباط في الجيش السوري. وهو ما يشير إلى أن هذا النوع من الانتهاكات مارسته القوات الأمنية والعسكرية وغيرها في مناطق ثانية.

كذلك، “اعتقل النظام السوري النساء بشكل مدروس ومخطط، وذلك ضمن سياسة تركيع المجتمع السوري وثنيه عن المشاركة بالحراك الشعبي، كما أن وجود نساء بمركز احتجاز غير رسمي وسرّي بعيد عن كل أشكال المحاسبة، يزيد من احتمال وقوع انتهاكات وحشية”، بحسب شهادة مديرة قسم المعتقلين في الشبكة السورية لحقوق الإنسان نور الخطيب في مقابلة مع فريق التحقيق حول سجن جورين وما تتعرض له النساء من انتهاكات.

ورد في رسالتكم:

“نعتقد أن الحذر والدقة هنا واجبين عند التمييز بين انتهاكين يقعان ضمن تصنيف العنف الجنسي: الاستعباد الجنسي بمعنى البغاء القسري أو الإكراه على البغاء، بما يتضمن الاستثمار المالي في أجساد المعتقلين والمعتقلات الذي تطرحه مادتكم الإعلامية من جهة، ثم ممارسة الاغتصاب بغرض الإذلال بناء على الهوية الطائفية من جهة أخرى، وهو ما ميز مركز احتجاز جورين لفترة طويلة، حيث كان يسجل فيه ارتفاعٌ في ممارسة هذا النوع من الانتهاكات بالتزامن مع تطورات عسكرية ميدانية محيطة بالموقع المذكور كاستجابة غريزية مسعورة لها بغرض تقصد إلحاق الإهانة بهوية طائفية محددة”.

التوضيح:

في التحقيق الاستقصائي تحدثنا بشكل واضح ومباشر وكشفنا عن استعباد جنسي بحق ناجيات سوريات في سجن جورين، كما ذكر توصيف “الاستعباد الجنسي” على لسان حقوقيين ومؤسسات حقوقية، بناءً على المعطيات التي شرحناها لهم.

وقد ورد تفصيل وقائع الاغتصاب في حلقات البودكاست بالتدريج قبل الوصول إلى الانتهاك الثاني وهو الاستعباد الجنسي أو تعريض الناجيات للاغتصاب من قبل أشخاص يدفعون المال مقابل ذلك. وقد فصلت الحلقة الثانية بين انتهاكات التحرش والاغتصاب التي جرت في داخل المعسكر، وبين ما حدث خارجه في مرحلة تالية.

ورد في رسالتكم:

“إن المادة الإعلامية المذكورة تضعنا أمام معضلة أخلاقية كبرى في حال قررنا الخوض في نقاش الشهادات الواردة في التحقيق علناً، وهو ما لن نخوض فيه هنا بأي حال. كنا نهيب بمعدي التحقيق وناشريه أن يتنبهوا لمسألة التحقيق في الشهادات والتثبت منها قبلاً. حيث يصار في حالات كهذه إلى عرض الشهادات على خبراء محترفين أو مؤسسات متخصصة وضمن بروتوكولات ملزمة وبالغة الصرامة حول خصوصية البيانات، وذلك بغرض النظر فيها وتحليلها ومقارنتها وتدقيقها قبل الوصول إلى خلاصات معدة للنشر.

لقد شكّل، ويشكّل، عملنا جزءاً من عمل المجتمع السوري وممثليه وهيئات دولية ذات صلة، على توثيق هذه الانتهاكات وتصنيفها وتحليلها واختبارها ضمن سياقات مختلفة وإظهار مدى منهجيتها من عدمه، ذلك سعياً للوصول إلى جميع المرتكبين وإنصاف الضحايا والناجين أمام محاكم وآليات عدالة عادلة. في مسار عملنا هذا نستدل بالحقيقة والوقائع والأدلة. لا ننفي ما هو غير مثبت، بل نسعى إلى مزيد من التحقق والتثبت منه عبر التحليل والتمحيص والمقابلات وجمع البيانات والأدلة الظرفية واستخدام الاستدلال، وكذلك الأدلة المباشرة والتأكيد القطعي عندما يكون هذا متاحاً”.

