fbpx

سلاح المجموعات… المشكلة الأم في اليمن

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

مشكلة سلاح المجموعات في اليمن هي إحدى المشكلات الأساسية والجذرية المؤثرة في كيان البلد وحاضره ومستقبله، وتُمثل وحشاً يلتهم أكبر المكتسبات وأصغرها

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

فاقمت من الحرب في اليمن مشكلة سلاح المجموعات، في سياق تعامل إقليمي ودولي مع الملف اليمني، اتسم بالخفة والارتجالية، وأحد أبرز ملامحه دعم جماعات مسلحة لمواجهة جماعات مسلحة مقابلة، وهو ما خلق عشرات الجماعات المسلحة متعددة الولاءات والصلات والارتباطات الإقليمية، ضمن إطار الحروب بالوكالة.

تأمنت الإمكانات والموارد الضامنة لاستدامة هذه الكيانات والجماعات، لتصبح فاعلاً حقيقياً لديمومة الحرب وتوسيع دائرة آثارها الكارثية. وأنجزت الحرب التي تشهدها اليمن منذ 4 سنوات -كأبرز ما أنجزت- بلداً ممزقاً إلى كنتونات تسيطر عليه جماعات مسلحة مختلفة، تحكم كل منها مئات الآلاف من السكان بأساليب بدائية؛ في انتكاسة لما ناضلت من أجله الحركة الوطنية اليمنية منذ عشرات السنين، ولما كان راكمه اليمن من أجهزة الدولة ومؤسساتها، ومكاسب تجربته الديموقراطية الناشئة وهامش الحقوق والحريات وحرية المجتمع المدني.

ومشكلة سلاح المجموعات في اليمن هي إحدى المشكلات الأساسية والجذرية المؤثرة في كيان البلد وحاضره ومستقبله، وتُمثل وحشاً يلتهم أكبر المكتسبات وأصغرها، وتبعد اليمنيين مسافات من أملهم باستعادة الدولة وسيادة القانون والمواطنة والعدالة والاستقرار، وتخلق إشكالات وتعقيدات إضافية للوضع المعقد بالأصل.

وتصادر هذه الكيانات والجماعات المسلحة في مختلف مناطق اليمن مسؤوليات الدولة وصلاحياتها، وتجهض أي محاولات لإحياء أجهزة الدولة ومؤسساتها، مستندة في ذلك إلى الغطاء الذي توفره الدول المتورطة في حرب اليمن، والتي سعت بإمكاناتها الضخمة إلى خلق حالة اللادولة واللااستقرار من خلال دعمها هذه الجماعات لكي تمثل إحدى ضمانات بقاء هذه الحالة، وتسند استمرار هذا الوضع حالة الاستلاب والارتهان الفج لمختلف النخب السياسية.

وإضافة إلى ما تسببه هذه الحالة من معاناة لملايين اليمنيين الخاضعين لسيطرة هذه الجماعات كرهائن، فإنها تمثل ألغاماً ومفخخات في طريق أي خطة سلام وعلى مشروع الدولة المنشود والاستقرار المأمول، إضافة إلى خطورتها على السلم الإقليمي والدولي إذ تمثل بيئة صديقة للجماعات الإرهابية لإعادة بناء قدراتها وللاستقطاب والتجييش.

لذلك كله فإن مشكلة سلاح المجموعات ينبغي أن تكون أولوية في أي مفاوضات وجهود سلام مقبلة في اليمن، فنتائج نقاشات هذه المشكلة ستنعكس إيجاباً على نقاشات بقية الإشكاليات وتصور حلولها ومعالجاتها، ومن خلالها تمكن معرفة تصور الأطراف اليمنيين وخططهم للمستقبل، ومدى اقترابهم وابتعادهم من فكرة الدولة وسيادة القانون والمواطنة والسلام، كما أنها أنبوبة اختبار دقيقة لجدية مختلف الأطراف المحليين والإقليميين ومدى التزامهم.

يحتاج اليمن إلى الخبرات الدولية المتخصصة لمساعدته في نقاش هذه المعضلة، وتمكن الإشارة هنا إلى خبرات مؤسسات الأمم المتحدة وبيوت الخبرة في نزع سلاح المجموعات وإعادة إدماجها، ووضع الإطار الواضح الذي يوصّف المشكلة بدقة ويُعرّف عناصرها مع خطة تنفيذية مُزمنة تتضمن إجراءات وخطوات محددة لمعالجتها، وفقاً لمعايير علمية وموضوعية ثابتة وواضحة لا تستثني أي مكون من المكونات الحائزة السلاح، فأي تعامل بانتقائية، ووفق أمزجة الأطراف الإقليمية والدولية النافذة، في هذا الملف، لن يساعد في معالجة المشكلة بل سيضخمها ويُفسد إحدى أهم فرص معالجتها.