التوضيح:

عملنا سابقاً مع منظمات حقوقية سورية عاملة على توثيق الانتهاكات في مصادرة الممتلكات وقضايا المعتقلين  وتعذيب النساء في السجون وغيرها من المواضيع، حيث مثلت الخبرة التي تم اكتسابها مع هذه المنظمات الحقوقية قيمة مضافة في طرق التحقق ومهدت لنا الطريق وتم توظيفها في هذا التحقيق بما معناه أن المنهجية كانت متطابقة، لجهة إجراء المقابلات مع الضحايا والحفاظ على هويتهن من أجل أمن هؤلاء الناجيات وعدم مشاركة معلوماتهن مع أطراف أخرى والتحقق من روايتهن مع مقاطعة شهاداتهن مع شهادات أخرى وتقارير دولية ذات مصداقية. وقد عملنا في وقت سابق مع من ورد اسمه في الرسالة السابقة في تحقيق مشترك مع (سوريون من أجل الحقيقة والعدالة) بالمنهجية ذاتها التي تحدثنا عنها سابقاً.

نثمن جهودكم في التعاون في استكمال الخطوات القادمة والكشف عن مزيد من الانتهاكات والتعاون بين العمل الصحفي والحقوقي وهو ما فعلناه في هذا التحقيق أيضاً اذ وصلتنا وثائق حول سجن جورين وكانت لدينا شكوك حول صحتها، وبناء عليه شاركنا هذه الوثائق مع الشبكة السورية لحقوق الإنسان لمساعدتنا في التأكد من دقة ومصداقية هذه الوثائق. لاحقاً ساهمت الشبكة في مساعدتنا على التأكد من هذه الوثائق خلال عملنا على هذا التحقيق وأرسلت لنا ملاحظات تشير إلى أن مصداقية الوثائق ضعيفة وبناء عليه ومن خلال التعاون مع الشبكة لم نستخدم هذه الوثائق في التحقيق.

نرحّب بأي جهود من طرفكم للبحث في المزيد من الشواهد من معسكر جورين حول تفاصيل الانتهاك الذي توصّلنا إليه أو غيره، مع الإشارة إلى أنّ هذا مسار عمل مختلف عن عملنا الصحافي. كما نؤكد على أنّ أي مبادرة من طرفنا لمشاركة ما لدينا من شهادات الناجيات هي مرتبطة برغبة الناجيات وموافقتهنّ أولاً وأخيراً. ونؤكد أنه و في حال كان لديكم حالياً أو في المستقبل أي وثائق حول تلك الانتهاكات نرحب بإرسالها إلينا لمتابعة القضية معكم بطريقة استقصائية ممنهجة للمساهمة في تحقيق العدالة والمساءلة للناجيات ضمن مقاربة تنصف الضحايا ورواياتهم. 

أخيراً، نؤكد أنّنا استخدمنا كل أدوات الصحافة الاستقصائية بدايةً من اختبار الفرضية والبحث الميداني والمصادر المفتوحة مروراً بمقابلة المصادر وإجراء المقابلات مع أطراف القصة، وصولاً للتدقيق ومعالجة القصة وانتهاء بمواجهة المتورطين بطرق مباشرة وواضحة قبل كتابة التحقيق ونشره، حيث أننا واثقون مما عملنا عليه في هذه المادة الصحفية لمدة عام ونصف، وما وعدنا الناجيات بنشره. وعليه لا يبدو التراجع عن النشر خياراً متاحاً، فيما نبدي لكم استعدادنا للتعامل مع أي معطيات تنفي ما لدينا من شهادات، أو لا تنسجم معها.   

في الختام، نحن قمنا بإنجاز مادة صحافية عن انتهاك حصل بالفعل، بناءً على شهادات موثقة ومنهجية واضحة من الفرضية وصولاً الى النشر باتباع جميع خطوات التقصي المعتمدة في العمل في الصحافة الاستقصائية.

هناك مؤسسات صحفية و صحفيين لديهم كم هائل من المعلومات التي تتحدث عن انتهاكات ومن واجبهم أن يبلغوا عن هذه الانتهاكات، سواء من طريق السوشيال ميديا أو عن طريق وسائل الاعلام شرط التزامها بمعايير العمل الصحافي من صحة ودقة المعلومات وأخلاقيات النشر.

المادة التي تم نشرها تبقى قائمة ما لم يتم تزويدنا بمعطيات ملموسة تنفي صحتها مع احترامنا الكامل لعملكم، فنحن بالتأكيد نعتبر العمل الحقوقي أساسي في توثيق الانتهاكات وهذا ما ندعوكم إليه، أي العمل بشكل موسع للكشف عن الشبكة الأوسع التي مارست الانتهاكات بحق ناجيات سوريات في مركز جورين السري.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.