سيساعد وضع معضلة سلاح المجموعات كأولوية في تحديد مضامين الإشكاليات الحقيقية المُزمنة الأخرى المرتبطة بها، منها إيجاد خطط وآليات لإعادة بناء الوحدات العسكرية والأجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة كافة، وفقاً لمعايير علمية وموضوعية ووطنية تضمن قيامها بمسؤولياتها التي تنظمها القوانين بكفاءة وفاعلية وحيادية، وبما يساهم في إيجاد نظام ضامن للمواطنة والمساواة والعدالة وسيادة القانون، وكفالة الحقوق والحريات، وبناء سلام مستدام، وتحقيق شروط الاستقرار والتنمية، ويهيئ الطريق للتعددية السياسية والآليات الديموقراطية المدنية والسلمية التي تكفل التنافس البرامجي بطرائق خلاقة وسلسة تجنب المجتمع زلازل الصراعات العنيفة وآثارها المدمرة.

وبالاستناد إلى الوضع اليمني الراهن وحقائقه المرعبة، وللتذكير بآليات المساءلة، بإمكان جهود السلام أن تحقق اختراقات مهمة تتجاوز حال الكمون والانسداد التي توقفت عندها الحرب، وبالتالي تحفيز إرادة مختلف الأطراف اليمنيين لإعادة ربط بوصلاتهم بمصلحة ملايين اليمنيين الذين حولت الحرب حياتهم إلى جحيم، وليس بمصالح الجماعات وداعميها.

وتعزز مآلات الحرب ونتائجها حتى الآن فكرة الضرورة المُلحة إلى فك ارتباط الحالة اليمنية بالحروب بالوكالة في المنطقة، وإعادة النقاشات بشأن اليمن إلى المسار الصحيح، وتصحيح المفاهيم المشوهة التي خلقتها الحرب حول الدولة وسيادة القانون وبالتالي تصحيح المسارات، وهو ما يخلق فرصاً حقيقية لنجاح أي جهود سلام جادة ومسؤولة.

وما لم يتم التعامل مع هذه المعضلة كأولى أولويات بناء السلام في اليمن  فستهدر الجهود في قضايا ثانوية ونتائج لمشكلات جذرية مثل مشكلة سلاح المجموعات، وبالتالي خسارة فرصة ثمينة لحل إحدى أزمات المنطقة، وإنهاء ما أكدت المؤسسات الإنسانية أنها أكبر مأساة إنسانية في العالم.

 

محمد أبو شحمة- صحفي فلسطيني | 11.10.2024

ضغط عسكري على الشمال ومجازر في جنوبه… عدوان “إسرائيل” في غزة لا يتوقّف

يمارس الجيش الإسرائيلي ضغطاً عسكرياً على سكان المخيم بهدف دفعهم إلى النزوح لجنوب القطاع، تنفيذاً لما يُعرف بخطة "الجنرالات" التي وضعها اللواء الإسرائيلي المتقاعد غيورا إيلاند، والهادفة إلى إجلاء المدنيين بعد حصار محكم.
18.12.2018
زمن القراءة: 3 minutes

مشكلة سلاح المجموعات في اليمن هي إحدى المشكلات الأساسية والجذرية المؤثرة في كيان البلد وحاضره ومستقبله، وتُمثل وحشاً يلتهم أكبر المكتسبات وأصغرها

فاقمت من الحرب في اليمن مشكلة سلاح المجموعات، في سياق تعامل إقليمي ودولي مع الملف اليمني، اتسم بالخفة والارتجالية، وأحد أبرز ملامحه دعم جماعات مسلحة لمواجهة جماعات مسلحة مقابلة، وهو ما خلق عشرات الجماعات المسلحة متعددة الولاءات والصلات والارتباطات الإقليمية، ضمن إطار الحروب بالوكالة.

تأمنت الإمكانات والموارد الضامنة لاستدامة هذه الكيانات والجماعات، لتصبح فاعلاً حقيقياً لديمومة الحرب وتوسيع دائرة آثارها الكارثية. وأنجزت الحرب التي تشهدها اليمن منذ 4 سنوات -كأبرز ما أنجزت- بلداً ممزقاً إلى كنتونات تسيطر عليه جماعات مسلحة مختلفة، تحكم كل منها مئات الآلاف من السكان بأساليب بدائية؛ في انتكاسة لما ناضلت من أجله الحركة الوطنية اليمنية منذ عشرات السنين، ولما كان راكمه اليمن من أجهزة الدولة ومؤسساتها، ومكاسب تجربته الديموقراطية الناشئة وهامش الحقوق والحريات وحرية المجتمع المدني.

ومشكلة سلاح المجموعات في اليمن هي إحدى المشكلات الأساسية والجذرية المؤثرة في كيان البلد وحاضره ومستقبله، وتُمثل وحشاً يلتهم أكبر المكتسبات وأصغرها، وتبعد اليمنيين مسافات من أملهم باستعادة الدولة وسيادة القانون والمواطنة والعدالة والاستقرار، وتخلق إشكالات وتعقيدات إضافية للوضع المعقد بالأصل.

وتصادر هذه الكيانات والجماعات المسلحة في مختلف مناطق اليمن مسؤوليات الدولة وصلاحياتها، وتجهض أي محاولات لإحياء أجهزة الدولة ومؤسساتها، مستندة في ذلك إلى الغطاء الذي توفره الدول المتورطة في حرب اليمن، والتي سعت بإمكاناتها الضخمة إلى خلق حالة اللادولة واللااستقرار من خلال دعمها هذه الجماعات لكي تمثل إحدى ضمانات بقاء هذه الحالة، وتسند استمرار هذا الوضع حالة الاستلاب والارتهان الفج لمختلف النخب السياسية.

وإضافة إلى ما تسببه هذه الحالة من معاناة لملايين اليمنيين الخاضعين لسيطرة هذه الجماعات كرهائن، فإنها تمثل ألغاماً ومفخخات في طريق أي خطة سلام وعلى مشروع الدولة المنشود والاستقرار المأمول، إضافة إلى خطورتها على السلم الإقليمي والدولي إذ تمثل بيئة صديقة للجماعات الإرهابية لإعادة بناء قدراتها وللاستقطاب والتجييش.

لذلك كله فإن مشكلة سلاح المجموعات ينبغي أن تكون أولوية في أي مفاوضات وجهود سلام مقبلة في اليمن، فنتائج نقاشات هذه المشكلة ستنعكس إيجاباً على نقاشات بقية الإشكاليات وتصور حلولها ومعالجاتها، ومن خلالها تمكن معرفة تصور الأطراف اليمنيين وخططهم للمستقبل، ومدى اقترابهم وابتعادهم من فكرة الدولة وسيادة القانون والمواطنة والسلام، كما أنها أنبوبة اختبار دقيقة لجدية مختلف الأطراف المحليين والإقليميين ومدى التزامهم.

يحتاج اليمن إلى الخبرات الدولية المتخصصة لمساعدته في نقاش هذه المعضلة، وتمكن الإشارة هنا إلى خبرات مؤسسات الأمم المتحدة وبيوت الخبرة في نزع سلاح المجموعات وإعادة إدماجها، ووضع الإطار الواضح الذي يوصّف المشكلة بدقة ويُعرّف عناصرها مع خطة تنفيذية مُزمنة تتضمن إجراءات وخطوات محددة لمعالجتها، وفقاً لمعايير علمية وموضوعية ثابتة وواضحة لا تستثني أي مكون من المكونات الحائزة السلاح، فأي تعامل بانتقائية، ووفق أمزجة الأطراف الإقليمية والدولية النافذة، في هذا الملف، لن يساعد في معالجة المشكلة بل سيضخمها ويُفسد إحدى أهم فرص معالجتها.

سيساعد وضع معضلة سلاح المجموعات كأولوية في تحديد مضامين الإشكاليات الحقيقية المُزمنة الأخرى المرتبطة بها، منها إيجاد خطط وآليات لإعادة بناء الوحدات العسكرية والأجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة كافة، وفقاً لمعايير علمية وموضوعية ووطنية تضمن قيامها بمسؤولياتها التي تنظمها القوانين بكفاءة وفاعلية وحيادية، وبما يساهم في إيجاد نظام ضامن للمواطنة والمساواة والعدالة وسيادة القانون، وكفالة الحقوق والحريات، وبناء سلام مستدام، وتحقيق شروط الاستقرار والتنمية، ويهيئ الطريق للتعددية السياسية والآليات الديموقراطية المدنية والسلمية التي تكفل التنافس البرامجي بطرائق خلاقة وسلسة تجنب المجتمع زلازل الصراعات العنيفة وآثارها المدمرة.

وبالاستناد إلى الوضع اليمني الراهن وحقائقه المرعبة، وللتذكير بآليات المساءلة، بإمكان جهود السلام أن تحقق اختراقات مهمة تتجاوز حال الكمون والانسداد التي توقفت عندها الحرب، وبالتالي تحفيز إرادة مختلف الأطراف اليمنيين لإعادة ربط بوصلاتهم بمصلحة ملايين اليمنيين الذين حولت الحرب حياتهم إلى جحيم، وليس بمصالح الجماعات وداعميها.

وتعزز مآلات الحرب ونتائجها حتى الآن فكرة الضرورة المُلحة إلى فك ارتباط الحالة اليمنية بالحروب بالوكالة في المنطقة، وإعادة النقاشات بشأن اليمن إلى المسار الصحيح، وتصحيح المفاهيم المشوهة التي خلقتها الحرب حول الدولة وسيادة القانون وبالتالي تصحيح المسارات، وهو ما يخلق فرصاً حقيقية لنجاح أي جهود سلام جادة ومسؤولة.

وما لم يتم التعامل مع هذه المعضلة كأولى أولويات بناء السلام في اليمن  فستهدر الجهود في قضايا ثانوية ونتائج لمشكلات جذرية مثل مشكلة سلاح المجموعات، وبالتالي خسارة فرصة ثمينة لحل إحدى أزمات المنطقة، وإنهاء ما أكدت المؤسسات الإنسانية أنها أكبر مأساة إنسانية في العالم.